صعّدت إسرائيل لهجة تهديداتها لقادة حركتي حماس والجهاد الإسلامي بالاغتيال في أعقاب مقتل إسرائيلية في بلدة سديروت بشظايا قذيفة «قسام». ونقلت الإذاعة العسكرية عن ضابط كبير قوله إن الأيام الوشيكة ستشهد مزيداً من التصعيد العسكري الإسرائيلي، يشمل قصفاً مكثفاً للطيران الحربي ومحاولات لاستهداف قادة الخلايا التي تطلق الصواريخ وقادة حماس والجهاد من دون قيود زمنية أو قيود تتعلق بهوية المستهدفين. كل ذلك في موازاة رفض إسرائيل اقتراحا من حماس لهدنة واسعة تشمل قطاع غزة والضفة الغربية.
ورأى الضابط الكبير ان مقتل الإسرائيلية «رفع سقف الرد العسكري الإسرائيلي» لجهة تنفيذ عمليات اغتيال لإرغام قادة حماس على وقف إطلاق القذائف على جنوب إسرائيل. وأضاف ان الجيش سيعمل وفقاً لقرار الحكومة الأمنية المصغرة الأحد القاضي اعتماد تصعيد تدريجي تبعاً للتصعيد الفلسطيني وأنه يتحين الفرصة وتوافر المعلومات الاستخباراتية لتنفيذ اغتيالات. وزاد ان كل عضو في حماس هو هدف مشروع، «سواء كان عسكرياً أو سياسياً». لكن معلقين بارزين عاودوا التشديد على ان حجم الرد سيتقرر في نهاية المطاف وفقاً لمعيار واحد: عدد القتلى المدنيين الإسرائيليين. وقال أحدهم إن سقوط عدد كبير من القتلى سيطلق يد الجيش في فعل ما يشاء.
من جهته ابلغ وزير الدفاع عمير بيرتس مسؤول العلاقات الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا ان «إسرائيل تعض على نواجذها كي لا تضطر إلى القيام بهجوم بري واسع النطاق في قطاع غزة». وأضاف انه طلب من سولانا خلال لقائهما في القدس المحتلة أن يستأنف الاتحاد الاوروبي مقاطعته السلطة الفلسطينية وحركة حماس وحجب المساعدات المالية عنهما. وكان بيرتس قال في وقت سابق إن حماس وغيرها "تخطئ إذا أوهمت نفسها بأن إسرائيل سترتدع عن اتخاذ أي قرار بما في ذلك قرار بالتوغل البري في القطاع".
وكان رئيس الحكومة ايهود اولمرت زار بلدة سديروت فور مقتل مواطنة فيها لكن أهالي البلدة استقبلوه، كما استقبلوا وزيرة الخارجية تسيبي ليفني، بتظاهرات احتجاجية مطالبين باستقالتهما. غير ان هذه الاحتجاجات لم تمنع اولمرت من الإقرار بأن «لا حل سحرياً سريعاً لقذائف القسام» واعداً بعمل ما أمكن لوقفها وتوفير الأمن للسكان. وقالت تقارير صحافية إن صاروخ «قسام» سقط بالقرب من قافلة اولمرت لدى مغادرتها سديروت.
من جهتها هددت ليفني باستهداف قادة «التنظيمات التخريبية» وقالت إن الوقت لم يحن لوقف النار معتبرة اقتراح حماس وقف النار تضليلاً. وأضافت ان المطلوب من إسرائيل القيام بنشاط مزدوج: اتخاذ خطوات متشددة ضد حماس وسائر الجهات المتشددة في موازاة نشاطات لتقوية المعتدلين في أراضي السلطة الفلسطينية. وزادت ان «لإسرائيل اليوم شرعية دولية لضرب حماس لكن في حال حصل انهيار المعتدلين بقيادة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس فإن قطاع غزة سيتحول إلى قاعدة إرهابية أخطر». واقترحت ليفني إقامة حاجز مائي في الشريط الحدودي بين رفح وسيناء (محور فيلادلفي) لوقف تهريب السلاح. ويقضي الاقتراح بإغراق الأنفاق بالماء من دون أن تصبح معبراً مائياً. وتقترح ليفني إقامة الحاجز المائي في الجانب المصري من الحدود بتمويل أميركي.
واتفق نائب وزير الدفاع افرايم سنيه مع ليفني في رفض اقتراح حماس وقال إن «مثل هذه الاقتراحات هو نتاج الضغط الذي نمارسه وسنواصل ممارسته على قادة الحركة وناشطيها ولم نقل بعد كلمتنا الأخيرة في هذا المجال.. وسيكون مفعول الضغط أكبر كلما طال وقته» معتبراً إدراك قادة الحركة ان الموت محدق بهم وسيلة هجومية ناجعة.
وعن دعوات عدد من الوزراء قصف البنى التحتية في القطاع قال سنيه إن مثل هذا العمل قد يعود بالضرر على إسرائيل "لأنه كلما كان العقاب جماعياً أكثر فإننا ندفع الناس للتعاطف مع حماس بينما ما نريده هو دق إسفين بين حماس والسكان في القطاع وتأليب الأخيرين على الحركة".
ورداً على سؤال هل رئيس الحكومة الفلسطينية اسماعيل هنية هدف للاغتيال قال سنيه إنه «من حيث المبدأ لا يمكننا اليوم أن نفرّق بشكل مصطنع بين حماس العسكرية والسياسية فالأخيرة هي من تمنح الإذن بالعمل العسكري». وأضاف: «هل من يطلق دعوات للقضاء على إسرائيل من المستوى السياسي يعتبر حقاً شخصية سياسية؟ إنه مخرب مع بذلة». وزاد ان جميع من هم في دائرة صنع القرار وإصدار الأوامر والقرارات لا يتمتعون بحصانة.
وهدد وزير الداخلية روني بار- أون حماس بأن تعاني أضعاف ما يعانيه سكان سديروت. وأضاف أنه إذا لم يسد الهدوء هذه البلدة فلن ينعم القطاع أيضاً بالهدوء.
إلى ذلك قال 88 من الإسرائيليين إنهم لا يثقون بقدرة الحكومة على مواجهة القذائف الفلسطينية. واعتبر 78 في المئة الرد الإسرائيلي على القذائف متهاونا.
وشارك إعلاميون بارزون في حملة التحريض على حماس وتقريع الحكومة الإسرائيلية على عجزها عن وقف الصواريخ الفلسطينية. ولخص المعلق في «يديعوت أحرونوت» اليكس فيشمان القصف المتبادل بين الفلسطينيين وإسرائيل بالقول إن حماس حققت حتى الآن "انتصاراً بالنقاط" على إسرائيل، وأنه رغم الخسائر في أرواح عشرات ناشطيها بالجنود لكنها سجلت مكسباً معنوياً ودعائياً هائلاً تمثل في حقيقة أن سديروت تفرغ من سكانها،وينظر الرأي العام الفلسطيني إلى حماس كمن تقود كفاحا ناجعاً ضد اسرائيل وتذلّها.
[من أسعد تلحمي]