المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

وثيقة <أولويات الإعلام الإسرائيلي لعام 2003>>، أعدت لصالح مؤسسة سة ويكسنر، وهي مؤسسة تقوم بتمويل مجموعة من المبادرات المؤيدة لإسرائيل، ومن ضمنها تنظيم برامج الزيارات المجانية للشباب اليهود الأميركيين الراغبين بزيارة إسرائيل. الوثيقة أعدتها مؤسسة لونتز للأبحاث، وهي إحدى المؤسسات الرائدة في مجال العلاقات العامة واستطلاعات الرأي في الولايات المتحدة الأميركية، التي تعمل مع <<مشروع إسرائيل>> وهو تجمع من المؤسسات، والمستشارين السياسيين ورجال الأعمال المؤدين لإسرائيل. تضع الوثيقة الخطوط العريضة للمدافعين عن إسرائيل والمتحدثين باسمها حول كيفية استغلال آخر المستجدات على الساحة الدولية، وعلى رأسها التخلص من نظام صدام حسين في العراق.

نضال فقها

وثيقة <أولويات الإعلام الإسرائيلي لعام 2003>>، أعدت لصالح مؤسسة سة ويكسنر، وهي مؤسسة تقوم بتمويل مجموعة من المبادرات المؤيدة لإسرائيل، ومن ضمنها تنظيم برامج الزيارات المجانية للشباب اليهود الأميركيين الراغبين بزيارة إسرائيل. الوثيقة أعدتها مؤسسة لونتز للأبحاث، وهي إحدى المؤسسات الرائدة في مجال العلاقات العامة واستطلاعات الرأي في الولايات المتحدة الأميركية، التي تعمل مع <<مشروع إسرائيل>> وهو تجمع من المؤسسات، والمستشارين السياسيين ورجال الأعمال المؤدين لإسرائيل.

تضع وثيقة <<أولويات الإعلام الإسرائيلي لعام 2003>> الخطوط العريضة للمدافعين عن إسرائيل والمتحدثين باسمها حول كيفية استغلال آخر المستجدات على الساحة الدولية، وعلى رأسها التخلص من نظام صدام حسين في العراق. وفي هذا الإطار، تدعو الوثيقة المتحدث الإسرائيلي إلى أن يشدد في كل مرة على أن إسرائيل كانت وراء الجهود الأميركية لتخليص العالم من هذا الدكتاتور وتحرير الشعب العراقي. وفي الوقت ذاته، لا تحبذ الوثيقة أن يمتدح أي متحدث إسرائيلي الرئيس جورج بوش شخصياً، بل يجب أن يكال المديح للولايات المتحدة الأميركية. الوثيقة تنظر إلى تعيين محمود عباس، أول رئيس وزراء للسلطة الفلسطينية، على أنه جاء في الوقت الخطأ، لأن لدى الأخير فرصة لتحسين صورة الفلسطينيين، والتي طالما سهل على المتحدث الإسرائيلي تصويرهم بالإرهابيين، بقيادة الرئيس ياسر عرفات، على حد تعبير الوثيقة.

تقديم:

لقد تغير العالم، وأصبح من الضروري أن تتغير الكلمات والمواضيع والرسائل الإسرائيلية لتلائم حقيقة عالم ما بعد صدام حسين.

تقدمنا سابقاً بتوصيات أقل حدة لإسرائيل، خوفاً من أن يلوم الشعب الأميركي إسرائيل على ما يجري في الشرق الأوسط، والآن آن الأوان لربط نجاح الولايات المتحدة الأمريكية في التعامل مع الإرهاب والأنظمة الدكتاتورية بواسطة القوة بالجهود الإسرائيلية الحالية لاجتثاث الإرهاب من حولها وداخل حدودها. وفي هذا المناخ السياسي قد تخسر إسرائيل القليل وتغنم الكثير بالوقوف إلى جانب الولايات المتحدة. ومع هذه المظاهرات والمسيرات الحاشدة المناهضة للحرب حول العالم، تبحث الولايات المتحدة عن حلفاء لمشاركتها التزامها تجاه الأمن ومحاربة الإرهاب، وإسرائيل هي الحليف الذي يمكنه فعل ذلك.

الخطوة التالية

التزام إسرائيل الصمت مدة ثلاثة أشهر قبل الحرب، وثلاثة أسابيع خلال الحرب، كان استراتيجية صحيحة، وقد أثبتت جميع استطلاعات الرأي جدوى هذا التوجه. ومع اقتراب العمل العسكري من نهايته، آن الأوان لإسرائيل كي تطرح <<خارطة الطريق>> خاصتها للمستقبل، والتي تشمل دعماً منقطع النظير لأميركا والتزاماً تجاه الحرب على الإرهاب.

في الآونة الأخيرة، طغت الأحداث في العراق على إسرائيل وعلى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فيما لا تزال الخلافات قائمة بين مؤيدي اليسار واليمين (يبقى اليسار السياسي هو المشكلة)، ولا يزال هناك تذمر من القبضة الإسرائيلية القاسية. حظي المدافعون عن إسرائيل بمدة أسبوعين لإعداد رسالتهم قبل أن تتحول أنظار العالم بأسره إلى <<خارطة الطريق>> والحل الأمثل <<لتسوية>> النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. إن تطوير تلك الرسالة هو هدف هذه المذكرة.

استنتاجات ضرورية

هذه الوثيقة تجمل مجموعة من الاستنتاجات التي تبين مدى أهمية اللغة والسياق المستخدمة فيه:

1) العراق طغى على الجميع، وصدام هو وسيلتكم الأفضل للدفاع، حتى وإن كان ميتاً. الأنظار حول العالم وفي أميركا مشدودة إلى ما يجري في العراق، وهذه فرصة نادرة لكي يعرب الإسرائيليون عن دعمهم ووقوفهم إلى جانب أميركا في الوقت الذي تواجه فيه معارضة دولية، خصوصاً من جانب بعض <<حلفائها>> الأوروبيين. عليكم استغلال اسم صدام حسين لعام كامل وكيف دعمت إسرائيل الجهود الأميركية لتخليص العالم من هذا الدكتاتور وتحرير الشعب العراقي. سوف يبقى صدام رمزاً للإرهاب بالنسبة للأميركيين لزمن طويل، وسيتم تثمين تضامن إسرائيل مع الشعب الأميركي في جهوده للتخلص من صدام حسين.

2) تمسكوا برسالتكم ولا ترددوها بالطريقة نفسها مرتين. لقد لاحظنا هذا في السابق، لكنه لم يكن بالقوة التي عليها الآن، فالأميركيون يراقبون عن كثب آخر المستجدات الدولية وهم حساسون على وجه التحديد لأي نوع من المعتقدات الواضحة أو العروض المعلبة. إذا سمعوكم تكررون الكلمات نفسها مرات عدة، فإنهم قد لا يثقون برسالتكم، وإذا لم يجد متحدثوكم طرقاً مختلفة للتعبير عن المبادئ نفسها، فمن الأفضل أن يصمتوا.

3) لن يساعد امتداح الرئيس جورج بوش. وإذا أردتم التوحد والاصطفاف إلى جانب أميركا فقولوا ذلك، لكن لا تستعملوا جورج بوش رديفاً للولايات المتحدة. فحتى بعد انهيار نظام صدام حسين وردود الفعل الإيجابية في الشارع العراقي لا يزال حوالى 20 من الشعب الأمريكي يعارض الحرب على العراق، وغالبيتهم من الديمقراطيين. نصف الديموقراطيين يدعمون الحرب، لكن ليسوا بالضرورة يدعمون جورج بوش، وفي كل مرة تمتدحون بوش، فإنكم تعادون نصف الديموقراطيين بشكل غير ضروري، لا تفعلوا ذلك.

4) إيصال الشعور بالإحساس والقيم واجب. تحدثوا عن الأطفال، والعائلات والقيم الديموقراطية، ولا تكتفوا فقط بالقول إن إسرائيل تقف إلى جانب الولايات المتحدة، أظهروا ذلك في لغتكم. عنصر الأطفال مهم جداً ... من المهم أن تتحدثوا عن اليوم الوشيك الذي سيلعب فيه الأطفال الفلسطينيون والإسرائيليون مع بعضهم بمباركة أولياء أمورهم.

5) <<الأمن>>: أصبح الأمن الهاجس الرئيس بالنسبة لجميع الأميركيين. والأمن هو السياق الذي يمكنكم من خلاله توضيح حاجتكم إلى ضمانات القروض والدعم العسكري، وتبرير رفض إسرائيل التنازل عن الأرض. المستوطنات بالنسبة للأميركيين هي <<كعب أخيل>> أو نقاط ضعف، والرد الأفضل على ذلك هو أن إسرائيل بحاجة للأمن الذي توفره تلك المناطق العازلة.

6) لغة هذه الوثيقة مجدية، لكنها ستكون مجدية أكثر عندما تكون مقرونة بالانفعال والتودد. الكثير من مؤيدي إسرائيل يتحدثون بغضب أو يصرخون عندما يواجهون معارضة. المستمعون يقبلون وجهات نظركم أكثر عندما يحبون الطريقة التي تطرحونها فيها، سوف يباركون هذه الكلمات، لكنهم سيقبلونها فعلاً، فقط إذا قبلوكم.

7) إبحثوا عن فتاة جيدة تكون ناطقة باسمكم. فقد أثبتت جميع الاختبارات التي أجريناها أن النساء أكثر مصداقية من الرجال، وإذا كان للمرأة أطفال، فإن ذلك بالطبع أفضل.

8) اربطوا بين تحرير العراق ووضع الشعب الفلسطيني. فإن الحجة الأكثر فاعلية لديكم اليوم هي الربط بين حق الشعب العراقي في الحرية وحق الشعب الفلسطيني في أن يحظى بقيادة تمثله بشكل حقيقي. وإذا عبرتم عن قلقكم تجاه وضع الشعب الفلسطيني، وكيف أنه ليس من العدل والإنصاف والأخلاق أن يجبر هذا الشعب على قبول قادة يسرقون ويقتلون باسمه، فستبنون مصداقية عن دعمكم المواطن الفلسطيني العادي في الوقت الذي تضربون فيه مصداقية قيادته.

9) قليل من التواضع: رأيتم ذلك بأم أعينكم. أنتم بحاجة للحديث باستمرار عن تفهمكم <<لوضع الشعب الفلسطيني>> والتزامكم بمساعدة هذا الشعب. نعم، هذه ازدواجية معايير (لا أحد يتوقع أن يدعم الفلسطينيون إسرائيل) لكن هذه هي الحال. التواضع هو دواء مر، لكنه يطعّمكم ضد الانتقادات القائلة إنكم لم تعملوا بما فيه الكفاية من أجل السلام. اعترفوا بالأخطاء، لكن أظهروا بعدها كيف أن إسرائيل هي دائماً الشريك الذي يعمل لتحقيق السلام.

10) بالطبع الأسئلة البلاغية مجدية، أليس كذلك؟ اطرحوا أسئلة لها إجابة واحدة يصعب نسيانها. ومن الضروري أن تضيفوا إلى خطابكم أسئلة بلاغية، وهي الطريقة التي يتحدث فيها اليهود على كل حال.

11) محمود عباس لا يزال علامة استفهام، دعوه كذلك. سوف تخسرون الكثير بمهاجمته الآن، لكنه وفي الوقت نفسه لا يستحق المديح. تحدثوا عن آمالكم للمستقبل، واطرحوا المبادئ التي تتوقعون منه أن يتصرف على أساسها: إنهاء العنف، والاعتراف بإسرائيل، وإصلاح حكومته ... إلخ.

الكلمتان الأكثر أهمية: صدام حسين

هذه الوثيقة تتحدث عن اللغة، لذلك اسمحوا لي أن أكون فظاً. <<صدام حسين>> هما الكلمتان اللتان تربطان إسرائيل بالولايات المتحدة الأميركية، ومن خلالهما يمكن لإسرائيل الحصول على دعم الكونغرس، وهما كلمتان من بين أكثر الكلمات المكروهة في اللغة الإنكليزية حتى الآن. يعتقد الأميركيون بشكل أساسي أن من حق كل ديموقراطية أن تحمي شعبها وحدودها. وللأسف، نحن نميل إلى التمعن في إخفاقاتنا (مثل فيتنام، ووترغيت... الخ) أكثر من نجاحاتنا. وعليه، من الضروري توجيه دعم طويل الأمد لجيش قوي، والالتزام بالأمن القومي، وتذكير الشعب مراراً وتكراراً بأن هناك أوقاتاً يكون من الضروري فيها اتخاذ إجراءات وقائية، ويكون التدخل العسكري أفضل من استرضاء العدو على حساب المبادئ.

تحذير

قد يقول البعض إن صدام حسين أصبح أخباراً قديمة، هؤلاء لا يفهمون التاريخ، ولا يفهمون في الاتصال والإعلام، ولا يفهمون كيف يستغلون التاريخ والاتصال لمنفعة إسرائيل. اليوم الذي ندع فيه صدام يأخذ مكانه الأبدي في سلة مهملات التاريخ هو اليوم الذي نفقد فيه أقوى أسلحتنا في الدفاع اللغوي عن إسرائيل.

الإشارات إلى النتيجة الناجحة للحرب على العراق مفيدة لإسرائيل، وفي الوقت الذي لا يريد فيه الأميركيون توسيع حزمة المساعدات الخارجية نظراً للعجز الذي تعانيه الموازنة والتقليص المؤلم للنفقات، تظل حجة واحدة فقط مجدية لمواصلة تقديم المساعدات إلى إسرائيل (وتقع في أربع خطوات بسيطة).

شجرة رسالة المساعدات الإسرائيلية

(1) كدولة ديموقراطية، لإسرائيل الحق والمسؤولية في الدفاع عن حدودها وحماية مواطنيها.

(2) أعمال وقائية. حتى مع انهيار نظام صدام حسين لا يزال التهديد الإرهابي يملأ منطقتنا.

(3) إسرائيل هي حليف أميركا الوحيد والحقيقي في المنطقة. وفي هذه الأوقات غير المستقرة والعصيبة، ينبغي أن لا تضطر إسرائيل للوقوف وحدها في وجه الإرهاب.

(4) بواسطة المساعدات المالية الأميركية، تستطيع إسرائيل أن تدافع عن حدودها وتحمي مواطنيها، وأن تقدم مساعدة لا تقدر بثمن للجهود الأميركية في حربها على الإرهاب.

كل الحجج التي تقدم إسرائيل على أنها بلد ديموقراطي، ويسمح للعرب بالتصويت والعمل في القطاع الحكومي، وحماية الحرية الدينية ... الخ، لن يضمن لها الدعم الجماهيري اللازم لتأمين ضمانات القروض والدعم العسكري الذي تحتاجه إسرائيل. كل ما أوردناه في المذكرات السابقة لن يجدي عندما يتعلق الأمر بدولارات الضرائب الأميركية. لذلك، إنكم بحاجة إلى شماعة <<الأمن القومي>> التي تربط بين مصالح كل من إسرائيل وأميركا.

كلمات ذات جدوى:

تسويق الدعم الإسرائيلي (1)

>>إسرائيل هي من أنقذ الطيارين والطائرات الأميركية بقصفها مفاعل صدام حسين النووي، وبذلك حالت دون تمكنه من امتلاك أسلحة الدمار الشامل النووية.

إسرائيل هي من قدم معظم المعلومات الاستخبارية التي ساعدت الأميركيين في هزم العراق العام 1991.

إسرائيل كانت دائماً وأبداً من ضمن دول الشرق الأوسط الداعمة للجهود الأميركية الناجحة للتخلص من صدام حسين، وتحرير الشعب العراقي.

لقد وقفنا من دونكم ضد نظام صدام حسين من البداية وحتى النهاية، حيث كانت إسرائيل ذخراً عسكرياً إقليمياً وحليفاً عسكرياً رئيسياً للولايات المتحدة لأكثر من 50 عاماً. يجب أن تستمر تلك العلاقة، خصوصاً في حقبة ما بعد صدام حسين. تلك هي شراكة الأنظمة الديموقراطية في مواجهة الإرهاب وتحقيق الحرية>>.

كما شاهدنا، لم تكن دورة الأخبار خلال الحرب وبعدها اختيارية أو من منطلق الفضول، بل مشاهدتها كانت إجبارية. الحرب بالنسبة للأميركيين تعني أكثر مما تعنيه لإسرائيل حيث العنف هو السمة السائدة الحرب تعني تهديداً جديداً وحقيقياً للأمن الشخصي والعائلي في أميركا، وصدام حسين، سواء أكان حياً أم ميتاً، يبقى يجسد هذا التهديد.

يفكر الأميركيون ويتحدثون عن الحرب على الإرهاب منذ أكثر من عام ونصف، وقد توصلوا إلى خلاصة مفادها أن صدام حسين هو راع للإرهاب الدولي، وعلى وجه التحديد تهديده الديموقراطيات في العالم. وفي كل يوم يتم كشف حقائق جديدة عن فظاعات نظامه، ما يعزز الدعم الأميركي للعمل العسكري، لكن حقيقة تشكيل صدام حسين تهديداً مباشراً لإسرائيل أمر مهم بشكل خاص. لقد عارضت إسرائيل طموحات صدام حسين المجنونة لعقود، أكثر مما عارضتها الولايات المتحدة. ذكروا الجمهور بأن إسرائيل وأميركا تحملان القيم المشتركة نفسها، ومن ثم شددوا كذلك على أن أعداءنا مشتركون.

كلمات ذات جدوى

<<عندما تواجه عدواً عنيداً، يكون لديك خياران: الردع أو التدمير. صدام لم يرتدع بالتفتيش، ولم يرتدع بالتهديدات، حتى أنه لم يرتدع من العمل العسكري ضده العام 1991. ولو امتلك أسلحة نووية، فلن يردعه شيء. لقد تحدثت الأمم المتحدة عشر سنوات عن الردع، وعشر سنوات راوغ صدام المجتمع الدولي.

وكما أن أميركا لم تجد أي خيار سوى خلعه من الحكم، فإن إسرائيل لا تجد أي خيار سوى حماية حدودها وشعبها من الإرهابيين الذين يقصدون إيذاءنا>>.

لكن الردع هو نصف الرسالة. أنتم تحتاجون حقاً إلى إظهار استعدادكم التاريخي للتنازل والتضحية نيابة عن أميركا. هذا قد لا يكون مؤثراً لدى بعض الساسة الإسرائيليين، لكن له أثراً كبيراً في الولايات المتحدة.

كلمات ذات جدوى

>>خلال حرب الخليج، هاجم العراق إسرائيل 39 مرة مستخدماً صواريخ سكود. وفي كل مرة التزمت إسرائيل ضبط النفس، دون أن تدري ما إذا كان الصاروخ التالي سيكون مشحوناً بسلاح بيولوجي أو كيماوي. لقد اختارت إسرائيل ضبط النفس بدلاً من الرد، وكانت تلك إرادة الولايات المتحدة، وهي الطريقة التي دعمت فيها إسرائيل حلفاءها، أميركا وجيشها خلال حرب الخليج. لقد وضعنا أولوية دعمنا لأميركا فوق أولوياتنا، لكن الآن والأمر متعلق بأمننا القومي، فإننا بحاجة إلى المساعدات المالية الأميركية>>.

الاستجابة للضغوط الفلسطينية

في الوقت الذي تمخضت فيه جلسات شيكاغو ولوس أنجلوس عن لغة ومبادئ اتصال جديدة ومهمة، فإن معظم ملاحظاتنا السابقة كانت صحيحة. الكثير من اليهود عدائيون جداً لغوياً في الوقت الذي يريد فيه 97 من الأميركيين حلاً للصراع. لا يمكنكم فقط إطلاق الاتهامات المضادة، وإن كانت مبررة، ضد السلطة الفلسطينية، وتتوقعون من النخبة الأميركية فجأة أن تقتنع بصحة ما تزعمون. قد يكون الإثبات والإحساس المشترك إلى جانبكم، لكن سيتم رفض العدوانية والسلبية على أنها انحياز ومن جانب واحد.

في ما يلي مثال محدد:

كلمات لا جدوى منها

>>لا توجد مساواة أخلاقية. من جهة، أنتم قمتم باختيار وتعيين المسؤولين الإسرائيليين حسب الأصول من مؤسسة ديموقراطية تعمل منذ أكثر من نصف قرن. ومن جهة أخرى، لديكم مسؤولون فلسطينيون فاسدون كذبوا وخدعوا وسرقوا شعبهم. إسرائيل لن تتفاوض حتى يكون لدى هذا الشعب من تتفاوض معه>>.

على الرغم من أن البيان أعلاه صحيح ومبرر تماماً، فإنه غير مجد. لو بحثنا فيه، لوجدنا الكلمات جيدة، والحقائق دقيقة والرسالة صحيحة. لكن جهد الاتصال هذا أخفق بشكل فاضح، لأنه اعتبر رفضاً للمفاوضات والسلام. المستمع ينظر إلى هذا الكلام على أنه محط اتهام ومثير للنزاع، خصوصاً ما يرغبون في سماعه وما لا يقبلون. لدينا أسلوب أفضل، أسلوب يقول فيه المرء الشيء نفسه، لكن بطريقة أكثر فاعلية.

كلمات ذات جدوى

>>أياً كانت الأسباب الأساسية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، هناك حقائق ثقافية وخلافات تراجيدية تعترض مسيرة السلام بين الشعب الإسرائيلي والفلسطينيين. لم يسجل على الإطلاق أن قام طفل إسرائيلي بالتمنطق بحزام ناسف وتفجير نفسه لقتل الأبرياء الفلسطينيين، علاوة على أن السلطة الفلسطينية لم تبذل سوى القليل لتبديد الاعتقاد السائد لدى المتشددين من مواطنيها بأن قتل الإسرائيليين بتنفيذ عمليات انتحارية هو الطريق المضمون إلى الجنة. كيف لإسرائيل أن تتعامل مع شعب يقف فيه الآباء على الحياد، أو يشجعون أبناءهم على أن يصبحوا شهداء؟>>. نعم، هذه الفقرة أكثر صراحة من سابقتها، لكنها مجدية لأسباب عدة:

(1) اللمسة الإنسانية. ذكر الآباء والأطفال يضفي الطابع الإنساني والشخصي على الإرهاب الذي تواجهه إسرائيل كل يوم.

(2) السؤال البلاغي. حتى المؤيدون للفلسطينيين واجهوا صعوبة في الإجابة عن السؤال الأخير، وهذا هو وقت المتحدثين الإسرائيليين لطرح المزيد من الأسئلة البلاغية غير القابلة للإجابة كجزء من جهودهم الإعلامية.

(3) الاعتراف بوجود فارق ثقافي بين الإسرائيليين والفلسطينيين وهو شيء جيد لقضيتكم. حتى أولئك الأميركيون الذين يتعاطفون مع النضال الفلسطيني يجدون أنفسهم قريبين من الإسرائيليين، نظراً لاشتراك الأميركيين والإسرائيليين في الثقافة نفسها، وكذلك التقاليد والقيم.

ومع أخذ هذا بعين الاعتبار، قمنا بتحديد أربع نقاط عاطفية لكل متحدث إعلامي تكون مؤثرة على الرأي العام الأميركي عند بحث الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وأي مفاوضات قد تحدث مستقبلاً.

التفاؤل

<<أنا آمل مع نهاية هذه الحرب أن تنعم شعوب الشرق الأوسط بالحياة والحرية، وآمل أن تستفيد جميع شعوب المنطقة من صورة العراقيين وهم يتخلصون من الطاغوت والخوف. نعم، لدي أمل في أننا بوصولنا إلى النجوم يمكننا أن نجلب الخير للأرض>>.

الاحترام

<<كل ما نأمله هو أن يدرك الشعب الفلسطيني أن لقيادته الحالية، للأسف، أجندة تختلف عن أجندة الشعب الفلسطيني الحقيقية... ليس لنا الحق في أن نطلب من الفلسطينيين من يختارون لتمثيلهم، لكننا نأمل أن يختاروا القادة الذين يستمعون لهم ويأبهون حقاً بهم>>.

العنصر الإنساني

<<صعب جداً علينا أننا نعلم أن دخولنا إلى هذه المدن الفلسطينية يخلق المصاعب والمعضلات للشعب الفلسطيني. لكن الأكثر صعوبة بالنسبة لنا هو أن ننظر إلى أطفالنا وهم يعلمون أن في هذه المدن أناساً يخططون لتنفيذ عمليات إرهابية، ولا نذهب هناك لمحاولة منعهم قبل أن يقتلوهم>>.

تعزيز الديموقراطية

<<نعلم جميعاً مدى أهمية إرساء أسس الديموقراطية وحقوق الإنسان لجميع الشعوب، واجتثاث أيديولوجية الإرهاب. هذا ما حاولنا فعله، وسوف نستمر في ذلك>>.

قمنا بفحص حوالى 75 دقيقة من اللغة الجديدة في شيكاغو ولوس أنجلوس، حيث كان معظمها غير فعال ... أو سيئأً. لكننا كشفنا عن بعض الرسائل التي يمكن من خلالها تحويل رأي النخبة من الرأي المحايد إلى الإيجابي. وعند الحديث عن الفلسطينيين مباشرة، هذه هي اللغة الأفضل:

كلمات مجدية في الحديث عن الفلسطينيين

من الجيد أن يتبنى المدافعون عن إسرائيل اللغة التالية:

<<الفلسطينيون يستحقون قيادة أفضل ومجتمعاً أفضل، قوامه المؤسسات والديموقراطية وسيادة القانون>>.

<<نأمل أن نجد قيادة فلسطينية تعبر فعلاً عن أفضل المصالح الفلسطينية>>.

<<من حيث المبدأ، سوف تجلس إسرائيل وتتفاوض وتتصالح مع أولئك، وتتمنى أن تعيش كافة شعوب الشرق الأوسط معاً في سلام. لقد صنعت مصر السلام مع إسرائيل، وكذا فعلت الأردن، ولا تزال اتفاقات السلام مع هاتين الدولتين قائمتين حتى الآن>>.

<<نعلم ما معنى أن نعيش حياتنا مع التهديد اليومي بالإرهاب. نعلم معنى أن نرسل أطفالنا إلى المدرسة في اليوم الأول، وندفنهم في اليوم التالي. بالنسبة لنا، الإرهاب ليس شيئاً نقرأ عنه في الصحف، إنه شيء نراه بأم أعيننا دائماً>>.

<<لا نريد أن نوقع اتفاقاً لا معنى له ولا يساوى الورق الذي كتب عليه، نريد شيئاً حقيقياً. ولكي يكون هناك سلام عادل وشامل ودائم لا بد لنا من شريك يرفض العنف ويقدر الحياة أكثر مما يقدر الموت>>.

<<مبدئياً، لا يحق للعالم أن يفرض على إسرائيل التنازل لأولئك الذين يرفضون علناً حق إسرائيل في العيش، أو ينادون بإزالتها عن الوجود>>.

<<حتى اليوم، هناك مجموعات إرهابية مثل: <<حماس>> و>>الجهاد الإسلامي>> و>>كتائب شهداء الأقصى>>، ولم تنجح أو لم ترغب السلطة الفلسطينية في كبحها، وبسبب ذلك يستمر الإسرائيليون في مواجهة الموت>>.

<<كما تعهدت الحكومة الأميركية بضمان حياتكم وحريتكم وفرصتكم في العيش بسعادة، يجب على حكومة إسرائيل أن توفر الأمن والحرية لمواطنيها>>.

الديموقراطية: الربط بين العراق والفلسطينيين

>>آمل بعد تغيير النظام في العراق أن تسود الديموقراطية أخيراً في الشرق الأوسط. وإذا رأى الشعب الفلسطيني وشعوب أخرى في الشرق الأوسط مثالاً ساطعاً على الديموقراطية العربية الناجحة، فإنني واثق أن الفرصة ستكون مواتية للتغيير>>.

من الخطأ الاعتقاد أن الدعم الأميركي لتغيير النظام بالقوة في العراق نموذج يمكن تطبيقه بحذافيره لتغيير القيادة الفلسطينية، فالأميركيون ينظرون إلى كل قضية على انفراد، على الأقل حتى الآن. قولوا هذا، دعمكم الجهود الأميركية لتحرير الشعب العراقي يمكن ويجب ربطه بمصلحتنا المشتركة في ضمان الحرية للشعب الفلسطيني.

أميركا تريد للديموقراطية أن تعم في الشرق الأوسط، وهناك أمل حقيقي في أن يقيم العراقيون حكومة تمثلهم. وفي هذا الإطار، ذكروا العالم بأن جيران إسرائيل ليسوا أقل حاجة إلى مثل تلك الحكومة من الشعب العراقي.

الأنظمة الديموقراطية تفضل الديموقراطيات. حتى الآن، إحدى الرسائل الإسرائيلية الأكثر فاعلية هي أن إسرائيل الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط. والآن حان الوقت للارتقاء خطوة بهذه الرسالة، ومع الاعتزاز بالديموقراطية الإسرائيلية، فإن الرسالة تصبح <<إسرائيل هي الديموقراطية الأولى في الشرق الأوسط، بدلاً من الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط>>.

نشير هنا إلى سلم الاتصال هذا الذي يركز في المقام الأول على العراق، ومن ثم فقط على الفلسطينيين:

(1) قضايا الديموقراطية. لم يشهد التاريخ أن دخلت حكومة ديموقراطية في حرب مع حكومة ديمقراطية أخرى.

(2) قضايا الديموقراطية في العراق. انتقال العراق إلى الحياة الديموقراطية هو الخطوة الأولى نحو شرق أوسط مستقر.

(3) يمكن للديموقراطية أن تجلب السلام. يمكن تحقيق سلام حقيقي في الشرق الأوسط فقط عندما تمثل الحكومات بصدق مصالح شعوبها، وتضمن حريتها وأمنها.

(4) آن الأوان لديموقراطية حقيقية للشعب الفلسطيني. فهم لا يستحقون أقل من ذلك. هذه الرسالة قد تبدو بسيطة، لكنها ستكون مجدية عندما يتم تقديمها بهذه الطريقة وبالترتيب نفسه. الأميركيون يأملون أن يصبح العراق شريكاً في عملية السلام بعد إقامة حكومة تمثيلية. وطالما أن الشعب العراقي يتطلع إلى الحرية ويستحق حكومة تمثيلية، فإن الشعب الفلسطيني ليس مختلفاً، وهذا بالضبط ما طلبته إسرائيل من السلطة الفلسطينية منذ زمن طويل: شكلوا حكومة شرعية لتكون شريكاً في مسيرة السلام.

الحديث عن الأمل والمستقبل: أربع جمل رئيسية

1 نأمل أن نتمكن ثانية من تحقيق السلام مع جيراننا العرب. 2 نأمل أن لا يصبح الإرهاب الشيء الوحيد الذي يفصل الفلسطينيين عن الدولة التي ينشدونها لأنفسهم، والسلام الذي ننشده نحن الإسرائيليين.

3 نأمل أن لا يستمر الشعب الفلسطيني في الانصياع لقيادة ترفض أن تكون شريكاً في السلام.

4 نأمل أن نستطيع التفاوض حول تسوية حقيقية مع حكومة ديموقراطية ملتزمة بسيادة القانون. حماسكم للديمقوراطية لا يقل عن حماس الأميركيين لديموقراطيتهم، وينبغي دائماً تذكيرهم بأسباب دفاعهم عنها بشدة، يجب أن تذكروهم دائماً بهذا عند ربط القيم الديموقراطية الإسرائيلية بالقيم الديموقراطية الأميركية.

إن استعمال كلمة <<الديموقراطية>> دون سرد أمثلة على ما يجعل هذا النظام الحكومي ضرورياً يشبه قولكم إنكم تريدون <<السلام>> دون إثبات سعيكم الصادق لتحقيقه. الأميركيون يريدون إثباتاً على أنكم تعلمون أن لتلك الكلمات الجميلة الوقع على الأذن.

عند الحديث عن القاسم المشترك الذي يربطنا، وهو الديموقراطية، حاولوا استخدام أمثلة محددة تجيب عن سؤال: لماذا نأمل أن تقوم العديد من الدول بإرساء الديموقراطية؟ مثل:

مساواة المرأة في الحقوق والواجبات.

حرية الصحافة.

احترام جميع الأديان.

أن يختار الشعب ممثليه في انتخابات حرة.

النظم الديموقراطية لا يحارب بعضها الآخر .

أخيراً، صوروا النقاش كالتالي: إذا كانت هذه الديموقراطية عزيزة إلى هذا الحد على قلوب الأميركيين والإسرائيليين فإنها أيضاً عزيزة على الفلسطينيين، لكنهم لا يتمتعون بها. كل الشعوب تتوق إلى العيش بحرية، وقيادة الشعب الفلسطيني الحالية تحرمه من هذا الحق.

خارطة الطريق: نهج متوازن

(ملاحظة للكاتب: لقد وضعنا خطاب الرئيس بوش في هذا القسم، نظراً للأصداء الإيجابية التي تركها هذا الخطاب في كل من شيكاغو ولوس أنجلوس، ولأنها ستكون أيضاً لب جهود الاتصالات اليهودية والإسرائيلية في الأشهر المقبلة. وأود لفت انتباه القارئ هنا إلى أنه يجب أن يكون هناك بحث إضافي حتى نضمن أن الكلمات والرسائل الموجودة هنا هي الأفضل على الإطلاق).

بعد أن ينقشع غبار الحرب على العراق، فإن الأنظار ستتحول إلى عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، وإلى خطة الرئيس بوش للسلام المسماة <<خارطة الطريق>>. الخبر السعيد هنا أن الأميركيين يعتقدون أنه إذا كان لدى الفلسطينيين الرغبة في الالتزام الحقيقي بالسلام، يجب أن يتعهدوا بالتزامهم بخطة الرئيس بوش التي سيعلنها قريباً. أما الخبر غير السعيد فإنهم يتوقعون من إسرائيل الالتزام نفسه، وسيطالبون به مباشرة.

في كل من شيكاغو ولوس أنجلوس، وبين جميع المستجيبين، بصرف النظر عن وجهة نظرهم السياسية، كانت استجابة الأميركيين إيجابية تجاه اللغة التي استخدمها الرئيس بوش في خطابه، وذلك لسببين: <<نهج متوازن>> و <<مسؤوليات مشتركة>>. تذكروا هذين المصطلحين جيداً واستخدموهما ما أمكن.

كلمات مجدية: نهج متوازن

تعقيد خريطة الطريق: محمود عباس (أبو مازن)

أصبحت وظيفتكم كمؤيدين لإسرائيل أسهل إلى حد ما، فليس من الصعب أن تقنع الرأي العام الأميركي بفساد القيادة الفلسطينية بزعامة ياسر عرفات. وبينما يتعاطف الكثير مع محنة الشعب الفلسطيني، فإن أحداً لن يفقد حبه لياسر عرفات. عرفات إرهابي، وهم يعلمون ذلك.

ظهور محمود عباس كرئيس وزراء فلسطيني جديد جاء في وقت خاطئ تماماً. لكن وصول محمود عباس إلى السلطة يبدو شرعياً. فهو وجه جديد، ومتحدث لبق، يلبس على الطريقة الغربية، وربما يكون صادقاً في سعيه من أجل السلام.

عندما بدأ الرئيس الأميركي طريقه في جذب اهتمام العالم بضرورة وجود إصلاحات في القيادة الفلسطينية، قام الفلسطينيون برد مخادع. ماذا سيصنع العالم من محمود عباس؟ هل هو القائد الجديد الذي طالما انتظرته إسرائيل؟ أم أنه عرفات جديد ولكن في مظهر الحمل؟

ومع الأخذ بعين الاعتبار الضبابية التي تلف هذه الشخصية، يجب عدم إطلاق انتقادات فورية لمحمود عباس. إذ إن أي نقد يوجه لمحمود عباس قد يكون محرجاً لثلاثة أسباب:

1 السلبية العلنية: إذا تبين أن محمود عباس يريد تحقيق السلام بطرق شرعية، وقام بتمثيل المصالح العليا للشعب الفلسطيني، فإن الهجمات التي تشنونها اليوم عليه ستؤلب الرأي العام العالمي ضد إسرائيل غداً. وستفقدون مصداقيتكم كشريك حقيقي للسلام إذا أطلقتم النار على أول شريك حقيقي للسلام قدمه الفلسطينيون. (نحن لا نتوقع هذا السيناريو، لكنه ممكن).

2 العنصر المجهول: محمود عباس هو شخصية غير معروفة نسبياً في الساحة الدولية. انظروا إلى ظهوره الذي يبدو كأنه جاء جزءاً من حملة سياسية. فهو ليس مرشحاً للجلوس على مائدة المفاوضات حتى يثبت جدارته. وربما، وبشكل غير مؤكد، قد يجعل استراتيجياتكم الإعلامية معقدة، لكن يجب بالضرورة أن لا يغير أولوياتكم. وكلما تحدثتم عنه أكثر تحدث عنه الناس اكثر، وهذا يقود إلى النقطة التالية.

3 الانتظار بصبر شريك السلام: ربما يكون محمود عباس القائد الذي يريد السلام، ولكن يجب عليه حين يتولى مهام منصبه أن يثبت أنه الشريك الحقيقي والجاد الذي انتظرته إسرائيل لصنع السلام معه، سواء أكان منتخباً أم معيناً لهذا المنصب، فهو مطالب بأن يظهر وعلى نحو ملموس أنه يريد السلام. هدفكم يجب أن يبقى الحل السلمي للصراع. وعندما يظهر الفلسطينيون أن بيتهم قد تم ترتيبه، ستكونون جاهزين ومستعدين للتوصل إلى اتفاق، وإن لم يفعلوا ذلك، فلن تكون إسرائيل ملومة.

ملحوظة: لا نقصد بهذا أن يعطى محمود عباس الحرية في وسائل الإعلام، بل نقصد أن يقتصر النقد على ما يفعله لإعاقه مسيرة السلام كقائد للشعب الفلسطيني. امنحوه فرصة النجاح. إليكم هذا التمرين القصير الذي يظهر اللعبة. ماذا يحدث لو....

1 شرعتم بمهاجمة محمود عباس فوراً وتحول إلى شريك حقيقي وفعال في السلام؟ إسرائيل ستفقد مصداقيتها كطرف راغب في السلام. وهو سيكسب تأييد المجتمع الدولي، الذي سيشكك بدوره في لغتكم الطنانة الناشدة للسلام وتصرفاتكم العنيفة، بل سيكسب أيضاً الرأي العام الأميركي الذي يتعاطف مع الفلسطينيين، ولكنه يؤيدكم لفقدان ثقته بالقيادة الفلسطينية الفاسدة. وهذه هي أسوأ نتيجة ممكنة.

2 هاجمتم عباس مباشرة، ويتحول إلى عرفات آخر في مظهر الحمل؟

هل جنت إسرائيل حقاً؟ قد تكشفون زيف صورته قبل أن يكشف هو عن نفسه بأشهر، لكنكم بذلك تقطعون أي خط رجعة. في النهاية، يجب عليكم أن تظلوا ملتزمين بالسلام في العلن، تاركين القيادة الفلسطينية تصارع بمفردها جبهة العلاقات العامة، وهذه الاستراتيجية أثبتت فعاليتها حتى الآن.

3 انتظرتم محمود حتى يقدم نفسه، وثبت أنه شريك حقيقي وفعال في السلام!

يتم الشروع في تنفيذ خارطة الطريق، ويتم التوصل إلى حل سلمي لعقود من الصراع في السنة المقبلة. وهذه أفضل نتيجة ممكنة.

4 انتظرتم محمود عباس حتى يقدم نفسه، وتبين أنه عرفات آخر في مظهر الحمل. دعوه في مظهره الزائف، وستجنون فوائد جمة من منجم الذهب هذا في المجال الإعلامي. سوف يثبت للجميع أن كافة رسائلكم السابقة حول الحاجة إلى شريك حقيقي للسلام كانت صحيحة، وفي المرة المقبلة، لن يكون مبرراً أن يتم تعيين القائد من قبل ياسر عرفات.

لهذا، عندما يطلب الناس ردود فعل أو آراء حول أبو مازن، ضعوا ذلك في شكل تقارير استطلاعية تشمل هاتين الحقيقتين:

1 لقد تم تعيينه في هذا المنصب من قبل عرفات الذي هو محل شك.

2 لقد أنكر <<الهولوكوست>> المحرقة، وهذا مربك في أفضل الأحوال، وهجومي في أسوئها. إذا كان محمود عباس عرفات جديداً، ولكن بمظهر غربي، فسيعرف الشعب الأميركي ذلك من تصرفاته وطلباته، وتلك جريمة سيورط نفسه فيها.

هل إنكاره المحرقة مقلق؟ إطلاقاً. هل هذه الحقيقة تقنع الأميركان بأنه لا يستطيع تمثيل الشعب الفلسطيني بأمانة من أجل السلام؟ بصعوبة. فالشعب الأميركي لا يريد أن يسمع أكثر عن المحرقة، وعلى وجه التحديد من الشعب اليهودي نفسه.

على الرغم من ذلك، أنتم بحاجة إلى المزيد من المعلومات عن محمود عباس قبل أن تبلغوا الشعب الأميركي أنكم تشكون في رغبته تجاه السلام.

الأميركيون يعتقدون أن السلام يجب أن يبدأ في مكان ما بعيداً عن عرفات. وإذا ظهر محمود عباس كبديل، فإنهم سيعرفونه فوراً على أنه رمز للأمل. وظهوره كرئيس وزراء (يتعاملون مع لفظ رئيس وزراء على أنه تعريف غربي ديموقراطي ودود جداً) هو كل ما يحتاجه الأميركان للاعتقاد أن عملية السلام تمضي على ما يرام. وسوف يتوقعون منكم الجلوس حول مائدة المفاوضات. وفي النهاية، فإن الأغلبية الساحقة من الأميركيين تعتقد أن على الولايات المتحدة أن تكون وسيطاً نزيهاً بين الطرفين. ومن وجهة نظرهم، فإن هذه هي جميع المقومات المطلوبة لإطلاق مسيرة السلام.

إنه لمن الضروري أن تستخدموا لغة إيجابية عند الحديث عن أبو مازن. وهذا لا يعني أن تجاملوا محمود عباس نفسه. إن توجيه ضربة له في هذه الأثناء غير مفيد لأهدافكم طويلة الأمد، ودعمه أيضاً غير مفيد. وبناء على ذلك يجب أن تبقوا إيجابيين بخصوص عملية السلام، وحياديين في موقفكم من محمود عباس حتى يحدد هو دوره. فوق هذا وذاك، أعيدوا التأكيد على موقفكم بأن يتم أولاً وقف الإرهاب، ومن ثم تستأنف المفاوضات.

كلمات مجدية

نعم، نأمل أن يكون هذا التغيير في القيادة مؤشراً على وجود فرصة حقيقية للسلام في منطقتنا. لقد بحثت إسرائيل طويلاً عن شريك يريد السلام، لكن إسرائيل تؤكد مجدداً أنه يجب وقف الإرهاب قبل أن تبدأ مباحثات السلام. لن نستطيع التفاوض مع أية قيادة تسمح لشعبها بقتل مواطنينا. اطفوا على هذه الرسالة طابع العطف على الشعب الفلسطيني، فالعديد من الأميركيين يتعاطفون مع محنة الفلسطينيين، وكذا يجب عليكم. الأميركان يريدون سماع هذا. لذلك ينبغي اتباع بيان يوضح أحقية الشعب الفلسطيني في حياة أفضل بعد ذكر كل جريمة يرتكبها قائد أو إرهابي فلسطيني.

قيمة الأسئلة البلاغية

هناك أسلوب إعلامي فعال يلقي مزيداً من الضغط على القيادة الفلسطينية، من دون أن يبدو عليكم أنكم تتجاهلون مسؤوليات إسرائيل، ويتمثل في طرح أسئلة بلاغية. كل الأسئلة البلاغية الموجودة ستقودنا إلى إجابة واحدة، وهي بالطبع: لا يمكن تحقيق السلام من دون وجود إصلاحات حقيقية، ووقف الإرهاب أولاً.

أسئلة بلاغية توجه لمعارضي إسرائيل

<<كيف يمكن للقيادة الفلسطينية الحالية أن تقول بصدق إنها تريد السلام في الوقت الذي رفض فيه القادة نفسهم عرضاً لقيام دولة فلسطينية قبل عامين ونصف العام؟>>.

<<كيف لياسر عرفات، الذي قالت عنه مجلة <<فوربس>> أن ثروته تقدر بثلاثمئة مليون دولار، أن يدّعي أنه القائد الذي يتفهم ويمثل شعب تم سلب ثرواته، وهو الذي أصبح ثرياً على حسابهم؟>>.

<<هل تعد مطالبة القيادة الفلسطينية الحالية بعدم رعاية الإرهاب أمراً مبالغاً فيه؟ هل نكون غير مقنعين عندما نصر على وقف قتل الأطفال الأبرياء قبل أن نعرض أمننا للخطر، ونقدم تنازلات للسلام؟>>.

<<كيف يمكننا أن نصنع السلام مع قائد لا يؤمن بالانتخابات، ولا يسمح بإجراء انتخابات حرة ونزيهة؟>>.

<<لماذا تعلق صور الانتحاريين على جدران المدارس ويحتفل الطلاب بهم على أنهم شهداء؟ لماذا يطلقون أسماء الانتحاريين على الفرق الرياضية في الضفة الغربية؟ كيف يمكن أن نصنع السلام مع الشعب الفلسطيني بينما تتبنى قيادته ثقافة الإرهاب ضد شعبنا؟>>.

<<كيف يمكن للشعب الفلسطيني الخروج من حالة الفقر في الوقت الذي يواصل فيه قادته سلب مصادر دخله وتمويل الإرهاب بتلك الأموال؟>>.

<<لماذا بقي ياسر عرفات في السلطة كل هذه الفترة الطويلة دون أن يحقق تقدماً كبيراً نحو التسوية السلمية؟ إذا كانت لديه الرغبة الحقيقية في السلام فلماذا لم يبذل الجهد الحثيث لتحقيق تلك الرغبة؟>>.

<<متى سيكون للشعب الفلسطيني صوت مسموع على طاولة المفاوضات؟>>.

لكل الأسئلة البلاغية التي طرحت أعلاه إجابة واحدة: السلام سوف يتحقق فقط عندما يتم إدخال إصلاحات حقيقية على القيادة الفلسطينية الحالية، ويتم وقف الهجمات الإرهابية.

(*) مدير المتابعة الإعلامية في مركز الإعلام الفلسطيني.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات