المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

محافل المستوطنين المتطرفين لا تستبعد استخدام السلاح ضد الجيش الاسرائيلي

ذكر ان العشرات من ناشطي محافل اليمين والمستوطنين المتطرفين قرروا (الثلاثاء 27/5) خلال اجتماع في القدس الغربية اطلاق "حملة تحريض شخصية" ضد رئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون، اثر موافقة حكومته على "خارطة الطريق" المقترحة لتسوية النزاع الفلسطيني – الاسرائيلي.

وقالت صحيفة "معاريف" (28/5) ان "الحملة" التي ستكون مشابهة لحملة الدعاية التحريضية التي شنتها محافل المستوطنين واليمين المتطرف ضد رئيس الوزراء الراحل اسحاق رابين عقب اتفاقات اوسلو، ستشمل قيام متظاهري اليمين برفع يافطات عليها عبارات من قبيل "شارون خائن" وتوزيع صور وملصقات يظهر فيها شارون معتمرا كوفية فلسطينية. كما تقرر في الاجتماع الذي حضره عدد من ناشطي حركة "كاخ"، بينهم باروخ مرزل وايتمار بن غبير، تجنيد المئات من انصار اليمين لحراسة مواقع الاستيطان "غير القانونية" تحسبا من عملية اخلاء محتملة لها.

وصرح ناشطون متطرفون من مستوطنة "كفار تفوح" (جنوب نابلس)، المعروفة بكونها معقلا لأنصار مئير كاهانا وحركة "كاخ" الارهابية المحظورة، بأنهم لا يستبعدون امكانية استخدام السلاح ضد افراد قوات الامن الاسرائيلية اذا ما اقدمت الحكومة الاسرائيلية على اخلاء مستوطنات في المستقبل.

ونقل عن احد هؤلاء المتطرفين، ويدعى دافيد هعبري قوله: "حالة الذعر التي تتناب الشرطة والشاباك من احتمال لجوء المستوطنين للسلاح، لها ما يبررها.. فالناس هنا مستعدون لمقاومة اي قرار باخلائهم." واضاف: "لقد فقدت الحكومة شرعيتها في اللحظة التي قبلت فيها قيام دولة فلسطينية.. هذه الحكومة – حكومة شارون – لم تعد في نظرنا حكومة يهودية، وانما هي في نظرنا كأي سلطة اجنبية، سوف نقاومها..".

واستطرد "هعبري" قائلا: "مجلس مستوطنات ييشع لم يعد يمثلنا.. هؤلاء ليسوا مستوطنين..".

مستوطن اخر من "كفار تفوح" ويدعى بن لفين اضاف قائلا: " شارون خائن.. لقد بنى المستوطنات وارسلنا لنقيم فيها، والان يريد القاء المستوطنين وانتزاعهم من مستوطناتهم.. هذه الارض تعني لنا الكثير من ناحية تاريخية ".

وتعهد ناشط حركة "كاخ" هو ايتمار بن غبير من جهته بأنه وانصار حركته سيواجهون اي محاولة اخلاء بصورة اعنف بكثير مما واجه بها المستوطنون عمليات اخلاء سابقة، وقال ان "المستوطنين في مواقع الاستيطان وفي يتسهار والون موريه مصممون على المواجهة.."

وكانت وزارة الدفاع الاسرائيلية اقرت في تقرير قدمته اخيرا بناء على طلب من عضو الكنيست ران كوهن (ميرتس) انها زودت نحو عشرة آلاف قطعة سلاح لمستوطنين في انحاء الضفة الغربية وذلك لأغراض ما وصفته بحماية المستوطنات.

احتجاجات في الليكود

من جهة اخرى، فقد سجلت احتجاجات اولية بين اعضاء ومؤيدي الليكود ضد زعيم الحزب رئيس الوزراء ارئيل شارون في اعقاب قبوله بـ "خارطة الطريق". فقد هتف ناشطون ليكوديون خلال اجتماع نظم بحضور ارئيل شارون في حيفا لحشد التأييد لمرشح الليكود لرئاسة بلدية المدينة منددين بـ خارطة الطريق واصفين اياها بـ "خارطة الدماء" وذلك اثناء اعتلاء شارون لمنصة الخطابة مما اضطره لقطع خطابه لبعض الوقت. ورفع متظاهرون خارج القاعة يافطات كتب عليها "خارطة الطريق تؤدي الى التهلكة" و "كلنا مستوطنون"، واتهم هؤلاء زعيمهم شارون بـ "التنكر لمبادئ الحزب..".

على الصعيد ذاته، وفي تطور اخر، وجه المستشار القانوني للحكومة الاسرائيلية الياكيم روبنشتاين عناية الشرطة الاسرائيلية في اعقاب ظهور شعارت في شوارع القدس الغربية تنطوي على تحريض ضد رئيس الوزراء شارون وعدد من وزراء حكومته الذين صوتوا الى جانب قبول خطة خارطة الطريق التي اقرتها الحكومة في جلستها يوم الاحد 25 ايار.

المستوطنون يعدون خطة تقسيم بديلة

لـ "خارطة الطريق"..

ويتضح بعد اقل من اسبوع مما يصفه يمينيون استيطانيون كثيرون بأنه "التحول المفاجئ لأرئيل شارون نحو اليسار"، ان الواقع الجديد بدأ يتسرب الى اذهان ووعي قادة المستوطنين ايضا. فقد شرعت اوساط مجلس المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وقطاع غزة، عدا عن اطلاق التصريحات العنيفة ضد ما تصفه بالخطر الكامن في خريطة الطريق، باعداد خطة مهادنة ومرنة بشكل منقطع النظير، لحال التوصل الى اتفاق سياسي (بين اسرائيل والفلسطينيين) وفق ما ذكرته مصادر صحافية اسرائيلية.

ومن المنتظر ان تقدم " خطة التقسيم" الجديدة التي اعدها مجلس المستوطنات، الى الحكومة الاسرائيلية خلال اسابيع معدودة وذلك كبديل عاجل لـ "خريطة الطريق" الاميركية التي يصفها المستوطنون بأنها "كارثة اسوأ من اتفاق اوسلو".

وتقضي خطة المستوطنين "البديلة" بأن تتخلى اسرائيل عن السيطرة على قرابة 30% من اراضي الضفة الغربية، لتنقل الى السيطرة الفلسطينية، وأن يفصل بين المناطق الفلسطينية والمناطق التي تسيطر عليها اسرائيل، جدار فصل تكون المناطق الفلسطينية الى الشرق منه والاسرائيلية الى الغرب، لكنه ستبقى على جانبي الجدار جيوب (استيطانية) اسرائيلية، وجيوب (تجمعات) فلسطينية عديدة، وذلك وفقما تضمنته الخرائط التي اعدها مسؤولون كبار في مجلس المستوطنات.

كما ستتضمن الخطة ذاتها الغاء جميع الحواجز العسكرية الاسرائيلية في انحاء الضفة الغربية بما يتيح للسكان العرب التنقل بحرية بين المدن والقرى الفلسطينية، على ان تقام على امتداد طول وعرض الضفة الغربية جسور وتحويلات طرق تمكن من تحديد نوعين من الطرق والشوارع " طرق وشوارع لليهود فقط"، والثانية للعرب فقط.

ويتمثل الهدف الاساسي للخطة بوقف ما يصفه المستوطنون بـ "النكوص" الخطير" في مواقف اسرائيل والحيلولة دون اخلاء مستوطنات او الاعتراف بدولة فلسطينية.

وبحسب "معريف" (28/5) يبدي المستوطنون في المقابل استعدادهم لنقل السلطة المدنية الى الفلسطينيين في مختلف مجالات الحياة اضافة الى تحديد مدى وحدود توسع المدن والقرى الفلسطينية القائمة على المدى البعيد.

ويدعي المستوطنون ان خطتهم هذه تتيح امكانية التعايش مع الكيان الفلسطيني العتيد دون اخلاء او ازالة اية مستوطنة يهودية.

ونقل عن مسؤول كبير في مجلس المستوطنات قوله: "يجب ان نفهم ما نريده.. فالعرب يتواجدون في مناطقهم وبالتالي لن نستطيع زحزحتهم من مكانهم. من جهة ثانية، لا يجوز بأي حالة زحزحة المستوطنين اليهود من اماكنهم. وهذا يشكل في المحصلة ملاءمة الخطط مع الواقع القائم على الارض".

خطة متعددة المراحل

ومن المقرر ان تتبلور خطة المستوطنين كـ "خطة متعددة المراحل" وفق صيغة مناطقيه ولوائية. وقد طلب من كل رئيس مجلس محلي ولوائي للمستوطنات في الاراضي الفلسطينية اعداد "خريطة طريق" محلية تتضمن تحديدا وشرحا للفصل المطلوب بين المستوطنين اليهود والفلسطينيين في مناطق مستوطناتهم. ومن المنتظر ان يتم حال الانتهاء من اعداد "الخطط المحلية" جمعها وتنسيقها في اطار خطة واحدة مشتركة يشرف على صياغتها كبار المسؤولين في مجلس المستوطنات بالضفة الغربية وقطاع غزة.

ولا تزال محافل مجلس المستوطنات ترفض في هذه الاثناء نشر او كشف الخطط والخرائط المفصلة التي جرى اعدادها، وذلك تفاديا لزيادة شقة الخلاف الداخلي الآخذ بالاتساع في صفوف المستوطنين ومحافل اليمين، بين الاتجاه المتطرف الذي يدفع باتجاه القيام باحتجاجات عنيفة ضد الحكومة وضد "خارطة الطريق" وبين غالبية الزعامة الرسمية للمستوطنين التي تفضل مجاراة اي اختيار او حسم ديمقراطي من جانب الجمهور الاسرائيلي.

وذكر ان رؤساء مجلس المستوطنات تلقوا الضوء الاخضر من الهيئة الامنية لعرض خطتهم "البديلة" لـ (خارطة الطريق) على المستوى السياسي. غير ان مصادر مجلس المستوطنات نفت وجود اي خطة لدى المجلس لـ "تقسيم ارض اسرائيل"، وقال رئيس المجلس بنحاس فلرشتاين" ان "مجلس مستوطنات يهودا والسامرة وغزة" لن يوافق ابدا على قيام سيادة اجنبية غرب نهر الاردن" على حد تعبيره.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات