كتب: وديع أبونصارأدى أوري لوبليانسكي اليمين الدستورية يوم الأحد 16 شباط رئيسًا لبلدية القدس الغربية ("الموحدة" في اللغة الرسمية الاسرائيلية) خلفا لإيهود أولمرت، الذي استقال من منصبه في البلدية لصالح منصب وزاري رفيع المستوى في الحكومة الإسرائيلية المقبلة، التي يسعى أرئيل شارون لتشكيلها حاليا.
ويأتي هذا التطور في الوقت الذي تشهد فيه مدينة حيفا تزايدًا ملحوظاً في حدة الحملات الانتخابية للمرشحين لرئاسة بلديتها خلفا لعمرام متسناع، زعيم حزب العمل، المفروض أن يستقيل من رئاسة بلدية حيفا، شأنه شأن إيهود أولمرت، وذلك بسبب القانون الذي يمنع أعضاء الكنيست من العمل في أي موقع خارج نشاطهم البرلماني المألوف.
وفي الوقت الذي لم يتضح فيه بعد موعد الانتخابات البلدية الاستثنائية التي كان من المقرر أن تجري في كل من حيفا والقدس بسبب استقالة رئيسي البلديتين في كل منهما، فإن القانون ينص على أن يتسلّم القائمان بأعمال الرئيس في المدينتين منصب الرئيس حتى موعد هذه الانتخابات، مع العلم أن بعض التقديرات تشير بأنه نظرا لاقتراب موعد الانتخابات البلدية العامة (28 تشرين أول / أكتوبر المقبل) فإن وزير الداخلية سيسمح للقائمين بالأعمال أن يمارسوا مهام الرئيس حتى هذا الموعد.
من هنا جاء تعيين لوبليانسكي خلفا لأولمرت، إذ أن لوبليانسكي عمل في السنوات الخمس الماضية قائما بأعمال أولمرت، وجاء تعيين غيورا فيشر، القائم بأعمال رئيس بلدية حيفا، قيمًا على البلدية ريثما يتم انتخاب رئيس بلدية جديد. لكن، كما يبدو فإن لوبليانسكي وفيشر لن يرئسا بلديتي القدس الغربية وحيفا لفترة طويلة من الزمن، حيث أن كلاهما لا يعد مرشحا قويًا للتنافس على هذا المنصب في انتخابات ديمقراطية. وبينما أدرك فيشر هذا الأمر وجاهر فيه، معلناً أنه لن يخوض الانتخابات البلدية كمرشح للرئاسة، إلا أن لوبليانسكي ما زال يحافظ على موقف غامض إزاء ترشيحه لمنصب رئيس بلدية القدس الغربية. ويعزو البعض غموض موقف لوبليانسكي إلى عدم اتخاذ الحاخام يوسيف شالوم إلياشيف لموقفٍ نهائي بصدد الانتخابات البلدية في القدس الغربية، علما أن إلياشيف يعد الزعيم الروحي الأعلى الذي يأتمر بتعليماته أتباع حزب "يهدوت هتوراة" الأشكنازي الديني، وبالذات حركة "ديغل هتوراة" (راية التوراة) المشاركة في هذا الحزب والتي يُحسب لوبليانسكي على أبرز ناشطيها.
بالرغم من ذلك فإن عدد المرشحين لرئاسة البلدية في القدس يزداد باستمرار، حيث تداولت الأوساط المهتمة في هذا الشأن ما يزيد عن الخمسة أسماء خلال الأيام القليلة الماضية. حيث ورد ذكر اسم الزعيم الأسبق لحزب "شاس" السفارادي الديني كمرشح لهذا المنصب (الأمر الذي نفاه بعض أنصاره) وورد كذلك اسم دافيد غلاس، المحامي المقرب من الحاخام عوفاديا يوسيف الزعيم الروحي لحزب "شاس". وذكرت أوساط أخرى اسم المغني يهورام غاؤون الذي كان عضوا في المجلس البلدي، في حين تحدثت أوساط أخرى عن احتمال تنافس عضو الكنيست العمالي أبراهام بورغ على هذا المنصب، أما الناشطون الليكوديون فقد أكثروا من ذكر اسم المحامي روني بار أون كمرشحهم لهذا المنصب الهام.
بالمقابل، بدأت الصورة تتضح بعض الشيء في حيفا، حيث يتنافس على منصب رئيس البلدية أربعة مرشحين، اثنان محسوبان على العمل واثنان محسوبان على "الليكود". حيث يسعى كل من المحامي وعضو الكنيست العمالي الأسبق يونا ياهف، وسكرتير منطقة حيفا في حزب العمل يسرائيل سافيون، الذي شغل أيضا منصب مدير عام بلدية حيفا ويدير اليوم أكبر مجمع تجاري في حيفا المعروف باسم "غراند كانيون"، للحصول على دعم العماليين وأنصارهم في الترشح لرئاسة البلدية، علما أن سافيون يدعي أن عمرام متسناع يدعمه للترشح لهذا المنصب. كما يتنافس كل من يتسحاق ريغف رئيس فرع حزب الليكود في حيفا والجنرال احتياط شموئيل أراد على دعم الليكوديين للترشح لرئاسة البلدية.
لكن، في الوقت الذي يشدد فيه ريغف على انتمائه الليكودي ويدعي بأنه مقرب من زعيم الحزب ورئيس الحكومة أرئيل شارون، فإن أراد يحاول التنصل من الصبغة الليكودية مركزا في حملته على أنه يسعى ليكون رئيسا لبلدية الجميع. وتتمثل محاولته هذه من خلال عدم ذكره لقربه الأيديولوجي لليكود من جهة، ومن خلال كونه المرشح الوحيد الذي لم يكتف بنشر إعلانات في الصحف العبرية بل بدأ أيضا بنشر إعلانات في الصحف العربية تهدف إلى استقطاب أصوات من العرب في حيفا، والذي يشكلون نحو 15% من أصحاب حق الاقتراع في المدينة.
إلا أن السؤال الأكبر في ما يتعلق برئاسة البلدية في هاتين المدينتين الهامتين يدور بالأساس حول التيار السياسي الذي سينتمي إليه الرئيسان المنتخبان. ففي القدس هنالك الكثير من المؤشرات التي تدل على وجود احتمال قوي لأي يتبوأ يهودي متدين رئاسة البلدية مما يعد سابقة تاريخية في المدينة. كما تشير التقديرات إلى احتمال حدوث سابقة تاريخية في حيفا أيضا، إذ أن هنالك احتمالات لا بأس بها التي تشير إلى احتمال فوز أحد المرشحين المحسوب على حزب الليكود في الانتخابات لرئاسة البلدية، والتي كان مرشحو حزب العمل قد فازوا فيها تباعا منذ قيام دولة إسرائيل.