المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

هنا ترجمة كاملة للمقال الذي نشره رئيس وزراء اسرائيل، أريئيل شارون، في جريدة "يديعوت أحرونوت"، الجمعة 30/4/2004، والذي اعتبر بمثابة "نداء ربع الساعة" الأخير قبل الاستفتاء على خطة "فك الارتباط" في "الليكود":

توجد في حياة رئيس الحكومة لحظات يطالب فيها باتخاذ قرارات صعبة: الحسم في أمور تؤثر على حياة انسان وعلى مصير الدولة ومستقبل الامة. لا يتعلق الامر بقرارات سهلة بسيطة او مريحة، بل انها قرارات صعبة جدا. ومن اصعب القرارات التي يتخذها الانسان، قرار القادة.

ولكن القادة يحتاجون في هذه اللحظات الحاسمة الى ثقة الجمهور ولذلك انا بحاجة الى ثقتكم بي وفي خطة فك الارتباط التي بلورتها مع كل الجهات الامنية في اسرائيل.


لا يمكن ان يكون الواحد معي ولكنه ضد الخطة التي اقودها في ذات الوقت، لان من يريدني ومن يدرك ان هذا الطريق وحده هو الذي يمكنني من تحقيق ما وعدت به وتوفير الامن والسلام، من يؤمن بي ـ عليه ان يصوت للخطة. لا يوجد خيار آخر.


في السنوات الثلاث الاخيرة شنت التنظيمات الارهابية الفلسطينية ضدنا معركة سياسية وامنية صعبة. المبدأ الذي تمسكت به منذ اليوم الاول لهذه الحكومة هو ان على الفلسطينيين ان يتوقفوا عن استخدام الارهاب قبل كل تقدم في العملية السياسية.


نجحنا في اقناع بوش واغلبية دول العالم بهذا المبدأ الهام وبهذه الطريقة ولدت خطة الطريق وجاءت الي هذا العالم. هذا هو سبب قيام عرفات واتباعه بافشالها. هم معنيون بالجمود ويريدون مواصلة القتل في الجانبين. ويأملون ان يؤدي الجمود السياسي الى جانب الضغط الارهابي الى انهيار وهزيمة اسرائيل.


هذا هو السبب الذي اوصلني الى الاستنتاج بأن اسرائيل ملزمة بالمبادرة الى خطة سياسية خاصة بها ـ خطة فك الارتباط التي تحبط توجهات عرفات وشركائه في تركيع اسرائيل من خلال الجمع بين الارهاب الداخلي والضغط السياسي الخارجي.


خطة فك الارتباط تلحق بعرفات والتنظيمات الارهابية ضررا فادحا. والحقيقة ان اسرائيل تطرح مبادرة سياسية مقبولة على اغلبية دول العالم وتضع حدا لاحلام الفلسطينيين الوهمية بكسر عزيمة اسرائيل وتبرهن لهم ان الوقت لا يصب في مصلحتهم.

هذه عقوبة عرفات وتنظيماته الارهابية لاختيارهم طريق الارهاب. خطة فك الارتباط هي الخطة الوحيدة التي تكلف الفلسطينيين ثمنا سياسيا فادحا لاختيارهم طريق الارهاب والدم. لذلك هم يعارضونها ويأملون ان يقوم اليمين في اسرائيل بافشالها.


خطة فك الارتباط جيدة للامن: اسرائيل ستتمتع بحرية اوسع من أي وقت آخر في التحرك ضد التنظيمات الارهابية. كل قادة جهاز الاستخبارات يقدرون ان الارهاب سينخفض اثر فك الارتباط ولكن ان تواصل الارهاب فان اسرائيل ستعود للتعامل مع غزة بقوة اكبر ولكن مع دعم دولي هذه المرة.


فك الارتباط سيوفر لنا امكانية لبناء جدارنا الامني في المسار الذي يشمل العدد الاقصى من المستوطنات الاسرائيلية ويقصر خطوطها الدفاعية ويقلص قدرة التنظيمات الارهابية على المس بارض اسرائيل ويساعد الجيش وقوات الامن على احباط العمليات التفجيرية. هذا هو المقابل الامني الفوري لنقل تلك المستوطنات التي لا تسهم اليوم لأمن اسرائيل بأي شيء.

في اطار خطة فك الارتباط حصلت اسرائيل من الولايات المتحدة ـ الدولة الاعظم في العالم- على تعهد صريح بان تبقى التجمعات الاستيطانية الكبرى التي يقطن بها اغلبية المستوطنين ضمن السيادة الاسرائيلية الى الابد. لا مزيد من الجدل العالمي حول العودة لخطوط حزيران ولا مزيد من الخوف على مستقبل التجمعات الاستيطانية الكبرى.


خطة فك الارتباط وحدها هي التي توفر لاسرائيل ثمنا مقابلا على صورة تعزيز الاستيطان اليهودي والحفاظ عليه. لذلك اقول ان من يريد مستوطنة اريئيل قوية ومعاليه ادوميم قوية وجبعات زئيف قوية وغوش عتصيون قوية والقدس قوية وموحدة وسالمة ملزم بالتنازل عن مجموعة المستوطنات الصغيرة والمعزولة في قطاع غزة في ذلك المكان الذي لن تحتفظ به اسرائيل للابد في آخر المطاف.


خطة فك الارتباط تضمن مستقبل اسرائيل كدولة يهودية. الولايات المتحدة تعهدت للمرة الاولى بأن لا يعود اللاجئون الفلسطينيون الى اراضي دولة اسرائيل. اسرائيل لم تحصل على مثل هذا التعهد القوي الذي يضمن وجود اسرائيل كدولة يهودية ويحول دون اغراقها باللاجئين الفلسطينيين في اية خطة من الخطط السياسية، حتى تلك التي قدمت فيها تنازلات خطيرة بعيدة المدى.

من المهم ان نفهم التالي: من يريد تحقيق انجازات كبيرة كما تفعل خطة فك الارتباط الاسرائيلية عليه ان يؤيدها. ومن يريد منع اغراق اسرائيل باللاجئين ومن يريد الحفاظ على الكتل الاستيطانية الاسرائيلية الكبرى ضمن سيادتنا للابد ومن يريد ان يضمن عدم ممارسة الضغوط على اسرائيل طالما لم يقدم الفلسطينيون على مكافحة الارهاب ومن يقبل التعهد والدعم الامريكي في حربنا ضد الارهاب، ومن يريد ان تكون المبادرة بيد اسرائيل ـ لا ان تكون مجرورة بل مبادرة وقائدة، لا منقادة. من يريد ذلك ـ عليه ان يكون مع خطة فك الارتباط. هذا هو الطريق الوحيد لذلك.


أنا اعرف ان فك الارتباط يرتبط ايضا بألم كبير ينطوي عليه اخلاء مستوطنات. باعتباري شخصا قضى عمره في الدفاع عن مواطني اسرائيل واقامة المستوطنات اليهودية وتجسيد حقنا الكامل على كل ارض اسرائيل، أعرف وأدرك المصاعب والمسائل المحيرة التي تدور في نفس كل عضو في الليكود وأعيشها على جلدي انا. ولكن اعرف ايضا مشاعر المسؤولية الوطنية والتطلع الصادق للسلام من قبل اعضاء الليكود.


انا اقترح على كل عضو ليكود ان يفكر بما سيحدث ان لم تمر خطتي لفك الارتباط قبل ان يدخل للتصويت: كيف ستكون مكانة اسرائيل في العالم وكيف ستتصرف الولايات المتحدة وكيف سيؤثر الرفض على استمرار حكم الليكود وفوق كل ذلك، أي نصر كبير لا قدر الله سيحقق ذلك لعرفات واتباعه ومن لف لفه ولحماس.

للاسف قام اتباع اليمين خلال السنوات الاخيرة بإسقاط حكم الليكود مرتين متسببين في صعود اليسار وطرح مشاريع سياسية خطيرة. كلنا نذكر كيف أسقط اليمين حكومة الليكود برئاسة اسحق شامير بعد مؤتمر مدريد وأدى الى توقيع اتفاق اوسلو. نحن نذكر ايضا كيف أسهم اولئك الذين يصرخون اليوم ضد الخطة في اسقاط بنيامين نتنياهو بعد اتفاق واي وتسببوا في ايصال اسرائيل الى كامب ديفيد وطابا والانتفاضة الحالية.


اليوم أيضا، نحن نراهم وهم يهاجمون ويوجهون الشتائم والاساءات، ولكني واثق في هذه المرة من أن اعضاء الليكود لن يمدوا اياديهم لاسقاط حكومتنا للمرة الثالثة. الليكود هو حزب ينشد الحياة ولذلك لن يسمح لاولئك الذين ليسوا جزءا منه ان يقوموا بتدميره.


انا اؤمن بالليكود وباعضائه. وانا على قناعة بأن الاغلبية الكبرى منهم سيبرهنون بأن الليكود حركة سياسية تتحلى بالمسؤولية وانه وحده القادر على قيادة دولة اسرائيل نحو الهدوء والامن والسلام.

اريئيل شارون

(يديعوت احرونوت- 30/4/2004)

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات