المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

تقرير جمعية "سيكوي" 2004: الدولة قادرة على تحقيق المساواة اذا ما ارادت ذلك

تقرير جمعية "سيكوي" 2004: الدولة قادرة على تحقيق المساواة اذا ما ارادت ذلك

أكبر دليل هو نجاح الحكومة خلال عشرة أعوام في استيعاب مليون مهاجر روسي ودمجهم في كافة قطاعات الحياة

عشية الذكرى الرابعة لانتفاضة الاقصى وهبة اكتوبر وبمناسبة مرور عام على نشر توصيات "لجنة اور" عقدت جمعية "سيكوي لدعم المساواة المدنية" في إسرائيل الاسبوع الماضي مؤتمراً صحفياً في تل ابيب كشفت النقاب من خلاله عن تقريرها السنوي، والذي يتطرق لواقع الاقلية العربية وسياسة الحكومة تجاه مواطنيها العرب، حيث أكد التقرير أن هذه السياسة المنهجية تعمق الفجوة وتجذر التمييز العنصري في كافة مجالات الحياة للعرب. وأبرز تقرير الجمعية معطيات قاسية وصعبة وخروقات خطيرة حول حقوق الاقلية الفلسطينية في البلاد، وتحديداً في المجالات التي اوصت "لجنة اور" بمعالجتها بشكل جذري وجوهري، وخصوصاً التربية والتعليم، الصحة، الفقر، البطالة، المواطنة والمساواة، وتوفير فرص العمل واقامة المناطق الصناعية.


"مسببات هبة الاقصى ما زالت تحلق في الأفق"

وتحدث في المؤتمر الصحفي مديرا جمعية "سيكوي"، المحامي علي حيدر وشولي ديختر، اللذان استعرضا المعطيات المركزية للتقرير وتوصية الجمعية باقامة مديرية لتطبيق المساواة يكون عملها الاساسي مراقبة عمل الوزارات الحكومية ومتابعة قضايا الوسط العربي، واحداث تغيير في تعامل المكاتب الحكومية مع الاقلية العربية والتأكيد ان هذه الوزارات تقوم بالفعل بتحويل الميزانيات للعرب.

واكد المحامي علي حيدر أن "الاسباب التي أدت الى اندلاع هبة الاقصى ما زالت قائمة، فالحكومة لم تقم بخطوات عملية لمحو عار التمييز والاضطهاد ضد المجتمع العربي، وقد اخفقت جميع الخطط الحكومية في امتحان النتائج، وبالتالي حدث تراجع وترد في كافة المجالات الحياتية للعرب في الدولة".
واضاف حيدر" لقد اصبح طبيعياً الا تنفذ الحكومة القوانين ولا حتى القرارات التي تتخذها بنفسها، والادهى انه تصاغ خطط حكومية موجهة ضد العرب لتكريس وتجسيد التمييز. لذا هناك ضرورة ملحة لاحداث تغيير بنيوي، يضمن للمواطنين العرب حقوقهم الجماعية والمساواة. والاهم ان تنسق الحكومة مع قيادات المجتمع العربي ولجنة المتابعة لفهم تصور وتطلعات واحتياجات المجتمع العربي والطرق والآليات الممكنة لتحقيق المساواة".

"الدولة قادرة على تحقيق المساواة اذا ما ارادت ذلك"

وبدوره اكد شولي ديختر أنه "يتوجب على الحكومة سدّ الفجوات بين المواطنين العرب واليهود عن طريق تخطيط وتنفيذ خطة وبرنامج لمساواة الميزانيات بين اليهود والعرب. لا تكفي فتات الميزانيات التي ترمي بها الحكومة إلى العرب وتدعي من خلال ذلك بانها تسعى للنهوض بالعرب والمساواة، يجب على الحكومة معالجة الغبن والتمييز المنهجي في الميزانيات، التاريخ اثبت بان الحكومة نجحت خلال عشرة اعوام في استيعاب مليون مهاجر روسي ودمجهم في كافة قطاعات الحياة، وهذا اكبر دليل واثبات على انها قادرة ان ارادت ذلك على تحقيق المساواة بين اليهود والعرب".
واضاف ديختر"جمعية سيكوي، ومن منطلق وعيها بان الحكومة لا تنوي تنفيذ توصيات لجنة اور، وخوفاً من ان يكون مصير هذه التوصيات كمصير غيرها من القرارات التي لم تنفذ، اقامت طواقم عمل تشمل مختصين وقياديين عرباً لمتابعة الموضوع تعمل الى جانب شخصيات يهودية عملت في السابق في القطاع العام، وتشكلت ثلاثة طواقم عمل لتحقيق المساواة في مجالات البنى التحتية، الارض والتخطيط والتربية والتعليم. وتهدف هذه الطواقم الى فضح السياسات الحكومية والضغط على الحكومة لتنفيذ توصيات لجنة اور".


تجدر الاشارة الى ان "لجنة اور" أشارت في توصياتها إلى ان المواجهات الضارية التي شهدها الوسط العربي مع قوات الشرطة هي وليدة مسببات عميقة كانت وراء انفجار الاوضاع. واكدت اللجنة في توصياتها أن اهم هذه المسببات هي الدولة وحكوماتها المتعاقبة والتي فشلت في مواجهة ومجابهة المشاكل الشائكة التي تعاني منها، بحيث ان هناك ضرورة ملحة لتدخل شخصي لرئيس الحكومة، وبحيث ان تحقيق المساواة للعرب يجب ان يكون هدفاً اسمى للدولة ومؤسساتها.
"لجنة اور" اوصت أيضًا بأن تبادر الحكومة ووزاراتها المختلفة لاقامة وتفعيل خطط وبرامج لسد الثغرات والفجوات مع التأكيد على موضوع الميزانيات المتعلقة بالتعليم، والاسكان وتطوير الصناعة وتوفير فرص العمل والخدمات للمواطنين العرب. وحددت اللجنة ضرورة الاخذ على محمل الجدية قضايا العرب في النقب، كذلك الامر اقرت انه يجب على سلطات الحكم ايجاد السبل والطرق التي تمكن المواطنين العرب من التعبير عن ذاتهم وثقافتهم وهويتهم.


ويكشف تقرير جمعية "سيكوي" النقاب عن انه مر عام على نشر توصيات "لجنة اور" والحكومة لم تقم باية خطوات عملية من اجل تطبيقها. اضافة لذلك يجب ابداء المواقف والآراء من قضية العلاقات الاجتماعية المدنية بين الاغلبية اليهودية والاقلية الفلسطينية في اسرائيل. واِير في هذا الصدد إلى أن معالم العنصرية تجاه الاقلية العربية تشتم منها مخاوف حقيقية حول نظرات وعلاقة عدائية تجاه العرب، الامر الذي يضعهم في وضعية الدفاع المستمر عن الذات والوجود. كما أن استطلاعات الرأي في صفوف اليهود- يؤكد تقرير جمعية "سيكوي"- توحي بارتفاع ملحوظ في صفوف اليهود الداعمين لسياسة التمييز والغبن تجاه العرب. هذه الاجواء السائدة تهب ايضاً من تحت مظلة الحكومة، الامر الذي يصعب امكانية المبادرة لاية خطط وبرامج من شأنها تحقيق المساواة للعرب. ازاء ذلك تحذر جمعية "سيكوي" من مغبة اندلاع مواجهات شبيهة باحداث الاقصى "اذا لم تبادر الحكومة لاحداث تغيير جذري في سياستها تجاه العرب".
هنا عرض لأهم المعطيات والقضايا والمشاكل المركزية التي عالجها تقرير جمعية "سيكوي":

استمرار التمييز في التربية والتعليم عند العرب: الطالب العربي مهمل ومهمش ولا يحظى بالدعم والميزانيات اسوة بالطالب اليهودي. ازاء ذلك هناك فجوة عشرين عاماً في مستويات التعليم بين اليهود والعرب. فمعدل التعليم في صفوف ابناء الاقلية العربية في العام 2002، شبيه بمعدل التعليم في المجتمع اليهودي عام 1980. ويتضح من ميزانية وزارة المعارف للعام 2004 أن الساعات التدريسية الاضافية والتي خصصت للعرب تعرضت لتقليص بنسبة 47% بينما لم يحدث اي تقليص عند اليهود. كذلك الامر فان الطلاب العرب يشكلون ما نسبته 9.8% من مجموع طلاب الجامعة للقب الاول و 5% من مجموع طلاب شهادة اللقب الثاني و 3% من مجموع طلاب اللقب الثالث.
ليس هذا وحسب بل تفوق احتمالات رفض المتقدمين العرب من قبل المعاهد العليا ثلاث مرات احتمالات رفض المتقدمين اليهود، بحيث وصلت نسبة من تم رفضهم من المتقدمين للدراسة في الجامعات والكليات من العرب إلى حوالي 45%، مقابل 6، 15% فقط في صفوف المتقدمين اليهود.
ومن التمييز ما يميت: التمييز متجذر حتى في الخدمات الطبية والصحة، حيث تشير الاحصائيات الرسمية إلى أن وفيات الرضع في صفوف العرب في العام 2002 وصلت الى 8.4 رضيع لكل الف ولادة، وفي صفوف اليهود 3.6 حالة وفاة لكل الف ولادة. وعليه يمكن الاعتقاد بان السبب الرئيسي لذلك متعلق وله صلة بالفوارق الاجتماعية والاقتصادية الى جانب دمج الجودة والنجاعة وتوفير الخدمات الطبية والصحية.
بخصوص العيادات الطبية وتوفرها، فهناك عيادة طبية واحدة لكل 11.8 الف نسمة في المدن العربية مقابل عيادة واحدة لكل 8.6 الف نسمة في الوسط اليهودي. بخصوص العيادات الطبية التخصصية هناك عيادة واحدة لكل 29.5 الف نسمة في المدن العربية، مقابل عيادة تخصصية واحدة لكل 15.5 الف نسمة في المدن اليهودية.

انت عربي اذاً انت فقير: هناك فجوات كبيرة في الدخل والمعاشات في ظل انعدام الفرص واماكن العمل للعربي. ففي العام 2002 نسبة العرب في قوة الايدي العاملة لم تتعد 39% بينما نسبة اليهود من سوق العمل كانت 57% وهذا ينبع من عدم اشراك النساء العربيات في سوق العمل حيث تصل نسبتهن الى 17% بينما النسبة في صفوف النساء اليهوديات تصل الى 45%. في الفئة العمرية 54-45، تصل نسبة مشاركة الرجال العرب في القوة العاملة 36% مقابل 87% في صفوف اليهود من نفس الفئة العمرية. ويشارك 40% من الرجال العرب من الفئة العمرية 55-64 عاماً في القوة العاملة مقابل 70% من اليهود من نفس الفئة.
الى جانب ذلك فان 56% من البيوت العربية والتي يقف على رأسها اجير، تقع في الخمس الاخير بين مستويات الاجور، مقابل 16% من البيوت اليهودية. وفي الخمس العلوي تتواجد 3% من البيوت العربية مقابل 22% من البيوت اليهودية.

مخصصات التأمين ربع دخل العائلة العربية: حتى عندما يتم الحديث عن الاكاديميين هناك تفرقة وغبن وتمييز عندما يكون الحديث عن اكاديمي عربي حاصل على نفس شهادة الاكاديمي اليهودي، فقط20% من الاكاديميين العرب يعملون في مجالات تتلاءم ومؤهلاتهم الاكاديمية مقابل 38% في صفوف الاكاديميين اليهود. ازاء ذلك فان معدل دخل العائلة العربية يشكل 67.8% من معدل الدخل الشهري للعائلة اليهودية. بحيث ان مخصصات التأمين الوطني المختلفة تشكل 25% من دخل العائلات العربية مقابل ما معدله 10% من دخل العائلة اليهودية. وعليه فالاحتمالات بان تكون عائلة عربية فقيرة اكبر بثلاثة اضعاف من احتمالات عائلة يهودية. والاحصائيات الرسمية تشير الى ان 45% من العائلات العربية تعتبر فقيرة مقابل 15% من العائلات اليهودية.

المصطلحات المستخدمة:

يميت, التأمين الوطني

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات