المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • ارشيف الاخبار
  • 901

قال أبرز المعلقين العسكريين الإسرائيليين إن النتيجة الأهم التي يمكن استخلاصها من عملية "كرم أبو سالم" هي أنه على رغم الاستثمار الكبير، من طرف إسرائيل، في التجهيزات الموظفة في اكتشاف وتصفية الأنفاق فإنه لا يوجد عمليًا جواب عملياتي مرضٍ على هذه المشكلة.

 

وأكد زئيف شيف، المعلق العسكري لصحيفة "هآرتس"، أن الجوانب السياسية المعقدة للعملية وخصوصًا عملية اختطاف الجندي، ليس في مقدرتها أن تغطي على الإخفاق العملياتي الذي لحق بالجيش الإسرائيلي. وينبغي الاعتراف بأن المهاجمين، الذين أبدوا شجاعة، نجحوا في مهمتهم. فقد عملت ثلاث خلايا فلسطينية بشجاعة. وفاجأ أفرادها نزلاء دبابة "همركفاه" وأصابوها من الخلف. وقد اخترقت القذيفة الدبابة وأوقعت جرحى وأضرارًا.

ومضى يقول: رغم أن الجيش الإسرائيلي حذّر نفسه مرارًا من الأنفاق التي يمكن أن يصل عبرها مهاجمون، فقد أخفق. لقد عرفت الاستخبارات العسكرية أن تحذّر بصورة عامة، لكنها لم تفلح في الإشارة موضعيًا إلى مكان الأنفاق. لقد تم الحفر طوال فترة طويلة دون أن يشعر أحد به. وقد حفر نفق بطول 530 مترًا كانت فتحته داخل حُرج. الجيش الإسرائيلي بحث عن أنفاق في أماكن مختلفة لكنه لم يعثر على النفق التي جاء عبره المهاجمون.

 

أما المعلق العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، فقد رأى من جهته أن العملية تشير إلى وجود خلل ما في العلاقات بين الاستخبارات وقسم العمليات. وكتب يقول: في المكان الذي كان ينبغي أن تكون فيه المفاجأة بنسبة صفر، وجدنا أنفسنا مذهولين أمام مفاجأة بنسبة مائة بالمائة. وهذه معادلة جنونية، مقلقة، لا يمكن غفرانها. في كيرم شالوم (كرم أبو سالم) كان يفترض أن تكون المفاجأة صفرًا. فقد انتظروا هناك عملية. وقبل وقوع العملية بليلة واحدة تم التقدير بأن عملية ما على وشك أن تنفذ. وحتى المنظمة التي خطفت الجندي كانت معروفة.

وأضاف فيشمان أن التقديرات في إسرائيل تشير إلى أن العمل في حفر النفق استغرق شهرين على الأقل.

كما أكد أن اختطاف جندي يعتبر عملية إستراتيجية، من ذلك الصنف الذي يغيّر أنماط العمل العسكري والذي يحرّك دواليب عمليات سياسية والذي في مقدوره أن يخرج دولة كاملة عن طورها. وفعلاً فمنذ يوم أمس الأحد يسيّر الجيش صوب غزة طواقم قتالية استعدادًا لوضع تكون فيه حاجة لدخول قطاع غزة. لا أحد يرغب في ذلك. غير أن العملية الإستراتيجية تتطلب حلولاً إستراتيجية. وإذا كان تخليص الجندي يستدعي احتلال نصف غزة، فسيتم عندها احتلال نصف غزة.

وفي رأي فيشمان فإن إسرائيل موجودة في ذروة أزمة أمنية معقدة مستمرة منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، وتحديدًا منذ الاعتداء على عائلة غالية على شاطئ البحر. وإن إدارة هذه الأزمة من قبل المستوى السياسي تميزت حتى الآن بكونها كثيرة الإشكالية والضبابية. وقد أضافت العملية يوم الأحد مدماكًا جديدًا من المفاوضات لإطلاق سراح مخطوف. هذا الوضع يستلزم قيادة سياسية مع أعصاب حديدية ومع صبر وقوة صمود. إنه أشبه بلعبة بوكر لأناس مع تجربة كبيرة من مواجهة أزمات على المستوى القومي. ويجب أن يكون هناك أحد ما يعرف متى يكبح الجماح ومتى يضغط على الزناد.

لكن المعلق العسكري لصحيفة "معاريف"، عمير راببورت، قال إن تجربة وزير الدفاع عمير بيرتس بالامتناع عن رد أوتوماتيكي على إطلاق صواريخ القسام من طرف "حماس" قد فشلت. وقد ثبت الآن مرة أخرى أن "اللغة المنطوقة الوحيدة في منطقتنا هي لغة القوة". ومع ذلك فقد رأى هذا المعلق أن قدرة الرد الإسرائيلية أصبحت الآن مقيدة، طالما أن الجندي جلعاد شليط محتجز في غزة.

وأضاف أنه حتى لو تمت إعادة الجندي المخطوف حيًّا إلى بيته فإن عملية الأحد هي إثبات نهائي ومطلق، لمن ما زال بحاجة إلى إثبات كهذا، على أن منظمة حماس المسيطرة على السلطة الفلسطينية متمسكة بطريق الحرب ضدنا. لقد ماتت "التهدئة". وقد سبق لإسرائيل أن أثبتت في الماضي أن بمقدورها أن توجه ضربة ماحقة لحماس وأن تحارب الإرهاب. غير أن أي تصعيد إضافي في حال حصوله سيكون مغمسًا بدماء كثيرة ستسفك لدى الجانبين.

 

على الصعيد السياسي رأى المراسل السياسي لصحيفة "هآرتس"، ألوف بن، أن النتيجة السياسية لما أسماه "هجوم حماس" على إسرائيل هي السقوط المرحلي لخطة التجميع عن جدول الأعمال. وأضاف: لقد نجحت هذه العملية في إسقاط الانسحاب الأحادي الجانب الذي خطط له إيهود أولمرت في الضفة الغربية.

وفي رأي بن فإن هناك ثلاثة أسباب أدت إلى انهيار مفهوم أولمرت:

الأول- لم تفلح الحكومة والجيش في بلورة جواب أمني مقنع على الهجمات المستمرة من قطاع غزة على إسرائيل. وفي ظروف كهذه يستحيل إقناع الجمهور بأن هناك مكانًا للانسحاب أيضًا من الضفة وتقريب قوات حماس من المراكز السكانية في إسرائيل.

السبب الثاني أن أولمرت أظهر زعامة إشكالية في مواجهة التصعيد الأمني في الجنوب. وفي الأسبوعين الأخيرين بذل رئيس الحكومة جهدًا ملحوظًا للنأي بنفسه عن الأزمة.

والسبب الثالث أن خطة التجميع جوبهت بعدم تلهف دولي.

ونوّه بن إلى أن مصادر في مكتب رئيس الحكومة رفضت التقدير بشأن سقوط خطة التجميع. وقالت هذه المصادر إن ما حصل إنما يثبت العكس، فهو يثبت عدم وجود شريك في الجانب الفلسطيني، ولذا فلا مهرب من اللجوء إلى الخطوات الأحادية الجانب.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات