زيادة ميزانية 2009 ستؤدي إلى أزمة اقتصادية حادة
* زيادة ميزانية 2009 ستؤدي إلى أزمة اقتصادية حادة *
أكد نحميا شترسلر، المعلق الاقتصادي في صحيفة "هآرتس"، أن المعطيات الاقتصادية في إسرائيل، عشية عيد ميلادها الستين، تعتبر إيجابية للغاية. "فقد بلغت نسبة النمو الاقتصادي نحو 5%، للعام الخامس على التوالي. وبلغ الناتج القومي للفرد 25 ألف دولار. وانخفضت نسبة البطالة إلى 5ر6%. وتعززت قيمة الشيكل في مقابل الدولار. وانخفضت نسبة الفائدة العامة. بل وأصبح لدينا فائض في ميزان المدفوعات. فهل يدل كل هذا على أننا بلغنا مرحلة الاستقلال الاقتصادي؟ وهل حُلّت مشكلاتنا الاقتصادية- الاجتماعية؟" (6/5/2008).
وأضاف: إن الجواب على السؤالين المذكورين هو سلبي بالكامل. فلا يزال الحديث يدور على دولة غير مستقرة بتاتًا، من الناحيتين الداخلية والخارجية، ومعرضة لمخاطر أمنية كبيرة ومشكلات اقتصادية واجتماعية كثيرة. كما أنها دولة متعلقة، إلى حدّ كبير، بالعالم وخاصة الولايات المتحدة. ولذا لا نزال بعيدين للغاية عن الاستقلال الاقتصادي.
ويكفي، برأيه، أن يهمس رئيس الولايات المتحدة أنه "سيعيد النظر في علاقات بلاده مع إسرائيل"، حتى ينقلب الوضع الاقتصادي الممتاز رأسًا على عقب. إن العالم يدرك أنه من دون الظهر الأميركي فإن إسرائيل سرعان ما تعود إلى حجمها الحقيقي. كما تدرك إسرائيل نفسها أنه من دون الفيتو الأميركي في مجلس الأمن لكان قد فرض عقوبات اقتصادية عليها منذ مدة طويلة، على غرار جنوب أفريقيا، بسبب سلطة الاحتلال في الضفة والقطاع. كما تدرك أنه من دون المساعدات الأميركية ليس في إمكانها أن تحتفظ بجيش كبير وأن تزوده بالأسلحة اللازمة.
غير أن إسرائيل بعيدة عن الاستقلال الحقيقي بسبب مشكلات داخلية أيضًا. وتقف على رأسها مشكلة الفجوات الاجتماعية، التي تعتبر الأكثر مركزية. فعلى الرغم من نسبة النمو الاقتصادي العالية، خلال الأعوام الخمسة الفائتة، بقيت نسبة العائلات التي تعيش تحت خط الفقر 20%، معظمها من العرب والحريديم [اليهود المتدينون المتشددون].
كما أن هناك مشكلات أخرى لا تقل أهمية، مثل جهاز التعليم، وانعدام الاستقرار السياسي، وحجم القطاع العام. ولعل الأهم من ذلك كله هو العبء الأمني الهائل. إن ميزانية الأمن الإسرائيلية كبيرة ومزعجة، ومن المتوقع أن تزداد في غضون الأعوام المقبلة.
وختم هذا المعلق بقوله: إن التهديدات الخارجية، التي تواجه إسرائيل من قبل إيران وسورية وحزب الله والفلسطينيين، تؤدي إلى مناخ من عدم الثقة والخشية الدائمة من المستقبل، وإن نتيجة ذلك هي تقليص الاستثمارات والمسّ بالنمو الاقتصادي. لذا فإن هذا النمو وسائر إنجازات إسرائيل الاقتصادية غير مستقرة، ومن شأن هبوب أي رياح إقليمية أن تبددها. إذا لم توقع إسرائيل على اتفاقيات سلام إقليمية، تشمل سورية والفلسطينيين، ليس في إمكاننا القول إننا حققنا استقلالنا الاقتصادي.
وكان هذا المعلق نفسه قد علق على قيام وزير المالية الإسرائيلي، روني بار- أون، بإبلاغ الحكومة الإسرائيلية أنه يجب إجراء تقليص حقيقي في الميزانية العامة، مشيرًا إلى أنّ ويدور الحديث على بضعة مليارات، ومؤكدًا أنه لا يوجد أمام الحكومة خيار آخر.
وأضاف: لقد خلق رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، خلال العامين الفائتين، الانطباع بأنه توجد أموال لدى حكومته، وبناء على ذلك تنافس الوزراء في تقديم البرامج والمبادرات الرامية إلى زيادة الإنفاق الحكومي. كما تنافس أعضاء الكنيست في تقديم مشروعات قوانين لمصلحة قطاعات مختلفة من السكان. وفي الوقت نفسه لم يكف مدير عام ديوان رئيس الحكومة، رعنان دينور، عن المبادرة إلى مشروعات تزيد النفقات الحكومية، من دون أن يكون لها رصيد في الميزانية العامة.
وبناء على ذلك أكد شتراسلر أن رئيس الحكومة هو المسؤول الرئيس عن هذه العملية برمتها. فمنذ انتخابه رفع سقف خرق الإنفاق الحكومي إلى 7ر1% وينوي أن يرفعه الآن إلى 5ر2%، غير أن ذلك لا يحول دون الحاجة إلى تقليص الميزانية العامة.
لقد بدأ أولمرت ولايته في رئاسة الحكومة بخطط لمحاربة الفقر، لكنه سرعان ما انتقل إلى خطط متعددة السنوات لزيادة ميزانيات الجيش في أعقاب حرب لبنان الثانية، على الرغم من أن لجنة فينوغراد [لجنة تقصي وقائع تلك الحرب] أقرت أن الفشل فيها لم يكن ناجمًا عن مشكلات الموازنة.
أخيرًا أكد أنه في حالة تنفيذ كل الخطط [التي بادر إليها الوزراء وأعضاء الكنيست ومدير عام ديوان رئيس الحكومة] كما هي، فإن ميزانية سنة 2009 سترتفع بنحو 10 مليارات شيكل، في حين أن القانون الإسرائيلي يجيز رفعها بأربعة مليارات شيكل فقط، وستكون النتيجة أزمة اقتصادية حادّة، وتخفيض تدريج إسرائيل لدى شركات الاعتماد، وارتفاع الفائدة، وانخفاض النمو، وارتفاع البطالة.