المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

قال رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) الإسرائيلي الأسبق والقيادي في حزب العمل عامي أيالون إنه لا يعارض التفاوض مع حركة حماس في حال مشاركتها بالحكم في السلطة الوطنية الفلسطينية معترفا "بأنني قتلت عربا أكثر مما قتل نشطاء حماس يهودا".

وأضاف في مقابلة خاصة "لقد كنت طوال 38 عاما جزءا من جهاز الأمن الإسرائيلي وقتلت عربا كما سقط رفاقي قتلى من حولي، ولذلك فإنه من ناحيتي إذا قتل احد أشخاصا من أبناء شعبي فهذا ليس سببا لعدم التفاوض معه، لكني لن أفاوض من يقولون إنهم سيواصلون أعمال القتل".

يشار إلى أن أيالون، الذي صاغ وثيقة سياسية مع رئيس جامعة القدس الفلسطينية البروفيسور سري نسيبة عرفت باسم "وثيقة أيالون- نسيبة"، هو أحد أبرز القياديين في حزب العمل اليوم عشية الانتخابات العامة الإسرائيلية المزمع إجراؤها في 28 آذار/مارس القادم.

وكانت الصحف الإسرائيلية قد تحدثت أن أيالون هو مرشح رئيس العمل عمير بيرتس لمنصب وزير الدفاع، في حال شكل العمل الحكومة الإسرائيلية الجديدة بعد الانتخابات.

ورفض أيالون في رده على سؤال وجود أي شبه في الخط السياسي بينه بصفته قياديًا في حزب العمل وبين "الخط السياسي الذي يطرحه رئيس الوزراء الإسرائيلي أريئيل شارون".

وقال ايالون إن "شارون لا يمثل بتاتا أي شيء يمكنني أن اتفق معه عليه.

"فهو لا يمثل أفكاري لا من الناحية السياسية ولا من الناحية الأيديولوجية الاجتماعية والاقتصادية. كما أن شارون لا يمثل أيضا ما يتوجب علينا أن نطرحه بقوة وهو ما يتعلق بطهارة الحكم وليس فساد الحكم إضافة إلى سموّ القانون فوق الجميع".

تأتي أقوال ايالون في هذا السياق ردا على أقوال في الحلبة السياسية الإسرائيلية، خصوصا في حزب العمل، مفادها أن شارون وحزب العمل يطرحان أفكارا سياسية متقاربة وصلت حدّ إطلاق نشطاء في العمل دعوات بتوحيد العمل مع حزب شارون الجديد "كديما" (إلى الأمام) خصوصا في قضايا تتعلق بالانفصال عن الفلسطينيين والانسحاب من الضفة الغربية مع الإبقاء على الكتل الاستيطانية وضمها لإسرائيل والبناء في منطقة إي-1 بين القدس ومستوطنة معاليه أدوميم. وكان رئيس حزب العمل قد وافق الأسبوع الماضي على بناء 310 وحدات سكنية جديدة في مستوطنة معاليه أدوميم وهو أمر يتناقض حتى مع خطة خريطة الطريق.

وفي رده على سؤال حول ما هي الفوارق بين الحزبين اعتبر أيالون أن "هناك فرقا جوهريا بين الاثنين، وهو أننا في العمل ندعو إلى الانفصال عن الفلسطينيين من اجل التوصل إلى اتفاق ثابت يقضي بوجود دولتين لشعبين تكون فيه إسرائيل دولة الشعب اليهودي وفلسطين هي دولة الشعب الفلسطيني وتتمتع بتواصل جغرافي واضح ليس ناجما عن جسور وأنفاق وإنما عن سيطرة حقيقية على أراض وتواصل حقيقي مع العالم بواسطة حدود واضحة في غور الأردن مع الأردن ومع مصر في قطاع غزة".

وأضاف "أنا اعتقد أن الوثيقة التي صغتها سوية مع البروفيسور سري نسيبة هي البرنامج السياسي لحزب العمل.

"فإذا اطلعت على البرنامج السياسي لحزب العمل فإنك سترى أن وثيقة ايالون- نسيبة توضح لك ما يقصده حزب العمل عندما يقول /دولتين للشعبين/ ونحن نتحدث عن حدود 1967 كأساس لاتفاق حول تبادل أراض".

ورأى ايالون أن "غالبية الفلسطينيين والعالم وغالبية الإسرائيليين أيضا يقرون بأن حدود 1967 هي أساس لأي اتفاق وأنه في نهاية المطاف يمكن التوصل الى صيغة حول تبادل أراض، أي أنه بدلا من الكتل الاستيطانية الكبرى التي سيتم ضمها الى إسرائيل سيحصل الفلسطينيون على أراض في أماكن أخرى".

وتابع ايالون "هذه رؤيتي لكن شارون لم يتحدث أبدا أن حدود 1967 مع تبادل أراض هي الأساس للحل الدائم. ولذلك فإنني لا أعرف ما إذا كان شارون عندما يتحدث عن دولة فلسطينية يقصد حدود 67 أو إعطاء الفلسطينيين أراضي مقطعة الأوصال؟ وليس واضحا كيف يمكن إقامة دولة فيها مثل خطة الكانتونات التي يراها شارون دولة فلسطين في المستقبل.

"ولذلك فإنه عندما أتحدث عن انفصال في دولتين فإن الفكرة المركزية تعتمد على وثيقة ايالون- نسيبة وفي نهاية المطاف حتى لو فعلنا أمورا بصورة مستقلة في الطريق الى الهدف فإنها تهدف الى تحقيقه بشكل أسرع.

"فأنا بحاجة في نهاية المطاف الى الاتفاق مع الفلسطينيين ومع العالم والعالم العربي ولا يوجد خطوات أحادية الجانب بحسب برنامجنا".

وأوضح ايالون "أن ثمة أمورا يتوجب عليّ أن أنفذها ميدانيا بشكل مستقل مثل إخلاء البؤر الاستيطانية العشوائية لان هذه مشكلة إسرائيلية ولا يتوجب علي انتظار اتفاق مع الفلسطينيين من أجل تنفيذ ذلك فهذه مسألة تتعلق بالحفاظ على القانون في إسرائيل".

من الجهة الأخرى اعتبر ايالون أن"الفلسطينيين موجودون الآن في حالة فوضى، وانظر إلى القيادة الفلسطينية.. يبدو لي أنها قيادة ضعيفة.

"بينما لدى شارون موضوع المستوطنات واللاجئين والخطوط الحمراء وأين تمر الحدود هي أمور تحيطها الضبابية بشكل كبير بينما هذه الأمور بالنسبة لي واضحة للغاية".

العمل ارتكب خطأ جسيمًا ببقائه في حكومة شارون

ووجه ايالون انتقادا لحزب العمل بسبب بقائه في حكومة شارون بعد تنفيذ خطة فك الارتباط وقال إن "حزب العمل ارتكب خطأ كبيرا عندما بقي في الحكومة بعد الانتهاء من تنفيذ فك الارتباط لأنه علينا أن نوضح للجمهور ما هي الفوارق بيننا وبين شارون واعتقد أن هناك فروقًا".

ورغم محاولة ايالون إظهار الفروق بين حزب العمل وشارون إلا أنه بدا متفقا مع شارون فيما يتعلق بالمستوطنات.

وقال إن "الكتلة الاستيطانية معاليه ادوميم والكتلة الاستيطانية غوش عتصيون (بين القدس الشرقية والخليل) هي جزء من الكتل الاستيطانية التي سيتم ضمها إلى إسرائيل".

كذلك لا يرى ايالون أي إشكالية في مواصلة البناء في هذه الكتل الاستيطانية "إذ لا أحد يفكر في إخلاء معاليه ادوميم او غوش عتصيون" وذلك على الرغم من أن خطة خريطة الطريق تنص على وجوب تجميد إسرائيل لنشاطها الاستيطاني في هذه المرحلة.

وأضاف "أنا اختلف مع شارون من ناحية أن خريطة الطريق هي وسيلة وليست هدفا، فهي من جهة مسار للقاءات ومحادثات بيننا ومن الجهة الأخرى تسمح خريطة الطريق لكل طرف ألا يفعل شيئا واتهام الطرف الآخر بذلك.

"وهي بقدر كبير عودة على الفكرة المضللة المتمثلة باتفاق أوسلو. وهذا يعني أنني أريد الاستمرار في خريطة الطريق ولكن بالقدر ذاته أريد في موازاة ذلك ألا أبقى عالقا في خريطة الطريق.

"فهي تطالب الفلسطينيين بتفكيك التنظيمات مثل حماس وكتائب شهداء الأقصى وغيرهما من أسلحتها.

"هل بإمكان أبو مازن القيام بذلك؟

"هو يقول إنه لا يمكنه تنفيذ ذلك وعندها كلنا نتحدث عن خريطة الطريق ولا نفعل شيئا وبعد عشر سنوات سنسأل أنفسنا أين كنا وماذا فعلنا".

وتابع ايالون قائلا إن "علينا المبادرة الى خطة سياسية تستند الى ثلاثة عوامل أولها وضع النقطة التي نريد الوصول اليها وخريطة الطريق لا تفعل ذلك لأنها لا تقول شيئا ليس عن المستوطنين ولا عن المستوطنات ولا عن اللاجئين ولا عن حق العودة للاجئين ولا عن القدس ولا عن الحدود.

"وأنا أرى أن خريطة الطريق هي مسار محادثات جميل لكنه لن يفضي الى أي نتيجة طالما لا نقول ما هي غايتنا ولذلك علينا أن نضع /خريطة غايات/ وبرأيي أن الغاية هي وثيقة ايالون- نسيبة.

"والغاية التي يتحدث عنها الجميع بإقامة دولة فلسطينية هي أمر صحيح لكنه غير كاف، فهذا ما يقوله شارون أيضا.

"وأنا أقول أكثر من ذلك بأن تكون الغاية واضحة وتتعامل مع تلك القضايا المؤلمة والمعقدة".

واعتبر ايالون أن "الغاية هي دولة فلسطينية لكن اللاجئين الفلسطينيين يعودون إلى فلسطين فقط وليس إلى داخل إسرائيل واليهود يعودون الى إسرائيل فقط وهذا يعني إعادة المستوطنين اليهود الذين يسكنون اليوم شرقي الحدود التي سنتفق عليها الى داخل دولة إسرائيل".

وأضاف ايالون أن "العامل الثاني هو مواصلة المحادثات وفقا لخريطة الطريق ومواصلة مطالبتنا بتنفيذ التزاماتنا والفلسطينيين بتنفيذ التزاماتهم ولكن لا يبدو لي أن القيادة الفلسطينية اليوم يمكنها تنفيذ ذلك.

"ومن أجل ألا نبقى عالقين في خريطة الطريق بسبب ضعف القيادة الفلسطينية فإنني اعتقد بأنه يمكن القيام بكل شيء لا يتناقض مع اتفاق مستقبلي وهذا يعني انه بعد أن أعلنت أنني أريد التوصل الى اتفاق ايالون- نسيبة الذي يوضح كيف ستبدو النهاية فإنني سأواصل البناء في الكتل الاستيطانية التي سيتم ضمها الى إسرائيل مقابل أراض سيتم ضمها لفلسطين لكنني لن ابني في غور الأردن ولا في اريئيل ولا في عدد كبير من المناطق في عمق الضفة لكن في غوش عتصيون وفي معاليه ادوميم فإنني سأواصل البناء فهي مناطق ستبقى في دولة إسرائيل من وجهة نظري".

ولا يحسم ايالون في مسألة إخلاء اريئيل كما أشار بداية وإنما يقول "حول اريئيل سيكون هناك بحث ومفاوضات لأن هناك فرقًا بين غوش عتصيون كونها محاذية للخط الأخضر بينما اريئيل في عمق الضفة الغربية".

ومضى قائلا إنه "بعد تفكيك كل التنظيمات الإرهابية وحماس تكون منظمة لا تحمل السلاح وكذلك كتائب شهداء الأقصى والجهاد الإسلامي الفلسطيني ونحن من جانبنا نخلي كل البؤر الاستيطانية العشوائية عندها سنتحدث حول ما إذا كنا سنبني في اريئيل أم لا وقد نتوصل عندها إلى قرار يقضي بإخلاء اريئيل".

وفي موازاة ذلك اعتبر ايالون أنه "حتى ينفذ الفلسطينيون التزاماتهم فإنني ملزم بمواصلة بناء الجدار الأمني رغم أن هذا مؤلم وصعب لكني ملزم بمواصلة محاربة الإرهاب".

واعتبر ايالون أن "القيادة الفلسطينية ضعيفة لأن على الفلسطينيين تنفيذ ما هو مطلوب منهم وفقا لخريطة الطريق من إجراء انتخابات وإصلاحات سياسية وتفكيك التنظيمات الإرهابية من أسلحتهم وتوحيد أجهزة الأمن وهناك أمور أخرى كثيرة يتوجب عليهم تنفيذها وأنا لا أتجاهل الأمور التي يتوجب علي تنفيذها ولدي ادعاءات صعبة ضد شارون بينها حديثه طوال الوقت حول ما على الفلسطينيين أن يفعلوا .

"لكنه (أي شارون) لا يتحدث ولا يفعل ما يتوجب علينا تنفيذه، ولذلك أقول إن علينا أن نبدأ بما نحن ملتزمون بتنفيذه وقبل كل شيء تفكيك البؤر الاستيطانية العشوائية.

"علينا إخلاء عشرات آلاف المستوطنين وإعادتهم الى البيت وهذا ليس بالأمر السهل".

لن يكون الجدار الحدود الدولية

وأضاف "لا أعتقد أن الجدار سيكون الحدود الدولية.

"فإذا نزع الفلسطينيون أسلحة التنظيمات ينشأ وضع يمكن القول فيه إن الجدار ليس الحدود.

"حتى سور برلين تم هدمه لكن في حالتنا يمكن القيام بذلك في واقع لا يهاجمنا الإرهاب فيه. لذلك فإنني أواصل بناء الجدار طالما أن الفلسطينيين لا ينفذون التزاماتهم لكن يمكنني أن أعلن أن كل ما هو شرق الجدار لن يكون في المستقبل دولة إسرائيل".

وقال إن "الجدار ليس حدودا لكني أقول للفلسطينيين بأني سأفاوضكم حول ما سأعطيكم في المنطقة الواقعة بين الجدار والخط الأخضر من اجل رسم الحدود على أساس خطوط 1967 وذلك فقط بعد أن تنفذوا التزاماتكم. وهذا هو الفرق الكبير بيني وبين شارون".

على صعيد آخر يرفض ايالون أن تكون إسرائيل دولة جميع مواطنيها. وقال إن "دولة إسرائيل ستكون دولة الشعب اليهودي وفيها أغلبية يهودية والبحث حول حقوق متساوية للمواطنين العرب في إسرائيل ولغير اليهود هو بحث إسرائيلي داخلي وهو بحث صعب ومؤلم، لكني اعتقد أن تنفيذه سيكون أسهل بعد أن ننفصل عن الفلسطينيين ولا نشعر مهددين بشعور دولة جميع مواطنيها".

وقال ايالون إنه يطرح أفكاره هذه أمام بيرتس. وأضاف "إننا منهمكون الآن في إعادة صياغة /المفهوم الأمني/ في حزب العمل ولا أريد الآن أن أقول إن أفكاري مقبولة على عمير (بيرتس)، لكني أريد أن آمل بأنني سأتمكن من إقناعه مثلما علي أن اقنع كل رفاقي في حزب العمل".

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات