المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

التصريحات الاسرائيلية المتتابعة التي تجزل الثناء على السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس (أبو مازن) لجهودهما لتحقيق التهدئة، انتقلت في الساعات الأخيرة الى ما يمكن اعتباره اجراءات أولية نحو ترجمتها الى أفعال، إذ قرر رئيس هيئة أركان الجيش الجنرال موشيه يعالون وقف «العمليات العسكرية الهجومية» في قطاع غزة، خصوصاً في المناطق التي انتشرت فيها عناصر الشرطة الفلسطينية وفتح معابر «ايرز» و«كارني» ورفح اعتباراً من الأحد، شرط أن يتواصل الهدوء، وتقليص حجم العمليات العسكرية لجيش الاحتلال في الضفة الغربية، أيضاً باستثناء استهداف «قنابل موقوتة»، أي ناشطين يعدون لعمليات تفجيرية، على أن يصادق يعالون نفسه على كل عملية يطلبها قادة جيشه الميدانيون.

وقال ضابط كبير ان قرار يعالون «الدراماتيكي» يرمي بالكرة الى الملعب الفلسطيني بالقاء المسؤولية الأمنية على السلطة الفلسطينية وتحميلها مسؤولية أي هجوم فلسطيني مسلح على قوات الجيش الاسرائيلي. وتابع ان اسرائيل تنتظر بعد هذا القرار ان تقوم اجهزة الأمن الفلسطينية بتفكيك الفصائل المسلحة، وتحديداً تجريد مقاومي «الجهاد الاسلامي» وعناصر «حركة المقاومة الاسلامية» (حماس) من أسلحتهم.

وأفادت صحيفة «معاريف» نقلاً عن مصدر أمني كبير قوله ان الرئيس الفلسطيني يعتزم عقد لقاء مع قادة «حماس» في سورية لينقل لهم رسالة واضحة بوجوب وقف «الارهاب» بشكل مطلق «ولمصلحة الفلسطينيين». وأشاد المصدر بجهود «أبو مازن» و«محاربته الارهاب» ما أدى الى انخفاض حجم العمليات الفلسطينية المسلحة في القطاع بـ60 في المئة.

«معايير متشددة لاعتقال المطلوبين»

وكانت صحيفة «يديعوت احرونوت» أفادت ان جهاز الأمن العام (الشاباك) وضع «معايير متشددة» لاعتقال «مطلوبين فلسطينيين»، ما تسبب في خفض عدد الناشطين الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال في الأيام الأخيرة بـ40 في المئة. وأضافت ان التعديلات الجديدة تقضي باستئذان رئيس الجهاز أو نائبه شخصياً قبل تنفيذ أي اعتقال.

وتأتي قرارات قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية تمهيداً للقاء بين وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز والعقيد محمد دحلان. ونقلت مصادر صحافية عن موفاز بالغ تفاؤله من التطورات الأخيرة في الساحة الفلسطينية وامكان تنفيذ خطة فك الارتباط عن قطاع غزة بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية لتتولى المسؤولية الأمنية عن القطاع بالتفاهم مع اسرائيل. ونقلت الاذاعة العبرية عن أوساط قريبة من وزير الدفاع استعداده لسحب قوات الاحتلال من عدد من مدن الضفة الغربية واعادة انتشارها في محيطها في غضون اسبوع. وأشاد موفاز بدحلان وقال انه يعرفه منذ أعوام طويلة «وتوجد بيننا كيمياء».

وكان رئيس الحكومة الاسرائيلية شارون تحدث عن ان ظروفاً نشأت «تسمح لنا وللفلسطينيين بالتوصل الى انطلاقة تاريخية في العلاقات بيننا تقود الى سلام وأمن وفي المستقبل الى السلام المنشود». وأضاف ان اسرائيل تتابع باهتمام كبير التطورات الأخيرة في السلطة الفلسطينية وتلمس ان هناك مقاربة ايجابية «في كل ما يتعلق بالارهاب ودفع العملية السياسية قدماً»، مكرراً أنه ينبغي اختبار التطورات على أرض الواقع.

وكرر شارون المديح للسلطة الفلسطينية «على جهودها الأخيرة»، وقال انه إذا واصل الفلسطينيون هذه الجهود على نحو شامل «لوقف الارهاب والعنف والتحريض» فسيكون ممكناً التقدم على مسار الاتصالات لتطبيق «خريطة الطريق» بل وتنسيق خطوات مختلفة مرتبطة بخطة فك الارتباط. وزاد ان اسرائيل مستعدة لقطع شوط كبير وتقديم تنازلات مؤلمة في كل مجال «باستثناء أمنها وأمن مواطنيها... واعتبرت من الكارثة (الهولوكوست) انه ينبغي الاعتماد على نفسها فقط».

ورأى مراقبون ان تصريحات شارون الاخيرة موجهة للفلسطينيين أولا بهدف تشجيع زعيمهم الجديد على مواصلة جهوده للتهدئة ولخلق أجواء ايجابية «كما انها رسالة الى الرأي العام الاسرائيلي لتهيئته تمهيداً لاعلان وقف متبادل للنار والتنسيق الأمني مع الفلسطينيين» بعد أربعة أعوام من التعبئة والتأليب وتغذية مشاعر الكراهية للفلسطينيين، رسمياً وإعلامياً.

وأشاد النائب الأول لرئيس الحكومة شمعون بيريس بـ«خطوات أبو مازن»، وقال ان ما قام به في الأيام الأخيرة «تعدى توقعات اسرائيل»، ما قد يسرّع برأيه عقد اللقاء مع شارون «في غضون أيام وليس أسابيع».

استطلاع: الغالبية مع وقف الاغتيالات

وانعكس التفاؤل الاسرائيلي الرسمي على مواقف الشارع الاسرائيلي، اذ دعا 63 في المئة من الاسرائيليين حكومتهم الى الرد على «الهدوء الفلسطيني» بابداء الانضباط نفسه والتوقف عن عمليات «التصفية المحددة» لناشطين فلسطينيين في مقابل 35 في المئة دعوا الى مواصلتها.

كما تجلى التفاؤل في مقالات أبرز كتبة الأعمدة الذين تحدثوا عن «أجواء ايجابية» تخيم على المنطقة. وتحت عنوان «الانفجار»، كتب أحدهم ان المؤسسة العسكرية في اسرائيل تصف الأوضاع الحالية بـ«خريطة فلكية الكواكب تطل مرة كل جيل وتقف الى جانبنا... عرفات انصرف، الولايات المتحدة وفرنسا اتحدتا في ممارسة الضغط على سورية، مصر تعمل من أجل انجاح العملية السلمية، الفلسطينيون متوجسون ويرجون تغييراً وشارون ناضج للقيام بخطوات كبيرة... نحن إزاء كوكب جديد، ثمة فرصة لا بأس بها بأن الشر أضحى من ورائنا».

المصطلحات المستخدمة:

رئيس الحكومة

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات