لجنة ذوي شهداء انتفاضة الاقصى متشككة وعاتبة على القيادات العربية * حسن عاصلة، رئيس لجنة ذوي الشهداء: "لجنة اور ستصدر قرارًا يساوي بيت الضحية والجلاد" * شوقي خطيب: "ليس لدينا آليات لتنفيذ النشاطات، وهذه مهمة الاحزاب * طلب الصانع: "التوصيات فرصة لمناقشة عميقة لعلاقاتنا مع الدولة، لكنها لن ترتقي الىالنتائج المتوخاة.."

وديع عواودة

عشية الذكرى السنوية الثالثة لانتفاضة الاقصى، والتي حصدت منذ مراحلها الاولى اثني عشر شابًا عربيًا من مواطني اسرائيل بنيران الشرطة الاسرائيلية، لا تزال العلاقات بين الجانبين العربي واليهودي داخل اسرائيل غير طبيعية، على المستويين الرسمي والشعبي. بل ان هذه العلاقات تشهد المزيد من التوتر والازمات، لتبدو احياناً أوهى من خيوط العنكبوت، بفعل تطورات محلية مختلفة، وبتأثير المواجهات الدامية مع الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة. ولا شك ان ملاحقة بعض النواب العرب ومحاولة نزع الشرعية عنهم، اضافة الى عملية اجتياح مدن وقرى فلسطين ضمن ما اسمي بالجدار الواقي، قد اثرت سلبا على العلاقات بين الجانبين.

وفي هذه الايام تشهد الساحة السياسية العربية المحلية حالة من الترقب، مقرونة باتساع التوتر الناجم عن انتظار نتائج عمل لجنة التحقيق الاسرائيلية واستخلاصاتها وتوصياتها، سيما وان هناك مؤشرات تفيد ان اللجنة ستحمّل الطرفين، الشرطة والقيادات العربية على حد سواء، مسؤولية المأساة. وينتظر المراقبون قيام لجنة التحقيق بنشر نتائج دراستها خلال ايام.

ويذكر ان هذه اللجنة قد شكلت في نهاية العام 2000 نتيجة ضغوط كبيرة مارسها المواطنون العرب في اعقاب القمع الدموي الذي تعرضت له مظاهراتهم على خلفية دخول ارئيل شارون للحرم المقدسي الشريف، بعد تلقيه اذنا من حكومة ايهود براك وقتذاك. والمفارقة انه في الايام الراهنة بالذات صرح وزير الشرطة تساحي هنغبي انه سيسمح لمن يريد من اليهود بزيارة ما اسماه "جبل الهيكل" اي الحرم والمسجد الاقصى.

يقول رئيس لجنة ذوي الشهداء، حسن عاصلة، والد الشهيد اسيل: "واكبنا عمل لجنة التحقيق الرسمية منذ البداية، ونحن مقتنعون اليوم انها لم تحقق في ما جرى بقدر ما بحثت عن صيغة للموازنة في المسؤولية بين السلطات الاسرائيلية وبين الجماهير العربية. المساواة بين الضحية والجلاد. وجاءت تصريحات القاضي يعقوب شمير، عضو لجنة التحقيق، خير دليل على ذلك، عندما وصف مظاهراتنا في بداية انتفاضة الاقصى بأنها غير قانونية وان رد الشرطة عليها كان قاسيا. ولذلك نحن نعتبر ان لجنة التحقيق لم تكن جادة بل مرت على الموضوع الذي اسندت اليها مهمة فحصه مر الكرام".

وعن الخطوات التي ستقوم بها لجنة ذوي الشهداء فور اعلان لجنة التحقيق توصياتها سيما اذا كانت مغايرة لتطلعات اهالي الشهداء وامواطنين العرب قال عاصلة: "نستعد للاستمرار في متابعة قضيتنا على كافة الاصعدة بما في ذلك المحافل الدولية، وللبدء بحملة اعلامية واسعة اضافة الى وجود امكانيات مفتوحة اخرى".

وما هو مستوى التنسيق مع الهيئات التمثيلية العربية بهذا الخصوص وكيف تقيم تعاونها معكم؟

"نحن على اتصال مع لجنة المتابعة ومركز عدالة ومع كل جهة تعنيها قضيتنا. ليس سرا اننا غير راضين من مدى تفاعل القيادات العربية مع قضية الشهداء. هذه القيادات كانت ولا تزال متقاعسة حيال ما يجري ولجنة التحقيق استشفت ذلك وهي تتصرف بالتالي وفقا لهذا الواقع. سبق واتفقنا على القيام بعدة خطوات مبرمجة لكن القيادات سرعان ما لحست قراراتها مثل التواجد المكثف داخل قاعة التحقيق، وتنظيم مظاهرة يومية امام مقر اللجنة ومظاهرات في المدن والقرى العربية، وتجنيد الاعلام المحلي والاجنبي، وحشد الجمهور العربي حول قضية الشهداء، ومواكبة عمل لجنة التحقيق وانتقادها. كل ذلك لم يحصل عدا ما قمنا به وحدنا".

وبشان الانعكاسات المتوقعة لتوصيات لجنة اور اضاف عاصلة: "ان شرعية وجود الجماهير العربية في بلدها باتت اليوم مهددة. من المرجح جدا ان تنظر حكومة ودولة اسرائيل الينا بشكل مغاير عما كان حتى صدور التوصيات. وفي حالة ادانة لجنة التحقيق للوسط العربي سيتعاملون معنا بوسائل اكثرسوءا وعنصرية تبلغ حد ممارسة الابرتهايد. وبالتالي فان لكل شعب مهدد وجوده في وطنه مثلنا ان يتخذ كافة الوسائل الكفيلة بالحفاظ على وجوده. لا يجوز ان نهمل حقوقنا القومية والمدنية المشروعة انما مواصلة النضال من اجل انتزاعها اسوة بكل الشعوب المحبة للحياة الكريمة."

من جهتها، كانت لجنة متابعة شؤون المواطنين العرب قد اجتمعت السبت الماضي وبحثت مختلف التوقعات المحتملة لنتائج عمل لجنة اور، وفي بيانها الختامي عادت اللجنة واكدت على ان تشكيل لجنة اور جاء استجابة لمطلبها وانها سبق وقدمت التماسا الى محكمة العدل العليا لتعديل المهمة الرئيسية التي اسندت اليها ومن اجلها شكلت.

في حديث "للمشهد الاسرائيلي" قال رئيس اللجنة المذكورة المهندس شوقي خطيب: "سندرس التوصيات عند صدورها بشمولية ونحن نحفظ لانفسنا الحق لانتقاد ما نراه هدفا للانتقاد. واليوم لا نخفي مخاوفنا من طبيعة التوصيات المحتملة. لا نرجح اي احتمال هذه اللحظة غير اننا سنتخذ موقفا انتقاديا سلبيا في حالة صدرت قرارت تبحث عن الموازنة في تحميل المسؤولية لما جرى."

ولكن لجنة ذوي الشهداء لم تنتقد لجنة اور فحسب بل توجه انتقادات مهمة للقيادات العربية فكيف تعقب على ذلك؟

"اولا نحن نكن كل الاحترام والمعزة للدماء التي سالت على ارض الوطن على خلفية عدم رؤيتنا مواطنين.بالنسبة لادعاءات لجنة ذوي الشهداءاقول ان لجنة المتابعة هي انعكاس للجماهير العربية واليات قراراتها ونشاطاتها هي اليات عمل الاحزاب العربية. من المفروض ان تقوم الحزاب والفعاليات الاهلية بأداء الدور التنفيذي لقرارات المتابعة."

وكيف ترون انعكاسات توصيات لجنة اور في كل الحالات؟

"لننتظر ونرى اولا. هناك عدة احتمالات لكنني لا اتوقع اننا سنقف امام نقطة تحول في علاقات المواطنين العرب مع الدولة."

النائب طلب الصانع قال للمشهد الاسرائيلي في هذا السياق: "لن تصل لجنة اور الى مستوى التحديات المطروحة والامال المعلقة عليها من ناحية علاقاتنا بالدولة العبرية. منذ العام 1948 تدرجت هذه العلاقات من الاحتلال الى الحكم العسكري الى المواطنة المنقوصة. تطورات الاحداث هي التي صاغت وبلورت الروابط بيننا وبينهم بدلا من ان تحدد ضمن القانون وتطبيقاته. لجنة اور لن تتطرق الى هذا الواقع السياسي والقانوني الذي نعيشه مثلما انها لن تتقصى المسؤولية المباشرة عن مقتل 12 مواطنا عربيا على يد عساكر الشرطة. اللجنة على ما يبدو ستتقصى وتتركز عوضا عن ذلك، في الاجواء السياسية والمسؤولية غير المباشرة التي مهدت لاندلاع الانتفاضة. كما انها ستقوم بتوزيع المسؤولية بين الضحية والجلاد. حتى لو شكلت توصيات اللجنة فرصة لمناقشة عميقة لمجمل علاقاتنا مع الدولة لكنها لن ترتقي الى التوقعات المتوخاة."

وتعقيبا على موقف رئيس لجنة المتابعة من اتهامات لجنة ذوي الشهداء قال الصانع: "لجنة المتابعة تشمل ممثلي الاحزاب والهيئات الشعبية والرسمية العربية وهي المسؤولة عن ادارة القضايا الهامة للمواطنين العرب. ولا يجوز ان تفصل اللجنة نفسها عن الهيئات المذكورة، واذا كان هناك خلل فهو واقع داخل ادارة اللجنة ذاتها. لجنة المتابعة هي الكل والاحزاب والسلطات المحلية والهيئات الاخرى هي اجزاء ومركبات."