من عادتي أن أزور موقع "يديعوت أحرونوت" بالعربية لقراءة ما يكتبه الكتاب الإسرائيليون من العلمانيين حتى العنصريين ومن كل الأشكال والألوان، بالإضافة لبعض الفلسطينيين والعرب ممن يجدون متعة أو لذة أو تطبيعا حديثا وواقعيا بحسب واقعية السلام الحديث - سلام أمريكا وإسرائيل ما بعد أيلول سنة 2000. انه تطبيع جديد مع اسرائيل، وذلك عبر الكتابة والنشر في مواقع اسرائيلية مثل الموقع المذكور.
من عادتي أن أزور موقع "يديعوت أحرونوت" بالعربية لقراءة ما يكتبه الكتاب الإسرائيليون من العلمانيين حتى العنصريين ومن كل الأشكال والألوان، بالإضافة لبعض الفلسطينيين والعرب ممن يجدون متعة أو لذة أو تطبيعا حديثا وواقعيا بحسب واقعية السلام الحديث - سلام أمريكا وإسرائيل ما بعد أيلول سنة 2000. انه تطبيع جديد مع اسرائيل، وذلك عبر الكتابة والنشر في مواقع اسرائيلية مثل الموقع المذكور.
مشكلتنا مع التطبيع بدأت منذ أن طبَّع السادات مع بيغن فخسر العرب مصر بعيد استعادة سيناء بالتقسيط المريح. فمنذ أن شد السادات رحاله إلى القدس المحتلة وصافح القادة الصهيونيين وأعلن بشجاعة متغطرسة تدل على استعلاء قيصري وقصر نظر سياسي أنه جاء ليضع حدًا للصراع المتواصل بين العرب وإسرائيل، تغيرت المعادلة تماما، ووضع السادات أولى مداميك الطريق الذي جعل العرب يتوالون على الاستسلام والتسليم بإملاءات أمريكا وإسرائيل، فجاءت الضربة القاضية مأساوية وبلكمة فلسطينية قوية.
المتتبع للوضع العربي يعرف أننا نحن العرب نسير وفق الخطة التي أعدها لنا وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق هنري كيسينجر. هذا الوزير المخضرم هو من ابتكر طريقة إطلاق المبادرات السياسية كما زخات الكاتيوشا الروسية، فقد كان يعتقد بأن العرب سوف يرفضون كل مبادرة تقدم لهم، ولكي يضمن تخبطهم وإلهاءهم أقترح طرح المبادرات تباعا، وقبل أن يفشلوا المبادرة الأولى او السابقة يجعلهم <العزيز هنري> ينشغلون بمبادرة لاحقة وجديدة تكون أسوء من التي سبقتها، وبهذا يعود العرب للمطالبة بما كان في المبادرة السابقة، فإما أن يحصلوا على شيء منها أو لا ينالوا سوى الخيبة والمرارة، ومن ثم يعودون لمناقشة المبادرة الموجودة.
وبعد عشرات السنين على تلك الخطط والاستراتيجيات لا يزال كيسنجر حياً في واقعنا السياسي رغم أنه لا يشغل أي منصب رسمي، ولا زالت أفكاره وخططه حية تتبناها إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وتتكيف معها بعض الأطراف العربية المهزوزة، ومن هؤلاء بعض الفلسطينيين، ومنهم من يكتب الآن في الصحافة الإسرائيلية بلغة الضاد التي لم تعد بأدائهم <ضاداً> بل أصبحت <تضاداً>.
بعض هؤلاء يعتبر أن خطوة تعيين رئيس وزراء فلسطيني انتصارًا وهجوما فلسطينيا مضاداً، ويقول إن إقرار التعيين وتشريعه عبر المؤسسات الشرعية الفلسطينية التابعة للسلطة يتطلب انسحاباً إسرائيليًا يمكن الهيئات التشريعية الفلسطينية من الاجتماع والحركة. وهذا برأيهم يتطلب تدخلاً أمريكًا يجعله ممكناً.
طبعاً هذا هوس سياسي لا يأتي بفائدة، وهو يكفي لنقول لهؤلاء أن شارون وحكومته غير معنيين بالسلام ولن يسحبوا قواتهم وجيشهم المحتل قبل أن يرفع الفلسطينيون الراية البيضاء، وبعد أن يحجموا سلطة رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات، كما أنهم سوف يوافقون على النقل المباشر والبث عبر الأقمار الصناعية لكي يشهد العالم حفلة تعيين رئيس وزراء السلطة الأول.
هؤلاء الذين يتكلمون ويفكرون بهذه الطريقة العجيبة هم الذين أساءوا دائما استخدام العقل والمنطق، فكانوا متطرفين يسارًا ثم أصبحوا أكثر تطرفاً عندما مالوا نحو اليمين، فبدل تحرير الأرض والإنسان والذات يوافقون الآن على فتات الحلول.
هؤلاء عليهم الكتابة في المواقع الفلسطينية العديدة الموجودة داخل وخارج الخط الأخضر، وهي متوفرة وعديدة وتنطق بالضاد وتعبر عن الهم الفلسطيني المشترك وتعمل من أجل السلام العادل والشامل.
هناك بمستطاع الجميع إيصال ما يريدون من رسائل للإسرائيليين وجمهورهم الذي يتابع بكل تأكيد تلك المواقع ويترجم عنها الآراء والأفكار العربية والفلسطينية المنشورة. وهذه المواقع فلسطينية ولا غبار عليها وتقوم بمهام كبيرة وأهمها ترجمة كل ما يصدر عن الجانب الإسرائيلي وإفساح المجال للعرب والفلسطينيين بإبداء رأيهم ونشر مقالاتهم على صفحاتها المفتوحة لكل ما هو عقلاني ومنطقي وايجابي بالمعنى التحليل والإبداعي, ومن هذه المواقع <المشهد الإسرائيلي> و <عرب 48> وغيرهما.
هذه نصيحة مجانية لكل من يريد أن يخدم وطنه وقضيته وحتى مشروع السلام في المنطقة، ولكي لا يخسر الإنسان كرامته وعزته وماء وجهه. أما الذين يريدون خسارة ماء وجوههم فننصحهم بقراءة الخبر تحت العنوان التالي: <لأول مرة: "زراعة وجه"> في موقع "يديعوت احرونوت" بالعربية. وهذا الخبر يحكي أن هناك فتاة ايرلندية وافقت على إجراء عملية زرع وجه، وستجري الجراحة في أحد المشافي في ايرلندا؟!
(اوسلو – خاص، 26 )