"المشهد الإسرائيلي"- من برهوم جرايسي:
تراجع الاستثمارات المالية الأجنبية وسعي للتغلغل في أسواق الشرق الأقصى
أشار تقرير لمكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي إلى تراجع الاستثمارات المالية الأجنبية في الاقتصاد الإسرائيلي في العام الماضي- 2007- بنسبة 29%، في حين أعلن وزير المالية، روني بار- أون، أن إسرائيل ستسعى للتغلغل في أسواق الشرق الأقصى، على ضوء الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في الولايات المتحدة.
وحسب تقرير مكتب الإحصاء فإن الاستثمارات المالية الأجنبية في الأسواق الإسرائيلية وصلت في العام الماضي 2007 إلى مستوى 3ر10 مليار دولار، مقابل 6ر14 مليار دولار في العام الذي سبقه 2006.
كذلك فإن هناك تراجعًا في استثمارات رجال الأعمال الإسرائيليين في الأسواق العالمية، إذ تراجعت في العام الماضي 2007، إلى مستوى 1ر7 مليار دولار، مقابل 15 مليار دولار في العام 2006.
من جهة أخرى أعلن وزير المالية روني بار أون، في مؤتمر اقتصادي بمبادرة صندوق النقد الدولي وبنك إسرائيل المركزي، عقد في الأيام الأخيرة في القدس، أنه "بسبب التباطؤ الاقتصادي في الولايات المتحدة، وعدد من الدول الغربية، فإن وزارة المالية الإسرائيلية وضعت هدفا إستراتيجيا للتغلغل في أسواق دول الشرق الأقصى، وهذا إلى جانب توسيع مجالات عمل الاقتصاد الإسرائيلي في مجالات لا يزال ضعيفا فيها، أو أنه حتى لم يدخلها أصلا".
وقال بار- أون إن من أهداف وزارة المالية، أيضا، تطوير قطاع أسواق المال الإسرائيلية وجذب رؤوس أموال أجنبية بحجم أكثر، ومن أجل هذا الأمر ستبذل جهود من أجل جعل أسواق المال الإسرائيلية أكثر تطورا وفاعلية، وفسح المجال أمام منافسة أكبر مقارنة مع أسواق المال العالمية.
وتابع بار- أون مشيرا إلى أن إسرائيل ستضع هدفا أيضا لإقناع رجال أعمال إسرائيليين يوظفون أموالهم في الخارج، إضافة إلى رجال أعمال يهود في العالم، ليرصدوا أموالهم في الأسواق المالية الإسرائيلية.
ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، حسب بار- أون، فإن وزارة المالية ستعرض برنامجا جديدا متعدد السنوات لتخفيف العبء الضريبي على الأفراد والشركات، علما أنه لا تزال هناك خطة لتخفيف العبء الضريبي أعلنت عنها وزارة المالية في العام 2005، ولم يذكر بار- أون ما إذا كان سيوقف الخطة التي يتم تطبيقها تدريجيا في السنوات الحالية، أم أن خطة وزارته ستكون مكملة للخطة الحالية التي من المفترض أن تنتهي في العام 2010.
تراجع البطالة وارتفاع معدل الأجور
* بدء تطبيق نظام ضريبة الدخل السلبية *
أعلن مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، مؤخرًا، أن البطالة في إسرائيل سجلت في الربع الأخير من العام الماضي- 2007 تراجعا لتهبط إلى مستوى 7ر6%، في حين أن معدل الأجور في العام 2007 سجل ارتفاعا بنسبة 2%، مقارنة مع معدل الأجور في العام 2006.
وحسب معطيات المكتب المذكور، فإن البطالة في الربع الأخير من العام الماضي هبطت بشكل ملحوظ (7ر6%)، مقارنة مع نسبتها في الربع الثالث من نفس العام حين كانت 2ر7%، ورغم هذه النسب، فإن مجمل معدل البطالة في العام ذاته كان 3ر7%، مقابل معدل بطالة بنسبة 4ر8% في العام 2006.
ويعتبر هذا انخفاضا حادا من حيث الأرقام. وكان "المشهد الإسرائيلي" قد استعرض في الأعداد السابقة أسباب هذا التراجع، التي لا تشير إطلاقا إلى تحسن وضعية سوق العمل في إسرائيل، إذ تؤكد تقارير اجتماعية متطابقة أن هذا التراجع حاصل بسبب اضطرار العاطلين عن العمل للقبول بأي عرض عمل يعرض عليهم، نظرا لانخفاض مخصصات البطالة، وتشديد شروط الحصول عليها.
وحسب تلك التقارير فإن لا أقل من 90% من الذين انخرطوا في سوق العمل، في العامين الماضيين، اضطروا للقبول بوظائف جزئية، أو وظائف بأجور متدنية، لا تصل نسبة كبيرة منها حتى إلى الحد الأدنى من الأجر، وهذا على الرغم من أن 66% من الذين حصلوا على وظائف جزئية كان يبحثون أصلا على وظائف بنسب كاملة.
ويقول المكتب الإسرائيلي إن نسبة البطالة هي الأدنى منذ العام 1996، وقد بلغ عدد العاطلين عن العمل في الربع الأخير من العام الماضي 196 ألفا، في حين أن معدل عدد العاطلين عن العمل في العام كله، كان حوالي 213 ألف عاطل عن العمل.
وجاء في التقرير أن عدد العاملين في العام الماضي بلغ 682ر2 مليون عامل، وهذا يشكل ارتفاعا بنسبة 2ر4% مقارنة بعددهم في العام 2006.
ومن بين المعطيات الملفتة للنظر، الارتفاع بنسبة 20% في عدد العاملين من خلال شركات القوى العاملة، التي تفرض شروط عمل استغلالية، وأصبحت تقدم خدماتها حتى للمؤسسات الرسمية والحكومية، وحتى لقطاع البنوك وما شابه، وبلغ عدد العاملين من خلال شركات القوى العاملة 50 ألفا، مقابل 41500 في العام 2006.
ورغم هذه المعطيات، إلا أن الملحق الاقتصادي "مامون" التابع لصحيفة "يديعوت أحرونوت" ذكر في الأسبوع الماضي أن لدى وزارة الصناعة والتجارة والتشغيل تخوفات من أن تسجل البطالة في العام الجاري ارتفاعا، وتعود إلى مستوى أعلى من 7%، خلافا لما كانت عليه الحال في الرابع الأخيرة من العام الماضي، وحتى الشهر الأول من العام الجاري- 2008.
ويعود هذا التخوف إلى تراجع واضح في عدد الوظائف الشاغرة في القطاع الخاص.
وقال مدير معهد الأبحاث في الوزارة إن هناك مؤشرات للجم وتيرة ازدياد الوظائف الشاغرة، مقارنة مع الوتيرة التي كانت قائمة في العامين الماضيين.
وأشار تقرير آخر لمكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي إلى أن معدل الرواتب في العام الماضي سجل ارتفاعا بنسبة 2% مقارنة مع مستواه في العام الماضي- 2006، فقد وصل معدل الرواتب غير الصافية، بمعنى قبل الخصم الضريبي والضمان الاجتماعي والصحي، إلى 7645 شيكلا وهو ما يعادل ألفي دولار، على أساس أن معدل صرف الدولار كان في العام الماضي في حدود 8ر3 شيكل للدولار الواحد.
وحسب التقرير ذاته، فإن عدد الأجيرين في إسرائيل بلغ في العام الماضي 8ر2 مليون، من بينهم 71ر2 مليون عامل من حاملي الجنسية الإسرائيلية، و70 ألف عامل أجنبي و19 ألف عامل فلسطيني من الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين.
وقد ارتفع عدد وظائف الأجيرين في العام الماضي بنسبة 7ر4% مقارنة بالعام 2006، وكان معدل رواتب حاملي الجنسية الإسرائيلية 7767 شيكلا، مقابل 4218 شيكلا للعمال الأجانب.
وفي سياق متصل بمعدل الرواتب، فقد أعلن مدير عام وزارة المالية الإسرائيلية، يورام أرياف، أن الوزارة ستبدأ بتطبيق نظام ضريبة الدخل التراجعية (ضريبة سلبية) في منتصف شهر تشرين الأول من العام الجاري، إذ سيتم بدء تعويض المستحقين عن العام 2007.
ويجري الحديث عن دفع مبالغ محددة لذوي الرواتب المتدنية التي لا تصل إلى مستوى أدنى حد من الرواتب، الذي يخضع للضريبة (المقصود ليس الحد الأدنى من الرواتب)، بمعنى لا يدفعون ضريبة دخل، على أن يكونوا معيلين لعائلات فيها أولاد، أو أنهم عاملون فوق سنّ 55 عاما.
وسيشمل هذا النظام 15 مدينة وقرية من بينها بلدات عربية، مثل مدينة الناصرة، أكبر المدن العربية، وبعد المرحلة الأولى سيشمل النظام جميع البلدات في سياق العام 2009، عن رواتب العام 2008.
ويرى أرياف أن هذا النظام الضريبي سيساهم في تقليص الفجوة الاجتماعية، وسيساعد عائلات فقيرة على تخطي خط الفقر في إسرائيل. وقال إن المبالغ التي سيتلقاها المستحقون ستحول إلى حساباتهم بعد تعبئة نماذج رسمية موثقة بالسجلات الضريبية لأماكن العمل التي يعملون فيها.
أربعة مشاريع لتوليد الكهرباء بواسطة الطاقة الشمسية
أعلن في إسرائيل، في الأيام الأخيرة، عن انطلاق أربعة مشاريع لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية في صحراء النقب (جنوبا)، اثنان منها سيتم عرضهما في عطاءين منفصلين، بقيمة إجمالية لكليهما تبلغ 650 مليون دولار، ومشروع خاص لإحدى القرى التعاونية الإسرائيلية، أما المشروع الأضخم، فهو أيضا مشروع قد يتم من خلال قرى تعاونية إسرائيلية، وقد تصل قيمته الإجمالية إلى 5ر2 مليار دولار. ويندرج كل هذا، في إطار ما أعلنته وزارة البنى التحتية سابقا، بأنها ستسعى إلى إنتاج طاقة كهربائية بحجم ألفي ميغاواط، بأساليب مختلقة غير البترول والفحم.
فقد أعلنت وزارة البنى التحتية، أنها بصدد الإعلان عن عطاءين لتنفيذ مشروعين لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية، في محطتين منفصلتين، على أن تزود كل واحدة منهما قوة كهربائية تتراوح ما بين 80 إلى 120 ميغاواط وسيكون من حق الشركة المنفذة للمشروع أن تدير كل محطة لمدة 25 عاما.
ولا تزال مفاوضات جارية بين وزارتي المالية والبنى التحتية، لإقامة محطة ثالثة بحجم أصغر لإنتاج 15 ميغاواط من الكهرباء بالطاقة الشمسية، وحسب التوقعات فإن الأمر قد يتضح حتى نهاية الشهر الجاري.
وبموازاة ذلك، فقد كشفت صحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية، التابعة لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، عن أن شركة طاقة عالمية ضخمة قد وقعت في الآونة الأخيرة على "اتفاق مبادئ" مع قرى تعاونية إسرائيلية في صحراء النقب لإقامة محطة كهربائية ضخمة، تصل قوة إنتاجها إلى 500 ميغاواط، على أن تمتد الألواح الشمسية على مساحة آلاف الدونمات، وقد تصل إلى الحدود مع الأردن، وحتى أن التصور المستقبلي يتحدث عن اجتياز الحدود، بمعنى الحديث عن مشروع مشترك.
وحسب الصحيفة، فإن تكلفة المشروع قد تصل إلى 5ر2 مليار دولار، ولكن في المقابل فإن الشركة تريد بداية ضمان رفع سعر الكهرباء الذي يتم توليده من المحطة التي يجري الحديث عنها، فحتى الآن تم التعهد لها بأن يكون سعر الكيلو واط 22 سنتا، إلا أن الشركة تطالب بأن يكون سعر الكيلو واط 37 سنتا، علما أن سعر الكيلو واط الحالي في إسرائيل للمستهلك الخاص، وليس القطاع الاقتصادي، يصل إلى حوالي 16 سنتا، على الأكثر، وفق سعر صرف الدولار المتدني أمام الشيكل.
وفي المقابل فإن إحدى القرى التعاونية الإسرائيلية تعتزم إقامة محطة توليد كهرباء بحجم 5ر2 ميغاواط، وعلى مساحة 80 دونما لتلبية احتياجات القرية، وقرية مجاورة أخرى، إلا أن هذه المحطة تطالب هي أيضا بأن يكون سعر الكيلو واط أربعة أضعاف سعره العادي للمستهلك اليوم.
وكما ذكر فإن عطاءي وزارة البنى التحتية يندرجان في ما وصفته الصحيفة "وعد" وزير البنى التحتية الحالي، بنيامين بن إليعازر، بأن تنتج إسرائيل ألفي ميغاواط من الكهرباء بالطاقة البديلة، بمعنى الشمسية وغيرها، ولكن عدا النفط والفحم والغاز، وذلك حتى العام 2020.
واعتبر بن إليعازر أن قرار الوزارة الأخير بالإعلان عن عطاءين، يعتبر البداية لتنفيذ ما تم التعهد به، وأن وزارته على وشك التقدم بخطى أسرع لتحقيق الهدف.