فيما تواصلت الاجتهادات للتكهن بملامح الخطة المعدّلة التي أعلن رئيس الحكومة الاسرائيلية، أريئيل شارون، أنه يعكف على بلورتها لطرحها على حكومته كخطة بديلة لخطة الفصل الأحادي التي أجهضها حزب "الليكود" في الاستفتاء، رأى سياسيون اسرائيليون بارزون ومعلقون كبار أن ذلك مجرد لغط مستبعدين أن ترى أية خطة جديدة تتحدث عن انسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة، بغض النظر عن حجمه، النور في ظل الصفعة المدوية التي وجهها أعضاء الليكود الى زعيمهم "الذي بات مجرد مطيّة لليمين المتطرف"، على ما يكتب دان مرغليت في صحيفة "معاريف" مضيفاً أن كلام شارون عن خطة معدّلة ليست سوى وهم ذاتي " بعد أن حسم الليكود موقفه واختار العيش على حد السيف"، مستبعداً أن يكون بوسع رئيس الحكومة التحرك حتى خطوات صغيرة ازاء انتصاب قامات اليمين المتطرف الذي سيحركه كأداة تخدم مصالحه.
ويرى المعلق في "هآرتس"، عكيفا الدار، أن "موسم المبادرات قد انتهى" خصوصاً في ضوء حقيقة أن الادارة الأمريكية ستتفادى، في الفترة المتبقية على الانتخابات الرئاسية، ممارسة ضغوط على شارون الذي سيملأ الفراغ السياسي الناشىء بعد اسقاط خطته لفك الإرتباط بخزعبلات عن "خطط سياسية" أحادية الجانب.
ويعزز هذا الاعتقاد عدول شارون عن زيارة واشنطن، التي كانت مقررة منتصف هذا الشهر، مفضلا عدم التقاء الرئيس الأمريكي جورج بوش بعد انتكاسته، بل انتكاستهما في الاستفتاء لأنه ليس في حوزته من بضاعة جديدة يسوقها ولعلمه أن مضيفه لن يجازف مرة أخرى بتبني خطة يرهن مصيرها بأهواء أعضاء الليكود وممثلي الأحزاب اليمينية في الحكومة الاسرائيلية.
وكان زعيم حزب "العمل"، شمعون بيريس، أول من قرأ تداعيات نتائج الاستفتاء حين سارع الى نفي احتمال عودته الى حكومة شارون، بعد أن كان أشد المتحمسين لذلك، لقناعته، كما قال بنفسه اليوم (الثلاثاء)، إن شارون لم يعد قادرا على اطلاق أية مبادرة نظرا لموقف حزبه الذي انحرف الى أقصى اليمين، مضيفا أنه كل ما سيحاول شارون تمريره في الحكومة لن يكون جديا " وكل ما هو جدي لن يسمح له بتمريره".
ورأى مراقبون أن حديث شارون وحاشيته المتواتر عن "خطة معدلة" يراد منه بث الانطباع بأن رئيس الحكومة يزاول مهماته كالمعتاد غير متأثر بالضربة التي تلقاها ليس إلاّ، وانه في واقع الأمر سيحصر نشاطه في استرداد هيبته وتهدئة الاوضاع " ما يعني أننا سنشهد فترة طويلة من الجمود السياسي"، على ما قال أحد الوزراء لاذاعة الجيش الاسرائيلي مضيفا أن محاولة شارون تسويق خطته للانفصال "بزينة مختلفة" لن تنطلي على أقطاب الجناح المعارض الذين خرجوا من جحورهم ولن يترددوا في إحداث انتفاضة داخلية اذا لم يكف رئيس الحكومة عن التفكير بتطبيق انسحاب، سواء جزئي أو تدريجي، من قطاع غزة أو الضفة الغربية.
وأبرزت الاذاعة النصيحة التي قدمتها الوزيرة النافذة ليمور لفنات لشارون بعدم التذاكي أو اقتراح خطة بديلة لئلا يعود عليه الأمر وبالا.. وهو تحذير، وفقاً لقراءة معمقة لما يدور في الساحة السياسية في اسرائيل، يستند على دعامات.