المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

حزب العمل حائر في تسمية مرشحه لرئاسة بلدية حيفا ومفاجآت متوقعة لرئاسة بلدية القدس الغربية

على بعد ساعة سفر من تل أبيب، تتقلب سفينة حزب العمل الأخيرة على جنباتها، مائلة نحو اليمين ومهددة بالانقلاب: مدينة حيفا.
اليوم تبدو هذه السفينة، حيفا، كأنما يود قباطنتها من حزب العمل هجرها وتسليمها، بالقوة، لخصومهم الذين لم يفلحوا في الاقتراب منها، عشرات السنين. مسؤولو حزب العمل لا يفعلون ذلك لأنه لا مفر امامهم ولا خيار، وانما جرياً على عادتهم في الفترة الأخيرة، وبصورة غريبة جداً: بمعرفة أكيدة بأنه من الممكن غير ذلك ايضاً، وبادراك عميق بأنه لا يزال من الممكن الفوز والانتصار، رغم كل شيء. وفي غمرة السير الحثيث نحو الفشل، المؤكد تقريباً، فانهم يمزقون البيت ايضاً، من الداخل.

"طاقم التدخل" في طاقم الانتخابات البلدية في حزب العمل، برئاسة الرئيس عمرام متسناع وعضوية اعضاء الكنيست ابراهم (بايغه) شوحط وايتان كابل وافرايم سنيه وأوفير بينس، عقد هذا الأسبوع جلسة لاتخاذ قرار نهائي بشأن المرشح الذي سيدعمه الحزب لرئاسة البلدية في حيفا. خياران كانا امام قادة حزب العمل: الاول ـ يسرائيل سافيون، سكرتير الحزب في لواء الشمال منذ سنوات ورجل اعمال ذو علاقات متشعبة ومقرب من متسناع. والثاني ـ عضو الكنيست السابق (عن حزب العمل) يونه ياهف، وهو محامٍ ناجح يتنافس على رئاسة البلدية بقائمة فوق حزبية، ويحظى بدعم من "شينوي" والخضر.

الاختيار لم يكن يفترض ان يكون صعباً بالنسبة لأعضاء حزب العمل، وعلى رأسهم متسناع، خاصة وانه قبل اسبوع بالضبط، توصل متسناع وياهف الى اتفاق حول الدعم والتنافس المشترك في الانتخابات. وكان الطرفان قد توصلا الى هذا الاتفاق بعد شهر من الاتصالات الحثيثة انتهت لدى الحصول على نتائج استطلاعين للرأي أجراهما دوري شدمون لصالح حزب العمل. نتائج الاستطلاعين كانت حاسمة: احتمالات فوز يسرائيل سافيون برئاسة بلدية حيفا مرشحاً عن حزب العمل ضئيلة جدًا، بينما يونه ياهف هو صاحب الحظوظ الأوفر للتغلب على مشرح الليكود في المدينة.

اختيار ياهف، كما اشير، كان يفترض ان يكون سهلا للغاية، لولا مبادرة متسناع الى التقاء ياهف يوم السبت الأخير. "شرطنا للسير معا.."، قال متسناع، "ان يكون سافيون المرشح الثاني في القائمة، بعد يونه". "اذا ضغطتم عليّ فسأوافق"، قال ياهف. لكن هذا لم يرق لممثلي "شينوي": "هذا ليس واردًا في الحسبان. شرطنا ـ بدون سافيون". كان تخوف ممثلي شينوي من ان سافيون، الذي لا يحظى بتأييد كبير بين الجمهور الحيفاوي، سيقلل من فرص ياهف للفوز بأغلبية ساحقة في الجولة الانتخابية الأولى.

متسناع ارتدع جراء موقف شينوي هذا وطلب مهلة لبحث هذا الشرط مع زملائه في قيادة حزب العمل. "طاقم التدخل" اجتمع للبت في جواب على السؤال "ما العمل؟". شوحط وكابل قالا انه على ضوء استطلاعات الرأي، يحظر على حزب العمل التنازل عن ياهف. سنيه طلب اجراء فحصص مجدد، لكنهم التفوا جميعًا، في النهاية، حول موقف متسناع: اذا اصرت شينوي على شرطها، فحزب العمل لا يدعم ياهف. وقد القيت على سكتير عام الحزب أوفير بينس ابلاغ ياهف بـ "نحن لا نقبل شطب رجالنا من قبل ممثلي حزب آخر".

"تعالوا نعلن ان سبيون هو المرشح، اذن"، اقترح شوحط، رئيس طاقم الإنتخابات البلدية في حزب العمل. لكن متسناع، الذي ادرك ان دعم سبيون، على ضوء ما تؤكده استطلاعات الرأي من هزيمة لحزب العمل اذا كان هو مرشحه، سيكون انتحارًا انتخابيًا "وخسارة" حيفا. وفجأة اقترح اسم بروفيسور عليزة شنهار، سفيرة اسرائيل في موسكو سابقًا. الحاضرون في الجلسة رفعوا حواجبهم، لكنهم صمتوا. لماذا شنهار؟ ولماذا الآن بالذات؟ وفي النهاية قرروا اجراء استطلاع جديد للرأي لفحص فرص شنهار.

"متسناع اتخذ القرارات انفرادياً، في هذه القضية"، قال بعض المشاركين في الاجتماع. "متسناع وكوبي بيلا هما سبب الفوضى، ولا احد سواهما. متسناع يقود هذا الخط، لأن حيفا قاعدته الاساسية. انه يتصرف كأنه الخبير بالشؤون الحيفاوية، ولذا فان كل شيء يمر من عنده. وحيفا؟ مصدومة".

اعضاء طاقم التدخل ليسوا الوحيدين الذين يشعرون بالمرارة جراء قرار متسناع. العشرات من نشيطي حزب العمل في حيفا ردوا بذهول كبير على نبأ فض الشراكة مع ياهف.

"لا يعقل ان يستمر مثل هذا التخبط الى ما قبل شهرين من موعد الانتخابات"، قال نشطاء مركزيون في حيفا. "اذا لم يخض حزب العمل الانتخابات سوية مع يونه ياهف، فسينتصر الليكود في حيفا. قبل اسبوع فقط ابلغونا بأننا ماضون مع ياهف، فما الذي حصل الآن ولماذا هذا التغيير؟ ليست لدى متسناع والقادة الآخرين جرأة على اتخاذ القرارات. كان ينبغي عليهم مطالبة سافيون بالتنحي وانهاء الموضوع. لكنهم جبناء. رابين تدخل في حينه من اجل ان تكون الانتخابات التمهيدية الداخلية مفتوحة، وهكذا فاز متسناع. لكن متسناع خائف الآن".

وقال النشطاء ان "الفرع في حيفا سينقسم في اعقاب هذا القرار التعيس. انه سيمزق الحزب. اذا قررت عليزه شنهار خوض الانتخابات مرشحة عن حزب العمل، فربما تكون القيادة معها وفي صفها، لكن النشطاء في الميدان سيكونون مع يونه ياهف. هذا القرار سيؤدي الى انقسام حزب العمل في منطقة حيفا، وعلى متسناع ان يتذكر ذلك جيدًا. كما سيؤدي ايضًا الى هزيمة الحزب في الانتخابات".

"على متسناع ان يدعم مرشحًا لديه فرص وآمال في النجاح"، يقول مقربو رئيس حزب العمل. "الآن سيفحصون فرص شنهار وربما تكون هي المرشحة. وفي هذه الاثناء، لم يتنازل متسناع بعد عن سافيون، بل لم يتنازل عن أي شخص. نحن نعكف الآن على البحث عن مرشح قادر على تحقيق الفوز. هذه هي مهمتنا الآن، والا فستكون النتيجة فظيعة ومخيفة".

لليكود فرصة أيضاً

اعضاء وقادة حزب العمل ليسوا وحيدين في هذه الورطة. في الليكود ايضا متورطون. المشاعر التي تسيطر على نشيطي حزب العمل بالنسبة للنتائج في حيفا، هي المشاعر ذاتها التي تسيطر على نشيطي الليكود بالنسبة للنتائج في القدس الغربية، حيث يريدون مواصلة السيطرة. بالمناسبة، ليس من المتوقع ان يعرض حزب العمل مرشحاً جديًا في القدس، بعد ان اعلن عضو الكنيست ابراهام بورغ انسحابه من المنافسة، لأسباب عائلية.

لكن المنافسة في الليكود لا تزال في بداياتها، والصورة يكتنفها الكثير من الغموض. في هذه الأثناء، اعلن شخصان عزمهما على التنافس في الانتخابات الداخلية: عضو الكنيست المحامي روني بار- أون ، وعضو المجلس البلدي في القدس يغئال عميدي. كلاهما يتمتع بدعم من فئات ومعسكرات مختلفة في داخل الليكود. بار- اون يعتبر من مقربي وزير المالية بنيامين نتنياهو ويحظى بتأييده وبتأييد كل من الوزير تساحي هنغبي وعضو الكنيست روحاما ابراهام. وهو واثق من حصوله على دعم وتأييد "الحريديم" في القدس.

عميدي، بالمقابل، يحظى بتأييد ليس اقل اهمية من وزير الصناعة والتجارة ايهود اولمرت ووزير الدفاع شاؤول موفاز والوزير السابق روني ميلو. ثلاثتهم شاركوا في اجتماع كبير تأييدا لعميدي السبوع الماضي ودعوا بار- أون الى الحفاظ على عضويته في الكنيست. كما يحظى عميدي ايضا بدعم من ممثلي الأحياء في القدس الغربية ومن نشيطي الليكود المحليين في المدينة.

وبالرغم من ذلك، لا احد من بين المرشحين المذكورين يحقق نجاحًا ملحوظًا في استطلاعات الرأي، ويبدو ان الجميع ينتظرون القرار الأكبر والأكثر اهمية - قرار رئيس الحكوكمة ارئيل شارون.

"قراره"، يقولون في الليكود، "سيقرر نهائياً من هو مرشح الليكود لرئاسة بلدية القدس". شارون، كعادته، يحتفظ بأوراقه قريباً جداً الى صدره. "طالما لم يفصح دان مريدور عن نواياه وتوجهاته"، يقولون في الليكود، "فلن يسارع شارون الى اختيار مرشحه". مريدور، بالمناسبة، هو المرشح القوى وألأوفر حظاً، حسبما تبينه استطلاعات الرأي. لكن يغئال عميدي ايضًا في الصورة: عناصر في الليكود قالت ان مستشار عميدي هو ليس غير الدعائي رؤوبين ادلر، احد المقربين من شارون.

هل هو تلميح؟ في الليكود يرفضون التأكيد، لكن بعض النشطاء في فرع القدس يقولون انه "اذا اقتنع ادلر بأن عميدي هو الرجل المناسب ـ فسيكون رئيس البلدية القادم في القدس". وهذا، بالطبع، اذا لم يتوصل مرشحون آخرون ـ مثل مريدور ـ الى اتفاقات مع رئيس الحكومة. عندئذ، من يختاره شارون ـ هو الذي سيكون.

(موقع "يديعوت احرونوت" على الشبكة، 30 آذار، ترجمة: "مدار")

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات