قراءات اسرائيلية في انعكاسات مخططات الانسحاب شارون يقامر و لوبي كل شيء يجعل نهاية حكمه مسألة وقت.. اتفق العديد من المحللين الاسرائيليين في مقالات وتحليلات نشرتها الصحف العبرية خلال الايام الاخيرة على ان رئيس الوزراء الاسرائيلي اريئيل شارون، واذا ظل متمسكا بتنفيذ خطته للانسحاب الاحادي الجانب من قطاع غزة وفك الارتباط مع الفلسطينيين دون اتفاق انما يكون بذلك قد وضع اقدامه في الطريق الموصل الى نهاية مستقبله السياسي، وبالتالي فان انفراط عقد حكومته اليمينية المتطرفة بات مسألة وقت ليس إلا.
واسند هؤلاء المحللون استنتاجهم هذا الى عدد من العوامل والاسباب الذاتية والموضوعية التي تشكل معا عتلة كفيلة بحكم ثقلها وديناميكيتها بزعزعة استقرار حكومة شارون وتقويض الاساس الذي قام عليه ائتلافه اليميني، ومن اهم هذه العوامل، التناقضات القائمة داخل الائتلاف اليميني الحاكم، وكذلك بين المستوى الحكومي بقيادة شارون والمستوى العسكري بقيادة رئيس هيئة الاركان العامة (الجنرال موشيه يعلون) حيال الموقف من خطة شارون الاحادية الجانب، اضافة الى مواقف الادارة الاميركية الحالية من جهة، والموقف الرسمي والشعبي الفلسطيني من جهة اخرى، حيال الخطة ذاتها وفرص وضعها موضع التنفيذ ناهيكم عن امكانية تمريرها بنجاح. وفي هذا السياق، كتب يوسيف حريف، المحلل السياسي في صحيفة >معاريف< قائلا ان >الخطوات السياسية الاخيرة لرئيس الحكومة -شارون- تشكل من ناحيته مغامرة خطرة، خاصة وانه يضع كل اوراقه في سلة شخص واحد وهو الرئيس جورج بوش..< وتابع حريف >ليس واضحا ما الذي بدا لشارون ليخرج باعلانه عن نيته اخلاء 17 مستوطنة في غوش قطيف قبل ان يناقش خطته مع الرئيس الاميركي ..>فشارون يريد اقناع بوش بتأييد الثمن الاقليمي الذي يطلبه مقابل الانسحاب من قطاع غزة وتفكيك المستوطنات هناك وهو >احتفاظ اسرائيل بمناطق في الضفة الغربية ضرورية للامن الاسرائيلي<.. ويمضي المحلل قائلا: >يعتقد المراقبون ان الادارة الاميركية ستتردد في تبني خطة معناها العملي تقسيم الضفة الغربية، لانه في هذه الحالة لن تبقى اراض كافية لقيام الدولة الفلسطينية<. ويضيف ان شارون يعي ذلك ايضا، ولهذا فانه لا ينوي التباحث مع بوش - خلال زيارته المرتقبة لواشنطن- حول >ضم مناطق الامن< التي تنص عليها خطته (اي خطة شارون) للتسوية المرحلية، والتي يريد من خلالها - حسب طرحه- اختبار >امكانيات التعايش بين الفلسطينيين والاسرائيليين<.
وفي هذا الصدد شكك >حريف< في امكانية قبول الفلسطينيين لافكار شارون، متسائلا في ختام تحليله: اذا كان شارون مستعدا للتخلي عن مستوطنات >غوش قطيف< وعن عدد من المستوطنات في الضفة الغربية فهل يشير الامر الى ان شارون سيفعل ذلك بناء على >تفاهم خفي< مع الرئيس الاميركي جورج بوش كما يقول مقربو شارون؟! ام انه -شارون- اقحم نفسه في مقامرة سياسية؟!. المحلل عكيبا الدار، واصل مناقشة هذا السياق في تحليل كتبه بصحيفة >هآرتس< قائلا: اذا لم تحدث مفاجآت مدوية، فان مباركة الرئيس جورج بوش لخطة شارون >فك الارتباط< من جانب واحد، ستتحول بسرعة الى >قبلة الموت< لحكومة شارون.
فاذا حظيت الخطة بثقة وموافقة الاميركيين فانه لن يكون بالامكان التصرف بها كما حصل في >خطة ميتشيل< التي تم تبنيها ظاهريا لكنها لم تنل ابدا ثقة حكومة اسرائيل.. واستطرد >الدار< مشيرا الى العقبات والمصاعب الكبيرة التي سيواجهها شارون داخل حكومته اليمينية اذا ما حاول وضع خطته لتفكيك المستوطنات اليهودية في قطاع غزة موضع التنفيذ، اذ ان > وزراء قائمة الاتحاد الوطني لا يستطيعون تمثيل حكومة تصوت الى جانب اخلاء مستوطنات غوش قطيف< كما ان حاخامات الحزب القومي الديني (المفدال) لن يسمحوا لاعضاء الحزب البقاء في حكومة تقرر > تسليم اجزاء من ارض اسرائيل الى غوييم (اغيار)<. واستعرض الدار في تحليله مسلسل سقوط رؤساء الحكومات الذين حاولوا السير في طريق انهاء او تقليص رقعة الاحتلال والتوصل الى تسويات مع الفلسطينيين، بفعل مواقف المستوطنين واقطاب معسكر اليمين الاسرائيلي المتطرف، على الرغم من كل محاولات رؤساء الحكومات المعنيين (من رابين مرورا بنتنياهو وانتهاء بباراك) لاسترضاء هؤلاء المتطرفين وتحاشي الصدام معهم. واردف الدار >الان وبعد ثلاث سنوات من وصول زعيم اليمين والمستوطنين - شارون- الى مكتب رئاسة الحكومة، ها هو شارون يبعث من جديد مشروع التقسيم الثاني، كمحطة في الطريق الى حدود العام 1967. لقد اعطى شارون شرعية يمينية لقيام دولة فلسطينية واخلاء مستوطنات دون اي مقابل، حتى دون التزام او تعهد من جانب الفلسطينيين بالقاء سلاحهم<.
وختم الدر تحليله متسائلا: ما الذي سيحدث بعد قيام لوبي المتطرفين - لوبي اما الكل او لا شيء- باسقاط شارون؟ واضاف : يبدو ان شارون، كسابقيه في رئاسة الوزراء بدأ يدرك انه اذا كان سيصر على كل شيء فانه سيصل الى نهاية طريقه بخفي حنين. وفي تعليق له بصحيفة >يديعوت احرونوت< اعتبر الكاتب والمحلل السياسي ايتان هابر ان >شارون يسير نحو نهاية طريقه السياسي<. واوضح >هابر< في تحليله: ان الرئيس الاميركي (بوش) الذي لم يكن لاسرائيل صديق مثله في البيت الابيض، ما زال ابعد من ان يكون راضيا عن خطة > فك الارتباط< التي تبناها رئيس الوزراء اريئيل شارون. واضاف >هابر< معربا عن اعتقاده ان الادارة الاميركية تريد من شارون اولا التنسيق مع الفلسطينيين والمصريين بشأن تنفيذ خطته، وانها (اي ادارة بوش) ترى ان هناك ضبابية في سياسة شارون وتحركاته، فهي لا تريد حدوث >هزات< في الشرق الاوسط قبل انتخابات الرئاسة الاميركية اواخر هذا العام ... ويرى الكاتب ان > لحظات الحسم الحقيقية لشارون آخذة بالاقتراب مع اقتراب موعد زيارته لواشنطن في نهاية آذار الجاري، حيث سيكون ملزما بطرح خطة مفصلة وحقيقية امام الادارة الاميركية<
. وخلص الى القول: اذا كانت الخطة المتبلورة في رأس شارون حقيقية ومعدة للتنفيذ، فان شهر ايار المقبل، وربما قبل هذا الموعد او بعده بقليل، سيكون حاسما بالنسبة لمستقبلة السياسي<. معارضة من جهة الجيش ايضا وعلى ما يبدو فان تطورا جديدا وذا اهمية لا يستهان بها قد حدث اخيرا على الصعيد الداخلي الاسرائيلي فيما يتعلق بالمعارضة التي تواجهها خطة شارون للانسحاب الاحادي الجانب من قطاع غزة.. فقد المح رئيس اركان الجيش الاسرائيلي الجنرال موشيه يعلون في تصريحات ادلى بها، أول من أمس، الى معارضته لخطة فك الارتباط مع الفلسطينيين من جانب واحد.
وقال يعلون: ان اخلاء قطاع غزة دون اتفاق قد يؤدي الى الحاق ضرر باسرائيل. واضاف >لا استطيع بطبيعة الحال التحدث ضد قرارات الحكومة. ما صرحت به ولا زلت اقوله، هو انه اذا ما قمنا باخلاء مستوطنات تحت طائلة اطلاق النار واثناء محاربتنا للارهاب، فانني اشك فيما اذا كان ذلك سيحل مشكلتنا.. فسوف نضطر مستقبلا لتوظيف قوات عسكرية كبيرة جدا لا صلاح الوضع الناجم عن اخلاء مستوطنة ما<