قال "الوف بن"، المعلق السياسي في صحيفة "هآرتس"، اليوم الخميس، ان الولايات المتحدة ستعد اسرائيل انه لدى اقرار الحدود النهائية ضمن اتفاق دائم مستقبلي مع الفلسطينيين سيؤخذ في الاعتبار "الواقع في الميدان"، ولن تطالب اسرائيل بالانسحاب الى خطوط الهدنة (الخط الاخضر) في الضفة الغربية.
وكشف "بن" ان هذا الوعد الامريكي مشمول في مسودة "رسالة الضمانات"، التي بلورتها الادارة الامريكية ردا على خطة "فك الارتباط" لرئيس الوزراء الاسرائيلي، اريئيل شارون. مقابل ذلك يقول "بن" ان الولايات المتحدة رفضت طلبا اسرائيليا ان تعترف منذ الان بالضم المستقبلي للتجمعات الاستيطانية الكبرى في معاليه ادوميم، ارئيل، حاضن القدس، وغوش عتصيون، وبدل التطرق المباشر الى المستوطنات تقترح الولايات المتحدة صيغة غائمة في مقدور اسرائيل ان تعرضها كاعتراف مؤول بالتجمعات الاستيطانية.
كما يرد في مسودة الرسالة الاميركية ان اللاجئين بمقدورهم العودة الى دولة فلسطين العتيدة، التي ستقام حسب رؤيا الرئيس جورج بوش. ويرى "بن" ان هذه الصياغة تستجيب مع المطلب الاسرائيلي بان تعلن الولايات المتحدة عن معارضتها لحق العودة الذي يطالب الفلسطينيون بتطبيقه.
من ناحية اخرى يؤكد "بن"، المعروف بمصادرة الموثوقة في اسرائيل ولدى الادارة الاميركية، ان الادارة الاميركية استرشدت بمبدأين في بلورة "رسالة الضمانات": تأييد خطة فك الارتباط والاستجابة الى حاجات شارون السياسية، والامتناع عن اتخاذ تعهدات سياسية او قضائية تكبل الولايات المتحدة في المستقبل وتثقل على اتصالاتها مع اصدقائها في العالم العربي واوروبا. ولا يريد الامريكان – يضيف – ان تضغط مصر وعناصر اخرى عليهم لمنح ضمانات مضادة الى الفلسطينيين.
هذا ويلتقي شارون مساء اليوم مع مبعوثي الادارة الاميركية ستيف هدلي واليوت ابرامز ووليام بيرنز. وقد وصل ثلاثتهم "لاجمال رسالة الضمانات التي سيحصل عليها رئيس الوزراء الاسرائيلي خلال لقائه مع بوش في 14 نيسان/ ابريل الجاري"، على ما كشفت مصادر قريبة من ديوان شارون. واضافت هذه المصادر ان اسرائيل تطالب ايضا بما اسمته "تعبير امريكي علني" عن تأييد مسار "الجدار الفاصل" بعد ان وافقت على ارجاء بناء المقطع الاشكالي قرب ارئيل وعلى اقامة جدار غير متتابع في "الجيوب" المقابلة لمطار بن غوريون.
هذا، ولا يزال قرار ارئيل شارون باجراء استفتاء حول خطة "فك الارتباط" السالفة بين اعضاء حزب "الليكود" يثير موجة عاصفة من النقد والاستياء. وقد انشأت صحيفة "هآرتس"، اليوم الخميس، افتتاحية قالت فيها ان قرار شارون من شأنه ان يخلق سابقة تشوش، بصورة خطيرة، على عمليات اتخاذ القرارات في المضوع قيد البحث (فك الارتباط) وايضا في مواضيع أخرى في المستقبل.
واضاف ان اللجوء الى الاستفتاء، كوسيلة حسم في قضايا وطنية هي موضع خلاف كبير، يعتبر أمرًا غريبًا بالنسبة للتقاليد المتبعة في نظام الحكم الاسرائيلي. وقد سبق ان اتخذت قرارات حاسمة اشد وطأة من فك الارتباط مع غزة، بما في ذلك الخروج الى حروب وتوقيع اتفاقات سلام، من خلال طريقة التصويت المألوفة في الحكومة والكنيست. وعلى هذا الاساس، اضافت الصحيفة، فان طرح الموضوع للاستفتاء في اطار حزبي ضيق يعبر عن تجاوب استحواذي مع ضغوط سياسية وعن تهرب من المسؤولية.
وقد افتتح رئيس الحكومة الإسرائيلية أرييل شارون حملته الانتخابية لتمرير خطة الفصل في استفتاء الليكود، بالإعلان عن ان اسرائيل ملزمة بتقديم مبادرة تمنع الانهيار السياسي. وفي خطاب ألقاه شارون أمام المؤتمر السنوي للصناعيين الإسرائيليين شرح أسباب توجهه إلى خطة الفصل، وحمل على القيادة الفلسطينية والمعارضين في الليكود. وقال إنه في الآونة القريبة لن تقوم قيادة فلسطينية جدية تحارب الإرهاب. وأشار إلى أن "الانسحاب من غزة يحرم الفلسطينيين من ذريعتهم التاريخية القائلة بأن الوجود الإسرائيلي هو الذي يمنعهم من العمل ضد الإرهاب. ولذلك نقول لهم: تفضلوا يا سادة، ليس هناك وجود إسرائيلي. نريد رؤيتكم تعملون".
وقال شارون إن أمام إسرائيل خيارا من أربعة وهي ضم الضفة والقطاع وهذا غير ممكن عمليا، والتخلي عن الضفة والقطاع وهذه كارثة أمنية لإسرائيل "وغير قابلة للتنفيذ من الناحية العملية". والخيار الثالث إبقاء الوضع على حاله وعدم فعل أي شيء. وقال إن هذا خيار مغر لأي رئيس حكومة إذ يحفظ له ائتلافا صلبا وحكومة من دون خلافات. "غير أن المشكلة هي أن الجمهور لم ينتخبني لتدفئة كرسي رئاسة الحكومة لأربع سنوات". والأهم أن بقاء الوضع القائم بالغ الخطورة على إسرائيل من جميع النواحي. "فالطريق المسدود لا يبقى مسدودا إلى الأبد والعالم لن يتركه هكذا. وهذا الطريق المسدود سيقود آجلا أم عاجلا إلى مبادرات سياسية خطيرة على إسرائيل".
وأوضح أن إسرائيل أفلحت "بفضل تأييد أصدقائنا في العالم بقيادة الولايات المتحدة التي ترى في السلطة الفلسطينية الجهة المسؤولة عن هذا الوضع" في صد كل هذه المبادرات. و"لكن لا يستطيع أحد أن يضمن لنا استمرار هذا التأييد".
وبعد أن عدد الإساءة التي تلحق بإسرائيل من "المزاعم" الفلسطينية بشأن التنكيل بهم على الحواجز أشار إلى تهديد الدول المانحة بوقف تقديم المساعدات للفلسطينيين في حال استمرار الطريق المسدود. وقال: "يعتمد 1,8 مليون فلسطيني اليوم على مساعدات الدول المانحة ومنظمات المساعدة الدولية. وأعلنت هذه الدول مؤخرا أن استمرار الجمود السياسي وقيود الحركة والاحتكاك بين الإسرائيليين والفلسطينيين لن يتيح لها مواصلة ضخ الأموال للسكان الفلسطينيين. وهذا وضع يقود إلى كارثة إنسانية وإلى توجيه إصبع الاتهام لإسرائيل". وتساءل: "هل بينكم من يفكر أن على إسرائيل إعالة 1,8 مليون فلسطيني؟". وخلص من ذلك إلى الخيار الرابع الذي هو " الإمكانية الواقعية الوحيدة في نظري: إسرائيل ملزمة بتقديم مبادرة تمنع الانهيار السياسي. ويمكن تحقيق ذلك من خلال خطوة تقلص الاحتكاك المتواصل بين إسرائيل والفلسطينيين. فهذه الخطوة تسهم في تثبيت الأمن وتقليص الإرهاب وترسخ بشكل مكتوب موقفا أميركيا حازما يرفض كل خطة سياسية تعرض إسرائيل للخطر. ويرفض كل خطة لا تشترط أي تقدم سياسي بمحاربة الإرهاب. وهذا التزام أميركي بأن لا نضطر لقبول وأن لا نتعرض لضغوط" من أجل الموافقة على خطط لا تضمن مصالح إسرائيل.
ويشكل حديث شارون هذا أوضح موقف من نقاط التفاهم مع الأميركيين الذين وصل طاقمهم المكلف بخطة الفصل إلى عمان ثم انتقل الى شرم الشيخ في مستهل جولة تشمل إسرائيل والسلطة الفلسطينية. ومن المقرر أن يلتقي هذا الطاقم الذي يضم ستيفن هادلي وأليوت أبرامز من مجلس الأمن القومي ووليام بيرنز من الخارجية الأميركية رئيس الحكومة الفلسطينية أبو علاء، للمرة الأولى منذ توليه رئاسة الحكومة.