صندوق النقد يمتدح الاقتصاد الإسرائيلي ويحذر من فقاعة عقارية
*صندوق النقد يحذر من ارتفاع أسعار البيوت في إسرائيل: أسعار أعلى بنسبة 25% من سعرها الطبيعي *البنك يمتدح معدلات النمو والبطالة *بنك إسرائيل يشير إلى انتعاش اقتصادي محدود في الدول المتطورة ما قد ينعكس على الصادرات الإسرائيلية *نمو منخفض في النصف الثاني من العام الماضي*
حذّر التقرير الجديد لصندوق النقد الدولي من نشوء فقاعة عقارية في إسرائيل قد تشكل أزمة عامة في الاقتصاد الإسرائيلي وتقوده إلى أزمة على شاكلة تلك التي نشأت في الولايات المتحدة في العام 2007، في حين امتدح التقرير معطيات الاقتصاد الإسرائيلي، خاصة في معدلات النمو، التي ستتراجع في السنوات المقبلة، ومعدلات البطالة المنخفضة وغيرها من المعطيات.
في المقابل، قال تقرير لبنك إسرائيل إن النمو الاقتصادي في الشهر الأول من العام الجاري يدل على نمو بطيء، وهذا ااستمرار للنمو المنخفض في النصف الثاني من العام الماضي 2013.
ويقول صندوق النقد في تقريره السنوي، الذي سلمه لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير ماليته يائير لبيد، إن على الحكومة أن تستمر في سياسة الحفاظ على الميزانية المقرّة، رغم أن التقرير يشير إلى أن النمو الاقتصادي سيتراجع في السنوات المقبلة، بفعل التقليصات المستمرة في ميزانية الدولة.
وقال التقرير إن معدل النمو الاقتصادي في إسرائيل في السنوات العشر الأخيرة كان 5ر4% سنويا، لكن في السنوات الأربع الأخيرة، على وجه الخصوص، انخفض المعدل إلى 4% سنويا، ومن شأنه أن ينخفض إلى 5ر3% سنويا في السنوات القليلة المقبلة، على ضوء تقليص الميزانية العامة، وتراجع حجم قوة العمل في إسرائيل.
وعينيا للعام 2014، فإن صندوق النقد يتوقع لإسرائيل نموا اقتصاديا بنسبة 4ر3%، على أن ترتفع البطالة إلى نسبة 7ر6%، بدلا من 4ر6% في هذه المرحلة، وقد يكون العجز في الميزانية العامة 3% من حجم الناتج العام، بدلا من 5ر3% في العام الماضي 2013، وعمليا فإن صندوق النقد يتبنى التقارير الرسمية الصادرة عن بنك إسرائيل، كما شهدنا هذا في السنوات الأخيرة على وجه الخصوص.
الفقاعة العقارية
وحذر التقرير من الارتفاع الحاد في أسعار البيوت في إسرائيل، خاصة وأنها تواصل الارتفاع، ما يفسح المجال مستقبلا أمام نشوء فقاعة عقارية، تهدد استقرار القطاع البنكي في إسرائيل، بسبب القروض الإسكانية، التي لم تنفع كل إجراءات بنك إسرائيل في لجمها.
فمثلا في الشهر الأول من العام الجاري وحده، حصل المواطنون في إسرائيل على قروض إسكانية بقيمة 34ر1 مليار دولار، ما رفع الحجم الكلي للقروض الإسكانية في شهر واحد، بعد تسديد القروض الجارية، بنحو 345 مليون دولار، وتبين أن الإقبال على القروض الإسكانية في تصاعد مستمر. ويشير التقرير إلى أن أسعار البيوت في إسرائيل أعلى بنسبة 25% من سعرها الذي يجب أن يكون قياسا بمستوى المعيشة.
وشدد البنك على أنه في الظروف القائمة فإن بنك إسرائيل ليس بمقدوره أن يرفع الفائدة البنكية، لما في هذا من انعكاس آخر على أسعار البيوت، وأيضا نظرا لمعدلات الفائدة البنكية في الدول المتطورة في العالم.
وكان تقرير لبنك إسرائيل المركزي صدر في الأشهر الأخيرة قد أشار إلى أن أسعار البيوت في إسرائيل هي من الأعلى في العالم، لدى مقارنة معدل أسعار البيوت مع معدل الرواتب، إذ تبين أن سعر البيت في إسرائيل يعادل 148 راتبا شهريا، أي رواتب 12 عاما وأربعة أشهر، بينما أسعار البيوت في الولايات المتحدة الأميركية تعادل 66 راتبا وبريطانيا 64 راتبا وهولندا 59 راتبا.
وتشهد إسرائيل في السنوات الخمس الأخيرة ارتفاعا حادا في أسعار البيوت، بنسب تتراوح ما بين 30% إلى 40% وفي بعض المناطق كانت النسبة أعلى، وفي العام 2013 وحده ارتفع أسعار البيوت بنسبة 8%، في حين أن نسبة التضخم بلغت في العام الماضي 9ر1%، فمثلا في العام 2008 كان معدل أسعار البيوت يعادل 96 راتبا، ما يعني أنه حتى العام الماضي كان أسعار البيوت قد ارتفع بنسبة 54% مقارنة بمعدل الرواتب.
وأكثر ما يقلق بنك إسرائيل المركزي والمؤسسات الاقتصادية والمالية هو نشوء فقاعة عقارية في إسرائيل، على شاكلة تلك التي ظهرت في العام 2007 في الولايات المتحدة، وكانت بداية لأزمة اقتصادية كبيرة، سرعان ما انعكست على أنحاء مختلفة من العالم، إذ أن التخوف الاكبر هو من ازدياد أعداد من سيكونون مستقبلا عاجزين عن تسديد قروض السكن، ما سينعكس سلبا على بنوك القروض الإسكانية، ومن ثم انهيار أسعار البيوت.
في المقابل، يرى خبراء الاقتصاد، ومنهم خبراء بنك إسرائيل، أن ارتفاع أسعار البيوت يعود أيضاً إلى قلة العرض، فصحيح أنه في العام الماضي كانت هناك زيادة كبيرة في عدد البيوت التي تم البدء في بنائها، إلا أن التنفيذ ما زال بطيئاً، في حين أن الطلب على البيوت لم يقل، وأشار البنك إلى أنه لا يبدو في هذه المرحلة احتمال لجم ارتفاع أسعار البيوت.
تقرير بنك إسرائيل
في المقابل، أصدر بنك إسرائيل المركزي في الأسبوع الماضي تقريره عن المعطيات الاقتصادية للشهر الأول من العام الجاري، وقال إن النمو الاقتصادي كان بطيئا في الشهر الأول من دون أن يذكر النسبة، كما أشار إلى أن نمو الاستهلاك الفردي كان هو أيضا بطيئا، على الرغم من استمرار تراجع معدلات البطالة في إسرائيل، ما يعني ارتفاع نسبة العاملين.
ويشير البنك إلى ارتفاع حجم ديون العائلات في إسرائيل، ففي الشهر الأخير من العام الماضي ارتفاع حجم الديون بنحو 143 مليون دولار، ليرتفع الحجم الكلي للديون للعائلات إلى 117 مليار دولار، من بينها 82 مليار دولار قروض مرتبطة بالسكن.
ومن ناحية أخرى، يشير بنك إسرائيل إلى انتعاش اقتصادي محدود قائم في هذه المرحلة في الكثير من الدول المتطورة، وبشكل خاص في الولايات المتحدة الأميركية، ما سيساهم في ارتفاع توقعات النمو الاقتصادي العالمي في العامين المقبلين، وبالنسبة لإسرائيل فإن هذا هو مؤشر جيد للصادرات الإسرائيلية، التي يتجه ما بين 70% إلى 80% منها للدول المتطورة في أوروبا والقارة الأميركية.
نمو منخفض
كما أصدر مكتب الإحصاء المركزي في الأسبوع الماضي، تقريره الأولي بشأن النمو في النصف الثاني للعام الماضي، دون حسم النمو ككل في ذات العام، وجاءت المعطيات متدنية، وهي كما يبدو ستكون مؤشرا على الأقل للنصف الأول من العام الجاري، إذا لم تحصل أية مفاجآت وتحولات اقتصادية ليست مرئية الآن.
وبحسب تقرير مكتب الإحصاء، فإن النصف الثاني من العام الماضي 2013 سجل نموا بنسبة 8ر2%، وهي النسبة الأكثر انخفاضا منذ النصف الثاني للعام 2009، وكان النمو في النصف الأول من العام الماضي قد سجل ارتفاعا بنسبة 2ر3%.
ويقول المكتب في تقريره إن الربع الثالث من العام الماضي سجل نموا بنسبة 1ر2%، في حين سجل الربع الرابع والأخير ارتفاعا بنسبة 3ر2%، ولكن خبراء كثيرين يفضلون عدم التعامل مع المعطيات الاقتصادية الفصلية، والمدّة الزمنية المفضلة هي نصف سنة على الأقل.
وجاء أيضا في التقرير أن النمو الاقتصادي في العام 2013، تأثر أيضا من بدء استخراج الغاز من حقول الغاز الجديدة في البحر المتوسط، في حين تتوقع إسرائيل بدء ضخ كميات أضخم بدءا من العام المقبل 2015. وقد بدأت الشركات الحاصلة على الامتياز في إبرام عقود لضخ الغاز، وآخرها لشركتين في الأردن ستحصلان على ملياري متر مكعب من الغاز على مدى 15 عاما وبدءا من العام المقبل، بقيمة إجمالية بلغت 770 مليون دولار.
ويشير التقرير إلى أنه في معطيات النمو برز ارتفاع في الصرف على مستوى الفرد بنسبة 3ر4% والصرف العام بنسبة 8ر4%، وقد سجل الاستيراد للبضائع الحياتية للأفراد والعائلات ارتفاعا كبيرا بنسبة 6ر9%.
ويقول المحلل الاقتصادي موطي باسوك، في مقاله له في صحيفة "ذي ماركر" التابعة لصحيفة "هآرتس"، إنه ليست فقط نسبة النمو المنخفضة في النصف الثاني من العام الماضي يجب أن تقلق إسرائيل، إذ أن معطيات صادرات البضائع والخدمات بعيدة عن أن تكون مشجعة للاقتصاد، وينضم الى هذا تراجع التضخم بنسبة 6ر0%، وهذه كلها مؤشرات لتباطؤ اقتصادي.
وتابع باسوك كاتبا أن تقديرات صندوق النقد بأن يكون النمو في إسرائيل في العام الجاري بنسبة 4ر3%، وتقديرات وزارة المالية بأن يكون بنسبة 6ر3%، تعني أنه قد ولى عهد نسب النمو العالية من 6ر4% وصاعدا، ففي السنوات السابقة حقق الاقتصاد نموا مرتفعا أكثر من 6ر4% حينما لم يكن استخراج للغاز الطبيعي كما هو حاصل اليوم، إذ يساهم الغاز في رفع النمو بنسبة 1%، ما يعني أن النمو الحقيقي للاقتصاد من دون الغاز يقل عن 5ر2% في العام الجاري.