المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

بعد موجة التهديدات والاعتداءات التي تعرض لها وزرائها من قبل نشطاء اليمين الاسبوع المنصرم بحثت الحكومة الاسرائيلية يوم الأحد 13/2/2005 تصاعد مخاطر تكرار الاغتيال السياسي في محاولة لاحباط خطة شارون لفك الارتباط عن غزة. وجاء البحث المسهب خلال جلسة الحكومة في القضية تتويجا لردود الفعل الكثيرة التي وردت على لسان اوساط سياسية واعلامية اعربت عن دهشتها من انفلات مارد العنف والتهديد الكلامي ضد كل من لا يعارض شارون وابدت قلقها العميق من وقوع عملية ارهابية يهودية او عملية اغتيال سياسي مجددا.

وشهدت الايام الاخيرة سلسلة اعتداءات على وزراء منهم بنيامين نتنياهو وليمور لفنات من قبل مستوطنين فيما يواصل اعضاء الكنيست والوزراء تلقي رسائل تهديد ووعيد اخرهم الوزير مئير شطريت الذي تلقى انذارا بقتل اولاده وزوجته . كما كان عضو الكنيست من الليكود بن لولو قد ابلغ ارئيل شارون يوم انعقاد قمة شرم الشيخ انه يخشى على حياته لكثرة التهديدات التي يتلقاها طالبا منه ان يهتم برعاية اسرته في حالة قتله. كما تزداد يوما عن يوم الشعارات التي تكتب في شوارع المدن الكبرى وتبارك قتل ارئيل شارون وتظهره معتمرا الكوفية وتعيد للذاكرة فتاوى الحاخامين المستوطنين حول "عقوبة" من يفرط باجزاء من "ارض اسرائيل". وكانت القناة الاسرائيلية الثانية قد استعرضت تاريخ اعمال العنف والتحريض على خلفية سياسية منذ توقيع اتفاق اوسلو وتوقفت عند ابرز المظاهرات الصاخبة والعنيفة التي نظمتها قوى اليمين في المدن الاسرائيلية خاصة تلك التي جرت في مدينة القدس بمشاركة بنيامين نتنياهو وارئيل شارون وحرضا فيها جموع الدهماء اليهودية التي كانت ترفع صور اسحق رابين وهو يعتمر الكوفية او يلبس الزي العسكري النازي.

ونشر موقع "هآرتس" أن وزير البنى التحتية من حزب العمل بنيامين بن اليعازر قد قرأ على مسامع الوزراء نص رسالة التهديد بقتله التي جاء فيها "دم عربي نازي يسري في عروقك ولذا عليك العودة الى العراق والدفاع عن صدام حسين هناك".ولفت بن اليعازر إلى أنه سبق أن حذّر رئيس الحكومة الاسبق اسحق رابين قبل اغتياله من الاجواء المشبعة بالكراهية وبالتحريض واشار الى انها تعود على نفسها اليوم بشكل مطابق وحذر ارئيل شارون من محاولات قتله. وعقب ارئيل شارون على الرسالة التي تلقى وزراء اخرون رسائل مماثلة بالقول انه يخجل سماع مثل هذه التهديدات مؤكدا على انه ينظر اليها ببالغ الخطورة واضاف "زعزعتني هذه الكلمات والتهديدات ولذا ادعو وزيرة القضاء الى اتخاذ خطوات عملية ضد المحرضين والمهددين ومعالجتهم بيد من حديد". وقبيل انعقاد الجلسة الوزارية كان قد صرح انه سيتولى شخصيا متابعة مسألة امن السياسيين وتهديدات اليمين المتطرف من خلال ترؤسه اجتماعات الاجهزة الامنية المختلفة هذا الاسبوع لبحث سبل ردع الجهات "اليهودية الخطيرة". الى ذلك عقد المستشار القانوني للحكومة ميني مزوز اجتماعا لقادة الاجهزة الامنية لبحث الاعتداءات على السياسيين واعلن انه حث الشرطة على تقديم لوائح اتهام ضد المعتدين لوقف "التدهور". لكن مزوز تعرض الى هجوم من قبل الوزير من "العمل" حاييم رامون واخرين ممن اتهموه بمعالجة المحرضين باكف من حرير حتى الان لاستنكافه عن تقديم لوائح اتهام ضد المتورطين بالعنف الكلامي والمتجاوزين للقانون الذي يحظر التحريض.

واكدت اوساط امنية وسياسية في اسرائيل ان تعرض ارئيل شارون لمحاولة اغتيال باتت مسألة وقت ولفتت الى ان السؤال المطروح هو كيف سيتم ذلك ولم يستبعد المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت احرونوت" اليكس فيشمان قيام يهودي متطرف بتنفيذ عملية إنتحارية لقتل شارون الذي يتحرك اليوم محاطا بثمانية حراس يشكلون سوارا امنيا حوله. أما دالية رابين، ابنة اسحق رابين التي اغتيل والدها في 4.11.95 على يد ناشط يميني لوقف اتفاقات اوسلو، فقد حذرت في مقال نشرته صحيفة "يديعوت احرونوت" على صفحتها الاولى من خطورة عدم اتخاذ اجراءات رادعة ضد المحرضين على القتل. واضافت "سيدي رئيس الوزراء العنوان مكتوب على الجدار، أيها السادة المسؤولين استيقظوا قبل ان يكون متأخرا ونشهد مقتل رئيس حكومة مرة اخرى". كما قال مستشار رابين سابقا الصحفي ايتان هابر ان الاسرائيليين لم يعتبروا شيئا من اغتيال رابين واشار هو الاخر الى وجه الكبير بين العامين 1995 وبين العام الراهن واستذكر ما كان كتبه المعلق زئيف شيف في هآرتس بعد اغتيال رابين ان الاخير قتل يوم هجموا عليه اثناء زيارته للمعهد الرياضي في مدينة نتانيا دون ان تتخذ خطوات صارمة ضد المعتدين. واعترف هابر انه وزملاءه من مساعدي رابين لم يكترثوا بالتحذيرات التي سبقت الاغتيال تماما مثلما كان رابين نفسه يدأب على الاستهزاء بدعوات الانذار. وقاربت "معاريف" بين العام 1995 وبين الوضع الراهن في اسرائيل من ناحية الاجواء المنفلتة المماثلة لتلك التي سادت عشية قتل رابين. وفي مقابلة للقناة الاولى مساء الاحد حاول وزير الشرطة غدعون عزرا التخفيف من حدة مخاطر الاعتداءات التي تعرض لها الوزيران لفنات ونتنياهو غير انه اكد دعمه لاعتماد قوانين الطوارىء لاصدار احكام بالسجن الاداري ضد ناشطي حركة كاخ وسائر المتطرفين وعلى رأسهم ايتمار بن دفير( حركة كاخ المحظورة!) وهذا ما دعا اليه الوزير بن اليعازر في حديث للقناة ذاتها كاشفا ان الحكومة ستكرس جلسة خاصة لبحث مخاطر الاغتيال السياسي في اسرائيل اليوم.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات