المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

تحت عنوان "المواجهة المحدودة" عقد الجيش الإسرائيلي، الأسبوع قبل الماضي، مؤتمرا دوليا في تل ابيب استمر ثلاثة ايام شارك فيه مندوبون عن جيوش غربية وملحقون عسكريون أجانب اضافة الى وزير الدفاع شاؤول موفاز ورئيس هيئة أركان الجيش، موشيه يعالون وضباط كبار. وطيلة الأيام الثلاثة تواصلت ندوات ومحاضرات مختلفة قدمها عسكريون إسرائيليون وأميركيون حول: القتال داخل الأماكن المأهولة، حرب العصابات، المواجهة المحدودة المتواصلة والإعلام اثناء المواجهة وغيرها من المواضيع التي انضوت تحت سقف "المواجهة المحدودة".

المؤتمر الذي نظم للسنة الثانية على التوالي بهدف "استخلاص العبر" في المواجهة المحدودة على المستوى العالمي كان مفتوحا أمام الصحافة وتم خلاله تنظيم معرض للأسلحة الحديثة.

في محاضرته قال قائد هيئة أركان الجيش إن إسرائيل لها تجربة "تربو على 120 عاما في مجال مكافحة الإرهاب" لافتا الى انها احتاجت في السنوات الأربع الأخيرة الى بلورة حلول "إبداعية" لمواجهة تحديات تشغل الدول الديمقراطية الغربية المهددة هي الأخرى من قبل الإرهاب. وقال يعالون ان 160 مندوبا من دول مختلفة شاركوا في أعمال المؤتمر لتقديم تجاربهم "إلا أنهم جاؤوا بالأساس للإفادة من التجربة الإسرائيلية في المستوى العملياتي التنفيذي وفي مجال الآليات". واضاف "نحن نمتاز بالصناعات الأمنية التي تزودنا بالحلول التكنولوجية المطلوبة لمواجهة كل مشكلة نصطدم بها".

ودعا يعالون في محاضرته الدول الديمقراطية إلى التعاون مع إسرائيل في المجال الأمني معللا ذلك بمخاطر امنية يتعرض لها الإسرائيليون في الخارج معتبرا تبادل الخبرات بين الأطراف امرا حيويا للغاية واضاف "لا مناص من تكاتف الجهود الدولية من اجل التصدي للإرهاب الدولي".

وحول موضوع تغيير الجيش الإسرائيلي في ضوء واقع المواجهة المحدودة قال يعالون ان الظروف الراهنة تحتم على الجيش ان يتغير باستمرار. واضاف "لقد علمت ولا أزال اعلم الضباط بان يسألوا أنفسهم كل صباح: هل ما افكر به وما انفذه هو ذو صلة؟ وذلك لان الواقع الاستراتيجي يتبدل والإمكانيات الاستراتيجية المتوفرة مدهشة ومتغيرة يوميا. كما ان الطرف الآخر يتعلم كل يوم الحلول المعتمدة من قبلنا كي يعثر على نقاط ضعفنا ولذا فإنه من الإلزامي أن يتغير الجيش دوما. ان جيش الدفاع اليوم هو منظمة مختلفة عما كان عليه عندما بدأت المواجهة وسيتغير مستقبلا".

وكشف يعالون انه منذ تقلده منصبه الحالي قبل نحو أربع سنوات بادر إلى تقليل عدد أفراد الجيش النظامي المجهز للحرب مقابل جيوش نظامية والى زيادة التركيز على الاستخبارات الحيوية لمكافحة الإرهاب بهدف التعرف على "المخرب" الواحد داخل منطقة كثيفة السكان لان الهدف النهائي يتمثل بتوفير القدرة والجاهزية لانجاز كل شيء في مدة وجيزة لان الإرهاب لا ينتظر. واضاف "ان العمل الميداني السريع يستوجب قدرات كبيرة للتنصت، حواسيب ومعلومات استخبارية في اللحظة المناسبة والسبق في المعرفة واتخاذ القرار والمبادرة بالعمل وبسبب الحاجة للحلول التكنولوجية الخلاقة كان لا بد من تنجيع الجيش واعتماد سلم أولويات سليم. ونحن دائما دأبنا على تكريس الجهود لاستحداث أدوات المستقبل وهذا ما سترونه في المؤتمر".

في محاضرته حول مسرح القتال الفلسطيني أشار الجنرال في الاحتياط جال هيرش، قائد كلية الضباط في الجيش الإسرائيلي، الى ان الفترة ما بين 1995 و2004 شهدت انقلابات كثيرة ومتناقضة بالعلاقات مع الفلسطينيين لافتا الى صعوبة التحرك والقتال في مناخ سلام تتناوب فيه أعمال العنف مع العودة الى طاولة المفاوضات. وأضاف "في هذه الفترة الغريبة تعرضنا الى استخدام الحجارة والسكين والبندقية والصاروخ من قبل الفلسطينيين ما صعب علينا مهمة المواجهة. كما عانينا من عدم فهم العالم لما يحصل أمام مشهد دبابة إسرائيلية داخل شارع في رام الله مثلا لكن أحداث أيلول 2001 أدت إلى تغيير من هذه الناحية لصالحنا. وازاء تصاعد الإرهاب علقنا الاتصالات مع السلطة الفلسطينية وانتقلنا من الدفاع إلى الهجوم ولم تعد المسيرة السلمية تتصدر أولوياتنا لأن الأمن في العمق الإسرائيلي بات هو الأهم. وفي أعقاب عملية تفجير فندق بارك في نتانيا في ربيع 2002 ، قبيل عملية الاجتياح المعروفة باسم "السور الواقي"، فهمنا ان الحل لن يكون الا باستخدام القوة المفرطة والاعتماد على الاستخبارات المتطورة" . ولخص هيرش بالإشارة إلى أن الإصرار والاستمرارية والضغوطات "هي أهم مواصفات الحرب الناجحة ضد الإرهاب".

تشديد على حضور مراسلين عرب

يشار إلى أن مكتب الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي بذل مساعي جمة لتأمين حضور مراسلي وسائل الإعلام العربية. وردا على سؤال "المشهد الإسرائيلي" حول ذلك قال رئيس شعبة الشؤون العربية في مكتب الناطق العسكري، الرائد ايتان عروسي، إن جهود مكتبه تندرج ضمن مساعي إسرائيل للتوصل الى فترة هدوء في المنطقة لافتا إلى أن الاتصال مع الصحف العربية "يؤدي وظيفة بناء الجسور".

وقد تركزت مختلف المحاضرات والورشات في تبيان مظاهر "الإرهاب الفلسطيني" ورد إسرائيل، التي عرضت كضحية له.

فشل المحاولات الأميركية لإعادة بناء الجيش العراقي

إلى ذلك اعترف نائب رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي المختص بالتدريبات والعمليات، الجنرال باول ايتون، في محاضرته خلال المؤتمر، بفشل محاولات الولايات المتحدة إعادة بناء الجيش العراقي جراء الصعوبات في توحيد عناصره والتعاون مع الاحتلال الأميركي. وأشار ايتون الى انهيار فرقة عراقية بكاملها اثناء اجتياح مدينة الفلوجة بعد ان طوقوا من قبل عناصر المقاومة لافتا الى ان الضباط العراقيين استصعبوا الانخراط في محاربة المقاومة معتبرين ان مهمتهم العسكرية تتمثل بالحفاظ على حدود بلادهم. كذلك افاد الجنرال الأميركي ان روسيا رفضت طلبا أميركيا بتزويد الجيش العراقي بالبنادق الرشاشة من نوع كلاشينكوف ما عقد مهمة اعادة بنائه. وكشف الجنرال الأميركي ان عملية بناء الجيش العراقي مجددا تتم اليوم بواسطة وتحت إشراف الأردن وبموجب تقاليد جيشه موضحا ان التدريبات تهدف إلى تأهيل كوادر من الضباط الشباب عديمي التجربة تمهيدا لتوليهم مهمة تشكيل ثلاث فرق في غضون ثلاث سنوات. ولفت الجنرال ايتون إلى أن بلاده تعول على الجيش الجديد في مكافحة "الإرهاب" في العراق من حيث وضعه في واجهة المعركة معه بدلا من الجنود الأميركيين. كما قال الجنرال ايتون ان الاحتلال يعمل على اقامة اربع هيئات عراقية هي الجيش والشرطة والمخابرات وسلطة القانون منوها الى ان الجيش نال الحصة الأكبر من الموازنة العراقية.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات