لم تكن الحرب في العراق تعبيرًا اولياً فقط عن استعداد الولايات المتحدة للخروج الى الحرب كامبراطورية. كانت تلك أيضًا تجريب أدوات رؤيوي ذي إسقاطات عميقة جدًا. لقد تعلمت الولايات المتحدة من هذه التجربة - كما ألمحوا من قبل في الحرب الأصغر على افغانستان - انها سيدة العالم وفي مقدورها استخدام قوتها دون اي عوائق ودون ان تدفع ثمناً حقيقيًا - لا في الأرواح ولا في الممتلكات الاقتصادية او الاستراتيجية.اختيار العراق لم يكن عفويا. لم يتم اختيار العراق لكونه يشكل تهديدًا استراتيجياً. وحتى لو كان لديه بعض الأسلحة الكيماوية، فمن الصعب اعتبارها خطرًا كونياً. ثمة دول اكثر خطورة بكثير. اختيار العراق تم، تحديدًا، لأنه بلد ضعيف نسبي، ولأن احتمال التورط فيه ضئيل جداً. ومن هنا، فقد كان فرصة مثالية لتجسيد غاية الرؤية الجديدة للحرب كاستمرار للدبلوماسية.
قبل احد عشر شهرا، وفي العاشر من نيسان / ابريل 2002 - بعد عشرة ايام من بدء حملة "السور الواقي" العسكرية - توجهت جرافات الجيش الاسرائيلي الى المناطق المفتوحة الواقعة الى الشمال من بيت لحم، وبدأت تشق مسار الجدار الفاصل بين القدس وبيت لحم، الذي يتواصل العمل في اقامته هذه الأيام ايضا. كان مقررًا ان يمر الجدار في المناطق المفتوحة الواقعة بين مستوطنة <جيلو> وبين بيت لحم، بحيث يبقي خارج الحدود الأسرائيلية بيوتاً ومصالح تجارية في شمال بيت لحم يملكها فلسطينيون، ومن دون التغيير في مدخل المدينة.
في الدول التي تراعي القانون والنظام، كالولايات المتحدة مثلا، يحتاج الرئيس لمصادقة الكونغرس لشن حرب. وفي دولتنا تُسَوّى مثل هذه الامور بين رئيس الوزراء ووزير الدفاع. وزير الدفاع شاؤول موفاز، لا يزال يعاني من مصاعب تأقلم في الانتقال من دور الجندي الى دور السياسي، الذي لا يتعين عليه بالضرورة رؤية حل المشكلات الامنية عبر فوهة البندقية فقط. ان حقيقة كونه (موفاز) ليس عضوًا في الكنيست وبالتالي متعلقًا كليًا بنوايا شارون الحسنة، انما تعيق وتعرقل قدرته على التخلص من هالة رئيس الاركان الاعلى. فبعدما يصرح مرارًا، بصورة علنية، بأن اسرائيل اعلنت حربًا على حركة "حماس" في قطاع غزة، يتولد التساؤل: من اتخذ القرار بشن هذه الحرب، وما هي بالضبط اهدافها، عدا عن التمادي في قتل المدنيين وتدمير البيوت والقضاء على المخارط؟!قرار تصفية ابراهيم المقادمة اتخذ قبل عدة اشهر. في تلك الاثناء سقطت الحكومة وجرت انتخابات عامة، وشكلت حكومة جديدة تضم شركاء مختلفين. والسؤال: هل طرح قرار "اغتيال المقادمة" مجددًا للنقاش والبحث ؟ وعلى اي مستوى طرح؟
بقلم: زئيف سيغالالأمر الصادر عن رئيس لجنة الانتخابات المركزية، قاضي محكمة العدل العليا ميشيل حيشين، وقف البث الحي للمؤتمر الصحفي مع رئيس الحكومة ارئيل شارون، كان استعراضا لعضلات سلطة القانون أمام من يشغل اعلى وظيفة عامة في السلطة الاسرائيلية. كان وقف البث جراء الدعاية الانتخابية المباشرة والنابية التي تضمنتها اقوال رئيس الحكومة، وهي دعاية ممنوعة في القانون بموجب كل الاراء، كان درسا في الديموقراطية لرئيس الحكومة، بروح مقولة توماس فولر "ليكن مركزك مهما كان، القانون اعلى منك".
الصفحة 770 من 878