تردد في الايام الأخيرة اسم "مزرعة الجميز" في الانباء التي تحدثت عن الاموال التي تلقاها رئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون من صديقه المليونير من جنوب افريقيا.في هذه الانباء ادعى شارون في مساءلة امام مراقب الدولة الاسرائيلية انه سدد ديونه الانتخابية (4،7 مليون شيكل) بعد ان رهن "مزرعة الجميز" للبنك الذي اعطاه القرض.
- ما هي هذه المزرعة - "مزرعة الجميز"؟
الطبيعة الخلابة المطلة من "مزرعة الجميز" التي اقامتها عائلة شارون لا تدل ولو بالاشارة على العواصف التي صاحبتها على مدار ثلاثين عاما من عمرها. طريق المزرعة مثل طريق اصحابها ملئية بعلامات تاريخية كثيرة: بدءا بشرائها فترة قصيرة قبل حرب تشرين 1973، بعد ان فشل شارون في الحصول على منصب قائد الاركان العسكرية، مرورا بالمظاهرات الصاخبة لمعارضي الحرب في لبنان، وحتى الحلف المتجدد الذي ابرمه مع كيبوتسات المنطقة، لدى انتخابه لرئاسة الحكومة. طيلة هذه الفترة ترددت باستمرار الاتهامات الموجهة لشارون باستغلال مناصبه الرسمية من اجل جني الارباح من وراء "المزرعة".
تمتد مساحة مزرعة الجميز على خمسة الاف دونم من الاراضي المزروعة والبيارات ومناطق الرعي، وهي تقع على الشارع الواصل بين سديروت ومفرق بيت قما، جنوب شرق المدينة. يقطعها واديان يجريان في الشتاء. دفع شارون ما يقارب مائتي الف دولار للدولة مقابل الاراضي التي كانت فوقها القرية العربية حوجه. حصل شارون على المال كقرض بشروط مريحة جدا من صديقه المقرب اليه رجل الاعمال مشولام ريكليس. في داخل المزرعة التي يقطعها شارع يوجد بيتان كبيران محاطان بالحدائق الخضراء المعتنى بها. في البيت الاول المكون من طابقين يعيش اليوم رئيس حكومة اسرائيل مع ولده جلعاد – الذي يدير المزرعة بمساعدة شركة ادارة خاصة – وزوجته عنبال واولادهم الثلاثة. في البيت الثاني يقطن من حين لاخر الابن عومري. خارج المزرعة، فوق تلة "شقائق النعمان"، يوجد قبر زوجته ليلي.
مع اقامة المزرعة في منطقة المجلس الاقليمي بني شمعون استفاد الجنرال المدجج باوسمة المجد العسكرية من مساعدة ابناء القرى المجاورة. قدّم سكان كيبوتس "ساعد" المعونة في تطوير فرع الماشية، بينما ساعد كيبوتس روحاما في رعاية مقاثي البطيخ، وساعد كيبوتس دوروت في استصلاح بقية الارض واشترت مصانع شاعر هنيغف منتوج القطن.
لدى استدعائه للعودة الى حرب 73 واصلت الكيبوتسات تشغيل المزرعة. لكن علاقة شارون بسكان بعض الكيبوتسات هناك تضررت – كما يقولون هناك – بعد اتضاح دوره في حرب لبنان، لكن علاقات الجيرة الحسنة هعادت في السنوات الاخيرة من جديد.
في انقلاب 1977، مع تعيينه وزيرا للزراعة في حكومة مناحم بيغن، عين شارون في منصب مركّز العمل في المزرعة زميله في السلاح مردخاي ليفي، الذي عبر معه القناة في حرب 73 وجرح خلال المعارك. وبموجب تقرير صحفي نشرته اسبوعية "كول هعير" في ابريل 2002 طلب شارون من ليفي التوقيع على اتفاق استئجار تجنبا لمخالفة قانونية محتملة، واخذ لنفسه المسؤولية القانونية عن المزرعة. وقد رفض اسحاق نفتسئيل مراقب الدولة في حينه صراخ المعارضة ضد تناقض المصالح، مدعيا ان ليفي ليس من ابناء عائلة شارون. اتهامات كهذه حول تناقض المصالح رافقت شارون في بقية طريقه وفي مختلف الوظائف. في اواخر الثمانينات مثلا عارض وزير التجارة والصناعة الاسرائيلي في حينه ارئيل شارون اقتراح المالية فتح اسواق اللحوم امام الاستيراد. في ذلك الوقت كان شارون يربي اكبر قطيع اغنام في اسرائيل.
يصف الجيران بيت العائلة بأنه "مكان يحظى برعاية دائمة ومريح وليس تظاهريا". قبل عدة سنوات اجريت ترميمات في البيت في اعقاب حريق كبير وسرعان ما عاد اليه منظره السابق. مع الكنبة الشهيرة الخاصة بشارون، والموقدة الكبيرة في الصالون، وركن الصور التاريخية لعائلة شارون ايام كفار ملال ولشارون وليلي في شبابهما. يقول الجيران انه "بيت لا ابتعاد فيه، مثل اريك. في الصباح كنا نجلس في المطبخ واريك يأكل الافوكادو مع الليمون".
يعمل في المزرعة عشرات العمال الاجانب معظمهم من التايلانديين. وللتخفيف عن ولده جلعاد في ادارة المزرعة تم استئجار خدمات شركات ادارة خاصة.
جاء في تقرير لمراقب الدولة انه تم استثمار ثمانية ملايين شيكل في مزرعة الجميز لدى تسلّم شارون منصب رئيس حكومة. وكما كتبت "هارتس" كانت التحصينات الامنية غير المسبوقة سببا في اضافة المزيد من الاعباء على علاقات شارون المتضعضعة مع جيرانه من مدينة سديروت. ومؤخرا ترددت اتهامات ابناء البلدات التطويرية لشارون بتفضيل "الاصدقاء من الكيبوتسات" على جمهور ناخبيه. بالنسبة لهؤلاء كان شارون ولا يزال "العملاق من الحديقة المقابلة".