في حين اختارت صحيفتا "يديعوت أحرونوت" و"معاريف" أن تخصصا عناوينهما الرئيسية يوم 1/6/2005، لرئيس هيئة أركان الجيش الجديد، الجنرال دان حالوتس، بمناسبة بدء تسلمه لمهام منصبه، وذلك من خلال التركيز على شخصية حالوتس وسيرته وتاريخه العسكري وعلى المهام الماثلة أمامه، نشرت صحيفة "هآرتس" ملخصاً للمقابلة المطولة التي أجراها مراسلها آري شفيط مع رئيس هيئة أركان الجيش المنتهية ولايته، الجنرال موشيه يعالون، والتي ستظهر كاملة في ملحق الصحيفة الأسبوعية، يوم الجمعة (3/6). وقد أكد في سياقها أن الانفصال ليس حقيقة ناجزة وأن الاحتمال الأكبر هو أن تندلع "حرب إرهابية" ثانية بعد الانفصال إذا لم يتم الشروع في "إجراء إضافي"، على حدّ تعبيره. وغداة تسلم حالوتس مهام منصبه نقلت "يديعوت أحرونوت" (2/6) عن مصدر عسكري وصفته بأنه "رفيع المستوى" قوله إن الجيش الإسرائيلي غير جاهز لما أسماه "المقومة العنيفة" من جانب المستوطنين لعملية الإخلاء في أثناء الانفصال.
وقال يعالون إنه إذا لم يكن هناك تعهد إسرائيلي، بعد الانفصال، بإجراء إضافي فسيحصل انفجار عنيف وستكون عمليات تفجيرية من جميع الأنواع، إطلاق نار، عبوات ناسفة، إنتحاريين، قذائف وصواريخ قسَّام. وأضاف: إذا لم نعطِ الفلسطينيين المزيد والمزيد فسيكون انفجار عنيف. وسيكون الانفجار الأول في الضفة الغربية. وسيمسي وضع كفار سابا وتل أبيب والقدس مثل سديروت. هناك احتمال عالٍ لحرب إرهابية ثانية.
وقال يعالون إنه بحسب تصريحات رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية يمكن فهم أن "أبو مازن لم يتنازل عن حق العودة، وليس المقصود حق العودة بصورة رمزية، وإنما لم يتنازل عن حق العودة كمطلب للتطبيق، أي العودة إلى البيوت والعودة إلى القرى. ومعنى هذا الأمر هو أن لا تبقى هنا دولة يهودية". وحسب زعمه فإن إقامة دولة فلسطينية ستؤدي في مرحلة ما إلى حرب. ومن شأن حرب كهذه أن تكون خطيرة على إسرائيل. وقال: فكرة أنه يمكن حتى 2008 قيام دولة فلسطينية والوصول إلى استقرار هي فكرة خطيرة ومقطوعة عن الواقع. دولة كهذه ستسعى إلى تقويض إسرائيل.
وتابع يعالون أنه ما زال مريحاً للفلسطينيين إدارة واقع عصاباتي وليس إدارة دولة.
وتساءل: هل هذه ديمقراطية أن تسمح السلطة الوطنية (الفلسطينية) لحماس بالمشاركة في الإنتخابات دون التنازل عن السلاح؟ وأجاب: هذه عصابات، عصابات مسلحة تلعب ألعاباً كما لو أنها ديمقراطية. إذا استمرت فتح في التصرف كما تتصرف الآن فإن حماس ستسيطر على قطاع غزة.
وبالنسبة للاستعدادات في الجيش لتطبيق خطة الانفصال قال يعالون إن الجيش الإسرائيلي يستعد لإمكانية دخول خانيونس إبان الانفصال إذا فتحت منها النيران. الانفصال لا يخلق وضعاً ثابتاً ومستقراً. وهناك إمكانية لأن يعود الجيش الإسرائيلي إلى قطاع غزة. وقال أيضاً إنه لا يمكن تقدير الوقت الذي ستستغرقه عملية إخلاء المستوطنين مؤكداً أن الانفصال ليس حقيقة ناجزة بعد.
وحسب رأي يعالون فإن حل الدولتين لن يؤدي إلى استقرار وهو حل غير ذي صلة.
وعندما سُئل فيما إذا يخشى على وجود إسرائيل قال يعالون إن "دمج الإرهاب والديمغرافيا مع علامات الاستفهام لدينا (في إسرائيل) حول عدالة سبيلنا- كل ذلك يُشكل وصفة لأن لا تظل هنا دولة يهودية في نهاية المطاف".
وحول الجيش الإسرائيلي أكد يعالون ظهور ما أسماه ظواهر "ثقافة هامشية جانحة"، وصلت عدواها إلى ضباط كبار وتحولت إلى ما يشبه المرض العُضال.
عنف المستوطنين
تحت عنوان "الجيش الإسرائيلي غير جاهز لمعارضة عنيفة" نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم 2/6/2005، خبراً رئيسياً نقلت فيه عن مصدر عسكري وصفته بأنه رفيع المستوى قوله إن الجيش الإسرائيلي لا يُقّدر بصورة صحيحة مدى المقاومة المتوقعة لإخلاء المستوطنين في أثناء تطبيق الانفصال. وأضاف هذا المصدر: "هؤلاء الناس ليسوا خنوعين، ويوجد بينهم الكثير من خريجي الوحدات العسكرية المختارة الذين يعرفون ما الذي سيواجهونه".
وأوضحت "يديعوت" أن المصدر العسكري المذكور شريك كامل في بلورة خطط تطبيق الانفصال، مبينة أنه كلما اقترب موعد الانفصال تزداد المخاوف في الجيش الإسرائيلي من جبروت الاحتجاج المتوقع.
وبموجب تقدير هذا المصدر العسكري فإن إغلاق الشوارع الرئيسية هي فقط بداية بسيطة لهذا الاحتجاج، وفي أثناء تطبيق الانفصال من المتوقع إغلاق جميع الشوارع والمفارق الرئيسية في البلاد. وهو يؤكد أن احتجاج المستوطنين ومقاومتهم للإخلاء سيفاجآن قباطنة الدولة، من حيث مستوى عنفهما.
وفي هذا السياق عبّر عن خشيته من أن يقدم معارضو الانفصال على إغلاق شارع وادي عارة، القريب من شمال الضفة الغربية، وبذلك يؤدون إلى مواجهة مع الأهالي العرب القاطنين في تلك المنطقة.
كما أشار إلى أن الجيش هو الذي سيتولى، في نهاية المطاف، إخلاء المستوطنين لأن أفراد الشرطة سيعودون على أعقابهم إلى وسط البلاد لمواجهة أعمال الشَغب.
من ناحية أخرى أكدّ المصدر العسكري نفسه أن المقاومة العنيفة للإخلاء في مستوطنات غوش قطيف سيبديها مستوطنون متطرفون من الضفة الغربية بهدف إحباط الانفصال عامة، وليس سكان المستوطنات في غوش قطيف نفسها. وبرأيه فإن هذه الأقلية المتطرفة لن تكتفي بإغلاق الشوارع والمفترقات ومن شأنها أن تلجأ إلى استعمال الذخيرة الحيّة.
وتُشير الصحيفة إلى أنه في ضوء هذا السيناريو تزداد الأصوات في قيادة الجيش الداعية إلى تطبيق الانفصال في قطاع غزة وشمال الضفة الغربية بالتوازي. كما تُشير إلى أن قيادة الجيش تُقدّر بأن يكون إخلاء المستوطنات في شمال الضفة الغربية أصعب بكثير من إخلاء المستوطنات في غزة.
من ناحيتها ذكرت صحيفة "هآرتس" أن هناك اتفاقاً بدأ يتبلور بين الحكومة وبين مجموعة من مئات المستوطنين في قطاع غزة ينص على انتقال منظّم من المستوطنات إلى منطقة "نيتسانيم". ويستند الاتفاق إلى البند 85 من قانون "الإخلاء- التعويض" الذي يجيز للدولة منح امتيازات إضافية، غير منصوص عليها في القانون، لسكان ينتقلون ضمن مجموعات منظمة إلى مستوطنات أخرى.
وتُشير "هآرتس" من ناحية أخرى، إلى تصاعد حدّة النقد في مكتب رئيس الوزراء أريئيل شارون ضد الوزراء والموظفين الحكوميين الكبار من جراء عدم تحركهم الكافي لدفع خطة الانفصال وتطبيقها بالوتيرة اللائقة. وأشارت إلى أن شارون عقد اجتماعاً خاصاً للجنة الوزارية المُشرفة على تطبيق الانفصال وجّه عبره رسالة إلى المستوطنين مؤداها أن موافقة الحكومة على انتظار قرارهم المتعلق بالسكن المؤقت هي موافقة محددة زمنياً.