المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

النقابات العمالية تتعرض الى هجوم تحريضي من قبل الحكومة الاسرائيلية، فقد وصف رئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية النقابات العمالية بأنها "حركة إرهابية". ونحن نعرف ما هو حكم الإرهابي، القتل أو المحو عن الوجود، وإذا تجرأ أحدهم ووصفنا بالإرهابيين فهذا يعني أن بينهم من يود محونا، لكننا سنواصل المظاهرات، نحن في كل مناسبة نتظاهر ضد هذه السياسة وضد الإستغلال

أجرى المقابلة: فراس خطيب

عقدت قيادة نقابة العمال الاسرائيلية (الهستدروت) إجتماعاً لها في الناصرة، الأسبوع الماضي، بحضور رئيس "الهستدروت"، النائب عمير بيرتس. وكان موضوع "تقليص الفجوات بين الشرائح المختلفة في البلاد" من أهم نقاط البحث، فالحكومة الحالية، كما جاء في الإجتماع، تمس بالضعفاء بشكل واضح.

حضر الإجتماع أيضاً كل من رئيس بلدية الناصرة ورئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية ورؤساء المجالس العمالية اللوائية العرب ورؤساء لجان نقابية كبيرة في الوسط العربي.

في هذه المقابلة الخاصة لـ "المشهد الإسرائيلي" حلّل النقابي جهاد عقل، العضو العربي في قيادة "الهستدروت"، سياسة الدولة الإقتصادية ومترتباتها على مختلف الشرائح.

(*) "المشهد الإسرائيلي": هذا الإجتماع هو الأول من نوعه الذي يتم عقده في الوسط العربي. ما هي الدوافع لذلك؟

- جاء الاجتماع تطبيقًا لقرارات اتخذت في السابق، ونصّت على عقد إجتماعات في أماكن مختلفة من البلاد، بما فيها الناصرة. وقد بحثنا من خلاله قضايا البطالة، الفقر، الضائقة الإقتصادية، الإجتماعية، التي يمر بها العامل بشكل عام والعامل العربي تحديداً. بحثنا، أيضًا، في الإحصائيات والأبحاث الإجتماعية التي أجرتها الهستدروت ومؤسسات أخرى والتي أكدت على أن الوسط العربي هو الضحية الاولى لمثل هذه السياسة (نتيجة المعطيات)، وهذا يعود الى حقيقة البلدات المنكوبة بالبطالةً، والحديث هنا ليس فقط عن البطالة إنما عن عمقها ايضا. وعندما نتحدث عن عمق البطالة نقصد العاطل عن العمل الذي زادت مدته عن السنة، وليس من لم يجد عملاً لمدة شهر أو اثنين أو موسم معين.

بحثنا أيضاً قضية تشغيل الأكاديميين العرب وضرورة ايجاد اماكن عمل تتلاءم مع الثروة المهنية في الوسط العربي التي تعتبر من المتطورة قطرياً، فهناك الكثير من أصحاب الشهادات الأكاديمية العالية والحاصلين على ألقاب جامعية يعملون داخل سلك التعليم أو في مواضيع بعيدة عن مجالاتهم.

بحثنا أيضا وبشكل موسع نسبة النساء اللاتي يعملن في الوسط العربي وهي 11-17% وما تبقى هن خارج قوة العمل. والحديث جار عن 130 الف امرأة يشكلن قوة عمل غير مستغلة ، وهذا يزيد من الضائقة الإجتماعية الإقتصادية، إذ تعتمد غالبية العائلات العربية على معيل واحد، بالمقابل إذا نظرنا الى الموضوع في الوسط اليهودي نجد أن 60 % من النساء اليهوديات موجودات داخل إطار عملي.

(*) "المشهد الإسرائليلي": يجري الحديث في هذه الأيام عن إغلاق مكاتب تخدم العاطلين عن العمل، ما هو تفسيركم لذلك في ظل إزدياد العاطلين عن العمل؟

- نعم الحديث جار والتخطيط في أوجه، مثلا، لإغلاق مكتب العمل في قرية كفر كنا الذي يخدم 5000 عاطل عن العمل و74 الف مواطن يسكنون المنطقة عامة، مما سيجبر هؤلاء العاطلين عن العمل إلى التوجه الى مكتب العمل في الناصرة الذي سيستوعب عدداً زائداً من العاطلين، أي ما يقارب 12 الف عاطل عن العمل في مكتب يعمل فيه سبعة موظفين، عملياً 1500 عاطل عن العمل لكل موظف، وهذا أمر صعب جداً ويلحق إجحافا آخر في حق العاطلين.

(*) "المشهد الإسرائيلي": عادة عندما تقف الدولة من وراء إحصاء معين، مثلا الإحصاء المتعلق بالبطالة، فإنها تتحدث عن نسبة عامة فقط.. لماذا؟

- نسبة البطالة الاصلية في البلاد هي 11 %، اما النسبة في الوسط العربي فقد تصل الى 13.5% ، بينما إذا أضفنا قوة العمل النسائية التي تحدثنا عنها أعلاه عندها تصل نسبة البطالة الى 35% .

غالبية البلدات المنكوبة بالبطالة عربية، ففي قرية الكسيفة تصل النسبة الى 35% وفي قرية المغار الى 11.14 % . اما بالنسبة للوسط اليهودي فلا توجد نسب عالية مثل التي نشهدها في قرانا، وإذا أردنا التحدث عن نسب بطالة عالية في الوسط اليهودي نجدها في المدن المختلطة. فنسبة البطالة في مدينة عكا تصل الى 14%، والامر الذي يجب أخذه بعين الإعتبار هو أن أغلبية العاطلين عن العمل هي من العرب الذين يسكنون المدينة، وذكرنا للمدن المختلطة لم يكن صدفة .

(*) "المشهد الاسرائيلي": هذا هو الوضع بالنسبة للعاطلين عن العمل، ماذا عن أوضاع العاملين بشكل عام ؟

- إن الاحصاءات الرسمية تعكس هذه الأوضاع ببريق أخّاذ. ففي تقرير لمؤسسة التأمين الوطني للعاملين للعام 2001 تبين ان معدل دخل الفرد في اسرائيل هو 7600 ش.ج. ( للرجل 9257، للمرأة 5885 ش.ج)، وأجر الحد الادنى هو 3161.. من خلال التقرير تبين ايضاً ان 30% من العاملين في البلاد حصلوا على مرتبات "حتى الأجر الأدنى" اي أقل من 3160، وهذا يدل على ان هذا العامل حصل على معاش يسد الرمق فقط.

نسبة العمال في البلاد التي تتلقى راتباً"حتى الحد الأدنى" هي 29% ، بينما تتراوح هذه النسبة في صفوف العرب بين 50 % و 35% . ويذكر ان معدل دخل المرأة العربية هو 2200 ش.ج. ومعدل دخل الرجل 5900، هذا على الرغم من ان معظم عمالنا ما زالوا يعملون في المهن الصعبة، مثل البناء وما شابه، هذه النسب تؤدي الى خلق حالة فقر مريعة، فواحد من كل خمسة مواطنين إسرائيليين هو فقير، بينما واحد من كل ثلاثة أشخاص عرب هو فقير..

(*) المشهد الإسرائيلي": كيف تتماشى أزمة البطالة مع إعلان وزير المالية، بنيامين نتنياهو، عن الخروج من الأزمة الإقتصادية؟

- بنيامين نتنياهو يتحدث بإسم فئة معينة، هي طبقة الأغنياء وأصحاب رؤوس الاموال، بعيدا عن الطبقة العاملة.. الازمة الاقتصادية لم تنته وما زالت قائمة. لو كان هناك نمو إقتصادي، حسبما يزعم نتنياهو، لما إزدادت نسبة البطالة، فهذه معادلة واضحة. الانسان والمواطن الإسرائيلي لم يخرج من أزمته، وحديث نتنياهو يدور حول أسهم وإستثمارات بعيدة عن إهتمام العامل.

(*) "المشهد الإسرائيلي": إذن ما هذا الذي جاء تحت عنوان "هدية العيد" للعمال (خلال "الفصح العبري" مؤخرًا ؟

- المعروف عن نتنياهو في جميع الأوساط الإسرائيلية هو تميزه في قضية التلاعب المعلوماتي، فهو يملك طاقماً خاصاً ليس لحل الأزمة الإقتصادية إنما لفحص تقبل الشارع لها. وهذه إحدى مشاريعه. فبعد توليه منصب وزير المالية بدأ يروج ان الإقتصاد الإسرائيلي قيد الإنهيار، ألزم النقابات العمالية على تنازلات في الاجور وما شابه كدعم للدولة وإبعاد الخطر عنها، فجأة هناك هدية للعيد، وتنزيل أسعار الـ "دي.في. دي"، والمعادلة واضحة من أين أخذ نتنياهو وأين وضع، علماً بأن 90 % من العاملين العرب يعملون من أجل الحاجات الاساسية، لماذا نخفض أسعار الـ "دي. في. دي" وغالبية المواطنين تود تخفيض أسعار الخبز والحليب؟!.

(*) "المشهد الإسرائيلي": وماذا عن قضية أرباح البنوك الخيالية التي شهدتها إسرائيل مؤخراً؟ فالمعادلة الإقتصادية العادية تشير الى أن وضع البنوك منوط بوضع الزبائن، فكيف سجلت هذه الأرباح؟

- الاغلبية الساحقة من الارباح جاءت من الناس العاديين، ومن اصحاب السحب الزائد. فالأجير العادي مدين للبنك دائماً ، والإحصائيات تشير الى أن الأغلبية الساحقة للأجيرين تسحب زيادة معاشين على معاشها الشهري، وعلى كل شيكل دين تدفع 13% فائدة. ومن هم المدينون للبنك؟ الناس العاديون وليسوا الأغنياء. بالمقابل هناك تسهيلات للأغنياء على حساب الفقراء. وأرباح البنك على حسابهم أيضاً. المعادلة واضحة، هذا وضع البنوك، وسيسوء الحال بعد الخصخصة، عندها لن تكون رقابة على ما يجري هناك. فلا توجد شرعية ولا منطق يقول ان مدير بنك يحصل على مليون شيكل شهرياً!

(*) "المشهد الإسرائيلي": انتم تابعتم قضية مستخدمي المجالس المحلية التي تعد من أكثر القضايا المالية المأساوية، أين تقف هذه القضية اليوم؟

- ما تقوم به الحكومة الاسرائيلية في هذه القضية مناقض لقانون "فيلادلفيا" الدولي. مستخدمو المجلس المحلي البعينة النجيدات على سبيل المثال لم يتلقوا رواتبهم منذ 18 شهرا، الحكومة هي المسؤولة الاولى وليست المجالس المحلية والوضع سيء في الوسطين العربي واليهودي. فعن أية هدية يتحدث نتنياهو؟ هناك عمال يهود باتوا يغنون أغنية على لحن النشيد الوطني الإسرائيلي "هتكفا" بكلمات مستبدلة تصف الحكومة بالإستغلال والنصب وهضم حقوق العامل.

(*) "المشهد الاسرائيلي": ما هو وضع النقابات بشكل عام؟

- النقابات العمالية تتعرض الى هجوم تحريضي من قبل الحكومة، فقد وصف رئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية النقابات العمالية بأنها "حركة إرهابية". ونحن نعرف ما هو حكم الإرهابي، القتل أو المحو عن الوجود، وإذا تجرأ أحدهم ووصفنا بالإرهابيين فهذا يعني أن بينهم من يود محونا، لكننا سنواصل المظاهرات، نحن في كل مناسبة نتظاهر ضد هذه السياسة، وضد الإستغلال...

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات