يعتقد العديد من العرب، خطأ، بأن الفلسطينيين في "الدولة اليهودية" يتمتعون "بامتيازات" و"حقوق" تميزهم معيشيا وسياسيا واقتصاديا عن سائر أبناء شعبهم في الضفة الغربية وقطاع غزة. ولا يدرك أولئك العرب بأن "فلسطينيي عام 1948" شكلوا منذ أواخر الأربعينيات، وما زالوا يشكلون حتى اليوم، بالنسبة "للدولة اليهودية"، "مشكلة أمنية" إستراتيجية من الدرجة الأولى، لا بد من التخلص منها نهائيا، عبر اجتثاثها من جذورها،
أي عبر ترحيل العرب "إلى ما وراء الحدود"، أو على الأقل، التحكم بها ومحاصرتها. ففلسطينيو عام 1948 "لن يرضوا بأقل من دمار الدولة اليهودية"، والكيان الإسرائيلي بنظرهم "يشكل دولة غير شرعية"، حسبما ورد في "مؤتمر هرتسليا السابع" لهذا العام، وتحديدا، على لسان الباحث الإسرائيلي "دان شيفتان"، نائب رئيس "مركز أبحاث الأمن القومي" في جامعة حيفا، والذي تابع قائلا: "... مهما أَنْجَزَت في مجال المساواة، فإن دولة إسرائيل لا يمكنها أن تكتسب شرعية بنظرهم. وقد تعلم اليهود هذا الأمر من جملة أحداث مضت، مثل أعمال الشغب في أكتوبر 2000، وحرب لبنان، حيث اعتُبِر كل عدو لدولة إسرائيل بأنه جدير بتعاطف السكان العرب، سواء في المناطق، أم في وسط عرب إسرائيل". والمعنى الفعلي لهذه الأطروحة أن "نضال" بعض الأحزاب "العربية الإسرائيلية" من أجل "إلغاء سياسة التمييز والاضطهاد القومي" ومن أجل "المساواة بالحقوق المدنية والقومية"، غير مجد ويتناقض مع "يهودية" الدولة التي تتفق بشأنها اتفاقا مطلقا كل أحزاب الاستيطان الصهيوني.
وما دام أن "الدولة اليهودية" التي تعمل كل الأحزاب الصهيونية على تعميق يهوديتها، تشكل لب الحركة الصهيونية الكولونيالية العنصرية والإجلائية، فإن الحديث عن "المساواة في الحقوق والحريات"، حسب الفهم الصهيوني المعبر عنه بمنظور "شيفتان"، يفقد أي معنى، إذ لا يبقى في هذه الحال مكان للمساواة بين اليهود والعرب، لأن المساواة الفعلية في الحقوق، إذا ما قصد ذلك "شيفتان" وزملاؤه من "اليسار الإسرائيلي"، تعني إلغاء "يهودية" الدولة ونفي الهيمنة العرقية الصهيونية على أجهزتها، وبالتالي إلغاء أهم هدف للصهيونية ودولتها ومبرر وجودها، أي "يهودية" الدولة التي يعتبرها "اليسار الإسرائيلي" تجسيدا "لممارسة الشعب اليهودي حقه في تقرير المصير في وطنه". ليس هذا فقط، بل إن "التمييز والاضطهاد القومي" اللذين طالما طالبت "الأحزاب العربية" الحكومات الإسرائيلية بإلغائهما، لا يتعلقان بتشكيلة الحكومة الإسرائيلية، أو بالأحزاب الصهيونية الحاكمة، وإنما هما نتيجة منطقية وطبيعية للطابع"القومي اليهودي" الذي تحدد مسبقا لدولة إسرائيل والذي يدافع عنه "اليسار الإسرائيلي" باعتباره "تجسيد حق تقرير المصير للشعب اليهودي". وبذلك، تكون قد تحددت مسبقا العلاقة بين "الشعب اليهودي" و"أرض وطنه" ("أرض إسرائيل").
وحيث أنه من غير المعقول أن يمارس "شعبان" حق تقرير المصير على نفس الأرض، فتكون العلاقة الوحيدة المتروكة للعرب مع أرض وطنهم و"الدولة اليهودية" المقامة عليها، هي علاقة ذيلية تبعية قسرية "للدولة اليهودية" ومؤسساتها وأجهزتها. وهذا يعني بأن العرب في إسرائيل يعتبرون، في المعادلة السياسية- الديمغرافية الإسرائيلية الإستراتيجية، عاملا متغيرا، وتبقى إمكانية اقتلاع شرائح كبيرة منهم وتهجيرهم أمرا واردا تماما. وهذا ما لمسناه مرارا عبر مشاريع إسرائيلية عديدة ومتتالية لتهجير قطاعات سكانية فلسطينية من أراضيهم، تمثل آخرها في مخطط مئير شطريت وزير البناء والإسكان الإسرائيلي الهادف إلى تهجير سكان القرى الفلسطينية "غير المعترف بها" في النقب بالقوة، علما بـأن نحو 80 ألف من فلسطينيي النقب يسكنون القرى "غير المعترف بها" والتي معظمها قائم منذ ما قبل إنشاء "الدولة اليهودية".
فما هي إذن حكاية "الديمقراطية" و"الحقوق" و"الامتيازات" "الممنوحة" إسرائيليا لمن يسميهم الصهاينة "عرب إسرائيل"؟ في الواقع، يعود أصل الحكاية إلى "إلغاء" الحكم العسكري الإسرائيلي العام 1966، والذي كان مفروضا على الفلسطينيين في "الدولة اليهودية" منذ غداة إقامة الأخيرة العام 1948. وفَرَضَ عليهم ذلك الحكم قيودا مشددة جدا على حركتهم وأماكن سكنهم، ناهيك عن عملهم ونشاطهم الاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي. وعلى سبيل المثال لا الحصر، كان الفلسطيني القاطن في عكا أو الناصرة يحتاج إلى تصريح من الحاكم العسكري الإسرائيلي ليسافر إلى حيفا أو يافا. كما مُنِعَ الفلسطينيون من ممارسة أي نشاط ثقافي أو اجتماعي أو سياسي ذات محتوى وطني أو قومي، ولو بأبسط أشكاله.
إن "إلغاء" الحكم العسكري، وتحديدا قبل أشهر قليلة فقط من شن إسرائيل لحربها العدوانية التوسعية في حزيران 1967، هدف صهيونيا إلى ضمان هدوء "الجبهة الداخلية"، من خلال "تخدير" الكتلة البشرية العربية المعادية داخل التجمع الكولونيالي، كي تتفرغ السلطة الصهيونية أساسا لمواجهة تحديات الحرب التي دأبت المؤسسة العسكرية على الإعداد لها بدقة لفترة طويلة قبل شنها. وما يؤكد صحة هذه الاعتبارات الصهيونية، أنه إثر "إلغاء" الحكم العسكري، وحرب حزيران التي أعقبت هذا "الإلغاء" والتي كانت نتيجتها إخضاع أكثر من مليون فلسطيني آخر في الضفة الغربية وقطاع غزة للاحتلال، كان جواب السلطة الصهيونية بالنسبة للفلسطينيين في الأرض المحتلة العام 1948، إتباع سياسة "ليبرالية" تجاههم، حيث أن السلطة لم تكن على استعداد لإثارة المشاكل معهم، إذ يكفيها مشاكل سكان المناطق العربية المحتلة حديثا، وتعقيدات الأوضاع السياسية التي نشأت في المنطقة بعد تلك الحرب. فهدف إسرائيل، إذن، من "إلغاء" الحكم العسكري والسياسة "الليبرالية" التي تظاهرت بانتهاجها تجاه فلسطينيي العام 1948، خاصة بعد حرب حزيران العام 1967، هو ضما "إسكات" الأخيرين، لأن "سكوتهم" ضرورة إستراتيجية لا تكتيكية، حيث أن التحدي الموجه لإسرائيل في المحافل الدولية والعربية يدور حول المناطق المحتلة العام 1967 ومصيرها. وللتفرغ لمواجهة هذا التحدي كان ينبغي كسب "هدوء" الفلسطينيين في إسرائيل و"سكوتهم". على أي حال، لم يكن "إلغاء" الحكم العسكري سوى إلغاء شكليا لم يغير من جوهر الممارسة السياسية- الأمنية- المخابراتية والعسكرية الصهيونية اليومية تجاه فلسطينيي 1948. يضاف إلى ذلك، أن الأساس "القانوني" للحكم العسكري، أي "قوانين الطوارئ" الاستعمارية البريطانية، لا يزال قائما إلى يومنا هذا، والذي بموجبه واصلت وتواصل السلطة الصهيونية نفس مضمون الإجراءات القمعية التي طبقتها ضد الفلسطينيين في فترة الحكم العسكري، مثل الإقامات الإجبارية والاعتقالات الإدارية ومختلف الأوامر العسكرية المتعلقة بمصادرة الأراضي لأهداف "أمنية" وغير ذلك. كثر من مليون فلسطيني
الفلسطينيون في "الدولة اليهودية" وحرب لبنان الثانية
اعتبر راسمو الإستراتيجيات الصهيونية ومعظم السياسيين والمفكرين والباحثين الإسرائيليين "المرموقين"، سلوك ومواقف فلسطينيي 1948، أثناء حرب تموز- آب 2006 ضد المقاومة الإسلامية في لبنان، مؤشرا نوعيا واضحا وصارخا على أن أي عدو لدولة إسرائيل يعد حليفا لأولئك الفلسطينيين الذين، وكما أثبتت حرب لبنان، "لا يمكنهم أن يشكلوا جسرا للسلام، بسبب تأييدهم المسبق للطرف العربي في أي نزاع مع إسرائيل" كما يقول "سامي سموحة" بروفسور علم الاجتماع في جامعة حيفا ومن أبرز الخبراء الإسرائيليين في العلاقات الإثنية داخل إسرائيل وفي العالم. ويتابع سموحة حديثه عن الفلسطينيين في إسرائيل قائلا: "إنهم يتعاطفون مع صمود حزب الله وقدرته القتالية المؤثرة، ولا يعتبرون بأن لحزب الله أية نية بإيذائهم. وبنظرهم، يعد حزب الله، كما حماس والجهاد الإسلامي، حركة مقاومة وليس منظمة إرهابية... لذا، رفض العرب مطالب إسرائيل بإدانة عمليات حزب الله الإرهابية وتبرير ردود أفعال إسرائيل" (سامي سموحة، "أوفِك حداش"، العدد 33). وفي نفس السياق، كتب سموحة قائلا: "من بين التصريحات العربية التي أثرت تأثيرا كبيرا على اليهود، كانت تلك التي أعلنها ذلك الأب الذي قُتِل ولداه الصغيران بسبب سقوط صاروخ كاتيوشا في الناصرة. فقد اتهم حكومة إسرائيل بالقتل وليس حزب الله. وتقبل شاكرا اعتذار نصر الله الذي اعتبر ولديه شهيدين ارتقيا إلى الجنة" (المصدر السابق).
في الواقع، لا يستطيع سموحة وسائر الباحثين والمفكرين الإسرائيليين إدراك السبب الحقيقي الكامن خلف تأييد الفلسطينيين في "الدولة اليهودية" لحركات المقاومة العربية والفلسطينية. إذ أن من يسمون، خطأ، في القاموس الصهيوني، "أقلية قومية"، هم ليسوا بأقلية، بل إنهم بالمنظور التاريخي والعلمي والإستراتيجي ينتمون إلى الأغلبية القومية العربية الساحقة "عبر الحدود"، وهم جزء لا يتجزأ من الأمة العربية الواحدة في الوطن العربي الكبير المجزأ الذي وجوده اليوم على شكل دويلات هزيلة هو إفراز مباشر للاتفاقات الكولونيالية التي كرست واقع التجزئة السياسية والإقليمية العربية بالقوة الإرهابية الغربية الاستعمارية، الأمر الذي ينفي- قوميا وتاريخيا- شرعية هذه التجزئة والاتفاقيات الاستعمارية التي أفرزتها. لذا، فإن من يسمون بالأقلية القومية العربية هم في الواقع جزء لا يتجزأ من أغلبية عربية ساحقة في وطن عربي واحد مفتت ومجزأ.
فلسطينيو 1948: "تهديد للأمن القومي" الإسرائيلي
يؤكد سموحة على أن فلسطينيي 1948، بالمنظور الإسرائيلي، يشكلون "تهديدا أمنيا"، وذلك بقوله إن "التعامل مع المواطنين العرب في خارطة الأمن القومي لإسرائيل، باعتبارهم تهديدًا، يقوي موقفهم المنحاز للعرب. فمن وجهة نظر اليهود والدولة، يشكل المواطنون العرب جزءا من العدو، وإخلاصهم للدولة مشكوك به... وتمارس عليهم الدولة رقابة مشددة، كي لا يترجم موقفهم المعادي إلى سلوك معاد. والدولة لا تتوقع منهم أن يغيروا موقفهم، وتكتفي بألا ينزلقوا إلى مساعدة العدو... إن سياسة الاضطهاد المتبعة ضد العرب في إسرائيل، تتسبب في اغترابهم عن الدولة، ولا تمنحهم الحوافز لإعادة النظر في موقفهم، بل تدفعهم للانتقام من اليهود، من خلال تبنيهم موقفا منحازا للعرب بشكل صارخ" (المصدر السابق). إن تصوير سموحة وبعض الصهاينة "اليساريين" بأن اضطهاد العرب في إسرائيل يشكل مجرد سياسة حكومية، ويزول (أي الاضطهاد) بزوال تلك السياسة، إنما يهدف إلى طمس حقيقة البنية الكولونيالية العسكريتارية للدولة اليهودية ذاتها. إذ أن التمييز العنصري ضد العرب واضطهادهم، شأنهما شأن الخصائص الأخرى للمجتمع الصهيوني، كالفاشية والعنصرية والعسكرية، ليسا مجرد ظاهرة عابرة أو مؤقتة تتعلق بهذا الحزب الإسرائيلي الحاكم أو ذاك، بل هما ملازمان لطبيعة البنية الكولونيالية السياسية والاقتصادية والعسكرية للدولة اليهودية التي استمدت "مشروعية" وجودها على قاعدة هذه البنية، مما يجعل التمييز والاضطهاد القومي ضد العرب صفتين أساسيتين، متأصلتين ودائمتين. بل إن الفكر الإثني الاستعلائي العنصري - الإقصائي معشش عضويا ليس فقط في البنية العقلية للسياسيين والعسكريين الإسرائيليين، وإنما أيضا في البنية العقلية للباحثين والمفكرين، بمن فيهم سموحة الذي خلص في مقالته السابقة إلى أن العرب في إسرائيل "مجرد مجموعة ضعيفة وعاجزة، يمكن تجاهلها" (المصدر السابق). وهذا يؤكد أن "الدولة اليهودية"، كدولة هجرة واستيطان كولونيالي، بحاجة وجودية إلى مواصلة التعبئة الفكرية والثقافية الصهيونية، وشحن المستوطنين القدامى والجدد بالروح العدائية والعنصرية والفاشية، لضمان صهر وقولبة الكولونياليين في الأطر الاجتماعية والسياسية والعسكرية، الأمر الذي يعمق بدوره الطابع التناحري للصراع مع العرب.
ومن هنا، فإن مفاهيم "المساواة" و"الحريات الديمقراطية" التي تدعي المؤسسة الصهيونية بأنها "منحتها" للعرب ليست سوى النقيض الوجودي لمفاهيم دولة كولونيالية استيطانية تشكل التجسيد المادي لحركة استعمارية عنصرية في تكوينها، وعدوانية توسعية استيطانية في أهدافها وفاشية في وسائلها. حيث لا وجود للمفاهيم الديمقراطية والإنسانية إلا على حساب وجود الدولة الكولونيالية ذاتها.
إن دعوة بعض الرموز الصهيونية إلى "منح المساواة" للعرب ودمجهم اقتصاديا في "الدولة اليهودية" ينطلق أساسا من حسابات كولونيالية براغماتية لها علاقة بأمن "الدولة اليهودية" وبهدوء جبهتها الداخلية. وعلى سبيل المثال، يقول "أمير زيف- آف"، وهو مستشار بارز لأجهزة الأمن الإسرائيلية، بأن "منح المساواة القصوى الممكنة في الحقوق لعرب إسرائيل، في مجالات التعليم والعمل- في نطاق الحدود الناتجة عن الأمن وعن كوننا دولة يهودية- سيسهم في دعم الأمن والاقتصاد ومستوى المعيشة... وذلك بدلا من حالة التوتر القائمة بيننا وبين عرب إسرائيل، والذي يعد أخطر من التوتر بيننا وبين الدول المجاورة" (هآرتس، 2007/3/22). من الواضح تماما أن محتوى "المساواة" التي يطالب بها زيف- آف وغيره من الإسرائيليين، كولونيالي عنصري، بمعنى أن الحديث هنا يدور عن "المساواة القصوى الممكنة"، وفي "نطاق الحدود الناتجة عن الأمن وعن كون إسرائيل دولة يهودية"، أي المطلوب بأن "تتكرم" الأخيرة بمنحنا، نحن أهل البلد الأصليين الذين نُهِبَ وطننا واجتُثَّت وشُرِّدَت غالبية أبنا شعبنا، بعض الحقوق المعيشية اليومية "الممكنة" في نطاق البنية الكولونيالية العنصرية "لدولة اليهود"، بحيث تخدم هذه "المساواة" وتشرعن "أمن الدولة ويهوديتها" ولا تمسها، وذلك مقابل تنفيس الصراع وإفراغه من محتواه الوطني والقومي التحرري والتخلي عن الحقوق الوطنية- القومية والتاريخية.
والسؤال الجوهري هنا: لماذا لا يستطيع الصهاينة "منح" العرب حقوقا سياسية واقتصادية وديمقراطية كاملة ومساوية تماما لتلك التي يتمتع بها اليهود؟ يكمن السبب الأساس في أن كيانا سياسيا كولونياليا استيطانيا وعنصريا ببنيته، لا يمكنه إفراز مفاهيم سياسية واجتماعية إنسانية وديمقراطية تشكل نقيضا وجوديا لمفاهيم العنصرية والفاشية والعدوانية التي تأسست "الدولة اليهودية" على قاعدتها، الأمر الذي يجعل الوعي الثقافي الصهيوني العنصري الاستيطاني طاغيا على أشكال الوعي الأخرى، كالوعي الطبقي أو الديني أو الطائفي في المجتمع الصهيوني بكل طبقاته الاجتماعية. وباعتقادي، حتى شعار "دولة لكل مواطنيها" الذي يعد مشابها في محتواه ومعناه العملي لشعار "المساواة في الحقوق القومية" لا يشكل حلا جذريا لجوهر الصراع الوطني- القومي القائم بين فلسطينيي 1948 و"الدولة اليهودية"، والذي (أي الصراع) يعد امتدادا طبيعيا للصراع الأشمل بين عموم الشعب الفلسطيني والعربي وبين أهم الإفرازات والعناصر المكونة للحركة الصهيونية، أي "الدولة". وهذان الشعاران يعنيان بأن العرب واليهود في إسرائيل "قوميتان متساويتان"، الأمر الذي يطمس الفارق الجوهري الأساس بين الوجود الصهيوني الكولونيالي في فلسطين، كنتيجة لغزو استعماري استيطاني، وبين الوجود الطبيعي غير العدواني، عبر تواصل تاريخي للشعب العربي الفلسطيني. وهذا يعني، بأن جوهر الصراع في البقعة الفلسطينية التي احتلت عام 1948، كما في فلسطين عامة، هو صراع قومي يدور حول وطن محتل، بين الشعب العربي الفلسطيني وحقه في تقرير المصير في فلسطين من جهة، وبين كيان كولونيالي استيطاني من جهة أخرى.
(حيفا)