يعالج الكتاب مراحل وأسس وحيثيات التغيير في العلاقة بين التيار العلماني اليهودي ممثلاً بالتيار العمالي الصهيوني وبين التيار الديني، متخذاً من شاس نموذجاً.
ويخلص الباحث إلى أن توجهات دينية جديدة ظهرت تأثرت في بعض جوانبها بالصهيونية وفي بعض جوانبها الأخرى تأثرت بتفسيرات جديدة للدين، وإلى جانب ذلك ظهرت توجهات جديدة للصهيونية العلمانية تأثرت في جوانب معينة بالخطاب الديني اليهودي.
ويظهر أحد تجسّدات هذا التحول في علو شأن تأثير الحركات الدينية في المجتمع الإسرائيلي وفي خطابه السياسي بوجه عام، وفي عملية صنع القرار السياسي بوجه خاص. ومن أعظم هذه الحركات الدينية شأناً على هذا الصعيد حركة "شاس" ("الاتحاد العالمي للسفارديم المتديّنين")، من هنا تنبع أهمية حركة "شاس" كنموذج للحركات الدينية السياسية في السياقات الإسرائيلي والصهيوني واليهودي. ويعتبر بشير خلافاً للرأي السائد في وسائل الإعلام والأدبيات غير الأكاديمية، أن حركة "شاس" ليست فقط حزباً سياسياً يمثل فئة اجتماعية أو إثنية معينة، وإنما هي حركة سياسية دينية تركت أثراً كبيراً على الصعيد الفكري الديني والصهيوني والدمج بينهما.
يقع الكتاب في أربعة فصول، حيث يتوقف الفصل الأول (التديّن اليهودي والحريديم في إسرائيل) عند نسبة التديّن اليهودي وشدّته والتحولات التي طرأت على هذه النسبة عبر السنين والكشف عن مصادرها. كذلك يتوقف عند التعريف بالفئة الدينية التي يطلق عليها اسم "حريديم"، وعند التأثير الذي أحدثه دخول هذه الفئة إلى المعترك السياسي الصهيوني والإسرائيلي. كذلك، يتطرق هذا الفصل إلى مسألة نظرة الحريديم تاريخياً إلى الصهيونية وأهدافها والإشارة إلى مصادر التحول الذي طرأ عليها كجزء من المجتمع الإسرائيلي ومن الحلبة الدولية والتحولات العالمية التي طرأت عليها في القرن العشرين.
يولي الفصل الثاني ("شاس": حركة إثنية ودينية حريدية) أهمية مركزية لخصوصيات حركة "شاس" في السياق الإسرائيلي، ويرسم خطوطها العريضة وركائزها العقائدية ومشاربها الدينية وأهدافها على صعيد الصراع الثقافي الذي يتخذ شكل الصراع الإثني والطبقي .
أما الفصل الثالث ("إعادة المجد التليد": تجديد ونقد الحاخام عوفاديا يوسيف) فيكشف عن السمات الأساسية للتجديد والنقد اللذين أتى بهما الحاخام عوفاديا يوسيف بصفته القائد الروحي لحركة "شاس".
الفصل الرابع والأخير (طلائعيّة الصهيونية الجديدة) هو الفصل المركزي لهذه الدراسة، ويتوقف عند الجديد الذي أتت به "شاس" على الخارطة السياسية في إسرائيل وعلى إبداعها لصيغة جديدة للصهيونية تجمع بصريح العبارة بين الدين اليهودي وبين المشروع الصهيوني، حيث تركت هذه الصيغة الجديدة للصهيونية أثراً بالغاً ومركزياً على التحولات العقائدية التي طرأت على المجتمع الحريدي في إسرائيل وخارجها، وتسهيل عملية تبنيّه لجوانب محددة من الصهيونية بصيغتها الكلاسيكية ودفعها نحو المشاركة في صياغة صهيونية جديدة.