صادقت الحكومة الإسرائيلية أول من أمس الاحد (20/2/2005) على مشروعي "خطة فك الارتباط" و"مسار الجدار العازل" الذي تبنيه إسرائيل على الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية.
وبحسب التقارير، التي نشرتها وسائل الاعلام الاسرائيلية في الايام الاخيرة الماضية، فان الجدار العازل سيشمل في جهته الغربية أراضي تعادل ما نسبته 7% من مساحة الضفة الغربية اضافة الى الاف الفلسطينيين الذين سيحاصرهم الجدار.
غير أن رئيس قسم الجغرافيا في جامعة بن غوريون الاسرائيلية في بئر السبع والمتخصص في موضوع الجغرافيا السياسية، البروفيسور أورن يفتاحئيل، أكد في حديث خاص أن المعلومات التي يتم تداولها حول الجدار "غير دقيقة".
وقال ان "الجدار العازل يشمل في جانبه الغربي (الاسرائيلي) حوالي 10% من مساحة الضفة الغربية".
واوضح ان "التقارير التي تنشرها وسائل الاعلام الاسرائيلية غير دقيقة وهي مُسيسة بكل تأكيد كونها لا تأخذ بعين الاعتبار القدس الشرقية العربية وحوالي ربع البحر الميت وهما منطقتان تابعتان للضفة الغربية".
واكد يفتاحئيل ان "الحديث عن 7% أو 10% من أراضي الضفة لا يغير من حقيقة ان بناء الجدار في الاراضي الفلسطينية هو عمل غير قانوني وإسرائيل لا تملك الحق في القيام بذلك كما اكدت محكمة العدل الدولية في لاهاي".
واضاف انه "من ناحية القانون الدولي فان بناء الجدار مثله مثل بناء المستوطنات يعتبر جريمة حرب وفقا للقانون الدولي".
وقال ان مصادقة الحكومة الاسرائيلية على مسار الجدار العازل "يشكل مسا خطيرا للغاية بالفلسطينيين وسيضع صعوبات جدية أمام قيام دولة فلسطينية".
وتوقع الاكاديمي الاسرائيلي ان "يتسبب بناء الجدار باستمرار المواجهات بين اسرائيل والفلسطينيين".
ورأى ان ثمة جانبين مهمين لبناء الجدار العازل، الجانب الاول جغرافي والجانب الثاني سياسي.
وتابع "من الناحية الجغرافية فان الجدار يقسم الضفة الغربية الى قسمين بسبب مخطط ربط مستوطنة معاليه ادوميم بالقدس".
وأضاف انه "على الرغم من شق طريق التفافية بين رام الله وبيت لحم الا ان هذه الطريق خاضعة للسيطرة الاسرائيلية وبامكان اسرائيل اغلاقها متى تشاء".
واستطرد ان "الجدار يقسم الاراضي الفلسطينية الى كانتونات هي غزة والخليل ورام الله مع المناطق الواقعة شمالها".
وقال يفتاحئيل "انني اطلق على هذا المخطط اسم مخطط موت القدس العربية لانه يهدف الى فصل القدس العربية عن محيطها الفلسطيني اضافة الى ان الجدار يحتجز داخل القدس عددا كبيرا من الفلسطينيين (اكثر من 200 الف نسمة) من دون ان تكون لهم جنسية وهو ما يؤدي إلى عزلهم عن مواردهم الروحية والمادية في الضفة الغربية".
اما من الناحية السياسية فقد رأى يفتاحئيل انه "يصعب ان يصدق أحد بأن يوافق أي زعيم او أي شعب على نهب اراضيه" من خلال الجدار العازل.
واضاف "اعتقد ان التسوية السلمية لا يمكن ان تتم من دون انسحاب اسرائيل من كافة الاراضي الفلسطينية. وتعويض الفلسطينيين بأراض ذات نوعية مماثلة هو حل معقول ولكن تبقى هنا مشكلة تقطيع أوصال الضفة الغربية ومشكلة القدس العربية".
وقال ان خطة فك الارتباط سوية مع الجدار "تعرقل عملية سلمية محتملة بدلا من ان تكون خطوة باتجاه السلام".
ولفت يفتاحئيل الى قضية أخرى هي المستوطنات الاسرائيلية التي لا يشملها الجدار وستبقى الى الشرق منه مثل مستوطنات كريات اربع قرب الخليل وعوفرا وبيت ايل قرب رام الله والون موريه وعيلي قرب نابلس وقال انه "لم يتحدث احد (من المسؤولين الاسرائيليين) عما سيحدث لهذه المستوطنات وما هو مصيرها".
وتطرق يفتاحئيل الى خطة فك الارتباط وقال ان هذه الخطة "تتضمن جانبا ايجابيا وهو تفكيك المستوطنات وهذه سابقة هامة ويتوجب عدم الاستهانة بها".
الا انه رفض في الوقت ذاته اعتبار أن خطة فك الارتباط تشكل "نهاية الاحتلال" وقال "سنشهد الآن احتلالا أكثر ذكاء وهو ما كان يسعى الى تحقيقه (رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق) ايهود باراك".
وتابع يفتاحئيل ان الوضع في الاراضي الفلسطينية يمكن وصفه بـ"زحف الابرتهايد" الى الضفة والقطاع.
واوضح ان "اسرائيل لا تعلن عن حالة التفرقة العنصرية الناشئة في الاراضي الفلسطينية. وبحسب فك الارتباط فانه لا توجد سيادة فلسطينية في قطاع غزة لان اسرائيل تسيطر على اجواء وحدود هذه الاراضي وحتى على باطن اراضيها".
وقال ان "باراك وبعده شارون انتهجا السياسة ذاتها لتكريس احتلال أكثر تطورا للاراضي الفلسطينية".
وشدد يفتاحئيل على ان "العنف لن يحل المشكلة بل ربما كان العنف عاملا في تسريع خطوات شارون لفك الارتباط ووفر له ذريعة لبناء الجدار العازل".
ورأى الاكاديمي الاسرائيلي ان "مقاومة فلسطينية غير عنيفة وغير مسلحة مثل المظاهرات التي تجري ضد الجدار ستحقق نتائج افضل للفلسطينيين".
من جهة اخرى كتب المعلق السياسي لصحيفة "هآرتس"، الوف بن، في مقال نشره الاحد ان الأمر الاهم الذي ستحدده قرارات الحكومة هو "موروث شارون" في رسم حدود إسرائيل والحقائق السياسية التي سيخلفها رئيس الوزراء الاسرائيلي اريئيل شارون وراءه.
واضاف بِن ان القرار الاهم بين الاثنين "هو ذلك المتعلق باقرار مسار الجدار العازل كونه سيضع اشارة بخصوص الحدود الشرقية لاسرائيل وسيشكل الحدود التي ستفصل في المستقبل بين اسرائيل والدولة الفلسطينية العتيدة".
ولفت الكاتب الى ان الملاحظة الواردة في قرار الحكومة الاسرائيلية المتعلق بالجدار بان "الجدار هو وسيلة أمنية مؤقتة لمنع الهجمات ولا يعبر عن حدود سياسية او غير ذلك" ليست سوى "ملاحظة تحذيرية كالتي يستخدمها محامون وليست اكثر من ذلك"، ما يعني أنها ملاحظة عديمة القيمة.