المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

"علام الغضب؟ فليست "خطة نتنياهو" هي التي سببت زيادة الفقر. الفقر هو نتيجة للخطة التي اعتمدها أسلافي في هذا المنصب. تلك الخطط قلّصت الكعكة القومية. ومن كان اول من عانى جراء ذلك؟ الفقراء. ازداد الفقر لأن ميزانيات ضخمة جدًا جرى اقتطاعها، خلال السنوات الماضية، من الفئات المحتاجة ومتلقّي مخصصات الدعم من اجل تمويل زيادات أجور دسمة في القطاع العام. الموظفون الكبار في شركة الكهرباء العامة احتفلوا على حساب الفقراء، والآن هم يرسلون الفقراء للتظاهر من أجلهم. يا له من تلوّن. مجموعة صغيرة من الموظفين الكبار في القطاع العام تحصل على رواتب فضائحية، بينما كثيرون جدا لا يحصلون الا على رواتب زهيدة. نحن ازاء حكم قلّة قليلة من الأجيرين المتربعين في الأعالي، بينما هنالك طبقة عمالية تقبع في الأسفل وتعيلها. كل نظام الرواتب والتشغيل في القطاع العام مبني بصورة خاطئة، مشوهة".

اجرى المقابلة: سيفر فلوتسكر
في أحد أيام عيد الفصح (العبري) اتصل بنيامين نتنياهو بالشخص الذي يحمل على كتفيه مصير الاقتصاد العالمي، رئيس البنك المركزي في الولايات المتحدة، ألِن غرينسبين. كان نتنياهو يبحث عن تعزيز لخطته الاقتصادية، وقد حظي به. غرينسبين جعل غبطته مزدوجة: "إمض في هذا الطريق"، قال له.

مع دعم من غرينسبين، يخرج نتنياهو الى الحرب على خطته الاقتصادية. لا يجوز الانخداع: نبرة حديثه حازمة، لكن مضمونه مرن. انه مستعد لادخال تعديلات جوهرية على غالبية بنود الخطة، حتى قبل عرضها على الكنيست، واذا ما لزم الأمر فسيكون ذلك بين القراءة الأولى والقراءة الثانية ايضا. انه لا يرفض امكانية عقد "صفقة" مع الهستدروت (نقابة العمال العامة)، ويلمح الى امكانية الغاء التقليصات الاجتماعية، ويقول ان رئيس الحكومة شارون أمر، في اعقاب انتهاء الحرب في العراق بسرعة، "باجراء فحص مجدد لاحتياجات ميزانية الأمن".

ليست لديه كلمة طيبة يقولها عن رئيس الهستدروت، عمير بيرتس: بيرتس هو "مُحرّض ومخادع، يرسل المحتاجين ليدافعوا عن مصالح اللجان النقابية القوية ويمثّل مؤسسة تنهار اقتصادياً وأخلاقياً".

ـ هل تعي حجم الغضب في الشارع، الغضب بين قطاعات واسعة من الجمهور بسبب هذه الخطة؟

نتنياهو: "علام الغضب؟ فليست "خطة نتنياهو" هي التي سببت زيادة الفقر. الفقر هو نتيجة للخطة التي اعتمدها أسلافي في هذا المنصب. تلك الخطط قلّصت الكعكة القومية. ومن كان اول من عانى جراء ذلك؟ الفقراء. ازداد الفقر لأن ميزانيات ضخمة جدًا جرى اقتطاعها، خلال السنوات الماضية، من الفئات المحتاجة ومتلقّي مخصصات الدعم من اجل تمويل زيادات أجور دسمة في القطاع العام. الموظفون الكبار في شركة الكهرباء العامة احتفلوا على حساب الفقراء، والآن هم يرسلون الفقراء للتظاهر من أجلهم. يا له من تلوّن. مجموعة صغيرة من الموظفين الكبار في القطاع العام تحصل على رواتب فضائحية، بينما كثيرون جدا لا يحصلون الا على رواتب زهيدة. نحن ازاء حكم قلّة قليلة من الأجيرين المتربعين في الأعالي، بينما هنالك طبقة عمالية تقبع في الأسفل وتعيلها. كل نظام الرواتب والتشغيل في القطاع العام مبني بصورة خاطئة، مشوهة".

ـ عندما عرضت الخطة حظيت بردود فعل ايجابية في وسائل الاعلام وبين المهنيين المختصين. ولم تمض سوى ثلاثة اسابيع، حتى تغير الحال من النقيض الى النقيض. الانتقادات على الخطة تشمل حوالي ثلثي الجمهور في ابلاد. كيف تفسر ذلك؟

نتنياهو: "اولا وقبل كل شيء، سلوك الهستدروت التي تستغل المسنين ومتلقّي مخصصات الدعم، هؤلاء المساكين، لكي تدافع عن امتيازات الأقوياء والكبار وتحميها".

ـ بيرتس يهاجمك بشكل شخصي. انه يصوّب نحو ما يبدو له انه نقطة ضعفك، مصداقيتك.

نتنياهو: "حملة التحريض الشخصية التي يشنها عمير بيتس ضدي هي حملة مستهترة ومفضوحة. فمن السخف ان نسمع منه ادعاءات حول الأمانة والمصداقية، فليس هذا ما يمتاز به الرجل. بيرتس يحاول حرف النقاش وصرف انتباه الجمهور من القضايا الجوهرية الى القضايا الشخصية. وهذا ما يثير الألم. من المثير للألم ان يستغلوا معاناة المحتاجين في البلاد للتجريح الشخصي. الهستدروت تُحرّض ضدي قطاعات بأكملها. سبق وأن حرضوا ضدي حين عارضتُ اتفاقات اوسلو. الآن تعود هذه الذكريات".

ـ ألا تختار الطريق الأسهل، حين تعتبر ان النقد كله للخطة هو مؤامرة من بيرتس وكبار الهستدروت؟

نتنياهو: "النقد الموجه الى خطة الاشفاء الاقتصادي يعبر عن طبيعة الحوار العام في اسرائيل. هذا الحوار يجري عندنا بمعزل عن العالم كله. استوعب العالم أجمع انهيار الاشتراكية والفشل المطبق للاقتصاد الحكومي التركيزي، الا هنا في اسرائيل. في العالم أجمع ادرك الناس ان الاقتصاد الحر وحده هو القادر على توفير الموارد المطلوبة للحفاظ على نظام رفاه جيد. عندنا لا يفهمون. لذا يبدو الحوار العام في اسرائيل في موضوع الرفاه سخيفاً، ماضويًا ومشوهاً. الأجواء هنا تُذكّر بأيام كومونة باريس. القضايا الاجتماعية تخضع لنقاش معزول عن ثمنها الاقتصادي".

ـ هل لا زلت تواصل الاتصالات مع الهستدروت لمنع الاضراب؟

نتنياهو: "الهستدروت تجرّ رجليها جرّا، عمدًا، لكي تنفذ الاضراب. أحرزنا، حتى الآن، تقدمًا في المفاوضات لا تتعدى نسبته 1%. اذا كان عمير بيرتس مستعداً لاجراء حوار حقيقي، يتعين عليه ان يفعل ذلك دون تلكؤ. الوقت ينفد. لم يتبق سوى ايام قليلة فقط لإحداث الانعطاف، حقاً. الأسواق المالية قابلت خطتي بالترحاب والمباركة، لكنها مباركة مشروطة. اذا لم تُقرّ هذه الخطة، فان الاقتصاد الاسرائيلي سينهار. اليوم ايضاً، من الصعب علينا ان ندفع، من ميزانية الدولة، مستحقات المقاولين والمزوّدين. بدون التقليصات التي اقترحناها، الوضع سيزداد خطورة. الخطة ستُعرض على الكنيست في الموعد المحدد.

"كما تبدو الأمور الآن، الاحتمال كبير بأن يتم تنفيذ الاضراب - 50%. آمل الآ نصل الى هذا. انظر، في هذه الساعات بالضبط كان من المفترض ان تجري جولة مفاوضات بين وزارة المالية وبين الهستدروت. لكن فعليًا ليست هنالك مفاوضات. لديهم الكثير من الوقت. المماطلة والتسويف ليسا مقبولين عليّ كوسيلة مشروعة في المفاوضات".

ـ العديد من الخلافات المصيرية تم حلها في اللحظة الأخيرة قبل الانفجار.

نتنياهو: " ليس عندي. اذا بدأت الهستدروت تتحدث بشكل موضوعي قبل ساعتين من الموعد الذي حددتُه لعرض الخطة على الكنيست، فسأعتبر ذلك نوعاً من الخداع وانعدام الاستقامة. عليهم إظهار المسؤولية منذ الآن، في الحال!".

ـ وأين ستكون مُرونتك انت؟ انت تعلم، لا شك، ان التهديد بخفض الأجور وفصل المستخدمين في القطاع العام بواسطة تشريعات جديدة خاصة يثير معارضة شعبية هي الأوسع؟

نتنياهو: "لا اطمح الى اعتماد اسلوب التشريع القضائي في قضايا الأجور، وفصل العمال وعلاقات العمل. انني افضّل الاتفاق. لكنني لن اترك الدولة فريسة للافلاس الاقتصادي، كما فعلت الهستدروت بنفسها. فحين اضطرت الى التهام ما طبخته بيديها، لم تتردد أن تنفذ في بيتها تقليصات حادة في الأجور وعمليات قاسية من الفصل من العمل، بأحجام لا نحلم بها نحن، نسبياً. بأي حق تقدم لنا المواعظ الآن؟ هل انا من دعاة عمليات الفصل الجماعية في القطاع العام؟ انا لست كذلك. فالذين سيتم فصلهم من العمل لا تنتظرهم فرص عمل بديلة لدى المشغلين في القطاع الخاص. محرّك القطاع الخاص لم يسخن بعد. ولذا، فحين يكون على كفتي الميزان عمليات فصل واسعة من جهة، وخفض الاجور من جهة ثانية، فانني أميل الى خفض الأجور".

ـ اذا كانت الطبقة العاملة في القطاع العام تحصل على اجور زهيدة، كما تقول، فلماذا تسعى الى تقليص القليل الذي تبقى لها؟ لماذا عدم الاكتفاء بتقليص اجور الموظفين الكبار؟

نتنياهو: "ليتني كنت استطيع الاكتفاء بذلك. لكن التقليص في اجور الموظفين الكبار لا يكفي لسدّ الثغرة في الميزانية. حين تسلمت منصب وزير المالية اكتشفت ان الصندوق فارغ. لا خيار امامي، يجب عليّ المس ايضًا بأصحاب الأجور المتوسطة، لكن ليس بأصحاب أجور الحد الأدنى. هذا الحل ليس مثاليا، وحتى غير مرغوب. الموجود يتغلب على المرغوب، احياناً. انا مستعد لقبول اقتراحات بشأن تقسيط التقليصات في الأجور، ومستعد لخطة تقليصات مختلفة، في بنود أخرى مختلفة. فلتتفضل الهستدروت وتقدم اقتراحاتها".

ـ هل ستكون مستعدا لعقد "صفقة" مع الهستدروت؟

نتنياهو: "بالتأكيد. انا لا ارفض عقد صفقة مع الهستدروت. فلتقل الهستدروت ما الذي تريده. انا مستعد للنظر في اقتراحات جادة تقدمها، كما انني مستعد لتخفيف حدة اقتراحاتي. شيء واحد لن اتنازل عنه: توفير 2،5 مليار شيكل من التكلفة العامة للأجور في القطاع العام خلال سنة 2003. لم اسمع من عمير بيرتس حتى الآن ولو كلمة واحدة عما هو مستعد لتقديمه، للمساهمة به. لم يقدم حتى الآن ولو شيكلا واحداً".

ـ عمير بيرتس يقول ان المستخدمين غير مستعدين للمساهمة، لأن وزارة المالية ستستغل هذه الأموال لتمويل خفض فوري لنسب الضريبة المرتفعة.

نتنياهو: "وهذا جيد جدًا. هكذا ينبغي ان يكون. اسرائيل اصبحت مهزلة ومسخرة في العالم حين رفعت نسبة ضريبة الدخل في أوج الركود الاقتصادي. ما الذي تأتى من هذه الزيادة؟ هل جبينا المزيد من الضرائب؟ جبينا اقل، اقل بكثير. الكثيرون بدأوا يتهربون، نقلوا مركز حياتهم الى خارج البلاد او توقفوا عن العمل. النتيجة الوحيدة التي تحققت كانت نموًا سلبيًا للاقتصاد الاسرائيلي كله، وللقطاع التجاري بشكل خاص. المصالح التجارية تضررت بشكل كبير. القطاع العام لم يقدم اي مساهمة للاقتصاد. زاد البتر وعمَّقه فقط".

ـ في اطار الخطة، تنوي ايضًا تمديد فترة تجميد مخصصات الدعم الاجتماعي ايضًا.

نتنياهو: "أنا أصغي للأصوات التي تصل اليَّ من الجمهور. اصوات تعبر عن ضائقة حقيقية. اسمع الصرخات جيدًا، تلك البعيدة عن الديماغوغيا المنظمة. بعضها يتعلق بأمور يمكن تعديلها، حقًا. التقيت ممثلين عن نقابة العاملين الاجتماعيين، وعيّنت مندوباً خاصًا من وزارة المالية لاجراء حوار صريح معهم. ثمة في هذه الدولة ضائقة ومعاناة".

ـ هل يمكن توقع الغاء البند حول هذه المخصصات، اذن؟

نتنياهو: "الخطة مفتوحة للتغييرات والتعديلات الجدية. انها ليست مقدسة، وليست جميع بنودها من الاسمنت. يمكنك ان تتوقع تغييرات وتعديلات قبل عرض الخطة على الكنيست، كما يمكنك توقع جولة ثانية من التغييرات والتعديلات بين القراءة الأولى والقراءة الثانية".

ـ قلت في السابق ان القطاع العام "لا ينتج اي قيمة مضافة". لكن المعلم، والمحلل النفسي، والشرطي، وموظف الجمارك، والعامل الاجتماعي، ومرشد التأهيل المهني، او الضابط في الجيش النظامي، هؤلاء كلهم ينتجون قيمة اقتصادية مضافة لا تقل عن تلك التي ينتجها القطاع الخاص.

نتنياهو: "أنا أعترف بعطاء المستخدمين في القطاع العام للناتج القومي، وللرفاه، وللاقتصاد. زوجتي ايضًا تعمل في القطاع العام. حجتي كانت، حتى لو لم أصغها بدقة في صخب الجدل، ان الاقتصاديات الناجحة هي تلك التي فيها النسبة بين الناتج العام وبين الناتج الخاص اقل مما هي عندنا. النسبية بين هذين القطاعين هي التي تقرر مصير الاقتصاد الوطني. هذه العلاقة في اسرائيل مشوهة".

ـ ماالذي ستعرضه على الكنيست بالضبط؟ فما أقرته الحكومة ليس سوى بعض القرارات التصريحية، وليس بنودَ قانون تفصيلية. كيف سيتم، مثلا، صياغة مشروع القانون حول خفض الأجور؟ او حول الفصل؟ او تعديل صلاحيات مدراء الاقسام؟

نتنياهو: "دون ان اكشف لك التفاصيل، سأقول: سيفاجأ الناس عندما سيقرأون مشروع القانون. سنأخذ بالاعتبار التحفظات التي قدمت حتى الآن. الجمهور لا يعلم ما هي الصورة التي ستكون عليها التشريعات والأنظمة التي نعدّها ولأيِّ فترة ستكون سارية المفعول. بالمناسبة، حكومة شمعون بيرس في العام 1995 أعدّت أوامر بموجب انظمة الطوارىء لتفعيلها ضد الهستدروت من اجل الامتناع عن دفع علاوات أجور، بل كانت على وشك الانتقال الى مرحلة التشريع في هذا المجال، لكن الهستدروت خافت وتراجعت في اللحظة الأخيرة".

ـ لكن انظمة الحكومة شملت، آنذاك، آلية لدفع علاوات أجور من جديد للأجيرين، بعد فترة قصيرة يتم خلالها ضبط الوضع الاقتصادي.

نتنياهو: "وما ادراك ما الذي سيكون، وما لن يكون، في التشريعات التي نعدها نحن؟"

ـ الحرب في العراق انتهت بالقضاء الفعلي على القوة العسكرية العراقية. هل ستطالب، الآن، بتقليص ميزانية الأمن؟

نتنياهو: "صحيح انه تم القضاء على مصدر خطر كبير كان يهدد وجود إسرائيل وان قوة الردع الأمريكية والاسرائيلية تعززت كثيرًا. ولذا، طلب رئيس الحكومة من جهاز الأمن اعادة النظر في الاحتياجات الأمنية للمدى البعيد. اعادة النظر هذه ستنتهي خلال اسابيع قليلة، وعندئذ سيتضح هل بالإمكان تقليص ميزانية الأمن، بكم ومتى؟"

ـ وهل ثمة مجال للتقليص؟

نتنياهو: "حدث شيء ما في الشرق الأوسط ولا يمكن تجاهل ذلك".

ـ هل ما زال التوقع بتحقيق نمو اقتصادي بنسبة 1% في هذه السنة واقعيًا؟

نتنياهو: "هناك احتمال بأن يكون النمو الاقتصادي هذه السنة 1% على الأقل، شريطة ان يتم تطبيق اطار خطة الاشفاء الاقتصادي بشكل كامل. اذا ما حققنا نموًا اقتصادياً بنسبة 2%، فلن تكون ثمة حاجة الى اجراء تقليصات في ميزانية السنة القادمة، وسيتم تحقيق هدف العجز التجاري كما هو وارد في قانون الميزانية. احتمالات تحقيق هذا لا بأس بها".

ـ تحدثت هذا الأسبوع مع رئيس البنك المركزي الأمريكي. هل نجحت في اقناعه بصواب الخطة الاقتصادية؟

نتنياهو: "فاجأني جدًا ما أبداه الن غرينسبين من اطلاع واسع على تفاصيل الواقع الاقتصادي في اسرائيل. طلب مني تزويده بنسخة من خطة الاشفاء الاقتصادي التي اعددناها وقال انها ايجابية ومثيرة للاهتمام. وحسب ما يقوله غرينسبين، فقط الدول التي اقتنع الرأي العام فيها بضرورة تكبير الكعكة الاقتصادية الوطنية كشرط اساسي لتحسين الوضع الاجتماعي ـ فقط تلك الدول هي التي وجدت طريق الخلاص والازدهار. ولديه انطباع بأن اسرائيل تشهد اليوم ذروة النقاش حول هذه المسألة وان الحسم اصبح وشيكاً. وقد تحدث معي عن "الحاجز النفسي" الذي يجعل من الصعب على الناس التكيف مع فكرة ان النمو الاقتصادي يسبق التوزيع، وليس العكس. وبرأيه، في اللحظة التي يقتنع الجمهور الاسرائيلي بهذه الفكرة، سيعود الاقتصاد الاسرائيلي الى مسار النمو".

ـ هل اصبحت تحب منصب وزير المالية؟

نتنياهو: "لست نادماً على موافقتي على اشغال هذا المنصب. انني اعتبرها رسالة. ربما لو كان في هذا المنصب شخص غيري، اقل اصرارًا مني، واقل تماسكاً وقوة مني، لكان قد انكسر وترك سفينة الاقتصاد لشأنها. انا مستعد لاحتواء النيران. لن أتخلى عن دفة القيادة".

لا تنازلات قبل المفاوضات

حين يتحدث بنيامين نتنياهو في شؤون السياسة الخارجية والأمن، يلتمع بريق حاد في عينيه. انه البريق ذاته الذي يفتقر اليه عندما يسهب في امتداح خطته الاقتصادية. آراؤه اصبحت اكثر تطرفاً: انه يتوقع ضغطًا امريكياً، لكنه يدعو الى صدّه. انه يستخف بتعيين ابي مازن رئيسًا للحكومة الفلسطينية، ويضع شرطًا لا تنازل عنه لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين: التنازل عن حق العودة.

ـ هل فوجئت بانتهاء الحرب في العراق بهذه السرعة؟

نتنياهو: "قلت للجميع ان القتال سينتهي خلال عشرة ايام وان نظام صدام حسين سوف ينهار. فاجأنا استمرار القتال اربعة ايام أخرى".

ـ كيف ستؤثر نتيجة الحرب على سوريا؟

نتنياهو: "الأمريكان يفرضون الآن نظاماً عالميًا وشرق أوسطي جديدين. لعبة الأنظمة الدكتاتورية التي ترعى الارهاب انتهت. لا مشكلة لدى الولايات المتحدة في نقل جيشها فورًا الى الحدود العراقية ـ السورية ومطالبة دمشق بتدمير اسلحتها الكيماوية، والتوقف عن تقديم الدعم والرعاية لحزب الله و"عصابات ارهابية فلسطينية". لو كنت الأسد لبدأت أقلق".

ـ هل تتوقع ضغطاً امريكياً على اسرائيل؟

نتنياهو: "متوقع ضغط كهذا، لكننا قادرون، ومجبرون، على صدّه. بمقدورنا التأثير على السياسة الأمريكية تجاه اسرائيل وتجاه الفلسطينيين. يمكن التأثير بشكل مباشر على الرئيس بوش، والتأثير بشكل غير مباشر بواسطة الكونغرس والرأي العام. لم يكن لدى المواطن الأمريكي العادي، من قبل، مثل هذا التضامن الكبير مع اسرائيل كما هو الحال اليوم".

ـ ألم تغير موقفك الرافض لاقامة دولة فلسطينية؟

نتنياهو: "تعزز موقفي هذا. سيكون هذا خطأ تاريخيًا بائساً، من صنف الأخطاء التي ارتكبت في اتفاقيات "السلام" في ميونيخ، وفي اتفاقية "السلام" بين الولايات المتحدة وفيتنام. من شأن دولة فلسطينية ان تشجع الكراهية تجاه اسرائيل وان تُخرّج من داخلها كتائب من الانتحاريين. ستكون هذه دولة ارهاب تشكل برميل بارود في المنطقة. في مقدورنا ان نقنع الولايات المتحدة بالتراجع عن هذه الفكرة الخرقاء".

ـ التي يؤيدها شارون ايضاً...

نتنياهو: "شارون يضع تحفظات جوهرية على موافقته على دولة فلسطينية. ومع ذلك، فأنا أختلف معه ايضا".

ـ هل لديك آمال من تعيين ابي مازن؟

نتنياهو: "ابو مازن يبدو، ظاهرياً، وكأنه رئيس حكومة مستقل، يقيم حكومة يتعين ان يصادق عليها عرفات. هل هذا جدي؟ هل هذا اصلاح؟ علينا ألا نقع في اوهام بالنسبة لأبي مازن: لا مستقبل له مقابل عرفات. التنازل الفلسطيني عن "حق العودة" هو شرطي الذي لا أتنازل عنه لأي مفاوضات معهم. هذا شرط مسبق".

ـ ارئيل شارون يتحدث عن تنازلات مؤلمة من جانب اسرائيل واخلاء مستوطنات. وأنت؟

نتنياهو: "ليس من عادتي التبرع بتنازلات قبل اجراء مفاوضات".

ـ بمثل هذه الآراء قد تجد نفسك خارج صفوف الحكومة؟

نتنياهو: "هذا ممكن بالتأكيد، لكن لا يبدو لي ان الحكومة بتركيبتها الحالية ستتخذ قرارات سياسية تضطرني الى تركها".

(يديعوت احرونوت 22/4، ترجمة "مـدار")

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات