على رغم النفي الرسمي، الصادر عن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود اولمرت، للنبأ الذي أوردته القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي، حول نيته إقالة شريكه الأبرز في الائتلاف الحكومي زعيم حزب «العمل»، عمير بيرتس، من منصبه وزيراً للدفاع واستبداله برئيس الحكومة وزير الدفاع الأسبق، ايهود باراك، إلا ان كل المؤشرات تقود الى ان اولمرت سيواصل البحث في سبل التخلص «بالتوافق» من وزير الدفاع لقناعته بأن إقالته قد تعيد له (اولمرت) بعض النقاط المفقودة في الرأي العام الإسرائيلي الذي يطالب منذ انتهاء الحرب على لبنان بتنحي بيرتس لافتقاره الى الحد الأدنى من الخبرة في المجال العسكري، واستبداله بجنرال من مستوى باراك.
وكان مكتب اولمرت سارع الى إصدار بيان رسمي لتفنيد ما جاء في خبر القناة الثانية عن عزم رئيس الحكومة سحب حقيبة الدفاع من بيرتس، الأسبوع المقبل ليقترح عليه حقيبة اجتماعية- اقتصادية بديلة تناسب مؤهلاته بصفته قائداً عمالياً بارزاً. وجاء في البيان ان هذه المسألة ليست على اجندة رئيس الحكومة وأن الأخير فوجئ من النشر.
وعلى رغم ان ثمة إجماعاً في أوساط الوزراء جميعاً، ومن ضمنهم وزراء «العمل»، وقناعة تامة في أوساط السواد الأعظم من الإسرائيليين بأن بيرتس أصبح، منذ فشل الحرب على لبنان، بمثابة «حجر الرحى» على صدر الحكومة والإسرائيليين إلا ان المعلقين في الشؤون الحزبية يجمعون على ان اولمرت أعجز، حيال وضعه الداخلي المهزوز وانحسار شعبيته هو أيضاً الى حضيض غير مسبوق، من ان يقدم على خطوة ذات تداعيات سترتد الى نحره حتماً، أبرزها احتمال انهيار الائتلاف الحكومي، او مطالبة شعبية واسعة بتنحيه هو أيضا ثم القائد العام للجيش الجنرال دان حالوتس، «الفرسان الثلاثة» في الحرب على لبنان، الذين يدرك كل منهم ان مصيره مرتبط بالآخر وان الإسرائيليين يرغبون في رؤية ثلاثتهم ينصرفون الى بيوتهم.
استقالة وزراء "العمل"
استبعد معلقون أن يكون اولمرت او مقربون منه وراء «الألعوبة الإعلامية» الجديدة اذ يدرك رئيس الحكومة ان دستور حزب «العمل» يخول رئيسه تعيين وزراء الحزب في الحكومة وأنه حتى لو اطاح (اولمرت) ببيرتس لن يكون في وسعه تعيين باراك وزيراً للدفاع ممثلاً للحزب. هذا فضلاً عن ان إقالة بيرتس ستدفع بوزراء «العمل»، حتى أولئك الذين يختلفون مع بيرتس، الى الانسحاب من الحكومة لأن تأييدهم لخطوة اولمرت سيعني انتحاراً للحزب ويفضلون أن تتم تنحية بيرتس في انتخابات ديمقراطية على الزعامة ستجري أواخر ايار (مايو) المقبل على ان ينفذها زعيم حزب منافس. وأوضح عدد من وزراء «العمل» هذا الموقف في تصريحاتهم.
وكان مقربون من بيرتس بعثوا رسالة تهديد واضحة الى رئيس الحكومة تقول ان «ازاحة اي لبنة في مبنى الحكومة ستقود الى انهيار المبنى كله». واتهمت اوساط بيرتس رئيس الحكومة ووزير البنى التحتية العمالي، بنيامين بن اليعيزر، الذي انسحب من معسكر بيرتس ودعا قبل يومين زعيم الحزب رئيس الحكومة السابق ايهود باراك الى التنافس على زعامة الحزب وتبوؤ منصب وزير الدفاع، كمن يقفان وراء الحملة لاطاحته والتأثير في نتائج الانتخابات الداخلية في «العمل» من خلال الترويج لباراك لزعامة الحزب وتسلم حقيبة الدفاع.
ورأت أوساط بيرتس ان اولمرت يسعى، من خلال تسريب الخبر عن نيته إقالته من منصبه، الى صرف نظر الإسرائيليين والإعلام عن فضائح الفساد التي تحوم فوق رئيس الحكومة. وفي الواقع نجح الخبر في احتلال عناوين وسائل الإعلام العبرية التي دفعت بفضيحة الفساد في سلطة الضرائب الى صفحاتها الداخلية.
يُشار الى أن علاقات العمل بين رئيس الحكومة ووزير دفاعه معدومة منذ أسبوعين. ونقلت الصحف عن أوساط قريبة من قطبي الحكومة الأبرز أن «الثقة بينهما معدومة»، حتى ان رئيس الحكومة لم يلتق بيرتس ليستمع منه الى آخر المستجدات الأمنية، قبل لقائه الرئيس المصري حسني مبارك في شرم الشيخ أخيرًا. وأضافت نقلا عن أوساط أمنية ان اولمرت لا يقيم أي اعتبار لوزير الدفاع وأنه يستشير رئيس هيئة أركان الجيش في المسائل الأمنية لاستخفافه بقدرات بيرتس.