سارعت الحكومة الإسرائيلية الجديدة، منذ أيامها الأولى، إلى إظهار بوادر تحوّل في العلاقة مع البيت الأبيض برئاسة جو بايدن، وكان هذا سعيا متبادلا بين الجانبين، بعد سنوات حُكم بنيامين نتنياهو التي عكّر فيها العلاقة مع الحزب الديمقراطي الأميركي. إلا أن مؤشرات صدام مفترض بدأت بالظهور، بعد إعلان رئيس الحكومة نفتالي بينيت وشريكه يائير لبيد رفضهما إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، وقرار إسرائيلي جديد بالدفاع عن شركة التجسس الإلكتروني الإسرائيلية NSO. وفي المقابل دعا معهد تابع للوكالة الصهيونية الحكومة الإسرائيلية إلى تحسين العلاقات مع مجموعات أميركية يهودية، دخل نتنياهو معها في مسار الصدام في السنوات الأخيرة.
نشرت الحكومة الإسرائيلية الشهر الماضي خطتها لما أسمته "معالجة ظواهر الجريمة والعنف" في المجتمع العربي للأعوام 2022-2026، وتقول منذ بداية نص الخطة إنها عملياً بمثابة استمرار لقرار الحكومة من شهر كانون الثاني 2006 بشأن محاربة الإجرام المنظم، وقرار الحكومة من شهر نيسان 2016 بشأن تحسين مستوى الأمن الشخصي في "الوسط العربي" وتعزيز الأمن في القدس، وقرار الحكومة في كانون الثاني 2019 بشأن توسيع النشاط لتقليص ظاهرة العنف في العائلة والمخولة بها وزارة العمل، وكذلك قرار الحكومة من العام الماضي في شهر تشرين الأول 2020 بشأن نشاط الحكومة للتطوير الاقتصادي لدى "المجموعة السكانية للأقليات" للأعوام 2016- 2020، وقرار الحكومة في شهر تشرين الثاني 2020 بشأن بلورَة خطة لمنع وتضييق العنف في العائلة، وقرار الحكومة من شهر آذار 2021 لمعالجة ظواهر الجريمة والعنف في المجتمع العربي وتعزيز المجتمع العربي في إسرائيل، وقرار الحكومة من شهر تموز 2021 بشأن إقامة طاقم تنفيذي للتنسيق بين نشاطات ووزارات الحكومة بشأن المجتمع العربي، وكذلك قرار الحكومة في آب 2021 بشأن الخطة الخماسية للمجتمع العربي، وقرار الحكومة في الشهر نفسه من هذا العام 2021 بشأن لجنة الوزراء بخصوص المجتمع العربي في مقابل "ازدياد حدة أحداث القتل ومحاولات القتل في المجتمع العربي والأهمية التي تُوليها الحكومة لتعزيز حكم القانون والحَوْكمة".
صكّ كل من دانييل بار- طال وعميرام رفيف، في سياق كتاب جديد لهما صدر في إسرائيل مؤخراً بعنوان "المنطقة المُريحة لمجتمع في صراع" (2021)، مصطلحاً جديداً في تعريف نظام اللامساواة الذي رأيا أنه صار إلى تشكّل بين اليهود الإسرائيليين والفلسطينيين، على امتداد الأراضي الواقعة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط، وهو "أوكيوبارتهايد" الذي يوالف بين مصطلحي الاحتلال Occupied والفصل العنصري Apartheid.
وبار- طال هو باحث وأخصائيّ نفسانيّ- اجتماعيّ- سياسيّ، سبق له أن أشغل منصب رئيس "الشركة العالمية لعلم النفس السياسي"، ووظيفة محاضر في جامعة تل أبيب، وعميرام رفيف هو أخصائيّ نفساني علاجيّ وتربوي ومحاضر في جامعة تل أبيب. ولكليهما العديد من المساهمات الملفتة في تبيان الأساس النفساني- الاجتماعي الذي يقف عليه الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، وفي تحليل العوامل والمنظومات والسيرورات النفسانية الضالعة في هذا الصراع، ولا سيما تلك التي تؤثّر بصورة بالغة على إدراك الواقع من طرف المجتمع اليهودي بقدر ما تؤثر على السلوك الجماعيّ لهذا المجتمع. وسبق أن توقفنا عند تلك المساهمات في أكثر من مناسبة.
نشر معهد الأبحاث والمعلومات التابع للكنيست معطيات حول مقدار الصرف الحكومي على مجالات قطاع الثقافة في إسرائيل، واضعاً إياها أمام مقارنة مع الدول الأوروبية. فكما هو معروف، تختار إسرائيل الرسمية الانتساب في شتى المجالات الى أوروبا وليس إلى محيطها الجغرافي، الشرق الأوسط. فتراها تشارك في مسابقات الرياضة والفنون وغيرها في نطاق تلك الأوروبية منها.
الصفحة 196 من 883