هذا ما قاله النائب ران كوهين من ميرتس للمشهد الإسرائيلي غداة إعلانه اعتزال العمل السياسي وأضاف: يوجد في إسرائيل وضع ينطوي على تناقض، فمن جهة تنتصر طريق اليسار السياسية، ومن الجهة الأخرى يخسر هذا اليسار قوته البرلمانية انتخابات في إثر انتخابات * النائب يوسي بيلين أعلن أيضًا عن اعتزال العمل السياسي
كتب بلال ضاهر:
أعلن عضو الكنيست ران كوهين، من حزب ميرتس، يوم السبت الماضي- 1/11/2008، عن اعتزاله العمل البرلماني وعدم ترشيح نفسه في الانتخابات العامة المقبلة، التي ستجري في إسرائيل في العاشر من شباط المقبل. وقد ولد كوهين، ابن التاسعة والستين من عمره، في مدينة بغداد وهاجر إلى إسرائيل في العام 1950 وهو ضابط في الاحتياط في الجيش الإسرائيلي وتسرح من الخدمة العسكرية برتبة عقيد، وخدم في سلاحي المدرعات والمظليين. ويعتبر كوهين واحدًا من أبرز قادة اليسار الإسرائيلي الصهيوني ومؤيدي السلام مع العرب عموما والفلسطينيين خصوصا.
وقال كوهين في حديث مع "المشهد الإسرائيلي": "لقد قررت عدم خوض الانتخابات المقبلة للكنيست، لأني أنهي الآن المشاركة في سبع دورات برلمانية في عضوية الكنيست وقد توليت خلالها منصب وزير ونائب وزير، وبحلول العام 2009 أكون قد أنهيت 25 عاما تقريبا في عضوية الكنيست. فأنا أقدم أعضاء الكنيست تقريبا. وعلى الإنسان أن يقول لنفسه: حتى هنا، يكفي. والأمر الثاني، هو أني تنافست مرتين على منصب رئيس حزب ميرتس، ولم يتم انتخابي. في العام 2004 انتخب يوسي بيلين وقبل خمسة شهور انتخب حاييم أورون. واقترحت خلال ذلك الطريق التي أراها مناسبة لليسار الإسرائيلي، لكن لم تتم الموافقة عليها".
(*) "المشهد الإسرائيلي": ما هي الطريق التي اقترحتها؟
- كوهين: "طريقي تقول إن على اليسار أن يرفع الرايات الثلاث الأساسية لليسار، وهي رايات السلام والعدالة الاجتماعية وحقوق المواطن. لكن اليسار في إسرائيل، بقدر كبير جدا، هو كائن معاق، لأن القدم الاجتماعية لديه، التي تربطه مع الشعب، هي قدم صغيرة وضعيفة وغير بارزة في خطابه. وأعتقد أن هذا هو أهم الأسباب التي أدت إلى تقلص ميرتس من 12 عضو كنيست إلى خمسة فقط، وقوته تراجعت كثيرا. طريقي لم تُقبل. وبعد مرتين من المنافسة على رئاسة ميرتس وعدم النجاح، توصلت إلى النتيجة بأنه لا جدوى من الاستمرار وأنه ينبغي إخلاء الطريق لوجوه شابة وجديدة".
(*) هذا الأسبوع أنت قررت عدم ترشيح نفسك للانتخابات المقبلة. وزميلك في الحزب عضو الكنيست يوسي بيلين قرر، في الأسبوع الماضي، اعتزال الحياة السياسية. وفي موازاة ذلك يعود أقطاب سابقون في اليمين، مثل الوزيرين السابقين بيني بيغن ودان مريدور، إلى الحياة السياسية في صفوف حزب الليكود. هل هذا الوضع يدل على أن اليساريين يئسوا من العمل السياسي في إسرائيل؟
- كوهين: "لا، لا، حاشا وكلا. ففي نهاية المطاف، انتصرت طريق اليسار. في العام 1968، عندما بدأت نشاطي السياسي وأقمت اليسار الجديد في إسرائيل، رفعنا شعار دولتين للشعبين. كنا في حينه أقلية لا يتجاوز حجمها الواحد بالمائة من الجمهور اليهودي. واليوم، فإن غالبية كبيرة من الجمهور اليهودي تؤيد حل الدولتين. لذلك فإن طريقنا انتصرت. من جهة أخرى فإن عودة زعماء سابقين لليمين، سببها التوقعات في استطلاعات الرأي بارتفاع شعبية الليكود. ولهذا فإن بيني بيغن ودان مريدور وأشخاصا من هذا النوع يذهبون إلى الليكود".
(*) هل أنت متفائل أم متشائم فيما يتعلق بفرص التوصل إلى سلام؟
- كوهين: "أعتقد أنه من ناحية المسار التاريخي، أنا متفائل لأنه لا يوجد أي مسار آخر يمكن أن ينتصر. لكن من ناحية قوة اليسار فإني متشائم. يوجد هنا وضع ينطوي على تناقض، فمن جهة، طريق اليسار تنتصر، ومن الجهة الأخرى اليسار يخسر قوته البرلمانية".
(*) تدل استطلاعات الرأي الأخيرة، التي نشرتها الصحف الإسرائيلية في الأسبوع الماضي، على أن معسكر اليمين، بقيادة الليكود، سيتغلب على معسكر الوسط- يسار. هل هذا هو شعورك أيضا؟
- كوهين: "هذه هي الصورة حتى الآن. وأنا مؤمن أن هذه الصورة ستتغير حتى الانتخابات. وآمل أن تتحسن صورة الوضع، لكني لست واثقا من ذلك".
(*) هل المجتمع الإسرائيلي تحول نحو اليمين خلال السنتين – السنوات الثلاث الأخيرة؟
- كوهين: "المجتمع الإسرائيلي تحرك نحو اليمين، لكن ليس فكريا وإنما من ناحية الانتماء السياسي. وأعتقد أن هناك عدة أسباب. السبب الأول هو أنه كلما تصاعد العنف فإن الأفكار تتجه نحو اليمين. وأقصد هنا عنف الإرهاب وعنف إسرائيل. السبب الثاني هو أن اليسار لم يعرف كيف يبلور قيادة سياسية وكيف يحصل على ثقة الجمهور. لم يفعل ذلك (رئيس حزب العمل ووزير الدفاع) إيهود باراك ولم يفعل ذلك حزب ميرتس أيضا. والسبب الثالث هو عملية تدهور الوضع فيما يتعلق بالفجوات الاجتماعية واتساعها، وهذا يخلق وضعا يتزايد فيه عدد المواطنين الذين يعانون من ضائقة اقتصادية. وعموما فإنه كلما ازداد فقر الناس فإنهم يصبحون أقل ثقافة ويتجهون نحو اليمين".
(*) هل تعتقد أن رئيسة حزب كديما ووزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، جديرة بتولي منصب رئيس الحكومة؟
- كوهين: "من بين الخيارين الحاليين، (رئيس الليكود) بنيامين نتنياهو أو تسيبي ليفني، فإنها أفضل بكثير من نتنياهو".
(*) هل هي قادرة على التوصل إلى اتفاقيات سلام مع الفلسطينيين والسوريين؟
- كوهين: "ثمة احتمال لأن تتوصل تسيبي ليفني لاتفاقيات سلام فقط بشرط واحد، وهو أن تشكل حكومة وسط- يسار، بعد الانتخابات، وليس حكومة وسط- يمين".
(*) في حال انتخاب نتنياهو رئيسا للحكومة المقبلة، هل هناك احتمال لأن يصبح معتدلا فيما يتعلق بمفاوضات السلام وأن يتراجع عن موقفه بوجوب مهاجمة إيران من أجل وقف برنامجها النووي؟
- كوهين: "إذا فاز نتنياهو في الانتخابات المقبلة وأصبح رئيس حكومة فإن هذه ستكون كارثة. وأنا أتوقع أننا سندخل في فترة صعبة تحدها كارثة، من الناحية الفلسطينية ومن الناحية السورية- اللبنانية ومن ناحية النووي الإيراني. أنا أعتقد أن نتنياهو، رغم أنه اتصل معي وقال إنه يقدرني وخسارة أني أعتزل العمل البرلماني، هو شخص قادر على القيام بخطوات فوضوية".
(*) هل سيتأثر الجمهور الإسرائيلي من نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة؟
- كوهين: "يصعب معرفة ما إذا كانت الانتخابات الأميركية ستؤثر على الانتخابات في إسرائيل وكيف سيكون شكل هذا التأثير".
(*) في حال فوز المرشح الديمقراطي، باراك أوباما، هل هذا سيؤثر على الجمهور الإسرائيلي بأن يتحرك نحو اليمين، باعتبار أنه يجب انتخاب رئيس حكومة لإسرائيل يكون قادرا على مواجهة سياسة أوباما؟ فهناك على الأقل رأي كهذا في إسرائيل.
- كوهين: "أعتقد أن من شأن انتخاب أوباما أن يؤدي إلى تحرك الجمهور في إسرائيل في اتجاهين. التحرك الأول باتجاه اليمين، إذ سيتم تصوير اليمين على أنه تغيير حكم في إسرائيل. والتحرك الثاني قد يكون نحو اليسار لأن أوباما يمثل موقفا ديمقراطيا وليبراليا أكثر. لكن من الصعب قياس ذلك".
(*) هل ستؤثر هوية الرئيس الأميركي القادم، أوباما أو المرشح الجمهوري، جون ماكين، على عملية السلام في الشرق الأوسط، أم أنهما سيان ولا فرق بينهما؟
- كوهين: "هوية الرئيس الأميركي القادم ستؤثر كثيرا على عملية السلام في الشرق الأوسط. وأنا مقتنع أنه في إمكان أوباما أن ينشئ وضعا يدفع من خلاله بشكل كبير كلا من إسرائيل والدول العربية والفلسطينيين نحو السلام".
المصطلحات المستخدمة:
باراك, كديما, الليكود, الكنيست, رئيس الحكومة, بنيامين نتنياهو