كتب بلال ضاهر:
شددت حركة "سلام الآن" الإسرائيلية المناهضة للاحتلال والاستيطان على أن معارضة رئيس الحكومة الإسرائيلي، إيهود أولمرت، إخلاء بؤر استيطانية عشوائية في الضفة الغربية يؤكد على عدم التزام إسرائيل بخطة خارطة الطريق للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين وعلى رفضها للمفاوضات. بالمقابل قال مصدر في مكتب رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ"المشهد الإسرائيلي" إن "موضوع إخلاء البؤر الاستيطانية غير القانونية طُرح الأحد الماضي وقد طلب رئيس الحكومة (أولمرت) عرض خطة شاملة لإخلاء البؤر الاستيطانية".
وقال درور إتكيس، من حركة "سلام الآن"، لـ"المشهد الإسرائيلي" أمس الاثنين (5 شباط 2007) إن رفض أولمرت إخلاء بؤر استيطانية صغيرة جدا هو "تعبير آخر عن عجز الحكومة الإسرائيلية على اتخاذ قرارات لفرض القانون على المستوطنين وأيضا على الجيش الإسرائيلي، وهذا يعني رفض هذه الحكومة التوجه إلى حلول سلمية والتفاوض مع الفلسطينيين".
يذكر أن المرحلة الأولى من خارطة الطريق، التي طرحها الرئيس الأميركي جورج بوش، تقضي بأن تتوقف إسرائيل عن توسيع المستوطنات وإخلاء البؤر الاستيطانية العشوائية مقابل توقف الفلسطينيين عن تنفيذ هجمات ضد أهداف إسرائيلية.
وجاءت أقوال إتكيس في أعقاب النشر في صحيفة "هآرتس" عن أن أولمرت رفض اقتراحا قدمه وزير الدفاع الإسرائيلي، عمير بيرتس، يقضي بإخلاء بؤر استيطانية عشوائية في الضفة الغربية. وأضافت الصحيفة أن بيرتس طرح الموضوع خلال جلسة عمل عقدها مع أولمرت وقدم قائمة بأسماء ثلاث أو أربع بؤر استيطانية صغيرة اقترح إخلاءها، لكن أولمرت رفض الاقتراح مبررا ذلك بأن التوقيت ليس مناسبا.
وعقب إتكيس على ذلك بالقول إن "هناك نقطتين في هذا الخبر، النقطة الأولى هي مجرد لجم أولمرت لبيرتس ومنعه من تنفيذ إخلاء بؤر استيطانية. والنقطة الثانية هي أن بيرتس اقترح إخلاء بؤر استيطانية شبه خالية".
وأشار إتكيس إلى أنه "في الأسبوع الماضي فقط نشرنا في سلام الآن تقريرا عن توسيع المستوطنين لأربع بؤر استيطانية على الرغم من وجود قرار حكومي بإخلائها، ولذلك فإن الحديث اليوم عن إخلاء بؤر صغيرة جدا يعني أن بيرتس ربما يريد إخلاء بؤر لكنه يكاد لا يفعل شيئا حيال ذلك".
وكانت "سلام الآن" قد كشفت النقاب، الأسبوع الماضي، عن أن إسرائيل تواصل توسيع بؤر استيطانية عشوائية في الضفة الغربية من خلال إضافة عدة مساكن في أربع بؤر استيطانية من بين ست بؤر أعلنت الحكومة الإسرائيلية عزمها على إخلائها لكنها تماطل في تنفيذ ذلك.
وأضاف المستوطنون مبنى ثابتا وبيتا متنقلا (كرافان) في بؤرة آساف في منطقة نابلس، وأدخلوا بيتا متنقلا ووسعوا مباني قائمة في بؤرة "رمات غلعاد"، وبنوا بيتا متنقلا في بؤرة "متسبيه لَخيش"، وبنوا بيتا ثابتا في "متسبيه يتسهار".
وقال إتكيس إن المعطيات الجديدة تستند إلى مقارنة بين صور التقطت من الجو في الأيام الأخيرة وبين صور التقطت من الجو قبل شهر واحد. وأكد أن"حكومة إسرائيل غير قادرة اليوم على تنفيذ تعهداتها حتى حيال ست بؤر استيطانية كانت قد أصرت على حقها وواجبها بإخلائها أمام المحكمة العليا". وأضاف إتكيس أنه "يصعب أن نتخيل مثالا أفضل يعكس فشل أجهزة فرض القانون (الإسرائيلية) في الأراضي الفلسطينية من هذا الذي يظهر هنا أمام أعيننا".
وكان تقرير أصدرته "سلام الآن" قبل شهرين أشار إلى أن المستوطنين شيدوا، في ظل انصراف الأنظار إلى حرب لبنان الثانية خلال الأشهر الماضية، أكثر من 200 مسكن جديد في مستوطنات في الضفة الغربية. وتزعم إسرائيل بأن المستوطنات في الضفة "قانونية" وأن البؤر الاستيطانية العشوائية "غير قانونية".
من ناحيته قال مصدر في مكتب رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، لـ"المشهد الإسرائيلي"، بعد أن طلب عدم ذكر اسمه، إن "موضوع إخلاء البؤر الاستيطانية غير القانونية طُرح الأحد الماضي وقد طلب رئيس الحكومة (أولمرت) عرض خطة شاملة لإخلاء البؤر الاستيطانية".
وأضاف المصدر نفسه أن "وزير الدفاع (بيرتس) اقترح إخلاء بؤر استيطانية صغيرة للغاية يوجد فيها كرافان (بيت متنقل) واحد هنا وآخر هناك، ورئيس الحكومة يوافق بالتأكيد على وجوب إزالة البؤر الاستيطانية غير القانونية لكنه يرى أنه يتوجب القيام بذلك في إطار خطة شاملة".
وكان أولمرت قد التزم أمام الإدارة الأميركية بتنفيذ تعهد رئيس الحكومة الإسرائيلي السابق، أريئيل شارون، للرئيس الأميركي بإخلاء البؤر الاستيطانية التي تم إنشاؤها بعد توليه رئاسة الوزراء في العام 2001 وذلك مقابل دعم الولايات المتحدة لخطة فك الارتباط في قطاع غزة وضم الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية لإسرائيل والتي عبّر بوش عنها في "رسالة الضمانات" التي سلمها لشارون في نيسان/ أبريل 2004.
من جهة أخرى قال المصدر في مكتب أولمرت إن تعهد الحكومة الإسرائيلية للولايات المتحدة بإخلاء بؤر استيطانية ما زال على حاله، لكن "هآرتس" أفادت بأن الإدارة الأميركية خففت في هذه الأثناء من الضغوط التي تمارسها على إسرائيل من أجل إخلاء البؤر الاستيطانية.
وأشار تقرير البؤر الاستيطانية، الذي أعدته المسؤولة في النيابة العامة الإسرائيلية طاليا ساسون بتكليف من شارون وسلمته في آذار/ مارس 2005، إلى أن هناك 120 بؤرة استيطانية عشوائية في الضفة الغربية أقيمت جميعها بدعم الحكومة الإسرائيلية وأكثر من نصفها أقيم منذ العام 2001.
وقالت "هآرتس" إن بيرتس وعد وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، بأن يعد الجيش الإسرائيلي خطة لإخلاء البؤر الاستيطانية في مطلع العام الحالي، لكن الجيش الإسرائيلي رفض في الأشهر الأخيرة مبادرة بيرتس لإخلاء بؤر متذرعا بالحرب في لبنان وبتصاعد ما وصفه بـ"الإرهاب" في الأراضي الفلسطينية.
وأجرى مكتب بيرتس اتصالات مع قيادة المستوطنين لتنفيذ إخلاء بؤر استيطانية بهدف منع وقوع مواجهات بين قوات الأمن الإسرائيلية والمستوطنين أثناء عمليات إخلاء بؤر لكن لم ينتج عنها شيئا.
من جهة ثانية قال موقع "معاريف" الإلكتروني إن قياديين في حزب "كديما"، الذي يتزعمه أولمرت، عبروا عن غضبهم من النشر في "هآرتس" ووصفوه بأنه "محاولة من جانب بيرتس للقيام بمناورة سياسية رخيصة على حساب الدولة".
واعتبرت هذه المصادر في "كديما" أن اقتراح بيرتس لإخلاء ثلاث أو أربع بؤر استيطانية صغيرة جدا "ليس جديًا".
وعزا مصدر في "كديما" اقتراح بيرتس إلى شعبيته المتدنية للغاية "وحالته الحرجة داخل حزبه" عشية الانتخابات الداخلية لرئاسة حزب "العمل"، التي ستجري في أيار القادم.