هناك ثلاثة أشخاص توقعوا ودفعوا باتجاه أن يصبح عمرام متسناع مرشحا لرئاسة حزب العمل وذلك قبل وقت طويل من تفكيره بترك منصبه كرئيس لبلدية حيفا. إنهم "شيوخ العشيرة"، حاييم تسادوك (المتوفي) وإسحاق نافون وجاد يعقوبي
هناك ثلاثة أشخاص توقعوا ودفعوا باتجاه أن يصبح عمرام متسناع مرشحا لرئاسة حزب العمل وذلك قبل وقت طويل من تفكيره بترك منصبه كرئيس لبلدية حيفا. إنهم "شيوخ العشيرة"، حاييم تسادوك (المتوفي) وإسحاق نافون وجاد يعقوبي. فهم الذين أرسلوا أرباب الصناعة ورجال الأعمال إلى متسناع، حيث نجح هؤلاء بعد ذلك في إقناعه بالتنافس على زعامة العمل.
كانت البداية في مطلع شباط من هذا العام، إثر حديث أجراه يعقوبي، الذي تعرف على متسناع بحكم توليه (أي يعقوبي) لنمصب رئاسة سلطة الموانىء والقطارات، مع صديقيه تسادوك ونافون، مشيرا إلى اعتقاده أن متسناع رجل ملائم لقيادة وتزعم حزب العمل، وأنه يجدر بهم الإلتقاء معه. وبالفعل تم اللقاء في منزل يعقوبي في تل أبيب، إلا أن نافون اعتذر عن الحضور في اللحظة الأخيرة، لكنه التقى متسناع في وقت لاحق.
تحادث تسادوك ويعقوبي مع عمدة مدينة حيفا نحو ساعتين ونصف الساعة. يقول يعقوبي: "قلنا له إننا نعتقد أن من الجدير به التفكير بإمكانية خوض التنافس على رئاسة حزب العمل وذلك في ضوء الوضع القائم سواء على صعيد الحزب أم على الصعيد القومي. كان متسناع منفعلا للغاية، وقال إن هذه هي المرة الأولى التي يناقَش فيها هذا الموضوع معه، لكنه أضاف بأنه يحب جدا عمله كرئيس لبلدية حيفا وأن لديه الكثير من الخطط والبرامج التي يتعين عليه إنجازها، وأنه احتراما وتقديرا لنا لن يعطينا الآن جوابا لا بالإيجاب ولا بالسلب.."
ويستطرد يعقوبي: "الأسلوب الذي تحدث به متسناع ترك انطباعا جيدا في نفوسنا، وقال لي حاييم تسادوك إنه توصل لإستنتاج قاطع بأن متسناع جدير وملائم لأن يكون مرشح حزب العمل لرئاسة الحكومة. لقد صدقت يا جاد، فهذا هو الرجل المناسب. وفي الحقيقة فإن متسناع ينطوي على ثلاث صفات أقدرها عاليا. فهو اولا رجل صادق، جادّ ومتزن، ولديه ثانيا قدرة تحمّل عالية ورباطة جأش في مواجهة التوترات، وثالثا قدرة تعبير رائعة شفهيا وكتابيا، بلغة عبرية غاية في الدقة والنقاء، وبعيدا عن التبجح والمغالاة. وهذا تضافُرُ صفاتٍ نادرٌ في حلبة السياسة الإسرائيلية في الوقت الراهن..".
"بعد حوالي شهر التقيت مع متسناع في مكتبه بحيفا، ثم اصطحبني بسيارته إلى مطعم على شاطىء البحر لنواصل حديثنا. وفي هذه الفترة استعنت بأشخاص آخرين، مثل دوف لاوتمن، ليتحدثوا معه في نفس الموضوع. وبعد حوالي شهر ونصف الشهر طلب في إتصال هاتفي بأن نلتقي مجددا في تل أبيب، وفي هذا اللقاء أخبرني متسناع بأنه يميل للتفكير بصورة إيجابية حول ترشيح نفسه، فقد لا يوجد خيار آخر. وقال لي إن أشخاصا آخرين تحدثوا معه في الصدد ذاته، وأنه يدرس قدرته على تجنيد الطاقات اللازمة لانتقاله إلى الصعيد السياسي العام. وبعد مرور فترة وجيزة أبلغني بأنه قرر نهائيا خوض التنافس، وطلب مني إنجاز عدد من الأمور ككتابة ورقة ما والتحادث مع بعض الأصدقاء. ثم راح منذ ذلك الحين يخوض غمار هذا اليم بنفسه، وقد سررت جدا بنجاحه".
إذن، هؤلاء هم شيوخ القبيلة الثلاثة الذين توجهوا إلى رجل الصناعة، الذي توجه بدوره إلى أصدقائه أصحاب رؤوس الأموال، الذين دفعوا وشجعوا متسناع على خوض السباق. وفي الأسبوع الفائت احتفل هؤلاء جميعا، مع بقية أفراد قبيلة حزب العمل بفوز متسناع. صحيح أن قوة هذه "القبيلة" آخذة بالإنكماش والضمور، إلا أن لديها على الأقل مرشحا يلبي تطلعاتها، رجلا لم يزعم أحد قط أنه نبتة غريبة.
وبالفعل، فإن الميزة الكبرى لمتسناع، مقارنة مع سابقيه في المنصب، تتمثل في عدم وجود أي توقعات بفوزه في الإنتخابات المقبلة. وإذا حصل حزب العمل على 25 مقعدا، مقارنة مع 19 مقعدا تتوقع الإستطلاعات حاليا حصول الحزب عليها، فإن متسناع سيتوَّج حينئذ باعتباره قصة نجاح. فخسارة مشرّفة من شأنها أن تكون مُرضية لجمهوره.
لا شك في أن عمرام متسناع رجل عنيد. فقبل المناظرة التلفزيونية التي بثتها القناة الثانية نصحه مستشاروه بأن يتجنب ذكر اسم عرفات. لكن متسناع أصر، حيث رد بالإيجاب عندما سئل إذا ما كان سيجري مفاوضات مع عرفات، منوها إلى أن بنيامين بن إليعزر وأرئيل شارون وبنيامين نتنياهو تفاوضوا مع عرفات. لقد أظهرت إجابة متسناع أن زعيما جديدا قد تُوِّج الأسبوع الماضي على رأس حزب العمل، وأنه يختلف عن سابقيه (براك وبن إليعزر).
وخلافا لبراك ورابين، اللذين حاولا التمويه على مواقفهما وخلق صورة توحي أنهما في "الوسط"، فإن متسناع على قناعة تامة بأنه يكمن إقناع الجمهور بوجود علاقة وثيقة بين الوضع السياسي والوضع الأمني. بمعنى أن الجمهور سينتظر إلى حين استئناف عملية السلام، وعندئذ سيعود الإقتصاد إلى النمو الكفيل بجلب الإزدهار والرخاء لسائر مواطني الدولة، وليس فقط لأرباب الصناعة.
(حنه كيم – "هأرتس")