المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

أكد رئيس اللوبي العربي في الولايات المتحدة المحاضر الجامعي خليل جهشان، في حديث معه، أن العمل الإعلامي في الساحة الأميركية طالما شكل تحديا فلسطينيا بسبب هيمنة أميركا المتزايدة على المسيرة السلمية في الشرق الأوسط.

وقد التقينا جهشان خلال زيارته لمسقط رأسه في الناصرة بعد مشاركته في مؤتمر "كيف نخاطب العالم" الذي نظمته السلطة الفلسطينية في رام الله في أواخر أيلول الماضي فتحدثنا اليه حول مسألة القضية الفلسطينية والأميركيين. واعتبر جهشان ان مبعث هذا التحدي يتعلق بمحاولة التأثير على 290 مليون أميركي يعيشون في دولة معقدة تتشابك فيها توجهات السلطات ومصالح مختلفة للرأي العام ومتطلبات داخلية وسياسات خارجية. وأكد جهشان أن الأمور هناك ازدادت تعقيدا بعد أحداث سبتمبر/ أيلول 2001 وأشار الى أن الأميركيين صاروا يخلطون بين المقاومة المشروعة خاصة ان إسرائيل بذلت ولا تزال جهودا جبارة للربط بين مكافحة الإرهاب دوليا وبين القضية الفلسطينية وبالمقارنة بين ياسر عرفات وأسامة بن لادن. وأضاف "أداء الإعلام الأميركي ذاته بعد 2001 وحرب العراق بات مخجلا الى جانب كون الإسرائيليين خصما قويا ومدعوما من قبل اليمين المتطرف علاوة على انه سبق الإعلام العربي بمائة وعشرين عاما حيث فشلت محاولات العرب بإصدار صحيفة جادة منذ أيام ايليا أبو ماضي".

ولفت جهشان الى أن بعض الدول العربية كالسعودية التي كانت حتى العام 2001 تساند الإعلام الفلسطيني باتت اليوم مشغولة بالدفاع عن ذاتها. وأكد أن وسائل الإعلام الأميركية معقدة المبنى فهي حرة ومستقلة من جهة غير أنها تخضع لضغوطات مالية أحيانا. وأضاف "الواشنطن بوست" على سبيل المثال رفضت نشر إعلانات للوبي الفلسطيني جراء تهديد رجل أعمال يهودي كبير- يسرائيل كوهين- بوقف نشر إعلانات شركاته فيها". وحذر جهشان من عودة بعض الجهات العربية التي تخلط بين موقفها حيال الصهيونية وبين موقفها من اليهودية لافتا الى أن ذلك يشكل خدمة مجانية لإسرائيل فقط. وأضاف "أي حكمة تتجسد في قيام عربي بتأييد المحرقة التي وقع اليهود والفلسطينيون بالتالي ضحية لها". واوضح جهشان أن هناك ازدواجية معايير داخل المجتمع الأميركي لأسباب مختلفة لافتا الى أن قتل شخص في تل أبيب يعادل مقتل 20 طفلا فلسطينيا.

واستذكر جهشان أن اللوبي اليهودي جند 97 مليون دولار من ثلاثة رجال أعمال في نهاية العام2000 بغية توظيفها في الدفاع عن إسرائيل من "أضرار" الانتفاضة الثانية خلافا لما حصل أيام الانتفاضة الأولى.

وأشار جهشان الى أن صورة الفلسطيني في العيون الأميركية اليوم هي صورة قاتمة بيد أنها غير يائسة لافتا الى معطيات جوهرية تعكس حقيقة التوجهات الأميركية للعرب وللفلسطينيين اليوم. وأوضح انه وفقا لاستطلاعات رأي أكاديمية حديثة فإن 50 الى 55 بالمائة من الأميركيين لا زالوا يؤيدون حق الفلسطينيين بإقامة دولة مستقلة مقابل 67 بالمائة في سنوات التسعين. وأشار الأستاذ الجامعي الفلسطيني إلى أن الفلسطينيين كشعب يحظون بدعم اكبر لدى الأميركيين أكثر من السلطة الوطنية داعيا إلى أنسنة الخطاب الإعلامي الفلسطيني في أميركا. وأضاف "الأميركيون يفضلون البعد الإنساني للقضايا المطروحة أمامهم سيما وان أغلبيتهم لا تتابع الحجج التاريخية والأرقام". وافاد جهشان أن 42 الى 52 من الأميركيين اليوم يتعاطفون مع الإسرائيليين مقابل 14 الى 18 بالمائة مع الفلسطينيين معتبرا أن النسبة الأخيرة لا "يستهان" بها وانها قابلة للزيادة. وقال جهشان إن 66 بالمائة من الأميركيين ناصبوا العداء للرئيس عرفات خلال السنوات الأربع الأخيرة من حياته فيما يعادي 16 بالمائة منهم الرئيس الفلسطيني الحالي محمود عباس. كما يرى 68 بالمائة منهم ان عباس جاد جدا في التعاطي مع السلام مقابل 67 بالمائة يرون جدية اريئيل شارون في القضية ذاتها فيما يؤيد 49 بالمائة منهم عملية السلام في المنطقة. وكشف جهشان انه ردا على سؤال حول جاهزية الجانبين للعملية السياسية قال 52 من الأميركيين ان إسرائيل تسعى من اجل السلام مقابل 16 بالمائة للفلسطينيين فيما يوجه 58 بالمائة منهم اللوم للجانبين في فشل المساعي السلمية. وأضاف "هذا المعطى يعتبر أمرا ايجابيا مقارنة مع الموقف الأميركي التقليدي حيال القضية الفلسطينية".

وأفاد جهشان أن استطلاعات الرأي التي بحوزته تقول إن 71 بالمائة من الأميركيين يرون في إخلاء القطاع خطوة "جريئة" نحو السلام. وأشار رئيس اللوبي العربي إلى أن 42 بالمائة من الأميركيين يرون ان من واجب الرئيس محمود عباس تفكيك البنية التحتية لـ"الإرهاب" وان 29 بالمائة يدعمون مواقفه بهذا المضمار. وأضاف "وتظهر هذه الاستطلاعات ان 78 بالمائة من الأميركيين يؤيدون سياسة أميركية خارجية معتدلة وغير منحازة وان 13 بالمائة أعلنوا انحيازهم الى إسرائيل مقابل 1 بالمائة فقط انحازوا إلى الفلسطينيين". ويرى 44 بالمائة أن جورج بوش يبدي مواقف معتدلة مقابل 39 بالمائة أكدوا أن مواقفه منحازة لإسرائيل فيما طالب 40 بالمائة بتحسين العلاقة بين أميركا وبين الأطراف العربية حتى لو جاء ذلك على حساب العلاقات مع إسرائيل وهذا ما اعتبره جهشان أمرا مهما خاصة انه يأتي بعد أحداث سبتمبر/ أيلول 2001.

ودعا الدكتور خليل جهشان الى إعادة النظر في أداء المكتب الفلسطيني في واشنطن وترشيد عمله نحو تنسيق الرسالة الإعلامية الفلسطينية يوميا. وأضاف "ينبغي تخصيص الرسائل وتوجيهها الى الإدارة الأميركية والى الكنائس والجاليات وغيرها وتحاشي الوقوع في تناقضات ذاتية". وشدد جهشان على أهمية تدريب كوادر إعلامية في فلسطين وتوظيفها في الساحة الأميركية وتكون قادرة على فهم الأميركيين ولغتهم لا بالمعنى اللغوي انما بالفحوى وعلى أساس تبسيط ما يعرض "فعلى سبيل المثال لا جدوى من عرض الموقف الفلسطيني كمسألة حدود فقط انما ابراز تحول القطاع إلى سجن كبير".

كما دعا جهشان المسؤولين الفلسطينيين الى تجاوز خطاب التباكي والظهور بصورة أصحاب حق وأقوياء يعانون من نقاط ضعف وأوجاع مشددا على الابتعاد عن الظهور بصورة البطل وأضاف "نحن نعاني من الكاميرا التي تبث مشاهد المقنعين واطلاق النيران في الشوارع وتترك آثارا سلبية في الرأي العام الأميركي الذي كانت مشاهد محمد الدرة وفارس عودة قد هزته عميقا.. ولماذا نخشى صورة الأم الثكلى وهي تبكي ولدها الشهيد سيما وأن الإسرائيليين يلعبون لعبة ضربني وبكى وسبقني واشتكى".

ودعا جهشان إلى عدم التردد في عرض رسائل إعلامية فلسطينية ايجابية وتحاشي إنكار المشاكل الداخلية حفاظا على المصداقية. وأضاف "يجدر بنا تحديد أهدافنا بالسلام والحرية والسعادة وابراز التآخي الإسلامي- المسيحي والسعي لإزالة الصور النمطية والسلبية في الذهنية الأميركية".

وأشار جهشان إلى الابتعاد عن انتهاج الدفاعية في المواقف الفلسطينية والتأكيد على عدم إمكانية توحيد آراء ملايين الفلسطينيين لافتا الى ضرورة توحيد الخطاب الفلسطيني الرسمي. كذلك دعا الى استغلال الجاليات الفلسطينية في الشتات وتجنيدها في المواجهة الإعلامية بعد إقامة دائرة تنسيق وطنية خاصة. وشدد جهشان على أن الفلسطينيين بحاجة الى تخطيط استراتيجي في هذا المضمار منوها الى أن القضية الفلسطينية لم تبدأ أمس ولن تنتهي غدا.

المصطلحات المستخدمة:

الصهيونية, اريئيل

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات