المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

"لطالما آمنت ان الكنيست هي "مقبرة الاحزاب العربية" او "ثلاجة الاحزاب" وحقيقة ما يحصل الآن ان هذه الاحزاب التي امتازت بحضورها وزخم عملها باتت في حالة ترهل وضعف، ما يسمح لي بالقول ان اعضاء الكنيست العرب يضطرون هذه الايام للتحليق والتجول عالميا بحثا عن الحضور لا لذات الحضور انما علهم يسعون لخدمة شعبهم بعد ان انحسرت امكانات التأثير والتغيير الداخلي ولم تعد موجودة"

حوار مع نائب رئيس الحركة الاسلامية (الجناح الشمالي)

الشيخ كمال خطيب لـ"المشهد الاسرائيلي": الأقصى في خطر أكثر من أي وقت مضى

"نحن خط الدفاع الاول في الحفاظ على عروبة فلسطين"

قابله: وديع عواودة

الشيخ كمال خطيب، نائب رئيس الحركة الاسلامية (الجناح الشمالي) داخل إسرائيل، لم يبلغ الاربعين من عمره بعد، بيد انه يعتبر واحداً من ابرز الناشطين المؤثرين في الساحة المحلية ومن خلفه عقدان حافلان من العمل الاسلامي منذ أن كان طالبا في كلية الشريعة في مدينة الخليل. خطيب، الذي يتمتع بشخصية كاريزماتية وسعة اطلاع في الشؤون الدينية والسياسية، يقود الحركة الاسلامية ويوجه مشاريعها منذ اعتقال رئيسها، الشيخ رائد صلاح، في يونيو/ حزيران 2003 وهو الآخر يتعرض دوما الى الضغوطات الاسرائيلية غير انه "عاهد الله وشعبه على اداء مهامه رغم كونه في بطن الحوت الاسرائيلي"، كما اكد في حديث خاص لـ"المشهد الاسرائيلي".


وضمن هذا الحديث، الذي أجري عشية الذكرى الرابعة للإنتفاضة، أشار خطيب الى الدافع وراء المساعي الصهيونية لهدم المسجد الاقصى وشدد على حتمية الانفجار المجدد بين فلسطينيي 48 وبين اسرائيل، وشرح لماذا يجب أن يقوم هؤلاء بالتنازل عن التمثيل في الكنيست الاسرائيلي وتطرق الى "اسرار" نجاح حركته في استقطاب الجماهير، وعرض قراءته لما يجري في الساحتين الفلسطينية والعربية. وقد سئل الشيخ خطيب في اللقاء معه عن رأيه بمسيرة التحرر الفلسطينية في الذكرى الرابعة للانتفاضة والعاشرة لاوسلو ودور فلسطينيي 48 فيها مقارنة مع ما يجري في الشيشان وعن موقفه حيال نظرة العرب عامة لهم وعن غير ذلك من المواضيع. وتالياً نص الحوار:

(*) "المشهد الاسرائيلي": لأي مدى الاقصى في خطر وكيف؟
- الاقصى هذه الايام يواجه خطرا أكثر من اي وقت مضى . في عام 1996 قلنا ان الاقصى في خطر استناداً الى قراءة صحيحة للواقع، وما يحصل اليوم يؤكد صدق ما قلناه والتصريحات الاخيرة لوزير الامن الداخلي بهذا الصدد رغم ريبتنا الدائمة تجاهه تؤكد المخاطر، فهو بنظرنا يسعى لتهيئة الرأي العام العربي والاسلامي لهدم المسجد. وما مزاعمهم حول مخاطر المسجد المرواني سوى دليل اخر على هذا الخطر.

(*) "المشهد الاسرائيلي": وهل يعني شعاركم "الاقصى في خطر" ان المسجد فقط هو المستهدف؟ ام يحمل الشعار ابعادا اخرى؟
- نحن على قناعة ان اسرائيل قامت على ايديولوجية دينية من الدرجة الاولى وارتباط الاسرائيليين بهذه الارض وفق مزاعمهم هو ارتباط عقائدي وايديولوجي. وقد نجحت اسرائيل خلال 56 عاما بتصوير الصراع وكأنه صراع قومي، لكن الآن لن تستطيع الاستمرار في هذا النجاح اذ تبين انه صراع ديني وحضاري من الدرجة الاولى ولب البعد الحضاري يتمثل بالمسجد الاقصى المبارك، ولذلك فإن استهدافه ستترتب عليه انعكاسات تطال الشرق الاوسط برمته لا اسرائيل فحسب.
صحيح ان المبنى في خطر لكن العدوان عليه يعني طمس بقية كرامة العرب والمسلمين تحديدا بعد الذي حصل في العراق. اعتبر ان الاعتداء على النجف شكل بارومترا بالنسبة للاسرائيليين، وعندما يلحظون بلادة ردة الفعل العربية والاسلامية على انتهاكات الاميركيين لمقدسات مهمة هناك، فأعتقد ان هذا من الممكن ان يشكل عنصر دفع سريع وكبير للاسرائيليين بالتفكير بالاعتداء على الاقصى وهنا يكمن الخطر ايضا.

(*) "المشهد الاسرائيلي": اضافة الى الاقصى والطروحات الدينية التي تكرسونها منذ "مهرجان الاقصى في خطر" الاول عام 96 لماذا لا تبرزون في مهرجانات الحركة الاسلامية القضايا الوطنية الملتهبة الأخرى كالجدار والاسرى والاحتلال؟
- أولا نحن نعتبر مهرجان الاقصى أصبح عرساً وطنيا فلسطينياً خاصة انه الملتقى الذي يحشد عشرات الآلاف من فلسطينيي الداخل وبمشاركة وفود من القدس المحتلة والجولان السوري اضافة الى ممثلين عن كافة الاحزاب والطوائف الدينية المسيحية. وتحريض وزير الشرطة الاسرائيلي جدعون عزرا الذي اعتبر المهرجان حاضنة للتحريض على الدولة لم يكن عفويا انما ينبع من الحيز الذي بات يشغله هذا المهرجان. ونحن في كل سنة نطرح في مهرجان الاقصى القضايا المهمة التي تخص ابناء شعبنا. ففي العام الماضي ركزنا على قضية العراق، وهذا العام اهتممنا بأسرانا في السجون وبالذكرى الرابعة الوشيكة لانتفاضة الاقصى واطلقنا دعوتنا الى الاضراب العام فيها.

(*) "المشهد الاسرائيلي": لماذا تبنيتم الدعوة الى الاضراب في هذه الذكرى تحديدا؟
- أولا هنالك ظروف راهنة تحتم علينا ان نرفع صوتنا عالياً، فقبل اسبوعين اكد رئيس لجنة التحقيق الرسمية بقتل 13 من المواطنين العرب في هبة الاقصى، القاضي ثيودور أور، نفسه ان الظروف التي تسببت بالانفجار عام 2000 تتكرر هذه الايام حيث قال ان "العنوان مكتوب على الحائط"، لافتا الى ان توصياته لم تنفذ حتى الآن.

(*) "المشهد الاسرائيلي": ايام قليلة تفصلنا عن الذكرى السنوية لانتفاضة الاقصى، كيف تقيم جدواها في ظل انتقادات بعض القادة الفلسطينيين لعسكرتها؟
- اولا لا اعتبر ان الشعب الفلسطيني اتبع اسلوب عسكرة الانتفاضة فهو خرج منتفضا على قيام شارون بتدنيس الاقصى يوم 28/9/2000 وسهولة الضغط على الزناد من قبل الاسرائيليين كانت سبب التصعيد، وقد شهدنا مرات كثيرة كيف كانت اسرائيل لا تكترث لعمليات التهدئة والهدنات التي بادر اليها الفلسطينيون فكانت تعود وترتكب الجرائم والاغتيالات. وهناك امثلة كثيرة، ما يعني ان الاحتلال هو المسؤول عن اراقة الدماء. وبالنسبة الى جدوى خيار الانتفاضة لا يمكن فصل الانتفاضة وتقييمها بمعزل عن مسار عملية اوسلو.
واضح ان الانتفاضة كانت ردة فعل على خيبة الامل من تلك الاتفاقات التي اعطيت فرصة ست سنوات استنتج الفلسطينيون بعدها انها لم تحقق شيئا بل زادت طينتهم بلة . لذلك اعتبر ان البداية السيئة لمشروع اوسلو هي الاب الكبير لكل المظاهر السلبية التي يعيشها الشعب الفلسطيني اليوم. وقديما قالوا ان سوء الختام بفساد الابتداء.

(*) "المشهد الاسرائيلي": ولكن شارون اعتبر أخيرًا في حديث ليومية "يديعوت احرونوت" ان اوسلو دفع اسرائيل الى اوضاع غير مسبوقة؟
- لا بد ان نقرأ تصريح شارون ضمن فهم عقليته التوسعية الجشعة الدموية. واذا اعتبر شارون ان اوسلو كانت سلبية لاسرائيل في مرحلة معينة فهذا لا يعني بالضرورة انها ايجابية بالنسبة لنا. الكل يدرك ان اوسلو لو انجزت لأجهزت على الآمال الكبيرة في قضية حق العودة وعلى القدس ومستقبلها. كما ان بعض المبادرات الفلسطينية الداعية الى التفريط بحق العودة قد نبعت هي الآخرى من منطق اوسلو.

(*) "المشهد الاسرائيلي": كيف ترى مستقبل مسيرة التحرر في ظل الظروف العربية والدولية الراهنة اليوم؟
- رغم كل الضعف الذي يعيشه الشعب الفلسطيني والامتهان الذي تتعرض له الامة العربية والاسلامية إلا انني انظر بتفاؤل الى المستقبل، فنحن امة مرت عبر التاريخ بامتحانات اصعب من الامتحان الراهن وسبق وسيطرت علينا اقوام عديدة في ظروف اصعب. واليوم نحن لا نعتبر حالة الهيمنة لوحيد القرن الاميركي وحالة التبني الكامل لاسرائيل نهاية المطاف، فاميركا خلقت جيلا يكن لها الكراهية يمتد من طنجة الى جاكرتا، لا في فلسطين والعراق وافغانستان فحسب. واسرائيل تعيش اليوم وضعاً صعباً، ولذا فإن حالة التفوق الحالي لا تحسم وحدها الصراع. هناك عناصر اخرى خاصة بعد ان ثبت لاميركا واسرائيل ان القوة العسكرية ليست طريقة الحسم وانا متفائل ان المستقبل يحمل لنا بشائر الخير رغم نكبتينا في فلسطين والعراق.


(*) "المشهد الاسرائيلي": كمسؤول فلسطيني الى اي مدى انت راض عن دور فلسطينيي 48 تاريخيا في مسيرة شعبهم نحو التحرر والاستقلال؟
- رغم ما يمكن ان يتصور البعض، فالمطلوب منا هو اكثر مما قدمنا بكثير، الا انني اعتبر بأننا الجزء المنسي من الشعب الفلسطيني، لقد اختار لنا الله دورا من الصعب على احد من الشعوب العربية والاسلامية ان يؤديه. بقاؤنا هنا حافظ على هوية وعروبة وفلسطينية واسلامية هذه الارض بصرف النظر عما لاقيناه وما سنلقاه ولذلك اعتبر أنه حتى في هذه المرحلة نحن خط الدفاع الاول عن المسجد الاقصى، لان اهالينا في الضفة وغزة عاجزون عن التواصل معه بعد بناء جدار الموت، بينما فلسطينيو الداخل هم القادرون على ذلك وهذا ما يزعج الاسرائيليين. كما لا ننتقص من اهمية مشروعنا الكبير في اغاثة شعبنا منذ العام الاول للانتفاضة الاولى. الحركة الاسلامية تقوم والحمد لله على كفالة 14 الف يتيم في الاراضي المحتلة عام 67 شهريا الى جانب الحملات الآخرى. ولا شك ان رفد ابناء شعبنا والتواصل معهم مع حفاظنا على مقدساتنا وهويتنا هي امور هامة جدا. صحيح انها لم ترد الهوية كاملة الى ارضنا وبلادنا لكن هذا جهد المقل. رغم طموحي الكبير لكننا ادينا بعض الواجب.

(*) "المشهد الاسرائيلي": ولكن هناك من توقع ولا يزال منا الانخراط بالكفاح المسلح ويقارن بيننا وبين الشيشان الذين يواجهون دولة عظمى في حين لا تتعدى مساحة اراضيهم اراضي الجليل؟
- اولا يجب التمييز بين واقعنا قبل وبعد النكبة اذ كنت اتمنى ان يكون كل شيخ وامرأة وطفل قبل العام 48 قد استخدم كافة وسائل الدفاع. اما بعد النكبة فتغيرت الظروف وحالتنا اليوم واقعية عقلانية والحفاظ على عرضنا وارضنا وقيم ابنائنا واستمرار دورنا تجاه شعبنا ينطوي على مهام تتقزم امامها جيوش استعراضية كثيرة.

(*) "المشهد الاسرائيلي": ما مدى رضاك عن نظرة العالمين العربي والاسلامي إلى فلسطينيي 48؟
- ما زلت اذكر انه قبل ثلاث سنوات كتب احدهم في صحيفة عربية مقالاً بعنوان "اضربوهم بالاحذية" اتهم فيه فلسطينيي 48 بالعمالة للاسرائيليين فعقبت عليه واعتذرت عما صدر الا انني اعتبرت ذلك جزءا من ظلم امتنا لنا فنحن نستحق الشكر وتثمين ثباتنا وصبرنا على الظلم الاسرائيلي بدلا من اتهامنا بهذه التهم. ولكن في الآونة الاخيرة بدأت المجتمعات العربية والاسلامية تتعامل معنا بايجابية . وليتذكر اخوتنا في العالمين العربي والاسلامي اننا لا ندافع عن انفسنا فقط انما ندافع عن قيمنا الحضارية وعن العقيدة وعن قومية نعتز بها ولذلك فاذا لم يتمكنوا من مساعدتنا على الثبات فعلى الاقل ان لا يصوبوا سهامهم الينا في الظهر.

(*) "المشهد الاسرائيلي": ولكن امام مشاريع الاسرلة الاسرائيلية وموجات الغزو الفكري الى اي مدى انت مطمئن الى هوية الجيل القادم من فلسطينيي 48؟
- لا شك اننا نشهد في المرحلة الراهنة هيمنة اميركية مغلفة بالعولمة تطمح الى استيعاب واحتواء العرب والمسلمين. ومثل ذلك نحن نواجه محاولات هيمنة اسرائيلية علينا، فهذه وزيرة ما يعرف بالتربية والمعارف ليمور لفنات تتحدث يوميا عن رغبتها في ترسيخ مئة مصطلح جديد في الديمقراطية الى مناهج التدريس كما تزعم، وهذه ليست سوى محاولة لتشويه اخلاقياتنا وفكرنا وانتمائنا كفلسطينيين. ولا ننسى اليد الطولى الفظة للشاباك في تعيين المربين في مدارسنا، والاخطر من ذلك اعتماد اسلوب الطعن في ثوابتنا، فحتى الآن يتم تسويق النبي محمد في الكتب التعليمية العبرية على انه لص وقاطع طريق وكذاب، ما يشير الى انهم يتعاطون معنا من منطلق الحرب الحضارية والثقافية. ولكن ورغم كل هذه المخاطر لا يغيب عنا اننا نشهد جيلاً مباركاً اسميه جيل "الصحوة الاسلامية" الذي يتمسك بانتمائه الوطني الواضح، وهناك امثلة عديدة منها تمسك طالباتنا في الجامعات الاسرائيلية بالزي الاسلامي. ويبدو ان السعي لفرض سلوكيات الغالبية علينا خلقت ردة فعل قوامها الانتماء والتمسك بالثوابت الوطنية والدينية.


الانفجار القادم مسألة وقت

(*) "المشهد الاسرائيلي": هناك من يقول ان التناقض بين الوطن وبين المواطنة الذي يعيشه فلسطينيو 48 سيؤدي الى انفجار حتمي آخر مع الدولة الاسرائيلية؟
- اولا يجب الاشارة الى ان قتلهم لشبابنا لم يتوقف في اكتوبر/ تشرين الاول 2000 فمنذ ذاك العام استشهد 16 مواطناً عربياً ما يعني ان دمنا لا يزال مستباحاً باعتبارنا خطرا امنيا ديموغرافيا، كما يقولون دائما. لذلك فإن امكانية انفجار الوضع مجدداً واردة وهذا ما قاله ثيودور اور قبل اسبوعين، ثم ماذا يتوقعون منا عندما يدنسون مقدساتنا ويحرقون ويهدمون مساجدنا وينبشون عظام ابائنا واجدادنا اضافة الى تهميشنا واستمرار مصادرة الاراضي والتضييق علينا بالعمل والتعليم. كما انهم لا ينفكون يطالبوننا كل صباح بأن نثبت حسن ولائنا واننا "غير مشاغبين" ويبدو انهم يخططون لان ندفع ثمن اخلاء غزة اليوم ما يجعلني ان اجزم ان الفجوة بيننا وبينهم تتسع باطراد مما يجعل الانفجار القادم مسألة وقت. ولا نغفل دور استباحة دماء وحقوق شعبنا في الضفة وغزة في تأجيج الكراهية.

(*) "المشهد الاسرائيلي": كيف هي علاقتكم مع الاحزاب الفلسطينية الأخرى داخل اراضي 48؟
- آمنا دائما بالتعددية واحترام الرأي الآخر. نتمنى ان يكون العالم كله مسلما وان يتبع كافة الناس الاسلام ولكن هذا لا يعني التعاطي مع من هم خلاف ذلك بالعداء فكم بالحري عندما يجري الحديث عن ابناء شعبنا. صحيح ان رؤانا مختلفة لكن علاقتنا مع الاحزاب الأخرى طيبة وتقوم على التكامل والتعاون تحت سقف اللجنة العليا لمتابعة شؤون فلسطينيي 48.

(*) "المشهد الاسرائيلي": وهل ترى اننا منظمون كأقلية قومية كما يجب؟
- في الحقيقة ان اللجنة العليا شهدت ضعفا غير قليل ولكننا نعتبر ان استمرارها في اطار جامع هو مكسب لنا جميعا. صحيح ان الحديث يدور منذ تسع سنوات عن ضرورة اعادة تنظيمها وتفعيلها الا انها تشكل عنصر قوة .
(*) "المشهد الاسرائيلي": ولماذا لا يتم انتخاب اعضائها مباشرة من المواطنين بدلا من ايفاد الاحزاب والحركات لممثلين عنها مثلا؟
- هذه امنية لكنها لن تتحقق لان اسرائيل لن تسمح بميلاد حالة من حالات الاستقلال والحكم الذاتي. ولذا لابد من ان نكون واقعيين.

(*) "المشهد الاسرائيلي": كانت الحركة الاسلامية في الداخل قد انشقت الى شقين بسبب رفضكم خوض انتخابات الكنيست الاسرائيلي في العام 1996 فهل تغير موقفكم اليوم؟
- رغم قناعتنا بقول الله تعالى "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا.." وسعينا لتطبيقه الا انه لم يراودني خلال السنوات الثماني شعور بالندم ولو للحظة واحدة. ما حصل لا يسر احدا لكننا لم نشك بارتكاب خطأ من طرفنا، بالعكس فان الاحداث في السنوات الاخيرة اثبتت صدق موقفنا. انظر كيف انحسرت قوة الاخوة في الشق الثاني من خمسة اعضاء في الكنيست الى ممثل واحد اليوم عدا الامور الأخرى التي لا حاجة للخوض بها، ثم ان واقع الاحزاب العربية الأخرى الممثلة بالكنيست يعكس استنتاجا مماثلا. مع ذلك نتمنى ان تزول اسباب الخلاف وعودة اللحمة التي ننشدها مع العلمانيين من ابناء شعبنا، فما بالك والحديث يجري عن الاسلاميين.

(*) "المشهد الاسرائيلي": هل تقول اننا لسنا بحاجة للكنيست كمنبر او وسيلة عمل خدمة لقضايانا المدنية او القومية؟
- لطالما آمنت ان الكنيست هي "مقبرة الاحزاب العربية" او "ثلاجة الاحزاب" وحقيقة ما يحصل الآن ان هذه الاحزاب التي امتازت بحضورها وزخم عملها باتت في حالة ترهل وضعف، ما يسمح لي بالقول ان اعضاء الكنيست العرب يضطرون هذه الايام للتحليق والتجول عالميا بحثا عن الحضور لا لذات الحضور انما علهم يسعون لخدمة شعبهم بعد ان انحسرت امكانات التأثير والتغيير الداخلي ولم تعد موجودة.

(*) "المشهد الاسرائيلي": ولكن الحركة الاسلامية تمتاز عن غيرها من الحركات والاحزاب انها تتعامل مع الدين وهو امر قريب من وجدان الناس بطبيعة الحال ام ان هناك اسراراً اخرى تقف خلف شعبية حركتكم؟
- الحركة الاسلامية آمنت باقران قولها بالعمل فهي تقوم بسلسلة مشاريع اهمها "مسيرة البيارق" وهو مفخرة لكل الفلسطينيين توفد بواسطته 400 الف انسان من اراضي 48 الى القدس المحتلة كل عام للصلاة في الاقصى ودعما للمدينة. كما ان الحركة تكفل اليوم 14 الف يتيم من ابناء شعبنا في الاراضي المحتلة عام 67 ومشروع "اقرأ" لدعم التعليم الجامعي وبناء المرافق الطبية ورياض الاطفال وغيرها من المشاريع التي جعلت الفلسطيني في الداخل يوقن ان الحركة الاسلامية لا تجيد لعن الظلام انما توقد الشموع وهذا واحد من اسرار نجاحنا. كذلك الناس يرون ان قادة الحركة لا يسعون الى الوصول الى المناصب علاوة على حالة التحدي الحضاري ونحن نرى اليهود في حالة غير مسبوقة من التسابق للعودة او التمسك باخلاقيات اليهودية. ولذا فان عنصر الدفاع عن النفس لن يتوفر الا عبر التمسك بقيمنا وحضارتنا والا يمكن ان نصبح لقمة سائغة للغزو الفكري الغربي واليهودي الموجه ضدنا.

(*) "المشهد الاسرائيلي": وماهي مشاريعكم الجديدة؟
- نحن نشارف على افتتاح مستشفى كبير في مدينة طمرة قضاء عكا سيقدم الخدمات لنحو 200 الف نسمة من اهلنا، كما نستعد للشروع بتنفيذ مشروع خاص يعنى برعاية شؤون اهلنا في المدن المختلطة كاللد والرملة وحيفا ويافا في مجال التعليم وترميم البيوت والاصلاح الاجتماعي.

(*) "المشهد الاسرائيلي": هل اثر اعتقال رئيس الحركة الاسلامية الشيخ رائد صلاح على نشاط او سياسة الحركة؟
- لا يخفى على عاقل ان غياب اي مسؤول اول عن الحركة سيؤثر عليها الا ان ما ميز الحركة الاسلامية حرصها على التعامل مع المؤسسة لا مع الفرد ما مكنها من الاستمرار بعد اعتقاله سوية مع اربعة من زملائه في قيادة الحركة بل شهدنا المزيد من التفاف الجمهور من حولنا تضامنا معنا ومع الشيخ رائد . حتى الاعتقال بلغ عدد الاطفال الذين كفلتهم الحركة الاسلامية 11 الف طفل اما اليوم فيناهز عددهم ال 14 ألفاً خلافا لكل مخططات وتوقعات السلطات الاسرائيلية وهناك امثلة اخرى.

(*) "المشهد الاسرائيلي": وهل اثر الاعتقال على التوجهات العامة للحركة سياسيا؟
- الحركة تعتبر نفسها غصنا من شجرة العمل الاسلامي العالمي ولكننا نعيش ظروفا مختلفة عن واقع الحركات الاسلامية الأخرى فلا ننسى اننا نعيش اليوم في بطن الحوت الاسرائيلي لكننا نواصل عملنا فيما يرضي الله وندفع ثمن ابتلاء السجن المطول او تضييق الخناق او اكثر من ذلك وان حدث مثل هذا فلا يعني تعترينا حالة ارتباك او التفكير بالتنازل عن ثوابتها التي عاهدت الله وشعبها بالبقاء عليها ونحن على قناعة بان المستقبل لنا كمسلمين ولاهل الحق ولقضيتنا الفلسطينية العادلة ان شاء الله. من جهتي لا ازعم انني اسد غياب الشيخ رائد لكنني اجتهد باداء دوري وبعض ما كان يؤديه اخي الشيخ رائد صلاح. الحمل ثقيل لكننا ماضون بالمسيرة بتوفيق من الله ودعم الطاقم القيادي والالتفاف الكبير من حولنا.


(*) "المشهد الاسرائيلي": الناطق بلسان الحركة الاسلامية ورئيس بلدية مدينة ام الفحم يكثف من اللقاء بالمسؤولين الاسرائيليين ويدلي بتصريحات مهادنة، فهل يعكس ذلك تغييرا في مسار الحركة ام ان ذلك مجرد تعبير عن وجود تيار براجماتي داخلها ربما يرتبط بموقعه في البلدية؟
- داخل الحركة الاسلامية لا يوجد سوى تيار واحد هو تيار الحركة الذي يمثله الشيخ رائد صلاح. انا لا احسد الشيخ هاشم عبد الرحمن على ما هو فيه فهو اولا رئيس بلدية ام الفحم التي دائما تصوب لها السهام ثم انه تقلد مسؤوليته بعد الشيخ رائد والدكتور سليمان اغبارية وثالثا هو ناطق بلسان الحركة. وقد فهمت بعض تصريحاته بشكل غير صحيح وقد عاد واوضح الموقف خاصة ان الجانب الاسرائيلي يحاول بمكره ان يزعم وجود اكثر من تيار داخل الحركة الاسلامية ولكن هذه الحيلة لن تنطلي علينا فالحركة موحدة وقرارها واحد ورؤيتها واحدة رغم تعدد الاجتهادات احيانا وهذه حالة طبيعية . وفي الاصل ما يعمل به هو ما نكون عليه جميعا وليس فردا منا ايا كان. لا نقاش حول الثوابت ونحن على استعداد لتسديد ثمنها بل اننا فعلنا ذلك باعتبار ان اعتقال قادة الحركة 474 يوما حتى الآن لا يتعدى كونه اعتقالا سياسيا وانتقاما من موقفنا تجاه الاقصى وهم ينوبون عنا.
واخيرا أود ان اقول لامتنا العربية والاسلامية الا تنبطح امام الهيمنة الاميركية فالتاريخ يذكرنا بان القوي لن يبقى قويا الى يوم القيامة. انتم يا اهلنا من المحيط الى الخليج تنتمون الى امة عزيزة كريمة ولها من الامجاد والمآثر ما يجعلها قادرة على ان تنفض ما عليها من غبار وتسعى لتحقيق مستقبل افضل باذن الله.

المصطلحات المستخدمة:

الكنيست, الصهيونية, عزرا, اوسلو, حق العودة, دورا

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات