* البنك يرفع من مستوى توقعاته على خلفية معطيات الشهرين الأولين في العام الجاري، إضافة إلى معطيات دولية * وزارة المالية وبنك إسرائيل يتوقعان ازدهارا اقتصاديا غير مسبوق في إسرائيل منذ سنوات طويلة *
قال بنك إسرائيل المركزي إن العام 2007 سيكون العام الاقتصادي الأفضل منذ العام 2000، حين سجل الاقتصاد الإسرائيلي معطيات قياسية على خلفية الانفراج السياسي الذي سبق العدوان الشامل على الضفة الغربية وقطاع غزة في خريف ذلك العام.
ويتوقع البنك أن يكون النمو الاقتصادي في العام 2007 بنسبة 1ر5%، بدلا من 6ر4% كان توقعها في أعقاب الحرب الثانية على لبنان في الصيف الماضي، في حين أن الاستهلاك الفردي سيرتفع بنسبة 4ر4%، بدلا من 4% في التوقعات السابقة، أما البطالة فإنها ستنخفض إلى معدل 5ر7%، بدلا من 5ر8% حسب توقعات البنك.
وقال مراقبون اقتصاديون إن التوقعات الجديدة تعتمد على الخروج السريع من الجمود المؤقت في النمو الاقتصادي الذي كان خلال الحرب على لبنان، إضافة إلى الهدوء الأمني النسبي والأجواء الاقتصادية الجيدة التي تسود الاقتصاد الإسرائيلي، حتى أن البورصة الإسرائيلية تخطت حاجز الألف نقطة، حسب المراقبين.
وتظهر من معطيات بنك إسرائيل "صورة جيدة" للاقتصاد الإسرائيلي، فنسبة النمو الاقتصادي ستكون أعلى من نسب النمو في الدول المتطورة، والبطالة ستهبط إلى نسبة 5ر7%، أي هبوط بنسبة 5ر3% منذ العام 2004، وإن الناتج الصناعي سيزداد بنسبة 2ر6%، والاستهلاك الشعبي العام سيرتفع بنسبة 2ر3%، بدلا من 5ر2% حسب توقعات سابقة.
ويقول بنك إسرائيل إن الأسباب التي أدت إلى تعديل التوقعات كانت كما يلي:
* نسبة نمو عالية للناتج، مقابل نسبة بطالة متدنية في الربع الأخير من العام 2006.
* وتيرة ازدياد كبيرة للاستهلاك الفردي في إسرائيل خلال العام الماضي.
* زيادة الصرف على السكن، من خلال زيادة بدء المشاريع الإسكانية إضافة إلى البناء الخاص.
وفي المقابل فهناك معطيات سلبية تؤثر على الاقتصاد، ومن بينها انتعاش بطيء وأقل من المتوقع في السياحة من الخارج، في أعقاب الحرب على لبنان، وتباطؤ في التوظيفات المالية في فروع الاقتصاد المختلفة في الربع الأخير من العام الماضي، وهذا إلى جانب تعديل التوقعات في الاقتصاد الأميركي، لتكون توقعات أقل من سابقاتها.
ويقول المحلل الاقتصادي في صحيفة "هآرتس"، موطي باسوك، إن وزارة المالية التي تعتبر كبنك إسرائيل المركزي محافظة ومتشددة، تقول إنه إذا لم تقع خلال هذه السنة حرب، ولا يكون انهيار في الأسواق العالمية الهامة فإن النمو الاقتصادي في إسرائيل سيكون حتى أعلى من المتوقع، وقد يصل إلى 6%، في حين أن نسبة النمو في العام 2006 كانت 1ر5%، بعد أن توقعت الأوساط الاقتصادية هبوطها إلى نسبة 6ر4% في أعقاب الحرب على لبنان.
وبحسب باسوك فإن تعديل توقعات بنك إسرائيل لم يأت بجديد لقادة الاقتصاد في إسرائيل، فهم على حدّ قوله "يعرفون بنظرتهم الدقيقة أن الاقتصاد الإسرائيلي موجود في فترة جيدة جدا"، وكل مؤشرات الاقتصاد تتجه نحو الأعلى، وهذه فترة بدأت في النصف الثاني من العام 2003، في أعقاب سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية، وكذلك ما نشر عن مداخيل الدولة من الضرائب في الشهرين الأولين من العام الجاري 2007، وتوقعات زيادة المداخيل في هذا العام.
ويظهر من التقارير الأولية عن حركة الاقتصاد في الشهرين الأولين من العام الجاري أن مداخيل الخزينة الإسرائيلية من الضرائب بلغت 6ر33 مليار شيكل، أي ما يعادل 8 مليارات دولار، ومن المفترض أنها تشكل 7ر18% من مجمل مدخولات الخزينة للعام الحالي، علما أن حصة الشهرين كان من المفترض أن تكون 6ر16%، بمعنى أن مدخول الشهرين الأولين تجاوز الهدف.
ويرى المراقبون ان هذا الكم من المداخيل يعتبر بدوره رقما قياسيا غير مسبوق، مقارنة مع مداخيل الدولة في نفس الشهرين من كل عام. وقد سبقه رقم قياسي أيضا في العام الماضي، حين بلغت مداخيل الضرائب في نفس الفترة 6ر30 مليار شيكل، أي ما يعادل 2ر7 مليار دولار.
ويتبين أيضا أن الزيادة الحقيقية من الضرائب بلغت في الشهرين الأولين من هذا العام 2ر9% مقارنة مع العام 2006، رغم أن العام الماضي كان الأفضل منذ سنوات طويلة.
ولكن المعطيات الايجابية للاقتصاد الإسرائيلي في الشهرين الأولين لم تقتصر على الضرائب، بل انسحبت أيضا على فروع مختلفة، فمثلا تصدير البضائع الإسرائيلية ارتفع في هذه الفترة بنسبة 7ر6%، في حين ارتفع استيراد المواد الخام بنسبة 6ر2%، وارتفعت المشتريات ببطاقات الاعتماد بنسبة 2ر11%، مما يدل على زيادة الحركة في السوق الداخلية.
ويقول باسوك إن لهذا الارتفاع المفاجئ سببين، الأول المداخيل من الضرائب التي جاءت على الرغم من أن سلطة الضرائب كانت تتوقع تراجعا في نسيتها وليس ارتفاعا حادا، ومن جهة أخرى النسب المرتفعة في النمو الاقتصادي في عدة فروع حيوية وأساسية في السوق، فكل التوقعات لمداخيل إسرائيل في العام 2007 ارتكزت على توقعات بأن نسبة النمو الاقتصادي في إسرائيل ستكون 8ر3%.
ويعتقد باسوك أنه سيكون لهذا النمو انعكاس على سوق العمل، فحتى الآن ارتفعت نسبة المشاركين في سوق العمل من 2ر55% إلى 7ر55%، ولكنها نسبة لا تزال بعيدة عن نسبة المشاركين في العمل في الدول المتطورة، التي تصل إلى حوالي 66%، ولهذا فإن الحكومة تسعى إلى إشراك أقصى ما يمكن من قطاعي المتدينين الأصوليين (الحريديم) والنساء العربيات في سوق العمل.
ولكن باسوك يرى أنه على الرغم من هذه المعطيات فلا يزال هناك جانب سيء في توزيع الميزانيات من جانب الحكومة، فالصرف لا يزال قليلا على الخدمات الحيوية والأساسية، التعليم والرفاه والصحة، فالحكومة لم تصرف من ميزانية الشهرين الأولين سوى نسبة 6ر16% من مجمل الميزانية رغم ازدياد مداخليها، وتراجع الصرف كان واضحا بالذات على التعليم والرفاه والصحة.