المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • اقتصاد ومجتمع
  • 909

لم يكن هذا "اضرابًا ساحرًا" وكذلك ليس: "ام كل الاضرابات". ان الاضراب غير العام الذي جرى في الثالث من الشهر الجاري، يوم الاثنين الأخير، كان اضرابًا ضعيفًا، اضرابًا لأربع ساعات فقط. كان هذا بمثابة اضراب ارادة أرباب العمل، وبناء على ذلك قررت محكمة العمل، وهناك من يميل الى تحليل وتفسير قرار محكمة العمل، على خلفية وضعها الصعب، حيث ان الحكومة وارباب العمل معنيون بالقضاء على المحكمة. وهناك من تعمق في المسألة، لماذا سمح بالاضراب اربع ساعات فقط وليس (24) ساعة؟

 

 

بقلم: افرايم دافيدي

لم يكن هذا "اضرابًا ساحرًا" وكذلك ليس: "ام كل الاضرابات". ان الاضراب غير العام الذي جرى في الثالث من الشهر الجاري، يوم الاثنين الأخير، كان اضرابًا ضعيفًا، اضرابًا لأربع ساعات فقط. كان هذا بمثابة اضراب ارادة أرباب العمل، وبناء على ذلك قررت محكمة العمل، وهناك من يميل الى تحليل وتفسير قرار محكمة العمل، على خلفية وضعها الصعب، حيث ان الحكومة وارباب العمل معنيون بالقضاء على المحكمة. وهناك من تعمق في المسألة، لماذا سمح بالاضراب اربع ساعات فقط وليس (24) ساعة؟
ليس بودي الغوص في المسائل القضائية، التي هي ناتجة عن قرار محكمة العمل القطرية، ولكن بودي إبراز ان ارباب رأس المال وحكومتهم بدأوا بشن هجمة غير مسبوقة على الحقوق الاجتماعية والأساسية وعلى الحريات الدمقراطية، وتهديد حرية الاضراب، ولأول وهلة لا توجد علاقة بين محاولة اغتيال النائب الجبهوي عصام مخّول، وبين قرار مجلس الصحافة الرسمي، للسماح بتدخل "الشاباك" في عملية إصدار بطاقة الصحفي، وبين سلب حق الاضراب، وتنتظرنا قريبًا عمليات قوننة وتشريعات موسعة وكثيرة في إطار مشروع الميزانية العامة وقانون التسويات وتقليص الحريات الاجتماعية، والمس بانجازات العمال، ولأول وهلة فإن هذه العلاقة غير قائمة على أرض الواقع. وعمليًا يدور الحديث عن تعابير مختلفة حول رغبة الحكومة تعميق المسيرة اليمينية في المجتمع الاسرائيلي، وهذا مؤشر آخر على الرغبة في ان يدفع العمال والعاطلون عن العمل والمتقاعدون والنساء والاولاد، ثمن حرب الاحتلال والأزمة الاقتصادية.
ان اقتراح الميزانية العامة الذي وضع على جدول اعمال الكنيست، يجب ان يثير قلقنا جميعا، فهذا اقتراح ميزانية هدفها الوحيد هو دهورة الأزمة الاقتصادية اكثر ودهورة مئات الآلاف من المواطنين الى ما تحت خط الفقر، واقتراح الميزانية يتضمن المزيد من التقليصات وفصل عمال والمزيد من الخصخصة، فلماذا تفعل الحكومة ذلك؟ ألا يدرك رئيس الحكومة ووزير المالية ان سياستهما الكارثية تقود الاقتصاد والمجتمع الى الكارثة؟ لا شك انهما يدركان ذلك جيدًا، وبقايا خيمة الامهات أحاديات الوالدين، تحت شبابيك مكتبيهما تؤكد يوميًا نتائج سياستهما الكارثية.

 

عن التكتيك والاستراتيجية

ان أعضاء الجبهة الديمقراطية في قيادة الهستدروت من قادة النضال العمالي، ومع ذلك لم نخف للحظة واحدة، ان الخط الاستراتيجي الذي تتخذه الهستدروت في النضال ضد سياسة الحكومة هو غير حازم كما يجب ان يكون، والرسالة ليست واضحة كما يجب ورئيس الهستدروت النائب عمير بيرتس، لا يشدد كما يجب على الأساس الطبقي للنضال العمالي، مقابل وضد سياسة أرباب رؤوس الأموال وحكومتهم. وبغياب استراتيجية واضحة لنضال طبقي عنيد ومثابر لإفشال سياسة السحر الرأسمالي الحكومية، فالرسالة من ذلك في العديد من الاوقات غير حازمة وغامضة وحتى ليست صحيحة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، تبني بند "التغييرات البنيوية" وما هي تلك التغييرات البنيوية المشهورة عند موظفي وزارة المالية وقادة الهستدروت؟ فالحديث يدور عن خصخصة وفصل عمال كثيرين، وما هو موقف الهستدروت من قضية الخصخصة؟ ويتعلق الأمر لمن يوجه السؤال، فإذا سئل مثلا، اعضاء الجبهة في الهستدروت عن موقفهم فإن الرد هو وبشكل قاطع، سلبي واذا سئل غالبية اعضاء قيادة الهستدروت فإن الجواب سيكون مختلفا.
والخلافات حول الاستراتيجية قائمة بين اعضاء القيادة، وكذلك حول القضية السياسية. ولقد اكدنا دائمًا انه آن الاوان للتشمير عن السواعد، وقلنا كجبهويين، يكفي اولا، مثلا، اعلان الاضراب في المحلات التجارية الكبرى، حيث لا توجد الاموال الكافية للعمال للشراء من المحلات التجارية، ولكن القضية الاساسية ليست المشتريات، انما إخراج العمال للمشاركة في النضال الاحتجاجي وللنزول الى الشوارع للتظاهر، وقد اتخذت عدة خطوات في هذا الاتجاه لكنها ليست كافية، وقلنا ايضًا انه من اجل نجاح النضال يجب ان يكون جماهيريًا اكثر ومتواصلا وموحدًا وسياسيًا، لكن ما هو معنى النضال الجماهيري المستمر والموحد والسياسي؟ لقد أكدنا ان النضال يجب ان يكون جماهيريًا، لأن غالبية السكان في الدولة تحولت الى ضحية السياسة الاقتصادية والاجتماعية الكارثية للحكومة، والنضال يجب ان يشمل العمال والعاطلين عن العمل، والامهات احاديات الوالدين والمتقاعدين والمسنين والجامعيين والأهالي، والنضال الفردي والقطاعي لن يثمر. وبواسطة النضال الجماهيري يمكن تغيير علاقات وحجم القوى في المجتمع الاسرائيلي. وأضفنا ان النضال يجب ان يكون مستمرًا ومثابرا، لأن حكومة اليمين مؤهلة لاستعمال كل الوسائل لإفشاله. يمكن ان ننجح في تجميع النقاط، ويمكن ان ننجح في إلغاء ضربات لكن النصر الأكبر سيكون بانقلاع الحكومة عن سدة الحكم وذهابها الى غير رجعة. وأكدنا انه بدون وحدة لا وزن للنضال، والوحدة العميقة يجب ان تكون من القاعدة من النضال على لقمة الخبز والعمل والسلام، فإذا نجحوا في تفتيتنا وتقسيمنا الى مجموعات متنافرة فالوضع لن يتغير من الأساس، وهناك أهمية خاصة لتسييس المعركة، فالنضال هو سياسي، لأنه موجه ضد سياسة سحق الحقوق والاستغلال والاحتلال الحكومية، انه نضال سياسي، لكنه ليس حزبيًا، لأن مفتاح نجاح النضال هو إقامة ائتلاف واسع وقوي من احزاب والهستدروت ونقابة المعلمين ومنظمة المعلمين فوق الابتدائيين ولجان العمال ومنظمات اجتماعية ونسائية ونشطاء، يكون الهدف الاساسي لنضالهم العنيد، إسقاط اقتراح الميزانية العامة الذي صُدّق عليه، بالقراءة الاولى، والمطلوب هو توحيد كل القوى لإسقاط حكومة ارباب الرأسمال والحرب والاحتلال.

 

* افرايم دافيدي، هو عضو قيادة الهستدروت عن الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات