المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • ابحاث ودراسات
  • 1265

تتعرض القيادات العربية في مناطق 48والأقلية الفلسطينية التي يمثلونها, اليوم, الى اعتداء منظم على حقوقهم السياسية, وان هذه الاعتداءات قد ازدادت ضراوة منذ بداية الانتفاضة الفلسطينية. ولذلك فإن الانتهاكات التي تم رصدها في هذه الورقة لا تشكل اعتداءات منفصلة عن بعضها بل تأتي في سياق حملة منظمة موجهة للمس بشرعية ممثلي الاقلية العربية بهدف اسكاتهم وتخويفهم

 ورقة مقدمة إلى ندوة الجامعة العربية في القاهرة حول "إستراتيجية التواصل مع عرب 48"، 26-27 نيسان / أبريل 2004

 المواثيق الدولية لحقوق الانسان ومدى التزام اسرائيل بها :

 

كثر الكلام في الاونة الاخيرة وخصوصا في الربع الاخير من القرن الماضي عن حقوق الانسان والحرية, وتعددت المؤتمرات والندوات في كل بقعة من بقاع العالم حول حقوق الانسان وعلت الصيحات المنادية بحماية هذه الحقوق وصيانة الحريات العامة, نظرا لما انتاب هذه الحريات وتلك الحقوق من انتهاكات وتعديات طالت كرامة الانسان والشخصية الانسانية وحق الانسان في حياة حرة كريمة, بسبب الحروب والثورات والانقلابات التي تجتاح عالمنا المعاصر في كل ركن من أركانه, شرقه وغربه, ضاربة عرض الحائط بالمواثيق الدولية وبشرع حقوق الانسان والشرائع السماوية والمبادىء الخلقيّة وحتى القوانين الداخلية, وغير عابئة بالرأي العام العالمي ولا بالمؤسسات الدولية ولا بسلطة القضاء.

اليوم, وبعد أحداث 11 سبتمبر, ولكثرة ما يتردد الحديث هذه الأيام عن حقوق الانسان والحرية وما يدور حولهما من أحاديث وجدال, وعن الاصلاحات الديموقراطية, لا سيما في الشرق الاوسط, بتنا نشعر وكأن حقوق الانسان ومسألة الحرية بشكل عام تمر بأزمة عالميّة حقيقية ويخيّل الينا أنها دخلت في نفق مظلم وضاعت في متاهات المصالح السياسية الأمريكية والاسرائيلية حتى كادت تفقد معناها ومضمونها وخصوصيتها كماً ورونقاً.

ومشكلة حقوق الانسان تنتصب الآن بقوة أمام الضمير الانساني الذي بدأت تقلقه وتهز مشاعره وتقض مضاجعه المجازر والأهوال التي ترتكب ضد الانسان والحياة الانسانية في فلسطين والعراق بحيث أصبحت مطالبة المجتمع الدولي بحل هذه المشاكل لا تقل شدة عن الضرورة التي تحتم عليه بأن يجد حلا للمشكلة الاجتماعية والاقتصادية. فلسطين والعراق الآن هما المسألتان الاساسيتان المتلازمتان والمتكاملتان في الوقت نفسه, واللتان تصطدم بهما الحضارة العصرية, ويتوقف عليهما مصير البشرية في كل مكان من العالم.

لقد قال نيقولا برادييف Nicolas Bradiaeff في كتابه " على عتبة القرن الجديد" ان "ثمة رمزين جوهريين يسيطران على حياة الإنسان الاجتماعية, وهما الخبز الذي تتصل به أسباب الحياة واستمرارها, ورمز الحرية, التي ترتبط بصيانتها كرامة هذه الحياة".

ولا تتوقف فكرة حقوق الإنسان والحرية في تطورها التاريخي عند كونها مجرد فكرة فلسفية وميتافيزيقية تقوم على أن للإنسان شخصية قائمة بذاتها تتمتع بحقوق ناجمة عن حرية جوهرية تمتزج بطبيعة هذا الإنسان, وله أن يمارسها في ظل دولة لا يكون لوجودها من مبرر إلا لصيانة كرامته وحقوقه.

إن المواثيق الدولية التي اتخذت عبر التاريخ طابعاً عالمياً على الرغم من أن بعضها قد صدر اثر ثورات داخلية, عبر إعلانات للحقوق أو شرع الحقوق التي اتخذت شكل معاهدات دولية أو إقليمية, قد شكلت بمجموعها ما يمكن تسميته بالقانون الدولي لحقوق الإنسان, ولكن هذه المبادئ القانونية الدولية العامة التي تضمنتها كان لها تأثيرها على القوانين الداخلية للدول المختلفة وتسربت الى تشريعاتها وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من النظام القانوني الداخلي لهذه الدول.

ومن هنا يتبين لنا ارتباط المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان بالقضاء ودوره في ضمان هذه الحقوق, لأن بيان الحقوق واعلاناتها شيء وضمان هذه الحقوق شيء آخر. ولا يكفي أن يكون الحق معلناً ليكون نافذاُ, بل يتوجب على الدولة التي تقر بهذه الحقوق أن تحيط هذه الحقوق بالحماية اللازمة ليتمكن الافراد من ممارسة حقوقهم.

وعلى هذا الأساس, نعالج هذا الموضوع من خلال فصلين : الأول منهما يتركز في الملاحقات السياسية للقيادات العربية السياسية في الداخل, والآخر عبارة عن تقرير حول قضية الحركة الاسلامية ونشطاء حركة أبناء البلد والتجمع الوطني الديموقراطي.

 

انتهاكات الحقوق السياسية لممثلي الجماهير العربية

 

تتعرض القيادات العربية والأقلية الفلسطينية التي يمثلونها, اليوم, الى اعتداء منظم على حقوقهم السياسية, وان هذا الاعتداء قد ازداد ضراوة منذ بداية الانتفاضة الفلسطينية. ولذلك فإن الانتهاكات التي تم رصدها في هذا التقرير لا تشكل اعتداءات منفصلة عن بعضها بل تأتي في سياق حملة منظمة موجهة للمس بشرعية ممثلي الاقلية العربية بهدف اسكاتهم وتخويفهم.

 

أهم ظواهر الانتهاكات:

§ اعتداءات جسدية:

تعرض ثمانية من تسعة أعضاء كنيست عرب لاعتداءات جسدية من قبل الشرطة واجهزة الامن المختلفة, وللضرب بالهراوات أثناء مشاركتهم كمنتخبين بالتظاهرات والاحتجاجات , وغالبيتهم واجهوا مثل هذه الممارسات اكثر من مرة واحدة. ولقد احتاج سبعة من النواب العرب للعلاج في المستشفى نتيجة لهذه الاعتداءات, ووفق شهادات أعضاء الكنيست انفسهم فإنه في غالبية هذه الاحداث يتم التعرض لهم عمدا, حتى بعد التعرف على هويتهم, اضافة لذلك لقد رصدت حالات تم فيها استعمال الرصاص المطاطي او القاء قنابل الغاز والقنابل الصوتية باتجاههم من مسافات قريبة.

وتشكل هذه الممارسات انتهاكا لحق النواب العرب في حرية الحركة والمشاركة في التظاهرات والتوسط بين المتظاهرين والشرطة, اضافة الى انها تظهر التعامل بمكيالين مقارنة بما يتعرض له اعضاء الكنيست اليهود, وبضمنهم اعضاء الاحزاب اليمينية المتطرفة, اثناء مشاركتهم في الكثير من التظاهرات العنيفة داخل اسرائيل او في المناطق الفلسطينية المحتلة.

ووفق شهادات اعضاء الكنيست العرب فإنه في حالة تعرفهم على هوية الشرطي/الجندي المعتدي, فإنه لا يتم اتخاذ اي اجراءات او عقاب ضده.

 

§ تحقيقات الشرطة:

خلال الدورة البرلمانية الحالية تم فتح 25 تحقيقا ضد تسعة من اعضاء الكنيست العرب وذلك حول تهم شملت: اعتداءات وتحريضا وزيارة المناطق المحتلة وتصرفات مهددة بالامن وغيرها. والكثير من هذه التحقيقات تركز، عادة، على تصريحاتهم وخطبهم السياسية. إن الهدف من هذه التحقيقات هو المس بحرية التعبير, اضافة الى المس بشرعية عملهم, وفي حالتين تم اغلاق الملفات بعد ان قدم اعضاء الكنيست تسجيلا صوتيا يكذب ادعاءات الشرطة وروايتها, وحتى في هذه الحالات لم يتم اتخاذ أي اجراءات ضد الشرطي او الجندي مقدم البلاغ.

 

ان شرعية اعضاء الكنيست العرب قد مُسَّت جديا في نظر الغالبية اليهودية والجهاز القضائي الاسرائيلي الى درجة ان بعض اعضاء الكنيست اكدوا انهم يستخدمون اجهزة تسجيل خاصة بشكل دائم بهدف توثيق ما قد يتعرضون له, بهدف استغلالها كدليل لمواجهة ادعاءات الشرطة والمحققين.

 

إضافة لهذه الانتهاكات فقد رصدت بعض الحالات التي تعرض فيها اعضاء الكنيست العرب لتحريض ضدهم من قبل زملائهم اليهود مع التأكيد على ان الشرطة او المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية لم يقم بفتح أي ملف للتحقيق في هذا الأمر.

 

§ تقييدات الحريات:

لا بد من التأكيد على التوجه الاسرائيلي الرسمي العام لمنع اعضاء الكنيست العرب من القيام بمهامهم التي تشكل جزءا هاما من اطار عملهم, وخاصة في موضوع القيام بحملات ونشاطات لانهاء الاحتلال العسكري للضفة الغربية وقطاع غزة, ومن اجل الدولة الفلسطينية المستقلة. وكجزء من هذه الواجبات قام اعضاء الكنيست بزيارة للمناطق المحتلة ومقابلة القيادات الفلسطينية, اضافة لمتابعة وتوثيق تأثيرات الاجتياح العسكري كما حدث في جنين مثلا, وبشكل عام تم منع اعضاء الكنيست العرب من دخول المناطق الفلسطينية المحتلة.

 

وقد تم هذا المنع ليس لضمان حماية وسلامة اعضاء الكنيست, كما تدعي السلطات الاسرائيلية, وانما بسبب قرار سياسي بعزل القيادات الفلسطينية, وفي حالة نجاح اعضاء الكنيست العرب بتخطي الحواجز واوامر المنع, فإنهم يواجهون حملات من التشكيك والمس بشرعيتهم من قبل المؤسسة السياسية الاسرائيلية, وقد أدى ذلك مؤخرا الى فتح تحقيقات من قبل الشرطة, اضافة الى عقوبات ادت الى تقييد حركة قيادات سياسية بارزة.

 

وتشكل التقييدات التي فرضت على الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الاسلامية، ومنعه من السفر الى الخارج, مسا خطيرا بحقوق القيادات العربية كمواطنين وممثلي جمهور, خاصة وان هذه التقييدات لم تأتِ من خلال مساءلة قضائية ملائمة.

 

§ لجنة أور:

 

من خلال تحقيقها في مقتل 13 مواطنا عربيا من قبل الشرطة في تشرين الأول/ أكتوبر 2000 فانه كان بإمكان لجنة التحقيق ان تظهر للاقلية الفلسطينية جدية دولة اسرائيل في حماية حقوقهم, وبدلا من ذلك فان اللجنة فوتت هذه الفرصة من خلال توجيه مقدار مساو من مساعيها ضد الاقلية الفلسطينية وممثليها.

 

لقد مثل امام اللجنة غالبية اعضاء الكنيست العرب الذين شهدوا حول تواجدهم ومؤيديهم في التظاهرات التي رافقت بداية الانتفاضة الفلسطينية, وقد اظهرت عملية الاستجواب توجها نحو تحميل المسؤولية لهم على انهم حرضوا المتظاهرين, علما بانه لم يتم استجواب أي سياسي يهودي حول نفس الموضوع على الرغم من ان بعضهم قد اسمع ملاحظات تحريضية واضحة, اضافة لحقيقة تنظيم بعض التظاهرات العنيفة في المناطق اليهودية في تشرين الأول من العام 2000.

 

وقد بلغت ذروة أعمال اللجنة في خروجها عن المتبع في عمل لجان التحقيق وتضمين اعمالها التحقيق ايضا مع ممثلي الاقلية العربية وتحذير كل من الشيخ رائد صلاح والنائبين عزمي بشارة وعبد المالك دهامشة بدل التركيز على التحقيق في ممارسات ودور المؤسسة الرسمية- الحكومة والشرطة وأجهزة الامن- حيث حملت في توصياتها بعض القيادات السياسية العربية مسؤولية التحريض لأعمال العنف.

 

§ محاكمة عزمي بشارة:

قرار المستشار القضائي للحكومة تجريم عضو الكنيست عزمي بشارة من خلال المحاكم يشير لوجود توجهات ودوافع سياسية للامر, خاصة على خلفية دور عزمي بشارة في رفع قضية الاقلية الفلسطينية على المستوى الدولي ودعوته للنضال الشرعي في مقاومة الاحتلال, اضافة للاصداء العالمية لنشاطاته وتصريحاته والتي ووجهت بعدم الرضا والغضب من قبل المؤسسة السياسية الاسرائيلية وبضمنها رئيس الحكومة، أريئيل شارون.

 

ان قرار المستشار القضائي بمحاكمة بشارة بسبب خطابين ألقاهما في سوريا وام الفحم تثير شبهات عدة, خاصة بالنسبة للمشاورات التي أجراها المستشار القضائي مع جهاز المخابرات العامة التابع مباشرة لمكتب رئيس الحكومة.

 

§ تشريعات جديدة:

ان اسوأ تطور حاصل في هذا المضمار هو إقرار الكنيست وتشريعها لقوانين جديدة أعدت لمنع ترشيح شخصيات وأحزاب عربية للمشاركة في الانتخابات العامة للبرلمان.

 

والمؤكد ان هذه التشريعات لها هدف واضح هو منع السياسيين العرب من الإدلاء بتصريحات ترفض يهودية الدولة او تتماثل مع المقاومة الفلسطينية للاحتلال العسكري, وتأخذ هذه الآراء والمواضيع حيزا اساسيا في برامج الاحزاب العربية التي تحظى بدعم غالبية الاقلية الفلسطينية في اسرائيل, وتحظى رفض يهودية الدولة بدعم قطاعات واسعة لدى غالبية الاقلية الفلسطينية التي ترى في هذه الهوية استثناء لها وأساسا لحرمانها من الكثير من الحقوق الديمقراطية, اضافة الى ان غالبية اعضاء الكنيست العرب يؤيدون نضالا فلسطينيا شعبيا لمقاومة الاحتلال العسكري.

 

وبموجب هذه التعديلات والتشريعات الجديدة فانه يمكن منع أي شخصية سياسية من الترشيح بسبب دعمها لهذه الافكار , اضافة الى امكانية تجريمه وسجنه بسبب هذه الاراء.

 

§ دور المستشار القضائي للحكومة:

المستشار القضائي الحكومي هو الهيئة الاستشارية القانونية للحكومة ومن صلاحياته الطلب من الشرطة التحقيق مع أي شخص بموجب معلومات يحصل عليها حول مخالفة القانون. ولكن هناك الكثير من المؤشرات التي تشير الى تأثر عمل المستشار القانوني بعوامل ومواقف سياسية, خاصة في ظل الجو العام المليء بالتحريض والعنصرية ضد الاقلية العربية وممثليها, ويظهر المستشار القضائي على انه شريك في هذا الامر. ان العدد الكبير من الملفات التي تم فتحها ضد اعضاء الكنيست العرب لا يمس بشرعيتهم في الشارع اليهودي فحسب بل يؤدي بهم لتخصيص حيز كبير من أوقاتهم للدفاع عن انفسهم وسمعتهم, وذلك على حساب القيام بمهامهم الجماهيرية, والاعتقاد هنا هو أن المؤسسة السياسية الرسمية تستعمل الجهاز القضائي للمس بأبسط القواعد الديمقراطية للتأكد من التأثير على مسار عمل اعضاء الكنيست العرب.

 

§ نحو المستقبل:

ان تقييد مشاركة القيادات السياسية العربية في النشاط البرلماني الاسرائيلي يعني حرمان الاقلية الفلسطينية (20% من المواطنين في إسرائيل) من المشاركة السياسية الشرعية, الامر الذي يشكل انتهاكا صارخا لحق هذه الاقلية بموجب القانون الدولي. وتخشى مؤسسات حقوق الانسان والعمل الأهلي ان لهذا الامر مدلولين: الاول انكار اسرائيل لكل المعايير الدولية الانسانية التي تؤكد الحق بالمشاركة السياسية المتساوية لكافة المواطنين, الامر الذي يجعلها دولة اثنوقراطية سياسيا وقانونيا, أي دولة تستثني فيها مجموعات كاملة من المشاركة السياسية على أساس اصولها الاثنية. اما المدلول الثاني فهو الدرس الذي تعلمناه من دول حرمت الاقليات فيها من المشاركة السياسية والتي ادت بالاقلية إلى ان تتبنى استراتيجيات نضال سياسية اكثر راديكالية.

 

وعلى الرغم من وقوعها خارج اطار المواضيع التي يطرحها هذا التقرير فإن المؤسسة العربية لحقوق الانسان تستذكر خطوات خطيرة اخرى واجهتها الأقلية الفلسطينية في اسرائيل وتشمل اول حالة لتجريد مواطن عربي من جنسيته, واستثناء العرب وممثلين عنهم من المشاركة في اللقاءات الاعلامية والاجتماعية, اضافة لدمج مجموعات من السياسيين العنصريين في الحكومة ومؤسساتها.

 

ان الدمج بين انتهاك الحقوق السياسية وهذه التطورات الاجتماعية والسياسية تؤدي لخلق اجواء تستطيع بموجبها اسرائيل كسر كل القواعد المتعارف عليها للدولة الديمقراطية, خاصة في أجواء يتعاظم فيها التأييد والدعوة للترانسفير ونقل الفلسطينيين بالقوة من اسرائيل والمناطق المحتلة عام67 على السواء.

 

وهنا تجدر الاشارة الى غياب أي رد فعل رسمي لوقف مثل هذه التوجهات, او لمقاومتها اخلاقيا بوصفها خارجة عن الاطار الشرعي للنقاش الجماهيري او الشعبي, بل على العكس فإننا نرى ان بعض القيادات السياسية من اعضاء الحكومة وخارجها يؤيدون هذه التصريحات والافكار ويدعون لها على الملأ.

 

وأخيرا, فإن المؤسسة العربية لحقوق الانسان تشعر بقلق شديد من ان مستقبل الاقلية الفلسطينية وحقوقها السياسية تقف امام خطر حقيقي, وتذكّر المؤسسة بأن اسرائيل قد صادقت على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يلزم الدول بتوفير الاجواء المطلوبة من اجل المشاركة السياسية الحرة والمتساوية للجميع.

 

"حق المسلمين في المشاركة السياسية"- دولة اسرائيل ضد "الحركة الاسلامية"

 

 

أقدمت السلطات الاسرائيلية، يوم الثالث عشر من أيار/ مايو 2004 ، على اعتقال قيادة الحركة الاسلامية حيث قامت السلطات الاسرائيلية باعتقال العشرات من قيادي ونشطاء الحركة الاسلامية وداهمت مرافقها ومؤسساتها. اننا نعتبر هذه الاعتقالات وما تلاها من تحقيقات وملاحقات ومحاكم جزءا من الحملة الرسمية لمنع الحركة الاسلامية من ممارسة حقها في النشاط السياسي, بهدف الحد من مشاركة ممثلي الاقلية الفلسطينية في السياسة العامة للدولة. وتأتي هذه الحملة في اجواء تتعاظم فيها الكراهية والعنصرية للعرب حيث يرفض 77% من المواطنين اليهود في الدولة مشاركة العرب في اقرار "القضايا الهامة" في السياسة العامة.

 

الاعتقال:

 

عملية الاعتقال تمت بطريقة تتناقض مع مبادئ حقوق الانسان المتعارف عليها عالميا, اضافة لعدم وجود اي سبب يدعو لاشغال قوة شرطة وجيش كبيرة (اكثر من 1200 عنصر), هذا علاوة على التحريض الأرعن لوسائل الاعلام الاسرائيلية الذي رافق عملية الاعتقال. كان لهذه الممارسات تأثير فظيع على الرأي العام الاسرائيلي اليهودي الذي قرأ الصحف العبرية في اليوم التالي للاعتقال, والتي اجمعت كلها على ربط الحركة الاسلامية بالارهاب, اضافة الى ان استعمال هذه القوة كان يهدف لارهاب المواطنين العرب من التضامن مع الحركة مستقبلاً.

 

محاكمة غير عادلة:

 

الإجراءات التي رافقت المحكمة لم تكن عادلة منذ بدايتها, حيث رافقتها حملة تحريض مبرمجة لوسائل الاعلام على اختلاف أنواعها, الأمر الذي لم يجعل مجالاً للقضاء لقول كلمته بحرية وانصاف، اضافة لحرمان عائلات المعتقلين من المشاركة في بعض الجلسات, في حين سمح لمندوبي وسائل الاعلام بالدخول. ناهيك عن بعض الملاحظات التي اسمعت للمتهمين في المحكمة واثناء التحقيق والتي يشتم منها اهانة لمعتقداتهم ومساً بكرامتهم, اضافة الى تركيز جزء كبير من الاسئلة حول الفرائض والمعتقدات الدينية!!

 

التهم ولوائح الاتهام:

صرّحت ميري جولان, وهي قائدة فريق التحقيق, لوسائل الإعلام خلال مؤتمر صحفي في الثالث عشر من أيار: "سأكون سعيدة جداً إذا وجدت علاقة بين عملية نقل الأموال وعمليات الإرهاب".

تركز لائحة الاتهام، التي تم تقديمها لمحكمة حيفا المركزية في أواخر شهر حزيران/ يونيو 2003 ، في الجزء العام منها على معلومات حول حركة حماس, وتربط ممارسات الحركة الاسلامية في إسرائيل بها, بينما تتهم المعتقلين بتهم الاتصال مع عملاء أجانب, وتلقي أموال من منظمات محظورة.

لائحة الاتهام تخلق الانطباع الخاطئ الذي يربط حركة سياسية قانونية تعمل في اسرائيل مع منظمة مقاومة عسكرية تعمل في المناطق المحتلة, وذلك على الرغم من تأكيد طاقم التحقيق "على فشله" في ايجاد اي رابط بين الاموال المنقولة للمناطق المحتلة والعمليات العسكرية.

اما بالنسبة "للمنظمات غير القانونية" المذكورة في لائحة الاتهام فيظهر أن جزءاً منها يعتبر منظمات وصناديق قانونية مسجلة في عدة دول اوروبية, بينما قامت اسرائيل باعتبارها "معادية" واخرى تعتبر بمثابة صناديق داعمة من منطقة الخليج العربي وجميعها منضوية تحت مظلة "ائتلاف الخير" الذي أعلن عنه كمنظمة غير قانونية خلال فترة التحقيق الذي بوشر فيه سراً عامين قبل الاعتقال .

ويظهر جلياً من القرائن والأدلة التي تستند اليها النيابة ان كافة الاتصالات التي جرت بين المتهمين والصناديق من جهة, او الهيئات والشخصيات الفلسطينية التي تلقت الدعم من جهة اخرى، جرت ضمن حدود القانون وفي أجواء تؤكد على عدم وجود أي نية ظاهرة او مخفية للمس بأمن الدولة, خاصة ان الدعم الذي قدم اقتصر على المواد التموينية اضافة لحقائب الاسعاف الاولي وما شابه, وان الدعم المالي الوحيد الذي يقدم هو لمساعدة اليتامى والمحتاجين وهو مقدم في غالبيته من عائلات فلسطينية من داخل اسرائيل.

في الواقع ان نشاط الحركة الاسلامية في هذه القضية تمحور حول تقديم اغاثة انسانية لعشرات آلاف العائلات الفلسطينية المنكوبة خلال اجتياح عام 2002 وتمثل في تقديم طرود غذائية عاجلة شملت الحليب, الطحين والسكر وقد تم تقديم هذه المساعدات الانسانية عبر المعابر العسكرية وبالتنسيق مع سلطات الجيش الاسرائيلي.

تدعي النيابة العامة أن هذه المساعدات الانسانية قدمت من خلال لجان الزكاة وهي مكونة من عناصر ناشطة وتعتبر ذراعاً من أذرعة حماس المعلنة كمنظمة إرهابية.

 

استمرار الاعتقال حتى نهاية الاجراءات القضائية:

اصدرت المحكمة قراراً باعتقال المتهمين الخمسة حتى نهاية الاجراءات القضائية ضدهم وبعد انقضاء تسعة أشهر على هذا القرار أقدمت المحكمة العليا على تمديد الاعتقال لمدة ثلاثة أشهر إضافية. إن هذا القرار من شأنه أن يؤدي لاعتقال المتهمين لفترة طويلة خاصة وأنه تم حتى الآن مناقشة سبعة شهود من أصل 155 شاهد نيابة.

 

الاجراءات غير العادلة في القضية:

 

ان مبدأ علنية الجلسات في المحاكم عامة والجنائية خاصة يعتبر مبدأ أساسياً متعارفا عليه في جميع الشرائع والقوانين المعمول بها في دول العالم الديمقراطي. لقد تطرق الاعلان العالمي لحقوق الانسان وشدد على أهمية علانية المحاكم والتزامها بمبدأ الاستقلالية والمحايدة، إذ أشارت المادة العاشرة: "لكل انسان الحق على قدم المساواة التامة مع الآخرين في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة ومحايدة نظراً منصفاً وعلنياً للفصل في حقوقه والتزاماته وفي أي تهمة جزائية توجه اليه".

وتشير المادة الحادية عشرة أيضاً إلى:

" أن كل شخص متهم بجريمة بعتبر بريئاً الى أن يثبت ارتكابه لها قانوناً في محكمة علنية تكون قد وفرت له جميع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه".

كما يتضمن العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية نصوصاً مشابهة.

 

يمكنني القول كمحام للشيخ رائد صلاح, زعيم الحركة الاسلامية وأحد أبرز المتهمين, إن إجراءات المحكمة المقامة ضد أعضاء الحركة الاسلامية غير منصفة وغير عادلة وتشكل خرقاً للمبادىء المعلنة في الاعلان العالمي لحقوق الانسان وللعهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية. سأكتفي باعطاء مثالين على ذلك: الأول، تقوم المحكمة ومنذ بداية شهر اذار المنصرم بسماع بعض شهود الامن العام خلف الابواب المغلقة, ودون حضور الجمهور ووسائل الاعلام ودون أن تتمكن هيئة الدفاع من مناقشتهم حول هوياتهم ومصادر معلوماتهم وأساليب عملهم والتعرف الى خلفية الاعتقالات, وذلك ارتكازا الى مذكرة أمنية موقعة من قبل وزير الدفاع يحظر فيها الكشف عن هذه الأمور لدواع أمنية.

المثال الآخر الذي أود التطرق اليه يتعلق بمبدأ تحقيق العدالة من خلال تطبيق القانون. وحقيقة الأمر أن دور السلطات الدستورية الثلاث يتكامل من أجل تحقيق هدف أساسي وهو ترسيخ قواعد دولة القانون, أي تلك الدولة التي تحترم القانون وتخضع له ويتصرف أعضاؤها بوحي من أحكامه ومبادئه. ويفترض بالحكومة أن تأتي أعمالها متفقة مع الدستور والقوانين الصادرة عن السلطة التشريعية. لقد قام وزير الأمن بالاعلان عن جميع المؤسسات الخيرية الاسلامية الناشطة في الخليج العربي تحت مظلة "ائتلاف الخير" الداعمة لانتفاضة الشعب الفلسطيني ولجنة الزكاة القائمة في الأراضي المحتلة بمثابة تنظيمات إرهابية وفقا لصلاحية خولت اليه من قبل المشرع وذلك يوم 25.02.2002 أي قرابة الشهر قبل اجتياح اسرائيل لمخيم جنين. وقام بنشر هذا الاعلان بالجريدة الرسمية لتوريط أعضاء الحركة الاسلامية جنائياً وأمنياً سيما وان الجهات الامنية كانت قد شرعت في التحقيق سراً زهاء عامين قبل اعتقال قيادة الحركة الاسلامية في أيار 2003.

 

تقرير حول اعتقال محمد وحسام كناعنة- عضوي حركة "أبناء البلد":

يوم السبت 07.02.04 حولي الساعة الرابعة صباحاً اقدمت قوات كبيرة من الشرطة وحرس الجدود ورجال المخابرات على مداهمة منزل السيد محمد اسعد كناعنة (ابو اسعد)، امين عام حركة ابناء البلد وأخيه حسام كناعنة، عضو اللجنة المركزية. واجرت اجهزة الشرطة تفتيشا عشوائيا تخلله استعمال العنف والضرب بحق امال كناعنة، زوجة محمد كناعنة، وابنه وأمه وعاثوا الخراب والدمار في المنزل...وقاموا بمصادرة حواسيب شخصية وألعاب ألكترونية للأولاد والأجهزة الخليوية والهاتف البيتي بعد ان أشاعوا جواً من الارهاب والرعب في البيت.

وقامت قوة أخرى في نفس الوقت بمداهمة مقر الحركة ومجلة "الجيل الجديد" (الناطقة بلسان الحركة) وقاموا بمصادرة أجهزة الحواسيب والطابعات والفاكس ولم يغادروا المقر إلا بعد أن قاموا بتكسير محتوياته وعاثوا به دمارًا وقاموا بالقاء المجلات والمستندات على الأرض وسكبوا عليها الزيت والزيتون وقاموا بتمزيق بوسترات وتكسير أقلام الرصاص وتحطيم الخزائن...

في يوم السبت 7/2/2004 قامت الشرطة باعتقال سحر عبدو في معبر وادي الأردن لدى عودتها من الأردن... وتم اصطحابها الى منزلها في حيفا وهي مكبلة في يديها ورجليها وأجروا تفتيشًا عشوائيًا في غرفتها وقاموا بمصادرة بعض المستندات ولم يغادروا المنزل الا بعد ان عاثوا به فسادًا وخرابًا...

في يوم الخميس 12/2/2004 حوالي الساعة الثالثة صباحًا قامت قوات كبيرة من أجهزة الشرطة والمخابرات بمداهمة منزل يوسف أبو علي، عضو لجنة الرقابة المركزية، واقتحموا المنزل من الشباك بعد استعمالهم السلالم ومحاصرة المنزل بهدف دب الرعب والخوف في قلوب عائلته. وأجرو تفتيشًا عشوائيًا مخلفين وراءهم الخراب والدمار.

ومنذ ذلك الوقت تم تمديد اعتقال الموقوفين ومنعهما من التقاء المحامين واحتجازهما داخل الزنازين واجراء التحقيقات المتواصلة معهما باستعمال الضغوطات النفسية والجسدية... كذلك خلال فترة الاعتقال تم نقل المعتقلين الى أماكن مجهولة وتم اخفاء معلومات عن المحكمة ولم تلتزم أجهزة الشرطة والمخابرات بقرارات المحكمة باجراء فحوصات يومية لأحد المعتقلين لمعاناته من أمراض مزمنة.

محاكمة غسان وسرحان عثاملة:

 

تم اعتقال كل من غسان وسرحان عثاملة، وكلاهما عضو في حزب التجمع الوطني الديمقراطي، يوم 29.12.03 وتم تقديم لائحة اتهام ضدهما للمحكمة المركزية في الناصرة حيث نسبت لهما تهمة العضوية في منظمة ارهابية وتقديم الخدمات للعدو في حربه ضد اسرائيل والتآمر على أمن الدولة.

وقد أمرت المحكمة باعتقالهما الى حين انهاء الاجراءات القضائية ضدهما. ومن المتوقع أن تكون اجراءات المحكمة اجراءات سرية لسماع تقارير وافادات أمنية بشكل يتعارض مع مبدأ علنية القضاء وحق المتهم في مجريات عادلة ومنصفة.

غني عن الذكر أن النيابة العامة قد قدمت الى المحاكم عشرات لوائح الاتهام ضد شبان عرب بتهمة التآمر وتقديم الخدمات لتنظيمات ارهابية لمجرد الاشتراك في محادثات عبر شبكة الانترنت أو من خلال تورط عرضي تم خلال زيارة الاراضي المحتلة أو عبر الاتصال الهاتفي.

 

استنتاجات وتوصيات:

 

مؤسسات العمل الأهلي عامة ومؤسسات حقوق الانسان خاصة تعتبر أن اعتقال الشيخ رائد صلاح واصحابه ومحمد وحسام كناعنة من حركة أبناء البلد وغسان وسرحان عثاملة من حزب التجمع الوطني الديمقراطي هو خرق لحقهم الطبيعي في الحرية.

تؤكد مؤسسات العمل الأهلي وحقوق الانسان قلقها الشديد من التلميحات التي تعرضها لوائح الاتهام والتي تعني بان كل فرد من الاقلية الفلسطينية معرض للمحاكمة لمجرد مد يد العون وتقديم مساعدة انسانية للشعب الفلسطيني المحتاج في الاراضي المحتلة. كما تعبر عن قلقها من الجهود المبذولة من قبل الدولة لربط الحركة الاسلامية بحركة حماس, هذا الربط بين حركة مدنية سياسية داخل اسرائيل وبين حركة مقاومة مسلحة في الاراضي المحتلة لا يستند الى أي دليل قانوني, وتعتبر ان هذه الجهود للربط مبنية على افكار مسبقة, وما هي الا استغلال للاجواء السياسية العالمية "والحرب على الارهاب" كغطاء للملاحقات السياسية واستمرار خرق حقوق الانسان.

وبهذا الصدد تؤكد مؤسسات العمل الأهلي ان للشيخ رائد صلاح وزملائه الحق في ممارسة الاسلام السياسي كتعبير عن الارادة السياسية في دولة تعتبر نفسها ديمقراطية!! وتؤكد على حقهم في التنظيم والعمل كحركة سياسية شرعية لها الحق بالمشاركة او مقاطعة الانتخابات العامة... وهذا الموقف لا يجب ان يجعلها عرضة للمضايقات او غياب الحماية الدولية. اننا نؤكد على حق حركة أبناء البلد وحزب التجمع العربي الديمقراطي في ممارسة حقوقهم السياسية كتنظيمات سياسية شرعية.

نخشى نحن في العمل الأهلي ان يؤدي غياب ردود الفعل الدولية الى خلق وتقوية الشعور السائد بوجود معايير مزدوجة بحقوق الانسان. وعليه تناشد المؤسسة المجتمع الدولي العمل على توفير حضور ومشاركة دولية للمراقبة ومتابعة محاكمة الشيخ رائد صلاح وزملائه.

اننا كرافد من روافد المجتمع المدني نؤكد على التزامنا بأن كل البشر قد ولدوا أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق, ويجب ان لا يشّكل العرق او النوع او الدين سبباً او عذراً لمعاملة مختلفة في وسائل الإعلام او أمام القانون.

إننا في مؤسسات العمل الأهلي على يقين بأن الملاحقة والاعتقال في هذه الحالات هو سياسي محض ولا يمت بصلة لادعاءات أجهزة المخابرات بالبعد الأمني لها... ونحن على يقين بأن وجودنا وانتماءنا لشعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية وقوى السلم يعتبر بعيونهم خطرًا أمنيًا... وكل عربي فلسطيني بالنسبة لهم هو عدو وكل طفل وإمرأة حامل تعتبر خطرًا أمنيًا على كيانهم وهذا واضح من تصريحاتهم ومن ترديد أنشودة "الخطر الديمغرافي"... إننا في اطار حركة العمل المدني نؤمن بصدق وعدالة موقفنا وطرحنا لإنهاء حالة الصراع والحرب دون التنازل عن حق العودة واعادة الأملاك لأصحاب الأرض الأصليين، وموقفنا هذا ومشروعنا بتحقيق العدالة الاجتماعية لا يتوافق مع موقف الحكومة ومؤسسات الكيان المختلفة... وغياب الديمقراطية الحقيقية في ما يسمى "واحة الديمقراطية" يزعجهم، ونشاطنا السياسي، وهو حق طبيعي لنا، لا يروق لهم، اذ يريدون تركيعنا وعزلنا عن شعبنا وأمتنا وكل محبي السلام والباحثين عن تحقيق العدالة الاجتماعية في العالم ومجابهة مشاريع الامبريالية والرأسمالية والعولمة ومواجهة الظلم والاضطهاد حتى يتسنى لهم فرض الهيمنة والسيطرة على خيرات المنطقة والعالم...

(*) رئيس اتجاه- اتحاد جمعيات أهلية عربية داخل "الخط الأخضر"

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات