المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • ارشيف الاخبار
  • 654

المحللون الإسرائيليون لا يستبعدون أن يكون الإفراج عن نسيم نسر وإعادة أشلاء جثث جنود إسرائيليين مرحلة أخرى في صفقة تبادل قريبة للأسرى يتم بلورتها بجهود ألمانية وعلى خلفيات دولية مختلفة

 

"المشهد الإسرائيلي"- خاص

 

فوجئت إسرائيل من مبادرة حزب الله بتسليمها أشلاء جثث لجنودها لدى إطلاق سراح الأسير اللبناني نسيم نسر، أمس الأحد- 1/6/2008. ورغم ذلك فقد ربط المحللون الإسرائيليون بين تسليم أشلاء الجثث وبين الأحداث الأخيرة التي جرت في لبنان، قبل التوصل إلى اتفاق الدوحة وسعي حزب الله إلى تحسين شروط صفقة تبادل أسرى مقبلة. ونقلت صحيفة هآرتس، اليوم الاثنين -2.6.2008، عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها إن "إسرائيل فوجئت من خطوة حزب الله"، وقدروا أن من شأن هذه الخطوة أن تشير إلى "خطوات لبناء الثقة اتفق الجانبان عليها لتشكل مرحلة أولى لتنفيذ صفقة تبادل أسرى". وأعلن في لبنان وزير الخارجية الألماني، فرانك وولتر شطاينماير، الذي تتوسط بلاده المفاوضات بين إسرائيل وحزب الله حول تبادل الأسرى، إن "إطلاق سراح نسر وتسليم إسرائيل أشلاء جثث جنود الجيش الإسرائيلي هي مرحلة أولى في صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحزب الله. وأنا مسرور جدا لأن الاتصالات التي جرت في أجواء ثقة بالغة أدت إلى تنفيذ خطوة أولى".

 

لكن إسرائيل الرسمية رفضت هذا التوجه واعتبرت أن تسليم حزب الله أشلاء جنود إسرائيليين كانت "مبادرة نية حسنة" أحادية الجانب نفذها الحزب تجاه الألمان. وقالت مصادر سياسية إسرائيلية إن أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، أراد من وراء تسليم أشلاء الجثث أن يبدي استعدادا للتقدم في المفاوضات حول صفقة تبادل الأسرى. رغم ذلك قالت هذه المصادر لصحيفة يديعوت أحرونوت إنه "لم نُطالب بتقديم أي شيء بالمقابل، لكن بالإمكان أن نأمل بأن هذه الخطوة ستدفع الصفقة إلى الأمام بكل تأكيد". وتهدف المفاوضات بين إسرائيل وحزب الله، بوساطة ألمانية، إلى التوصل لصفقة تبادل أسرى تستعيد إسرائيل من خلالها الجنديين الأسيرين لدى الحزب، إلداد ريغف وايهود غولدفاسر، اللذين يعتقد أنهما في عداد الموتى، مقابل إطلاق إسرائيل سراح أسرى لبنانيين على رأسهم عميدهم سمير القنطار.

 

وفيما يتحدث السياسيون عن أجواء تسمح بتقدم المفاوضات، ذهب محللون إسرائيليون إلى أبعد من ذلك. وكتب محلل الشؤون الإستراتيجية في يديعوت أحرونوت، رونين برغمان، أن خطوة حزب الله جرت بعد أن مارست إيران ضغوطا على الحزب. ونقل برغمان عن "مصادر دولية ضالعة في التفاصيل" قولها إن "ثمة عمليتين موازيتين أدتا إلى تقدم المفاوضات... العملية الأولى هي الحوار غير المباشر بين الولايات المتحدة وإيران في إطار الهيئة المتعددة الجنسيات التي تبحث في مستقبل العراق". وقال مصدر أوروبي للصحيفة إنه في إطار هذا الحوار طلبت الولايات المتحدة من إيران تقديم بوادر نية حسنة لبناء الثقة بين الجانبين وأن إيران مارست على أثر ذلك ضغطا على حزب الله لإنهاء قضية تبادل الأسرى. وأضاف المصدر الأوروبي أنه في موازاة ذلك "يعاني حزب الله في العام الأخير من ضعف في قوته بصورة نسبية، وعلى هذه الخلفية ينبغي رؤية الانفجار العنيف الأخير في لبنان... إذ يسعى نصر الله إلى أن ينسب لنفسه تحقيق انجازات بسرعة، حتى لو كلف ذلك التنازل عن جزء من مطالبه الأولية"، في إشارة إلى مطالبة حزب الله بإطلاق إسرائيل سراح أسرى فلسطينيين في إطار صفقة تبادل الأسرى وإصرار إسرائيل على رفض ذلك. وأضاف الكاتب أن "نصر الله يسعى للعودة إلى ترسيخ صورته على أنه زعيم لبناني شامل، لا يهتم بشؤون الشيعة فحسب وإنما بالدرزي سمير القنطار أيضا. ولذلك فإن خلاصة أحداث الأمس تقود إلى وجود تفاؤل حذر بعودة ريغف وغولدفاسر إلى البيت قريبا. أما ملف (الطيار المفقود) رون أراد فهو ليس مطروحا على طاولة المفاوضات".

 

من جانبه كتب محرر الشؤون العربية في هآرتس، تسفي بارئيل، أن "أساليب نصر الله في إدارة المفاوضات ليست مفاجئة. والمبدأ القائل إنه لا يتم تقديم بوادر نية حسنة ولا يتم منح العدو 'هدايا' بقي على حاله، بحسب رواية نصر الله، أمس أيضا". ورأى بارئيل "لذلك بالإمكان التقدير أن الحديث ليس عن قرار اتخذه نصر الله في اللحظة الأخيرة وإنما عن خطة معدة سلفا خرجت إلى حيّز التنفيذ بعد أن أصبح نسر على أرض لبنان". وأشار إلى أنه من الجائز أن زيارة شطاينماير إلى لبنان أمس كان لها تأثير على إعادة أشلاء جثث الجنود الإسرائيليين. من جهة ثانية قال بارئيل إن "توقيت صفقة تبادل الأسرى الواسعة مرتبط بمدى استعداد نصر الله لتقديم تنازلات لإسرائيل. وقراره بهذا الخصوص لن يكون معزولا عن الشكل الذي سيمكنه من تحقيق مكاسب سياسية داخل لبنان".

 

واعتبر المحلل العسكري في صحيفة معاريف، عمير ربابورت، إن "نصر الله كان بحاجة إلى الصفقة بالأمس أكثر من أي وقت مضى. فبعد شهر من إشعاله لبنان بالدم والنار وتغلبه على خصومه السياسيين بقوة الذراع، حزب الله بحاجة للحصول على نقاط لدى الجمهور... ليس هذا وحسب، وإنما نصر الله ملتزم مثل (رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود) أولمرت لعائلات الأسرى اللبنانيين وعلى رأسها عائلة القنطار. كذلك يأمل زعيم حزب الله أن تؤدي بادرة النية الحسنة إلى تليين موقف إسرائيل في المفاوضات".

المصطلحات المستخدمة:

يديعوت أحرونوت, هآرتس, رئيس الحكومة

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات