المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • ارشيف الاخبار
  • 719

 

كرّر رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية، الجنرال أهارون زئيفي- فركش، الثلاثاء، توقعاته بحدوث ما أسماه بـ "انعطاف ايجابي" من الناحية الامنية في العام 2005.

وكان زئيفي- فركش يتحدث في اجتماع للجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست سوية مع رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، آفي ديختر، ونائب رئيس جهاز الموساد، حيث استعرض الثلاثة تقويمات أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية للعام 2005.
ورغم توقعاته المتفائلة قال زئيفي- فركش انه من المتوقع ان تواجه اسرائيل مخاطر من ناحية ايران "وجهودها لتحقيق قدرة على انتاج قتبلة نووية".

 

واعتبر ان "ثمة مخاطر اخرى تتمثل في جهود حزب الله لمساعدة الفلسطينيين، وتغييرات محتملة في سياسة كل من سورية ومصر".

وعلى الرغم من ذلك فإن زئيفي- فركش يتوقع حدوث انعطاف ايجابي "بسبب عملية فك الارتباط الأحادية الجانب، التي ستؤدي الى تقليص الاحتكاك مع الفلسطينيين"، على حد تعبيره.

واشار زئيفي- فركش الى سبب آخر ينبىء "بحدوث انعطاف ايجابي" يكمن في "انتهاء حملة الانتخابات للرئاسة الامريكية وتقدم الاتصالات لضم تركيا الى الاتحاد الاوروبي".

وسبق لزئيفي- فركش أن جزم، في مقابلة خاصة مع صحيفة "معاريف" (15/9/2004)، أجراها معه المراسل العسكري للصحيفة عمير راببورت، ان "السنة العبرية الجديدة ستكون سنة التغيير". وأضاف أن هذه السنة سوف تشهد تغييرا في سلسلة طويلة من الميادين. والامر الاول الذي سيحدث في الشهرين القادمين هو حسم الانتخابات الاميركية، وبصرف النظر عن الرئيس المنتخب، سيكون لذلك أثر هائل على ما يجري في منطقتنا. وهناك تغيير اضافي، اكبر، هو تنفيذ خطة الفصل. وحتى مطلع العام الدراسي القادم ستكون هذه القضية ناجزة.
كما أن حدثاً مثيراً ثالثاً سيحدث في كانون الاول، عندما يتقرر ان كانت تركيا، وهي قوة عظمى اقليمية، ستنضم الى الاتحاد الاوروبي ام لا. وهذا سيؤثر استراتيجياً على ما اذا كانت تركيا ستتطلّع غرباً ام نحو منطقتنا. وأنا آمل انه حتى اذا انضم الاتراك للاتحاد ان يحافظوا على العلاقة الخاصة معنا. ولكن بالإجمال من الواضح جدا ان تركيا تتطلّع غربا اكثر مما تتطلع جنوبا، ويجب علينا القلق من ذلك. كذلك ستحدث تطورات مثيرة في العراق، حيث ستصل اللحظة الحاسمة في شهر كانون الثاني، عندما تُجرى انتخابات ستحسم ان كانت الحكومة المؤقتة ستتحوّل الى حكومة دائمة.
وهناك اخيراً، أمر هو الأهم، ففي العام القادم سيتضح إن كانت الولايات المتحدة مع دول غرب اوروبا وروسيا ستنجح في خلق جبهة موحّدة ضد المشروع النووي الايراني. واذا لم تنجح، فمن الجائز ان تصل ايران في الربيع المقبل الى مرحلة تستطيع فيها تطوير قنبلة نووية بقواها الذاتية ولن تكون بحاجة الى أي دعم من الخارج. وفي حالة كهذه سيكون إيقاف مشروعهم النووي أكثر صعوبة مما هي الحال الآن، وحينها يمكنهم ان يمتلكوا القنبلة الاولى عام 2007.
هنا تلخيص للجزء المتعلق بالصراع الاسرائيلي- الفلسطيني من هذه المقابلة المطولة:


* راببورت: الجمهور الاسرائيلي في نهاية السنة العبرية هذه يسأل نفسه قبل كل ذلك ان كان يشعر بالأمان عندما يخرج من البيت أو يبعث بأطفاله إلى رياض الاطفال والمدارس. وهل ان سيناريو رعب كمجزرة التلاميذ في روسيا يمكن أن يحدث، لا سمح الله، عندنا؟

 

* زئيفي- فركش: إن اجهزتنا الاستخبارية افضل وأشد تركيزا ونحن نغلق الدوائر بين المعلومات الاستخبارية والوحدات الميدانية التي تكافح الارهاب. كذلك فان الجزء القائم الآن من الجدار يساعدنا، بحيث ان فرصة تنفيذ عملية كهذه في اسرائيل ضئيلة جدا، ولكن لا يمكن القول ابدا انها معدومة. وأعتقد انه اذا وصل الارهاب الى وضع يفهم فيه انه لم يعد فعالا فإنه سيبحث عن طرق اخرى تختلف عن العمليات التي نفذها حتى اليوم. ومن جهة ثانية لست واثقا ان في الجمهور الفلسطيني تأييداً لعمليات في المدارس او المستشفيات كالتأييد الذي يبديه للعمليات ضد الجيش الاسرائيلي، ضد المستوطنات، او حتى ضد التجمعات السكنية داخل الخط الاخضر. كذلك يفهم الفلسطينيون ان المساس المباشر والمقصود بالأطفال سيكبدهم ثمناً باهظاً جداً.

* أنت تقصد أن إسرائيل ستتعامل مع عملية في مدرسة بشكل مختلف عن عملية في حافلة؟

 

- من دون ريب. هذا تحطيم لقواعد اللعبة.

* ألا زالت هناك "قواعد لعبة" بعد ان أقدمنا على الخطوة الأكثر تطرفا باغتيال الشيخ احمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي؟.
- نعم. مثلاً في الجامعات يعمل ويعيش قسم من الارهابيين وهم يتجندون هناك. وهذا لا يعني اننا لا نرى ما يجري في مدارسهم وفي جامعاتهم، ولكن نشاطاتنا هناك تبدي بالغ الحذر لأن الامر يتعلق بمؤسسات تعليمية. هناك قواعد لعبة وهم يعرفونها. واذا لم يكن امامنا خيار آخر، فسوف ندخل الى هناك ايضا. والآن لدينا خيار وهم يفهمون ويضبطون أنفسهم.
* هل ان العملية المزدوجة في الشهر الفائت في بئر السبع في نظر حماس هي الانتقام لياسين والرنتيسي، ام ان الانتقام لا يزال في الطريق؟
- لقد أسموا العمليات باسم ياسين والرنتيسي، ولكن العمليات في بئر السبع هي جزء من خطة شاملة أعدّوا في اطارها تنفيذ عملية متزامنة تشمل خمسة الى سبعة انتحاريين في يوم واحد وبأثر كبير. ومع كل الألم من الصعب ان نرى في عملية بئر السبع شيئاً من هذا القبيل.

 

*هل تمّ التخطيط لعملية بئر السبع في دمشق ام لا؟ لقد صدرت روايات متناقضة عن المؤسسة الامنية.
- لا ريب عندي في ان مسؤولين كباراً كان لهم ضلع في التخطيط، ولا ريب عندي في ان للبنية التحتية في دمشق صلة بذلك.

 

بين جلعاد ومالكا

 

تنتهي سنوات اربع من الصراع مع الفلسطينيين في هذه الايام، وهي تضع رئيس شعبة الاستخبارات الى جانب رئيس وحدة الابحاث السابق، الجنرال عاموس جلعاد، في السجال الذي نشب هذا العام بينه وبين رئيس شعبة الاستخبارات في عهده، الجنرال عاموس مالكا، حول ما اذا كان هذا الصراع بتدبير من عرفات ام انه كان بالوسع التوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين. وزئيفي- فركش في الحقيقة لا يقول صراحة اين يقف من هذا السجال ("لا أريد الدخول في حقل الألغام هذا"). ولكن أقواله واضحة.
* ما هو موقفك؟ هل كانت الأحداث بتدبير من عرفات ام انه انجرّ اليها؟
- "اعتقد ان عرفات أعدّ نفسه لهذا الانفجار. وفي نظري فهم انه لن يدخل التاريخ كمؤسس للدولة الفلسطينية عن طريق التنازل عن أجزاء من روايته واهدافه. ولأنه لم يحصل على المئة في المئة التي حلم بها قرّر أن بوسعه الحصول بالقوة على ما عجز عن الحصول عليه في المفاوضات".

 

وعندما سألنا الجنرال زئيفي- فركش إن كان يوافق على أقوال رئيس هيئة الأركان في العام الماضي خلال مقابلة مع "معاريف" والتي تفيد بأن اتفاقية اوسلو في نظر عرفات كانت مجرد "حصان طروادة" لتمكينه من الوصول الى المناطق من تونس، كشف رئيس شعبة الاستخبارات ان لدى اسرائيل معلومات تفيد بأن عرفات نفسه استخدم عبارة "حصان طروادة" لوصف اتفاقية اوسلو.

 

* متى قال ذلك؟
- هو قال ذلك في حوار مغلق قبل حوالي عام ونصف، في ربيع عام 2003.
* اذن، كل شيء كان تجسيدا لنظرية المراحل؟
- نعم. اسمع، كثيرا عندما انظر الى عرفات اظن انه ليس شخصا صاحب فكرة استراتيجية كبيرة، وأنه تكتيكي ممتاز يعيش الميدان. ولديه إحساس فلاح بأنه في كل وقت يستطيع ان يستخلص الافضل من كل حدث يقع فيه، ولكن لست واثقا انه يخطط لكل الاحداث. وعدم نجاحه في ادارة السلطة الفلسطينية ينبع ايضا من حقيقة انه لا يمتلك الخصال التي يظن قسم منّا أنه يمتلكها.

* ما هو موقفه (عرفات) من خطة الفصل؟
- " إنه يعارضها بشدة. وهو يربط الفصل ببناء الجدار الفاصل وبرسالة الضمانات التي قدمها بوش ويخشى ان كل هذه الخطوات ترمي الى الحيلولة دون قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة. وهو يريد ان يحبط ذلك، ولكنه الآن لا يستطيع فعل اي شيء كبير. والسياسة التي يتبعها هي سياسة التريث. وعرفات يترك حالة الفوضى تستمر. وهو لا يزال يؤمن بتدويل الصراع كحل في نظره، ولا يزال يريد البرهان للعالم على ان اسرائيل عاجزة عن السيطرة على المناطق. وهو يعتقد ان الفوضى ستقود في نهاية المطاف الى وصول قوة دولية وهو يستمر في الحديث في التلفزيون الفلسطيني عن مليون شهيد يزحفون الى القدس".

 

ويعتقد رئيس شعبة الاستخبارات أن رئيس السلطة (الفلسطينية) ليس وحيداً في المعارضة الفلسطينية للانسحاب الاسرائيلي. "فهناك محور يضم الايرانيين، السوريين، حزب الله، حماس، الجهاد الاسلامي، والجبهات وكذلك عرفات يرون ان الفصل كارثة". وحسب كلامه فإن قسماً من هذه الجهات وفي مقدمتها حزب الله وحماس يعيشون في ذروة الاستعداد للانسحاب الإسرائيلي المزمع.
"إنهم يستعدون لموعد الانسحاب في آذار 2005 بشكل جدي. وقد ضاعفوا الميزانيات المعدّة لتمكينهم من ادخال وسائل قتالية تقلب التوازن. والحديث يدور عن زيادة بملايين الدولارات في الأموال المعدة للتسلّح بصواريخ كتف ضد الطائرات، وبصواريخ ضد الدبابات وبصواريخ كاتيوشا. وبموازاة ذلك ينهمكون في تطوير البنى التحتية للإرهاب، مثل تجنيد سائقي شاحنات لحمل المخرّبين".
"وأنا أرى نصف العام المقبل، حتى آذار، كفترة حرجة في اطار المحاولات لتهريب اسلحة للقطاع بشكل يخلّ بالتوازن وان تغدو العمليات اكثر تعقيدا، من اجل اعطاء الانطباع بأننا ننسحب تحت تهديد الارهاب. وحتى نهاية هذا العام سيزداد ضغط الارهاب لمنع تنفيذ خطة الفصل".

* بالإجمال، ما هي تقديرات شعبة الاستخبارات ليوم ما بعد الفصل؟
- اعتقد انه بعد الفصل سيزداد الميل في غزة لضبط الارهاب. كما ان الجهات التي تعمل ضدنا حتى الانسحاب سيسعون لإظهار انهم لا يعملون من مناطق انسحبت منها اسرائيل ولذلك سيحاولون نقل الجزء الاساسي من عملهم الى مناطق الضفة من اجل دفع إسرائيل للانسحاب ايضاً من هناك، جراء الارهاب، حسب ما يعتقدون.

المصطلحات المستخدمة:

الموساد, اوسلو, آفي ديختر

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات