عدد جديد من "قضايا إسرائيلية": دراسات في تركيبة "نظام الملة" الإسرائيلي وخلفياته وتوظيفه السياسي
رام الله: صدر حديثا عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" العدد 61 من فصلية قضايا إسرائيلية، يضم محورا حول نظام الملل كأداة لتشكيل الهويات في إسرائيل، يتعمق في قضايا التقسيم الطّائفي وقضايا الأحوال الشّخصيّة في القانون وخلفياتها وإشكالياتها.
ويلفت الملف النظر إلى أن موضوع نظام الملل يقع في صلب المجال السياسي، وأنه "من غير الممكن فهم طبيعة الدولة والقانون والمجتمع في إسرائيل، وإدراك مفاهيم أساسيّة مثل المواطنة والقوميّة والهويّة، دون التّطرّق إلى موضوع نظام الملل وقضايا الأحوال الشّخصيّة."
يحوي المحور عدّة مقالات وأبحاث تتناول الموضوع من جوانب عدّة. فالباحث غال أمير يقدّم نظرة تاريخية شاملة لنظام الملل ذي الأصل العثماني عبر تحوّلاته في فترة الانتداب البريطاني، وصولاً إلى فترة الدولة، شارحا المنطق المؤسّس لهذا النظام وتعليماته الأساسيّة.
ويقدم ميخائيل كرينّي بحثًا مطوّلاً حول قانون التّبني الإسرائيلي، والذي يحظر على الأهل تبنّي طفلٍ من طائفة دينيّة أخرى غير طائفتهم. ويشير المقال إلى أنّ القانون هو بالأساس تعبيرٌ عن الخوف اليهودي من الانصهار في الطوائف الأخرى، ويوضّح كيف صدّر هذا الخوف إلى مجمل المجتمع الإسرائيلي، بحيث يحظر القانون اليوم على عائلة مسيحية مثلاً تبنّي طفلٍ مسلم.
ويعرض د. موسى أبو رمضان بحثًا قانونيًّا تاريخيًا يُظهر هو الآخر دور القانون في صياغة الهويّة، وفي وضع الحدود والحواجز. ويقوم المقال بذلك عبر تحليل قانونيّ لتجربة الطائفة الدّرزيّة في إسرائيل، وعملية إنشاء ما يسمّى "بالخصوصيّة الدرزية" عبر سنوات بناء الدّولة.
أمّا الباحثة عرين هوّاري فتعرض تشابك الأسئلة القومية مع الأسئلة النسويّة، وتقاطع الأجندات، حينما يدور الحديث عن قوانين الأحوال الشخصيّة. تشير الباحثة إلى الاعتبارات المختلفة في صياغة الحركة النسوية في الدّاخل الفلسطيني، والتحدّيات التي تواجهها في خياراتها الصّعبة.
من جهة أخرى، يعرض الكاتب أليف صبّاغ مثالاً تاريخيًّا مطوّلا لطبيعة العلاقة بين الكنيسة الأرثوذكسيّة والبطريركيّة اليونانيّة، وبين الطّائفة العربية المسيحيّة الأرثوذكسيّة في البلاد، وبين مؤسسة الدّولة. يشير البحث إلى طبيعة التحالفات التي تقيمها المؤسسة البطريركيّة اليونانيّة في كثير من الأحيان مع المؤسسة الحاكمة، وذلك في مواجهة أبناء الطّائفة العرب.
ويحتوي العدد أيضًا على مقالات ودراسات تتناول قضايا مهمة من شأنها أن تبيّن بعض التطورّات المهمة التي يشهدها المجتمع الإسرائيلي، منها مقال الكاتب والروائيّ مجد كيّال "نشأت ملحم وفسيفساء الحُلم الأميركي"، الذي يتابع كيف عكست التغطية الإعلاميّة الإسرائيليّة لعمليّة نشأت ملحم، مسارين متنافسين، متضاربين من حيث الهيئة ومنسجمين من حيث الجوهر، في السياسة الإسرائيليّة. وكيف شكّلت تغطية العمليّة استمرارًا لمرحلة الانتخابات البرلمانيّة الأخيرة، التي انقسمت فيها السياسة عموديًا حول الموقف من شخص، أداء وأيديولوجيا بنيامين نتنياهو.
ويتناول مقال الباحث والصحافي برهوم جرايسي "الغاز الإسرائيلي: مليارات لحيتان المال والذرائع أمنية وسياسية"، الجدل داخل المجتمع الإسرائيليّ حول مضمون اتفاقيات إدارة حقول الغاز التي تسيطر عليها إسرائيل في البحر الأبيض المتوسط. وفي مركز هذا الجدل أن الاتفاقيات التي أبرمتها الحكومات الإسرائيلية حتى بعد تعديلها، تغدق على الشركات المحتكرة لهذه الحقول عشرات مليارات الدولارات، وأن حصة الخزينة العامة للدولة من إنتاج الغاز أقل بكثير مما يجب، وهذا يأتي على حساب الجمهور.
ويضم العدد مقابلة مع يغيل ليفي، المحاضر الجامعي والكاتب في شؤون العلاقة بين الجيش والمجتمع والسياسة في إسرائيل، أجراها الباحثان أنطـوان شلحـت وبلال ضاهر، ظواهر مهمة على غرار حضور المتدينين اليهود في الجيش الإسرائيلي وفي قيادته بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذي جعل مزيدا من الحاخامين يتدخلون بشكل فعلي في القرارات التي يتخذها الجيش، وعسكرة الفكر والحياة في إسرائيل، والدور الذي تلعبه المؤسسة الأمنية، مثل أجهزة الشاباك والموساد والشرطة في التأثير على الحياة السياسية.
وكعادته يضم هذا العدد زوايا ثابتة احتوت في هذه المرة على ترجمة لمقال لبن غوريون من سنة 1915، يتحدث في عن مستقبل المشروع الصهيونيّ وتطوّر مساعي إقامة الدولة المرجوّة، إلى جانب المكتبة وقراءات الكتب.