بدا حزب "شينوي" في بادئ الامر بمثابة ظاهرة "طريفة" لن تدوم طويلا. غير انه لقي تأييدا متزايدا مع تصاعد الاستياء لدى الطبقات الوسطى ازاء الانتفاضة المستمرة منذ 27 شهرا والازمة الاقتصادية المتفاقمة والبطالة المتفشية والفقر والفضائح المتعاقبة التي لطخت التشكيلات الكبرى. وكتبت صحيفة "يديعوت احرونوت" الواسعة الانتشار في احدى مقالاتها "تحول حزب شينوي الى حائط المبكى الذي يتجمع عنده جميع المستائين في البلاد".
تل ابيب - تشارلي فيغمان – اف. ب:
من المتوقع ان يتقدم حزب شينوي ("تغيير" بالعبرية) الى المرتبة الثالثة بين القوى السياسية في اسرائيل وان يكون الرابح الثاني خلال الانتخابات التشريعية في 28 كانون الثاني، بعد حزب "الليكود" الذي يتزعمه رئيس الوزراء ارئيل شارون، اذ تشير استطلاعات الرأي الى فوزه بـ 15 مقعدا، بفارق بسيط عن حزب "العمل".
انشئ هذا الحزب قبل عشرين عاما، وهو كان اساسا احد فصائل حزب "ميريتس" (يسار علماني). ولقي دفعا جديدا اثر فوزه بستة مقاعد في انتخابات 1999 بزعامة رئيسه يوسف (تومي) لابيد (71 عاما) الذي يعتبر من يمين الوسط.
ولابيد صحافي سابق من نجوم التلفزيون، وقد احدث ضجة كبيرة وقلب جميع التوقعات اذ اتقن استغلال الاحقاد والضغائن المتراكمة لدى العلمانيين والطبقات المتوسطة ضد اعضاء الاحزاب اليهودية الدينية المتشددة.
وهو يحمل عليهم ويصفهم بانهم "طفيليون"، آخذاً عليهم تفرغ معظمهم لدراسة التوراة عوضا عن العمل، كما ينتقد اعفاءهم من التجنيد الاجباري ومن الضرائب مع منحهم جميع تسهيلات الدولة فضلا عن امتيازات هائلة حصلوا عليها مغتنمين دورهم التقليدي كعنصر اساسي في الائتلافات الحكومية المتتالية.
ولابيد، الذي يتميز بحس الاستعراض، يرفع بانتظام خلال ظهوره التلفزيوني قبضته هاتفا "ييش" (اجل) وهي الاحرف الاولى بالعبرية لاسم حزبه.
وبالطبع، اضحى لابيد العدو اللدود للمتشددين. وقال احد اشد اعدائه الحاخام شالوم كوهن، احد قادة حزب "شاس" المتشدد (17 نائبا)، "اتمنى للابيد ("مشعل" بالعبرية) ان يحترق ويتحول رمادا". ولم يتردد زعماء اخرون لحزب "شاس" في اتهام لابيد بانه "معادٍ للسامية من النازيين الجدد"، متناسيا ان هذا الاسرائيلي المتحدر من يوغوسلافيا هو احد الناجين من محرقة اليهود، وقد هاجر الى اسرائيل عام 1948.
وامتنع حزب "شينوي" طوال عهد الحكومة المنتهية ولايتها عن اعلان موقفه حيال معظم المسائل المطروحة في البرلمان، غير انه ظل متمسكا بموقفه الرافض للمثول الى جانب حزب "شاس" في حكومة وحدة وطنية.
وبدا حزب "شينوي" في بادئ الامر بمثابة ظاهرة "طريفة" لن تدوم طويلا. غير انه لقي تأييدا متزايدا مع تصاعد الاستياء لدى الطبقات الوسطى ازاء الانتفاضة المستمرة منذ 27 شهرا والازمة الاقتصادية المتفاقمة والبطالة المتفشية والفقر والفضائح المتعاقبة التي لطخت التشكيلات الكبرى. وكتبت صحيفة "يديعوت احرونوت" الواسعة الانتشار في احدى مقالاتها "تحول حزب شينوي الى حائط المبكى الذي يتجمع عنده جميع المستائين في البلاد".
كل ذلك دفع هذا الحزب الى موقع صانع الملوك، في حين تشير التوقعات الى تراجع تمثيل حزب "شاس" في البرلمان الى 10 او 12 نائبا، ما وسع آفاق لابيد. فهو يعد بتشريع الزواج المدني والغاء المجالس الدينية "الباهظة الكلفة" التي تتولى الشعائر الدينية في المجموعات المحلية، وكذلك النفقات التي تقدمها الدولة للعائلات الكبيرة والتي يستفيد منها بصورة خاصة اليهود المتدينون والاسرائيليون العرب. كما وعد بخفض الضرائب وتحسين اوضاع الطبقات المتوسطة.
وعلى صعيد النزاع مع الفلسطينيين، يدعو حزب "شينوي" الى استئناف المفاوضات والانسحاب من الاراضي المحتلة في اطار اتفاق يكون موضع اجماع وطني.
ولا يمكن تصنيف لابيد في اليسار او اليمين. وهو باختصار زعيم العلمانيين. وقد اعلن ان الائتلاف الوحيد الذي يمكن ان يشارك فيه هو ائتلاف يضم فقط حزبه الي جانب حزبي "الليكود" و "العمل" بزعامة عمرام متسناع.
وقد رفض هذا الاخير، الذي لم يتمكن حتى الان من تحقيق تقدم في استطلاعات الرأي، المشاركة في مثل هذا الائتلاف العلماني الذي سيكون الاول من نوعه في تاريخ اسرائيل. واعلن الزعيم العمالي متوجها بصورة خاصة الى ناخبي شينوي "اما هو (شارون) او نحن". وعلق لابيد ساخرا "هذا تصريح مثير للشفقة".