بعد ان أنهى أوري يوغاف عمله في وزارة المالية الاسرائيلية، حيث أشغل في السنتين الماضيتين منصب المسؤول عن "دائرة الميزانيات" في الوزارة، قرر أن "يفتح فمه" حول العلاقة الوطيدة بين السلطة والمال في اسرائيل، وذلك من خلال مقابلة أجرتها معه صحيفة "معاريف" في عدد نهاية الاسبوع الاخير. وبالإمكان النظر الى هذه المقابلة على انها استمرار للمقابلة التي أجرتها قبل ذلك بأسبوع صحيفة "يديعوت أحرونوت" مع وزير البنى التحتية الاسرائيلي، يوسف بريتسكي، والتي تحدث خلالها عن فساد رجالات السلطة الاسرائيليين، من وزراء واعضاء كنيست، وعن تحكم أصحاب رؤوس الاموال في عملية إتخاذ القرار السياسي في إسرائيل،اولا ودائمًا
بعد ان أنهى أوري يوغاف عمله في وزارة المالية الاسرائيلية، حيث أشغل في السنتين الماضيتين منصب المسؤول عن "دائرة الميزانيات" في الوزارة، قرر أن "يفتح فمه" حول العلاقة الوطيدة بين السلطة والمال في اسرائيل، وذلك من خلال مقابلة أجرتها معه صحيفة "معاريف" في عدد نهاية الاسبوع الاخير. وبالإمكان النظر الى هذه المقابلة على انها استمرار للمقابلة التي أجرتها قبل ذلك بأسبوع صحيفة "يديعوت أحرونوت" مع وزير البنى التحتية الاسرائيلي، يوسف بريتسكي، والتي تحدث خلالها عن فساد رجالات السلطة الاسرائيليين، من وزراء واعضاء كنيست، وعن تحكم أصحاب رؤوس الاموال في عملية إتخاذ القرار السياسي في إسرائيل.
قال يوغاف، في سياق المقابلة، ان "كل من يقرأ الصحف ويعرف الاقتصاد الاسرائيلي يعلم ان لدينا خلطًا كبيرًا للغاية بين المصالح الشخصية ومصلحة الدولة، لكن عليّ الاعتراف بان قوة هذه العلاقة قد فاجأتني، بالرغم عن انني قديم في الجهاز الاقتصادي الاسرائيلي ولم أدخل اليه بالامس. شخصيات سياسية، في الكنيست بالاساس، يتأثرون من اصحاب المصالح، ليس فقط اصحاب رؤوس الاموال وانما ايضا من جهات لديها مال كثير، بشكل يثير القلق. انه تأثير كبير للغاية".
ورغم ان يوغاف هو موظف قديم في وزارة المالية، الا انه، كما قال، كان على علم بهذه الامور "لكن حجمها فاجأني. انني أتحدث عن تأثير كبير للغاية تمارسه جهات تملك أموالا وبإمكانها استئجار خدمات مجموعات ضاغطة والتأثير على اعضاء كنيست ووزراء. وقد اصبح الوضع اليوم أصعب بكثير مما كان عليه في السنوات السابقة، في الفترة السابقة من عملي في وزارة المالية". واوضح: "بامكانك رؤية اعضاء كنيست يخوضون حربا غير مبررة بتاتا ولإعتبارات لا علاقة لها البتة مع مصلحة دولة اسرائيل. على سبيل المثال، كل موضوع العمال الاجانب، وهو مثال كلاسيكي. فقد وجدنا أنفسنا امام معارضة واسعة لفرض ضرائب على العمال الاجانب، او فرض رقابة كاملة في موضوع العمال الاجانب وهي معارضة شملت المستوى السياسي كافة لاعتبارات اقتصادية. اردنا ان نفرض رسومًا على إحضار العمال الى البلاد واردنا ان تكون اجورهم خاضعة للضريبة. وقد كان تمرير قانون بهذا الصدد ضربًا من المستحيل".
ولكن يوغاف لم يوافق على الكشف عن اسماء السياسيين الاسرائيليين، الذين تدخلوا لمنع فرض الرسوم والضرائب. واكتفى بالقول ان "هناك وزراء في الحكومة منفتحون للانصات لمقاولين ومزارعين، او ان المجموعات الضاغطة تجد آذان صاغية لدى اعضاء كنيست قريبين منهم. وقد رأينا اعضاء كنيست من القوائم الحزبية اليهودية المتدينة، الذين يبدو ان لا علاقة لهم بالعمال الاجانب، يعارضون فرض القيود على العمال الاجانب".
وتابع يوغاف قائلا انه يتحدث عن "شركات القوى العاملة التي تستورد العمال الاجانب ولا تريد ان يتم وضع حد لهذه الظاهرة ويمارسون تأثيرهم على اعضاء كنيست ووزراء. لست شرطيا او موظفا في النيابة العامة، لكن لا شك لديّ في وجود العديد من اعضاء الكنيست، وفي الماضي كان هناك وزراء ايضا، يتأثرون من المجموعات الضاغطة التي تم استئجار خدماتها بمبالغ طائلة. وكل ذلك يتم في المجال غير القانوني، مع علاقات وطيدة بين افراد المجموعات الضاغطة وعضو الكنيست ويؤثر ذلك على قرار المشرع. الفرد من المجموعات الضاغطة يعد عضو الكنيست بمساعدته في المجالات التي يرغب بها وبالمقابل يصوت عضو الكنيست لصالحه في موضوع العمال الاجانب".
وهناك أمثلة اخرى. مثلا، موضوع وكلاء الجامعات الاجنبية في اسرائيل. "لقد أردنا- يقول يوغاف- الغاء الاعتراف بالالقاب الجامعية التي تمنحها هذه الجامعات فيما يتعلق بزيادة الراتب في القطاع العام. وأقصد قضية وكلاء جامعة لاتفيا وشبيهاتها. ولكن هذا الأمر كان مستحيلا. كان هناك اعضاء كنيست، بعضهم وزراء، دخلوا الى الجلسات التي يتم فيها بحث الموضوع بعد ان اقنعتهم المجموعات الضاغطة بفعل ذلك. فالمواطنون الذين تعلموا في هذه الجامعات كان هدفهم فقط استخدام اللقب الجامعي من أجل الحصول على زيادة في الراتب الذي تدفعه الدولة. ان هذا ببساطة متناهية صناعة مال".
ومثال آخر هو عندما ارادت وزارة المالية فرض ضرائب على مجموعة شركات "يام تاطيس"، التي تعمل في مجال التنقيب واستخراج الغاز. وقال يوغاف، في هذا الشأن، انه كان من المستحيل تمرير قانون بهذا الخصوص.
غير ان يوغاف لا يرىن على رغم ذلك، ان الاقتصاد الاسرائيلي اصبح أسيرا في أيدي مجموعات اقتصادية عملاقة. بل يرى ان "ثمة مشكلة"، ويضيف:" لكني متفائل وعلى قناعة باننا غيّرنا الكثير من الامور في هذا المجال. وفيما يتعلق بموضوع العمال الاجانب نجحنا في تمرير اجراءات ضد اصحاب المصالح من الشركات الخاصة. وانا اعتقد ان المستوى الاخلاقي لدى المستوى السياسي سيرتفع في السنوات القريبة القادمة"!
وكشف يوغاف عن انه من أجل تمرير الميزانيات في الكنيست يتم التعامل مع اعضاء الكنيست بموجب مبدأ المقايضة!! بمعنى ان توافق الوزارة على "احتياجات سياسية مقابل الحصول على موافقة السياسيين (اي اعضاء الكنيست) على مشاريع الميزانيات". لكنه لم يعترف انه في هذا الوضع انما يقوم بشراء أصوات اعضاء الكنيست. "ان ما نفعله هو اننا نطرح خطة اقتصادية، ولكن لدى السياسيين مطالب ومعارضة على عدة نقاط فيها. وتبدأ المفاوضات معهم على مطالبهم. ونحن لا نطرح بتاتا، بمبادرتنا، ميزانيات سياسية لاحد الاحزاب من اجل الحصول على تأييدها في موضوع آخر".
وتحدث يوغاف عن السنتين الماضيتين التي ترأس فيهما "دائرة الميزانيات" في وزارة المالية. وقال ان القرارات الاصعب كانت تلك التي تطرقت الى تقليص اجور مستخدمي القطاع العام ومخصصات التأمين الوطني، ومخصصات الاولاد حصرا. وقال ان الخصم الاقسى من ناحيته كان رئيس الهستدروت عمير بيرتس. واضاف انه في فترة اشغال سيلفان شالوم لمنصب وزير المالية "اضطرت الوزارة الى ذبح بقرات مقدسة في مجال الميزانيات. الا ان الخطوة الكبيرة التي قامت بها الوزارة في فترة بنيامين نتنياهو كانت تغيير قواعد اللعبة في كل ما يتعلق بالتعامل مع لجان العمال الكبرى. وقبل ذلك كان يعلم هؤلاء المستخدمون بانهم سيحصلون على كل ما يطلبون ولم يجرؤ احد على العمل ضدهم. لكن فجأة نجحنا بالدخول الى قدس أقداسهم. فجهاز صناديق التقاعد أصبح منفصلا عن الهستدروت بشكل مطلق"..
المصطلحات المستخدمة:
التأمين الوطني, يديعوت أحرونوت, الهستدروت, دولة اسرائيل, الكنيست, بنيامين نتنياهو, عمير بيرتس