*نائب رئيس الحركة والناطق باسمها وأحد أعضاء طاقم الدفاع يجيبون على أسئلة (المشهد الاسرائيلي)
*المحامي حسين أبو حسين: النيابة الاسرائيلية العامة بدأت تلوّح بالمواد السرية التي تجعل دائرة الدفاع ضيقة
في يوم 14.3.04 نظمت مظاهرة إحتجاجية على تمديد إعتقال رئيس الحركة الإسلامية (الشق الشمالي)، الشيخ رائد صلاح، ورفاقه الأربعة (د. سليمان إغبارية، الشيخ محمود أبو سمرة، توفيق عبد اللطيف، ناصر خالد) القابعين في السجون الإسرائيلية (سجن الجلمة تحديداً).
كانت المظاهرة حاشدة وساهمت في رسم وحدة شبه مطلقة في الشارع العربي في إسرائيل (حتى لو كانت مؤقتة)، وتحولت قضية الحركة الإسلامية من قضية حركة منفصلة بإيمانها القومي والإستراتيجي الى قضية أقلية تعيش التصعيد اليومي. فالوحدة المغنّاة التي شكك البعض في إبتكارها تحولت الى حقيقة لا تساوم أمام مكتب رئيس الحكومة في القدس، وحضور الحركة الطاغي على الأجواء، لم يمنع نواباً عرباً من الوقوف على تلك المنصة الإحتجاجية وإلقاء كلمات لا تخلو منها القضية الإسلامية وكأنها قضية الجميع.."إرفعوا أيديكم عن رهائن الأقصى".
لكن النضال اليومي مجدٍ ربما أكثر في مكان بعيد عن غرف النيابة العامة الإسرائيلية، التي تحاول جاهدة بأجهزتها المختلفة جمع الشهود ضد قيادة الحركة، فقد مدد الإعتقال مرّة ومرتين وثلاثا، حتى نفدت مدة التمديد المسموحة، وهرعت النيابة العامة الى تقديم طلب الى المحكمة العليا لتمديد آخر، وتمت الموافقة مباشرة كون الشيخ رائد صالح وباقي القيادة "يشكلون خطراً على أمن دولة إسرائيل"، حسب الإدعاء الطالع من تلك الغرف المغلقة...
فماذا يجري من وراء كواليس الأجهزة الأمنية في قضية "رهائن الأقصى"؟ وكيف اثرت مجريات الأحداث على نشاط الحركة الإسلامية بشقها الشمالي تحديدًا؟ إن التصدي للمؤامرات الإسرائيلية أصبح في مركز برنامج شعبنا اليومي، فهل أثرت هذه المؤامرات على سيرورة الحركة الإسلامية التي إتخذت (حسب إدعاء البعض) طريقاً أسهل للنضال؟
الشيخ كمال الخطيب: نحن أذكى من أن نقع في فخ السلطة...
يقول الشيخ كمال الخطيب، نائب رئيس الحركة الإسلامية، لــ "المشهد الإسرائيلي": "واضح أن هذا الإعتقال الإستفزازي لم يكن مفاجئاً أبداً، فقد سبقته حملة تحريض واسعة ضد الحركة الإسلامية ومن يقف على رأسها، تولاها رئيس الدولة الحالي، موسى قصّاب (موشيه كتساف)، بعدما حمل الشيخ رائد شعار، "الأقصى في خطر".
عند إعتقال قيادة الحركة الإسلامية على يد أجهزة الدولة الأمنية التي يقف على رأسها شارون، قال البعض إن الدولة جنت على نفسها، لكن فترة الإعتقال تزداد يومياً، وحالة المعتقلين الخمسة (على الرغم من معنوياتهم خلال التحقيق) ليست في أحسنها، ومع كل يوم تتسرب الأخطار نحو ذاك المعسكر الشمالي. هذا الرد المنظّم وغير المتوقع من الحركة الإسلامية في إسرائيل لم يكن صفة توصف بها الحركة، فإذا كان القصد إختزاناً للطاقات، فالفترة اليوم تبيح النشاط الواسع خاصة بعد مرور عشرة أشهر على الإعتقال. سألنا الشيخ كمال الخطيب: ماذا تنتظرون، فقد توقع الجميع منكم رداً إن لم يكن صارماً يكون مبتعداً عن المألوف في أقل حالة؟ وفي رده قال: "الحركة الإسلامية تقرأ الخارطة جيداً، ونحن أحرص بكثير من أن تستفزّنا الأجهزة الأمنية الإسرائيلية التي تحاول جاهدةً ضرب الحركة الإسلامية في صميمها. ومنذ الإعتقال الذي كان في تاريخ 13/5/2003 نشاطنا مستمر، مع الحرص على مواجهة هذه الحقيقة بالوسائل الجماهيرية والعقلانية، اكرر، نحن أذكى من ان نقع في فخ وشرك تنصبه لنا الحكومة الإسرائيلية بمؤسساتها المختلفة، كي لا تستغل مواقف وتصرفات في قائمة الخروج عن القانون لضرب الأقلية في البلاد".
شئنا ام أبينا، فقيادة الحركة متواجدة الآن في السجون الإسرائيلية، وبدلاً من أن يكون النشاط مركزاً في الدوام اليومي المعهود بات متشعباً بين الأجهزة الامنية الإسرائيلية، وبين نشاط الحركة المتفق عليه. سألنا الشيخ كمال الخطيب، كيف أثر الإعتقال على سيرورة عمل الحركة الحركة الإسلامية ونشاطها فأجابنا: "الحركة الإسلامية تعتّز بقيادتها، ونحن نشعر بنقص هؤلاء الأخوة، لكن يجب عليك أن تعلم، أن الحركة الإسلامية هي حركة مؤسسات، ودوائر، والنشاط الطالع منها في خدمة أبناء شعبنا ما زال مستمراً هو أيضاً. لم نتوقف عن هذا النشاط بل بالعكس، لقد إزددنا نشاطاً، ولعل مثالاً واحداً أعطيه يكفي، فلجنة الإغاثة التابعة للحركة التي كانت تكفل 11500 طفل يتيم تكفل اليوم 14000 طفل يتيم. وإزداد نشاطنا أيضا في القدس، فنقلنا أكثر من 6000 آلاف حافلة الى القدس ضمن مشروع "سيرة البيارق"، هذه وغيرها أمثلة كثيرة تجعلنا مطمئنين دائما، مع إعترافنا أن للشيخ رائد مكانا في قلب كل محب من الحركة الإسلامية ومن خارجها أيضاً"
"المشهد الإسرائيلي" : كيف ترى الحركة الإسلامية قضية تمديد الإعتقال بـ 90 يوماً؟
" علينا ألا نستغرب من إجراءات أجهزة الأمن التعسفية، فيبدو أن ذراعها الطويلة وصلت الى كل الأجهزة في إسرائيل، وإذا كان الإعتقال سياسياً فليس مستهجناً أن إستمراره هو محاولة للضغط على الأخوة المعتقلين من أجل تغيير بعض المواقف، وهذا ما حصل داخل المعتقل، فقد عرضت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية على الشيخ رائد صلاح أن يكتب مقالات رأي ينشرها عبر الصحف هدفها تليين مواقفه في موضوع الأقصى، مقابل الإفراج عنه لكنه رفض. مما يبرهن أن للإعتقال دوافع سياسية تهدف الى إحباط نشاط الحركة. قلنا بالأمس ونقول اليوم وغداً إن الحركة الإسلامية صاحبة مشروع إسلامي غير قابل للمساومة" .
الشيخ هاشم عبد الرحمن: نحن لسنا في دائرة مغلقة
الشيخ هاشم عبد الرحمن، رئيس بلدية أم الفحم والناطق الرسمي بإسم الحركة الإسلامية، كان محلاً للنقاش، هناك من وصفه (من خارج الحركة) بالجسم اليساري داخل الحركة الإسلامية خاصة بعد لقائه برئيس الوزراء شارون، فقد باتت تلك الخطوة مثيرة للجدل في ظل أوضاع صعبة تشهدها البلاد عامة، واوضاع أصعب تشهدها الحركة الإسلامية، خاصة التزامن مع إتهام رئيس الوزراء بإشرافه الخاص على قضية الإعتقال. فهل هذا اللقاء إحدث إعتدالاً معيناً في موقف الحركة، أجاب الشيخ هاشم: "أولاً أريد أن أوضح ان بداية الموضوع كانت في دائرة المجاملات، ونحن موجودون داخل هذه الدائرة ونتعامل مع مؤسساتها، ولا اعتقد أن هناك ما يفيد هذا الإدعاء، ونحن حركة نعمل من خلال رؤية لنا وموقف لنا لن يتغيرا، ومن ناحية أخرى فهناك الكثيرون من رؤساء الدولة ومسئولون، زاروا أم الفحم، باراك زار ام الفحم، رافئيل إيتان زارها أيضاً، نحن لسنا في دائرة مغلقة".
"المشهد الإسرائيلي": لكن الوضع اليوم مختلف فحكومة شارون وبتخطيط غير معلن تحاول ضم مدينة أم الفحم الى الضفة الغربية، وهذا ليس بخاف عنكم. ما هو موقفك من مثل هذه الخطوة كرئيس للبلدية؟
"هذا موقف مرفوض بالنسبة لنا جملة وتفصيلاً، نحن لنا الإستمرارية في هذا الوطن مع التمسك في حقنا، لنا روابط إجتماعية وسياسية على إمتداد هذا الوطن، لا يمكن أن نقبل في مثل هذا القرار ويكفينا ما جرى في الـ 67 ، من جانب آخر يجب على إسرائيل أن تحاسب، لأنها تتصرف وكأنها صاحبة الأمر والنهي في قضايا عدة، فهناك قرارات دولية لم تنفذها حتى الآن ويجب عليها تنفيذها لا ان تسعى لفرض حقائق".
"المشهد الإسرائيلي": في مقابلة لك مع صحيفة "هآرتس" قبل شهر ونصف الشهر بدوت مسالماً بعض الشيء في أجوبتك التي خصّت جدار الفصل العنصري، فقد قلت إنه جيد لسكان ام الفحم وسيئ لإخوتنا الفلسطينيين، وعلى حد علمي فقد أثرت غضب البعض، كيف تفسر هذه الإجابة الآن؟
"أولأ كان القصد من المقابلة الصحفية أن يتحدث الإعلام الإسرائيلي مع الشيخ هاشم كي يفحصوا إذا ما كانت مواقفي تشبه مواقف الشيخ رائد صلاح، ووجدوا أني صورة طبق الأصل عن الشيخ نتيجة مواقفي، نحن نفس الثوابت ونفس المشاعر، تحدثت عن حركة تعمل بشكل ديمواقراطي وأحياناً هذا لا يطيب للبعض، ولا نريد أن نغضب أحداً في نقاشنا. وكلّنا الله أن نحافظ على مقدساتنا. بالنسبة لقضية الجدار فأنا وصفت حالة معينة حقيقية، وكان الحديث عن الحقيقة وارداً في تفكيري، فلا يوجد ما هو مرفوض كلياً أو ما هو مقبول كلياً. نحن نعلم أن الجدار سبب الكثير من الخسائر لإخوتنا الفلسطينيين، ولكن إذا تحدثنا عن ام الفحم، فقد كانت حركة عمال فلسطيينين يمرون منها ، وأحيانا كانت تحصل عمليات بجانب ام الفحم ساهمت في تضخيم التحريض. هذا ما قلته لكني لم أمتدح الجدار، ولم أصفه كأنه الجنّة".
قضائياً، الوضع ليس سهلاً
لا يبدو المحامي حسين أبو حسين، عضو طاقم الدفاع عن "رهائن الأقصى"، متفائلاً: "قضينا العمر نتأمل خيراً"، قال. سألناه عن رأيه في القضية من تجربته الدفاعية فأجاب: "من خلال دفاعي عن المتهمين فمن الواضح أن هناك قضية سياسية لها علاقة مباشرة مع نشاط الحركة الإسلامية التي حرّكت موضوع عروبة القدس، فقد نقلت المصلّين وأحدثت حركة تجارية هناك الى جانب شعارها "الأقصى في خطر". وهذا يتنافى بشكل تام مع مخططات السلطة على كافة مشاربها وتنظيماتها. ومن هذا المنطلق كان الإعتقال، وتم تمديده لفترة 9 شهور وهي الفترة القصوى للتمديد حسب القانون، ولم تقدم لائحة إتهام ضدهم، وإذا كانت السلطة تنوي تمديد الإعتقال أكثر يجب أن تقدم طلباً الى المحكمة العليا، وللأسف فالمحكمة العليا وافقت على هذا التمديد لأن النيابة إدعت أن المعتقلين يشكلون خطراً على أمن الدولة. في هذه الأثناء تقوم النيابة بجمع شهادات ضدهم فقد جمعوا حتى الآن ما يقارب 156 شهادة".
"المشهد الإسرائيلي": في حال لجوء النيابة العامة الى المواد والبراهين السرية، هنا ستضيق دائرة الدفاع، كيف ستتعاملون مع هذه القضية؟
فعللا، وهذا ما بدأت تلوّح به النيابة، فالمواد السرية هو امر متبع في المحاكم الإسرائيلية، ودائرة الدفاع تكون محدودة جداً في هذا السياق، فليس من حق الدفاع معرفة التفاصيل. نحن المحامون قدمنا طلباً للمحكمة بإزالة السرية عن المواد وما زال البحث جارياً. وكما ذكرت فإن دائرة الدفاع تكون محدودة، نحن نواجه الحقيقة من دون التعرف على حيثياتها وإحداثياتها قضائيا، مما يعرقل مسيرتنا.. هذا أمر بغاية الخطورة..