خبير إسرائيلي في شؤون المياه: الادعاءات بوجود أزمة مياه في إسرائيل تحركها مجموعات لديها مصالح خاصة مثل مزارعين يريدون إقامة معامل تحلية مياه وشركات ضالعة في إقامتها ومثل المستوطنين الذين يستخدمون الأزمة كتبرير سياسي ضد اتفاق سلام
ادعت جهات في إسرائيل، من مزارعين وصناعيين ومستوطنين، بأن إسرائيل تواجه هذا العام أزمة في المياه هي الأخطر خلال العقد الأخير، وذلك على ضوء شحة الأمطار في الشتاء الأخير والتزايد الكبير في الاستهلاك البيتي للمياه.
وذكر تقرير نشرته صحيفة هآرتس اليوم الثلاثاء- 11/3/2008- أن التوقعات تشير إلى أنه مع حلول نهاية الصيف المقبل سينخفض مستوى مصادر المياه الرئيسة إلى ما تحت الخطوط الحمر، الأمر الذي سيهدد جودة المياه. وستضطر سلطة المياه الإسرائيلية، على ضوء الوضع الناشئ، إلى اتخاذ إجراءات للتوفير في المياه. وستعقد السلطة اجتماعا الأسبوع المقبل لمناقشة الاستعدادات لمواجهة أزمة المياه.
وبحسب توقعات أعدتها مؤخرا سلطة المياه فإنه مع حلول نهاية الصيف المقبل سينخفض مستوى المياه في المصادر الرئيسة التي تستخرج منها إسرائيل المياه، وهي الحوض الجوفي عند السفوح الغربية لجبال الضفة الغربية وبحيرة طبرية. وسيصل مستوى المياه في البحيرة إلى أكثر من متر تحت الخط الأحمر. كذلك يتوقع أن يصل العجز في ميزان المياه، أي استخراج كميات إضافية في أعقاب الأمطار، إلى 410 ملايين متر مكعب وهو ضعفا العجز في العام الماضي. ويصل العجز في الأعوام الأربعة الماضية إلى حوالي مليار متر مكعب من المياه.
وبسبب شحة الأمطار فإن مستوى المياه في بحيرة طبرية هذا العام أقل بستين سنتمترا مما كان عليه في العام الماضي، وهو أقل هذا العام بأكثر من ثلاثة أمتار عما كان عليه قبل أربعة أعوام.
ويؤدي انخفاض مستويات المياه في مصادرها إلى تشكيل خطر على جودة المياه وخصوصا في حوض المياه الجوفية في الضفة. وكلما انخفض مستوى المياه العذبة يتزعزع التوازن مع المياه المالحة التي مصدرها من البحر أو من طبقات الارض العميقة التي تتغلغل إلى حوض المياه العذبة وتزيد ملوحتها. من جهة أخرى فقد تزايدت ملوحة أحواض مياه جوفية في منطقة السهل الساحلي الواقعة بين تل أبيب والخضيرة. وفي بعض الأماكن تسللت مياه البحر لمسافة تزيد عن كيلومتر عن الشاطئ.
وإلى جانب شحة الأمطار تواجه سلطة المياه ارتفاعا حادا في استهلاك المياه في البيوت خلال العامين الأخيرين بلغ 4% في السنة وخصوصا لغرض ري الحدائق المنزلية.
يشار إلى أن مسألة مصادر المياه هي قضية هامة في الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، إذ تسلب إسرائيل المياه العذبة من الحوض الجوفي في الضفة. وتشير المعطيات الإسرائيلية إلى أن إسرائيل تستخرج نحو 80% من المياه الجوفية في الضفة لاستخدام مستوطنيها وللاستخدام داخل إسرائيل فيما يبقى 20% من مياه الحوض الجوفي في غرب جبال الضفة للفلسطينيين. وذلك رغم أن لدى إسرائيل بدائل للمياه الجوفية في الضفة.
وقالت المسؤولة في سلطة المياه الإسرائيلية تامي شور لهآرتس "إننا ننفذ بضع خطوات من أجل زيادة العرض في المياه، ونعتزم استخراج مياه جوفية في منطقة الحولة وتوجيهها عبر قنوات إلى بحيرة طبرية. كذلك سنستخرج المياه من منطقة الجليل الشرقي وستجري هذه المياه مباشرة في قنوات مشروع المياه القطري. وفي منطقة السهل الساحلي سنحاول إدخال آبار جوفية للاستخدام وسنصادق على تشغيل معامل تحلية المياة وزيادة القدرة على إنتاج المياه العذبة".
من جهة أخرى ستسعى سلطة المياه إلى التقنين في الاستهلاك البيتي وخصوصا فيما يتعلق بري الحدائق البيتية والعامة من خلال رفع أسعار المياه للري وتفعيل أنظمة تحظر ري الحدائق في الأشهر من تشرين الثاني وحتى نيسان فيما يُسمح في أشهر السنة المتبقية بالري في ساعات الليل فقط.
من جانبهم يخشى المزارعون من الأضرار التي ستلحق بهم جراء أزمة المياه، خصوصا أنها تأتي في أعقاب فترة الصقيع في الشتاء الأخير التي ألحقت هي الأخرى أضرارا كبيرة بالمزارعين. ويخشى المزارعون إضافة إلى شحة المياه، من رفع أسعار المياه لري الحقول. وتنعكس أزمة المياه للزراعة أيضا في حالة تجمعات المياه التي يقيمها المزارعون في منطقة شمال إسرائيل حيث أن ثلثها فقط امتلأ بالمياه بسبب قلة الأمطار في الشتاء الأخير.
لكن خبير قطاع المياه البروفيسور هيلل شوفال، من كلية علوم البيئة في الجامعة العبرية في القدس، الذي أجرى في العشرين عاما الأخيرة أبحاثا حول أزمات المياه والصراع على المياه بين إسرائيل والدول المجاورة لها، قال إن أزمة المياه التي يجري الحديث عنها الآن اصطناعية. وأضاف أنه "بالإمكان التوصل إلى توازن في قطاع المياه من خلال تحلية مياه ووقف الدعم الحكومي للمياه المخصصة للزراعة".
وأضاف شوفال أن "إسرائيل تصدر كل عام 300 مليون متر مكعب من المياه على شكل منتوجات زراعية تستهلك كميات مياه هائلة". وأضاف أن "زراعة الورود هو جنون لأنها تسلب مياها كثيرة ويتم تصديرها للخارج رغم أن إسهام فرع التصدير هذا هامشي بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي". وقال شوفال "إننا نخصص 50% من كميات المياه للزراعة رغم أن إسهام الزراعة للناتج القومي الخام هو 2% فقط". ومن الجهة الأخرى فإن إسرائيل تستورد المواد الغذائية بكمية كبيرة "و80% من السعرات الحرارية التي نستهلكها مستوردة".
وخلص شوفال إلى القول إن ادعاءات بخصوص وجود أزمة مياه في إسرائيل تحركها مجموعات لديها مصالح خاصة مثل "مزارعين يريدون إقامة معامل تحلية مياه وشركات ضالعة في إقامتها والمستوطنين الذين يستخدمون الأزمة كتبرير سياسي ضد اتفاق سلام".