تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.
  • تقارير خاصة
  • 1966

صعد المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون من تهديداتهم لإيران وحزب الله، في الأيام الأخيرة، في ظل توتر أمني أعقب الغارة الإسرائيلية في منطقة بلدة القنيطرة السورية، يوم الأحد من الأسبوع الماضي، والتي أسفرت عن مقتل ستة مقاتلين من حزب الله وجنرال إيراني.

 

واعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعلون، أن إيران تسعى في الفترة الأخيرة إلى فتح جبهة ضد إسرائيل في مرتفعات الجولان السوري المحتلة، من خلال شن "عمليات نوعية" والتسلل إلى المستوطنات الإسرائيلية واستهداف المدرعات الإسرائيلية وإطلاق القذائف الصاروخية تجاه إسرائيل. وهدد بأن سورية ولبنان ستدفعان ثمن أي عمل عسكري تقومان به ضد إسرائيل ردا على الغارة في القنيطرة.

وقال يعلون لإذاعة الجيش الإسرائيلي، أمس الأحد، إن الحديث يدور حول "جهود إيرانية بالتعاون مع حزب الله لفتح جبهة ضدنا في الجولان" وإن "الحديث يدور عمليا حول تعاون بهدف إقامة شيء لفتح جبهة ضدنا في الجولان. في البداية حدث إطلاق قذائف وزرع ألغام، ولاحقا أدركنا أنهم يسعون لتطوير ذلك إلى عمليات نوعية وجدية أكثر، بما في ذلك التسلل إلى بلدات في الجولان، وإطلاق صواريخ مضادة للمدرعات وعمليات قنص وغيرها".

وأضاف يعلون أن "السيطرة الإيرانية في الجولان" هدفها ضرب "المصالح الغربية في الشرق الأوسط وليس الإسرائيلية فقط"، وأن "إيران تحاول السيطرة على سورية والجولان مثلما تحاول السيطرة على اليمن وكما سيطرت على لبنان".

وفيما ترددت أنباء حول نقل رسائل تهدئة إسرائيلية إلى إيران عبر روسيا، رفض يعلون التحدث عما يحصل "من وراء الكواليس"، وقال إنه تحدث مع وزير الدفاع الأميركي بعد الغارة الجوية على القنيطرة، في إشارة إلى احتمال نقل رسائل إلى روسيا من خلال الولايات المتحدة.

وأكد يعلون أن الجيش الإسرائيلي عزز قواته في الجبهة الشمالية مقابل سورية ولبنان تحسبا لأي رد محتمل. وأوضح أن الأجهزة الأمنية نقلت تحذيرات إلى السفارات الإسرائيلية في أنحاء العالم تحسبا لأية عمليات انتقامية.

ونفى يعلون أن يكون أحد في وزارة الدفاع أو في الجيش الإسرائيلي قد سرب لوكالة رويترز أن أجهزة الأمن الإسرائيلية لم تكن تعلم بوجود الجنرال الإيراني في القنيطرة لدى شن الغارة.

وكان يعلون قد أرسل تهديدا لإيران وحزب الله، يوم الجمعة الماضي، خلال زيارة قام بها إلى مقر قيادة الجبهة الشمالية للجيش الإسرائيلي في مدينة صفد. وقال إن "ثمة أهمية لأن نحافظ على برودة أعصاب وصبر، وأن نعرف كيف نرد بالشكل المناسب وبحيث نوضح لكل من يحاول المس بنا أننا لن نتحمل استفزازات في أية جبهة كانت".

وأضاف أن "إسرائيل سترى في الحكومات والأنظمة والمنظمات الموجودة خلف الحدود الشمالية أنها مسؤولة عما يحدث في أراضيها، وسيتعين عليها أن تمتص الثمن في أي حالة يتم فيها المس بسيادة إسرائيل ومواطنيها وجنودها. ولن نتحمل محاولات للمس بنا وسنرد بشدة ضد أية محاولة كهذه".

من جانبه، قال رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، في مقر قيادة الجبهة الشمالية، إن الجيش الإسرائيلي مستعد لتنفيذ أي عمل عسكري ضد سورية أو لبنان، في أعقاب تصاعد التوتر بعد الغارة الإسرائيلية العدوانية في القنيطرة. وهدد قائلا "نحن جاهزون جدا ومتأهبون جدا ومستعدون لتنفيذ أي عمل مطلوب".

وادعى غانتس أن الحياة تسير على طبيعتها في شمال البلاد، فيما تحدثت تقارير إسرائيلية عن تخوف الإسرائيليين من التنزه في هذه المنطقة وتذمر أصحاب الفنادق من تراجع الحركة السياحية بنسبة 50%، في ظل حشد القوات في مرتفعات الجولان المحتلة وعند الحدود مع لبنان. لكن غانتس قال إن "الشمال هادئ، قوي وصلب. والجيش الإسرائيلي مستعد لتنفيذ أية مهمة، وسيعمل من خلال ترجيح الرأي من جهة، وبالحزم المطلوب من جهة أخرى".

وأعلن الجيش الإسرائيلي أن قواته أجرت مناورة عسكرية واسعة بمشاركة سلاح الجو، يوم الجمعة، وذلك في إطار الاستعدادات لاحتمال تصعيد أمني في أعقاب الغارة في القنيطرة.

 

"الغارة في الجولان تختلف عن اغتيال العلماء في طهران"

 

تطرق المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، يوم الجمعة الماضي، إلى الغارة في القنيطرة واعتبر أنه "إذا صحّت الادعاءات التي تنسب الاغتيال في سورية إلى إسرائيل، فإن هذه كانت عملية أخرى في سلسلة طويلة من الأعمال العدائية بينها وبين حزب الله. وكلا الجانبين يتبادلان الضربات في سورية والجولان منذ سنتين، لكن بشكل عام يحرصان على ألا تخرج عن نطاق السيطرة وألا تدهورهما إلى حرب أخرى. ولذلك، فإنه بالإمكان الاعتقاد أنه حول هذا الهجوم، ضد أفراد حزب الله، سيسود إجماع كامل بين المستويين السياسي والعسكري" في إسرائيل.

وأضاف هرئيل أن "القضية تعقدت بسبب وجود المسافر السابع في القافلة، وهو الجنرال الإيراني محمد علي الله – دادي. وبدا حتى اليوم أن إسرائيل تحاذر من مغبة حدوث مواجهة مباشرة مع الإيرانيين قريبا من البيت، على الرغم من النشاط الحثيث للحرس الثوري في سورية ولبنان. وعندما رحل علماء ذرة في طهران إلى عالمهم (أي اغتيلوا) في ذروة عملهم، كان بإمكان إسرائيل أن تدحرج أعينها نحو السماء والادعاء بأن ليس لديها علم بما جرى. (لكن) الظروف مختلفة في هضبة الجولان. وهذه المرة كما تنعكس الأمور من طهران، فإن إسرائيل فتحت حسابا جديدا معها".

وفيما يتعلق بجهاد مغنية، نجل القيادي العسكري في حزب الله عماد مغنية الذي اغتيل في دمشق في العام 2009، كتب هرئيل ما قاله يعلون أمس، ما يعني أن الجيش الإسرائيلي سرب معلومات حول الغارة لهذا المحلل.

ووفقا لهرئيل فإن جهاد مغنية كان معروفا لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية منذ مدة، "كمن أقام شبكة عسكرية جديدة بمرافقة إيرانية في مرتفعات الجولان. وبالإمكان الاعتقاد أن تصفيته غايتها تحييد ما بدأ يبدو أنه قنبلة موقوتة، وهي شبكة تمكنت من إطلاق صواريخ أربع مرات باتجاه الجولان الإسرائيلي خلال الحرب في قطاع غزة في الصيف الماضي، وتدربت مؤخرا على تنفيذ هجمات نوعية أكثر على طول الحدود".   

وأضاف هرئيل أن "من اتخذ القرار في إسرائيل بمهاجمة القافلة في الجولان السوري كان يعرف من هو المسافر السابع" في إشارة إلى الجنرال الإيراني، "ولذلك فإن لب الموضوع ليس وجود ثغرة في المعلومات الاستخباراتية وإنما بترجيح الرأي من الناحية العسكرية لدى صناع القرار بشن الهجوم".

واعتبر هرئيل أن أداء إسرائيل عند الحدود الشمالية حاول بث "تهدئة بقدر الإمكان وفقا للتوجه السائد في جهاز الأمن. إذ إلى جانب حشد قوات ورفع حالة التأهب، تم تقليص حركة القوات غير الضرورية على طول الشريط الحدودي من أجل تقليص الأهداف التي قد يتم ضربها".

وأضاف فيما يتعلق بالرد على الغارة، أن "التقديرات المعقولة تفيد بأن حزب الله سيرد بعملية خاصة به، في إحدى الحلبات الكثيرة التي يمكن أن يعمل فيها. ونية إسرائيل تتجه نحو احتواء التوتر، أي العمل من أجل تقليل أضرار عملية كهذه، والأمر الثاني هو محاولة عدم الانجرار إلى قتال طويل من تبادل ضربات متصاعدة".

 

هجمات في الجولان لمنع قصف أسلحة لحزب الله

 

رأى المحلل العسكري في موقع "يديعوت أحرونوت" الالكتروني، رون بن يشاي، أن "كل شيء يبدأ من إحباط حزب الله في أعقاب عدم قدرته على الانتقام بصورة مؤلمة لما هو منسوب لإسرائيل في الإعلام الأجنبي فيما يتعلق بمهاجمة قوافل الأسلحة. وقوافل الأسلحة هذه تسير كل بضعة شهور من سورية إلى البقاع اللبناني وتنقل فيها كافة الأسلحة التي بإمكانها أن تساعد حزب الله على التغلب على نقاط ضعفه التي تم كشفها في حرب لبنان الثانية. وتشمل شحنات الأسلحة هذه صواريخ وقذائف صاروخية أرض – أرض طويلة المدى، ثقيلة ودقيقة، وبإمكانها أن تغطي كل الأراضي الإسرائيلية، وصواريخ لضرب طوافات التنقيب عن الغاز الإسرائيلية، وبوارج سلاح البحرية (الإسرائيلي) وما إلى ذلك".

وتصف إسرائيل هذه الأسلحة بأنها "كاسرة للتوازن" لتبرير استهدافها في عمق الأراضي السورية أو اللبنانية، لأنها "تمنح حزب الله تفوقا لم يكن بحوزته في الماضي". وأشار بن يشاي إلى أن قسما من هذه الأسلحة يصل إلى غايته في لبنان والقسم الآخر تتمكن إسرائيل من رصده وقصفه.

وأضاف بن يشاي أن "مشكلة حزب الله هي أنه اضطر حتى اليوم إلى امتصاص الضربات وأن يحاذر جدا بأن لا يرد ضد إسرائيل على مهاجمة قوافل أسلحته. وهذا يحدث لسببين، الأول هو أن الإيرانيين يمنعون حزب الله من التورط في حرب مع إسرائيل. والثاني أنهم نقلوا ويستمرون في نقل السلاح الحديث إلى حزب الله لكي يشكل الحزب ذراعهم الطويلة التي ستضرب إسرائيل، في حال هاجمت إسرائيل، الولايات المتحدة أو ائتلاف دولي المنشآت النووية الإيرانية".

وأردف أن "هذا ردع بصيغته الإيرانية، لكن حزب الله يواجه أيضاً مشاكل جمّة داخل لبنان مع الطوائف الأخرى، وهذا الأمر يمنعه من التورط في حرب مع إسرائيل، رغم أنه ربما كان يريد التعبير عن الترسانة الهائلة التي جمعها. وحزب الله متهم في لبنان بأن تدخله في سورية ورّطه مع داعش وجبهة النصرة السنيين... وأمين عام حزب الله، حسن نصر الله، يعلم أن شرعيته بحيازة جيش في الأراضي اللبنانية نابع من استعداد الشعب اللبناني كله وبكافة طوائفه لدعمه".  

ورأى بن يشاي أن هذا الأمر يفسر "لماذا قرر حزب الله محاولة فتح جبهة جديدة مع إسرائيل في الجولان. فمن هذه الجبهة لن يتمكن فقط من الرد على مهاجمة قوافل أسلحته في الأراضي السورية واللبنانية، وإنما سيواصل الحرب مع إسرائيل من دون خرق قرار مجلس الأمن الصادر في نهاية حرب لبنان الثانية في العام 2006. واستمرار الحرب ضد إسرائيل هو أمر هام جدا بالنسبة لحزب الله ليستمد شرعيته في العالم العربي من عملياته. وقد فقد هذه الشرعية بسبب ضلوعه في سورية، والقتال ضد إسرائيل يمنحه مجددا رخصة لحيازة سلاحه داخل لبنان".  

وأضاف بن يشاي أن فتح جبهة جديدة ضد إسرائيل في الجولان هو "قرار استراتيجي اتخذه نصر الله، على الأرجح، بالاشتراك مع الإيرانيين. وقد بدأ حزب الله بتنشيط جبهة مرتفعات الجولان ببصمات مشوشة تماما ومن دون الإعلان عنها. وبدأ هذا منذ العام 2010، عندما استخدم حزب الله مخربين فلسطينيين، من عناصر تنظيم أحمد جبريل، جندهم في مخيم اليرموك للاجئين في دمشق من أجل ممارسة نشاطه في مرتفعات الجولان".

واعتبر بن يشاي أن "الإيرانيين ونصر الله قرأوا بشكل جيد سياسة إسرائيل، التي تمتنع عن التدخل في سورية كي لا تدفع الجهات النشطة في الحرب الأهلية في سورية، وعلى رأسها جبهة النصرة وداعش، إلى توجيه سلاحها نحو إسرائيل. كذلك فإنه لا توجد مصلحة الآن لدى إسرائيل لإعطاء الأسد ذريعة ليدعو إلى وقف إطلاق نار في سورية بادعاء أن على الجيش والمتمردين توجيه سلاحهم الآن ضد إسرائيل. ولذلك على ما يبدو فإن الإيرانيين وكذلك حزب الله اعتبروا أن إسرائيل ستواجه صعوبة في الرد على عمليات إرهابية في الجولان، خاصة إذا لم يتبنها حزب الله وقام بتشويش أعقابها، وأن بإمكانهم ضرب إسرائيل بصورة مؤلمة تجعل صناع القرار يفكرون مرتين قبل استهداف قافلة أسلحة وهي في طريقها إلى البقاع اللبناني، كما اعتبروا أن إسرائيل لن تشن حربا شاملة ضد لبنان بسبب عمليات كهذه في الجولان".  

المصطلحات المستخدمة:

يديعوت أحرونوت, هآرتس, موشيه يعلون