صدرت مؤخرًا ترجمة عبرية منقحة ومزيدة عن الانجليزية لكتاب "الجدار الحديدي- إسرائيل والعالم العربي" لمؤلفه آفي شلايم، أستاذ التاريخ والعلاقات الدولية في جامعة "أوكسفورد" البريطانية (*). وفي الأصل صدر الكتاب بالانجليزية في سنة (2000) عن منشورات "نورتون" في نيويورك ولندن.
لا شكّ، بادئ ذي بدء، أن عنوان الكتاب يشفّ عن محتواه. غير أن الفصل الأشدّ إثارة للاهتمام هو ذلك الذي يتحدث بصورة رئيسة عن أصول سياسة "الجدار الحديدي" في الممارسة الصهيونية، والتي أصبحت لاحقًا سياسة رسمية لدولة إسرائيل حيال العرب عمومًا وحيال الشعب العربي الفلسطيني خصوصًا، بعد نشوئها في 1948.
رام الله – صدر حديثا عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" العدد 20 من فصلية "قضايا إسرائيلية"، يقع في 128 صفحة، يضم عدة دراسات ومقالات تغطي جوانب تاريخية ودراسية وأخلاقية ولغوية من زوايا متعددة، تلقي الضوء على جذور الأزمات المعاصرة في إسرائيل وخلفياتها.
د. جوني منصور تناول في مقال عن أخلاقيات الجيش الإسرائيلي في ميزان جنوده ظاهرة رفض الخدمة العسكرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة من منطلقات ضميرية وعقائدية وسياسية ومواقف إنسانية، حيث برزت هذه الظاهرة لأول مرة في الانتفاضة الأولى، ثم ازدادت واتسعت في السنوات الأخيرة مدعومة بحركات رفض منظمة وأهالي الجنود رافضي الخدمة وبدايات تفهم لأسباب الرفض بعد أن كانت الخدمة في الجيش الإسرائيلي تعتبر من قدسيات المجتمع اليهودي ومصدرا للفخر والاعتزاز وأساسا "للوطنية" الإسرائيلية.
التحولات العميقة التي تعرض لها المجتمع في إسرائيل خلال العقدين الأخيرين أثرت في الإعلام الإسرائيلي شكلاً ومضموناً كالتخصيص واللبرلة الاقتصادية والدمقرطة السياسية. وقادت التحولات إلى نتائج ابتعدت بإسرائيل عن فكرة «المخيلة الجماعية» التي حاول بن غوريون «الأب الروحي» لحزب العمل الإسرائيلي تأسيسها، وأدت إلى تصاعد هيمنة رأس المال حيث الإعلام مصدر ربح ويمكنه ذلك من خلال الدمج بين الأيديولوجية «القومية التعبوية» ومجالات وثقافات الترفيه وبهدف تعميق التحكم بآليات الاستهلاك الإعلامي وضمان الانصياع السياسي.
إذا كان المثل الشهير القائل: "تعريصة الغني وموتة الفقير.." قد تحدّث عن معايير نشر، بالأحرى عدم نشر، حالات يعتبرها العُرف السائد داخل أسوار المحظور، او خارج حدود الاهتمام؛ وإذا كان يمكن قراءة هذا المثل في سياق ما يتضمنه من حظر ومنع وشطب وتعتيم واختزال لما يُفترض أن يعرفه الجمهور؛ وإذا كانت المقولات الشعبية عامةً تشكل مفاتيح ثمينة لمعرفة ما يختبئ خلف الأبواب من سياسات تفرزها صراعات القوى في المجتمع؛ إذا كانت هذه الافتراضات معقولة- فيجب البحث عن مكان في المثل السالف لـ"مرض القوي". فهو أيضًا يقع في باب الممنوع من التداول، سوى في الحالات الاضطرارية.
الصفحة 610 من 1047