تحت عنوان "مكاسب دون ثمن" كتب ألوف بن، المراسل السياسي في صحيفة "هآرتس" (24/12/2006)، تعليقاً جاء فيه: بالأمس (السبت) انتهت المعوقات والذرائع التي عطلت حتى الآن اللقاء بين رئيس الحكومة إيهود أولمرت والرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن). وفي هذه المرة رحب أولمرت بضيفه القادم من رام الله بلفتات رمزية... وأضاف "بن": أولمرت لم يكن يعرف حتى اللحظة الأخيرة إذا كان الرئيس عباس سيأتي للقائه في مقر إقامته في "رحافيا" بالقدس الغربية، فالمحادثات التحضيرية التي جرت بين معاونيهما يوم الخميس الفائت انتهت دون الاتفاق على تحديد موعد للقاء.
واستطرد المعلق قائلاً: من ناحية أولمرت ثمة للقاء مع عباس أفضليات ومزايا عديدة، فهو أولاً يفي بتعهده بتحريك العملية السياسية مع الفلسطينيين، وثانياً يُظهِر أولمرت شجاعة سياسية باستعداده لدفع ثمن داخلي- بالتعرض للانتقادات المتزايدة لسياسة "ضبط النفس" التي يتبعها حيال إطلاق صواريخ القسّام من غزة- من أجل دفع العملية السياسية. وتابع "بن" معرباً عن تقديره أن الخاسر من لقاء عباس- أولمرت هو وزير الدفاع (زعيم حزب "العمل") عمير بيرتس، الذي دعا قبل يومين من اللقاء إلى إلغاء وقف إطلاق النار في غزة.
وأردف "بن" في تحليله مشيراً إلى أن أولمرت رفض إقتراح بيرتس ونجح في إحضار عباس إلى القدس، وقد أمل أولمرت على ما يبدو في أن تؤدي الصورة المشتركة مع الزعيم الفلسطيني إلى تخفيف الضغط عليه من "اليسار الإسرائيلي" وتهميش الدعوات لإحياء المسار السوري.
أما في مواجهة اليمين الإسرائيلي- استطرد بن- فإن أولمرت لن يدفع أي ثمن (للقائه مع الرئيس عباس)... فبوادر حسن النية التي وعد بها أولمرت تعتبر في معظمها فارغة من أي مضمون... فهو لن يطلق سراح معتقلين فلسطينيين (اشترط ذلك بالإفراج عن الجندي جلعاد شليط) كما أن الإفراج عن أموال عوائد الضرائب الفلسطينية المحتجزة منوط بإقامة آلية إشراف ومراقبة... أما الوعود بإزالة حواجز عسكرية وفتح المعابر فقد تردد مثلها مرات كثيرة في الماضي وبالتالي من الصعب أخذها بجدية.
وواصل "بن" تعليقه معتبراً أن أكثر ما يهم أولمرت وما يسعى لتحقيقه من وراء اللقاء مع الرئيس عباس هو "كسب ود" الأميركيين بالدرجة الأولى، إذ أن الإدارة الأميركية تضغط منذ وقت طويل على أولمرت لإظهار تقدم حيال الفلسطينيين والعمل على دعم الرئيس عباس في صراعه الداخلي مع "حماس". وقال المعلق: "الآن باستطاعة أولمرت التظاهر بأن هناك عملية سياسية وتسهيلات للسكان الفلسطينيين".
وختم "بن" تعليقه بالتساؤل: كم من الوقت ستصمد الصورة المشتركة في رحافيا؟ وأجاب بقوله إن الأمر منوط بطبيعة الحال بالوضع الأمني... فإذا استمرت "التهدئة" بهذا القدر أو ذاك، سيخرج أولمرت دون أية أضرار أو خسائر، وسيكون باستطاعته التحضير للقاء المقبل مع (الرئيس) محمود عباس.
وتحت عنوان "ارتياح جزئي" كتب آفي سخاروف، مراسل الشؤون الفلسطينية، تعليقاً في صحيفة "هآرتس" ركز فيه على تحليل دوافع ونتائج لقاء أولمرت- عباس من وجهة نظر ما تنطوي عليه بالنسبة للجانب الفلسطيني، فكتب قائلاً: إن "الفرصة لدعم وتقوية أبو مازن ضاعت، ولكن ربما يكون أولمرت هو الذي خرج معززاًً قوياً من هذا اللقاء". وتابع: باستطاعة "أبو مازن" أن يشعر برضا جزئي من اللقاء... صحيح أنه كان يعرف أن إسرائيل لن تطلق سراح معتقلين فلسطينيين (قبل إطلاق شليط) ولكنه يحتاج للمال ومن ضمن ذلك للاستعداد للانتخابات المحتملة في السلطة الفلسطينية... وتابع المعلق معتبراً أن مبلغ الـ 100 مليون دولار- الذي وعد أولمرت بتحويله للرئاسة الفلسطينية- هو مبلغ كبير جداً بمصطلحات فلسطينية ولا سيما عشية عيد الأضحى. فقرار أولمرت الإفراج عن جزء من أموال السلطة "من شأنه- حسب سخاروف- أن يساعد الرئيس عباس في المعركة على الشارع الفلسطيني، ولا سيما في مواجهة الأموال الإيرانية التي وُعدت بها حماس".
وأضاف سخاروف في سياق آخر أن "أهمية اللقاء تكمن في أن رئيس السلطة الفلسطينية أتى للاجتماع في القدس في منزل رئيس الحكومة الإسرائيلية...". وأردف أن اللقاء فُرض على الرجلين وبالأخص على أبي مازن... فقد اضطر "أبو مازن"، بينما هو منهمك في الصراع مع "حماس" على مستقبل السلطة، إلى الاجتماع مع أولمرت كي يثبت لوزيرة الخارجية الأميركية، كونداليزا رايس ولرئيس الوزراء البريطاني، توني بلير، أنه جاد في نواياه للتقدم في المحادثات السياسية مع إسرائيل... وأنه مستعد، لهذا الغرض، حتى لزيارة أولمرت في منزله وتحمل انتقادات حركة "حماس".
ورأى سخاروف في ختام تعليقه، أنه وفيما عدا الاستجابة للضغط الدولي، فإن ما دفع الرئيس عباس للقدوم للقاء أولمرت هو وجود شعور لدى الجانب الفلسطيني بأن هناك بوادر تغيير معيّن في الخط السياسي الإسرائيلي (الرسمي)، حيث تتابع محافل الرئاسة الفلسطينية باهتمام التلميحات والإشارات الصادرة عن وزيرة الخارجية تسيبي لفني بشأن ضرورة استئناف المحادثات مع الفلسطينيين، وكذلك التصريحات المعتدلة التي أطلقها رئيس الوزراء أولمرت في خطابه الأخير في سديه بوكير... إلى ذلك يشعر مقربو "أبو مازن" أن هناك رياحاً جديدة تهب من واشنطن، تشير إلى استعداد لحث العملية السياسية على المسار الفلسطيني.
من ناحيته قال شمعون شيفر، المراسل السياسي لصحيفة "يديعوت أحرونوت" (24/12/2006)، إنه على ما يبدو فإنّ الضغط الدولي الذي مورس على الزعيمين إيهود أولمرت ومحمود عباس هو فقط الذي أدى بهما إلى أن يلتقيا. وقد عرف أبو مازن قبل اللقاء أنه لن يطلق سراح أسرى. كذلك عرف أولمرت مسبقًا أنه ليس في وسع الرئيس الفلسطيني إعادة (الجندي المخطوف) جلعاد شليط أو الإيقاف التام لإطلاق صواريخ القسام من قطاع غزة. ومع ذلك فقد وافق أولمرت على عقد اللقاء لأن رئيس الحكومة الذي يقول "لا" لرئيس سوريّ يقترح محادثات سلام ليس في وسعه أن يقول "لا" للفلسطينيين أيضًا.
وأضاف: مع ذلك يصعب الافتراض بأن أولمرت سيوافق على مطلب أبو مازن بدخول مفاوضات حول الحل الدائم. طالما أن الإرهاب مستمر لا يمكن الحديث عن تقدّم العملية السياسية. لم يبق الآن سوى الأمل بأن لا تفلح المنظمات الإرهابية في تنفيذ عمليات تفجيرية تذكّر الإسرائيليين بمن هو صاحب الحلّ والربط في الطرف الفلسطيني.
ورأى بن كسبيت، المراسل السياسي لصحيفة "معاريف" (24/12/2006)، أنّ أهمية اللقاء بين إيهود أولمرت ومحمود عباس تكمن في مجرّد انعقاده. والإنجاز الأكبر الذي حققه أبو مازن في منزل رئيس الحكومة في القدس هو علم فلسطين الذي رفرف على شرفه فوق الباب. لقد حصل على وعود كثيرة وقليل من المال. واليوم سيتلقى العديد من اللدغات من طرف معارضيه.
وأضاف: عقدت إلى الآن لقاءات عديدة بين قادة إسرائيليين وفلسطينيين. "لكن يبدو أنه لم يجلس البتة على طرفي المائدة شركاء في مثل ضعف أولمرت وعباس. فهذا الأخير عشية حرب أهلية وأولمرت عقب حرب وفي خضم تحقيق. ومكانة كل منهما بين جمهوره مضعضعة. أبو مازن لديه نصف الشعب وليس لديه حكومة. وأولمرت لديه نصف حكومة لكن ليس لديه شعب. كلاهما يحتاج إلى الآخر من أجل البقاء، لكن كلا منهما يحافظ على مسافة من الآخر لئلا يحترق".