يقف الكتاب على الأساسيات التي تحدد معالم جهاز التعليم في إسرائيل، مستنداً إلى جزء كبير من الأدبيات التي تتناول التطور التاريخي للتجربة التعليمية في إسرائيل، وما واكبها من تغيرات ومحاور خلاف وجدل بين مختلف التيارات.
وتكتسب معرفة جهاز التعليم الإسرائيلي أهمية خاصة لدوره في تقديم فهم معمق لدور التعليم في زرع الأسس الإيديولوجية الصهيونية، حيث تَعتبر إسرائيل التعليم مركباً امنياً إلى جانب كونه أداة لمواكبة التطور وتحقيق التنمية و الرفاه.
تتضح من خلال قراءة هذا الكتاب ملامح تجنيد التعليم على نحو صارم في بناء الهوية الجماعية بشكل قائم على الانتقاء والتعبئة مع القليل القليل من القيم الإنسانية والمتسامحة .
ويفرد الكتاب فصلا لجهاز التعليم العربي في إسرائيل، يتناول مبنى الجهاز وموقعه ومكانته بين التيارات التعليمية الأخرى، مستعرضاً ما يتعرض له من رقابة وسيطرة وتضييق وحرمان من المشاركة في تحديد المناسب والملائم مع احتياجات الفلسطينيين في إسرائيل.
ومما جاء في مقدمة الكتاب: "يلاحظ المطلع على طبيعة المجتمع الإسرائيلي بتناقضاته الداخلية، مدى الملاءمة والتوافق القوي بين أهداف جهاز التربية التعليم التربوية من جهة وحاجات المجتمع الإسرائيلي المنقسم والمنشطر على نفسه اجتماعياً وثقافياً من جهة أخرى، لذا كان لا بد لهذا الجهاز ووفق هذه الخصوصية الاجتماعية من الاعتماد على القاسم المشترك والموحد. من هنا اعتمدت هذه التربية على الخلفية الدينية والتوراتية التلمودية، كما واستمدت فلسفتها من تعاليم الحركة الصهيونية. لذا اعتبر جهاز التربية التعليم وما زال الوسيلة الأولى والاهم التي استخدمت لتحقيق أهداف الصهاينة في إنشاء دولة إسرائيل والعمل على بقائها. كما وحاول هذا الجهاز تبني الأفكار التي تعتمد على الفلسفة التربوية الغربية في كل ما هو متعلق بالبحث عن المعرفة وفي أسلوب التعليم. يلاحظ هذا جليا في إتباع النقاش والجدل التربوي الغربي حول معضلات تربوية قيمية مثل النقاش حول انتهاج سياسة تربوية غايتها تحقيق الامتياز والتفوق (قيمة اقتصادية) أم انتهاج سياسة تربوية غايتها تحيق المساواة والعدل بين الطلبة (قيمة اجتماعية).