المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

المالية الاسرائيلية تقترح تقليص التفضيلات للمستوطنات والبلدات الحدودية * توصي بتقليص (7-9) مليارات شيكل من الميزانية أمام الحكومة الجديدة للمصادقة عليها، وفي حالة المصادقة فإنها ستُعرض على الكنيست الجديد لإقرارها

طالب مدير عام وزارة المالية الاسرائيلية الحكومة بتعديل الميزانية العامة للدولة وتقديم خطة اقتصادية شاملة خلال اسبوعين. ودعا الى ضمان الخطة الجديدة بتحويلها الى جزء من الخطوط الاساس للحكومة الجديدة.
ويرى المسؤول المالي الكبير ان وضع الاقتصاد الاسرائيلي "غير جيد"، وانه يجب العمل فورا وعدم انتظار تشكيل حكومة جديدة في اسرائيل، الذي قد يستغرق وقتاً طويلاً. ولم يفصل مراني الخطة التي تقترحها المالية الاسرائيلية لكنه قال ان الامر يدور حول تقليصات في الميزانية وخفض الاجر في القطاع العام وتحويل الميزانيات الى بنود منتجة للنمو الاقتصادي.

وجاءت اقوال مراني بعد أن سجل العجز في ميزانية إسرائيل في شهر كانون الأول المنصرم، رقمًا قياسيًا، غير مسبوق، تلخص بـ (2.661) مليار شيكل، وكان هدف العجز المخطط هو (1.27) مليار شيكل. هذا ما قالته وزارة المالية الاسرائيلية. وفي أعقاب معطيات العجز تزداد التقديرات بأن تقليصات معمقة في نشاطات القطاع العام هي "محتمة".

ويرفض المحاسب الرئيسي في وزارة المالية، نير غلعاد، التقديرات القائلة بأن السبب في العجز الاستثنائي هو "حسابات خلاقة" قامت بها المالية في نهاية 2002، بهدف التوصل إلى العجز المفترض الذي وضعته الحكومة أمام نفسها في السنة الماضية.

ويرى غلعاد أن السبب في العجز الاستثنائي هو مستوى المداخيل المنخفض جدًا من الضرائب في الشهر الماضي (كانون الثاني)، هذا المستوى الذي يعكس الركود العميق المسيطر على المرافق الاقتصادية المختلفة. بحسب أقواله، سيُبحث في المالية في الأيام القريبة في إسقاطات الجباية المنخفضة.

ويُستدل من المعطيات التي نشرها المحاسب العام أن مجمل العجز في نشاطات الحكومة الاسرائيلية في كانون الثاني يشكل (17.5%) من مجمل العجز الحكومي المخطط لسنة 2003 ويصل إلى (15.2) مليارات شيكل (3.0% من الناتج العام). وينبع القسم الأكبر من العجز في كانون الثاني – (2.165) مليار شيكل - من نشاطات الحكومة في إسرائيل، لكن كان هناك عجز أكبر من المخطط له في نشاطات الحكومة في الخارج ايضًا، ووصل إلى (469) مليار شيكل.

وبلغ إجمالي مداخيل الدولة من الضرائب في كانون الثاني (10.976) مليارات شيكل، أقل بـ (1.5) مليار شيكل من تقديرات المالية. وقد حذر المختصون الضريبيون منذ عدة شهور بأن تقديرات مداخيل الدولة من الضرائب للعام 2003 (جباية ما قدره 157.9 مليارات شيكل) ليست واقعية، في وضع المرافق الاسرائيلية الحالي.

وقد جبى قسم ضريبة الدخل والضرائب على الأراضي في كانون الثاني (5.673) مليارات شيكل - وهو مبلغ منخفض جدًا، غير مسبوق في السنوات الثلاث الأخيرة؛ وفي مداخيل قسم الجمارك وضريبة القيمة المضافة سُجلت مداخيل منخفضة جدًا - (4.943) مليارات شيكل، ما شكل إستمرارًا لنهج الانخفاض في مداخيل القسم منذ الأشهر الثلاثة الأخيرة.

وفي إطار خطة التقليصات في الميزانية الإسرائيلية العامة لسنة 2003، ستوصي المالية أمام الحكومة الجديدة بإلغاء الاعفاءات من ضريبة القيمة المضافة (18%) على شراء الخضار والفواكه وعلى شراء المنتوجات في إيلات ("قانون أيلات"). وبالاضافة، ستقترح المالية، في إطار خطة تبكير الاصلاحات الضريبية، إلغاء كل التخفيضات في ضريبة الدخل المبنية على أساس جغرافي لكل البلدات، بما في ذلك المستوطنات والبلدات النائية؛ ولكن لن يتم إلغاء التفضيلات الضريبية الممنوحة لصناديق الاستكمال وصناديق التوفير. وستعرض توصيات المالية بتقليص (7-9) مليارات شيكل من الميزانية أمام الحكومة الجديدة للمصادقة عليها، وفي حالة المصادقة فإنها ستُعرض على الكنيست.

ويقولون في المالية إن إلغاء الاعفاء من ضريبة القيمة المضافة عن الفواكه والخضروات، من المتوقع أن يضيف إلى ميزانية الدولة (1.1) مليار شيكل في السنة، وإلغاء الاعفاءات في ضريبة القيمة المضافة في أيلات من المفترض أن يزيد ما يعادل الـ (250) مليون شيكل في السنة، وأن يضيف إلغاء التفضيلات الضريبية للبلدات ما يساوي (1.5-2) مليار شيكل في السنة.

وبموجب القانون القائم، فإن نسبة ضريبة القيمة المضافة المفروضة على شراء الفواكه والخضروات الطازجة هي (0%). كما أن شراء المنتوجات في منطقة أيلات، ما عدا المنوجات الحياتية اليومية والسجائر، معفية من ضريبة القيمة المضافة بحسب "قانون أيلات".

وتعطى التفضيلات الضريبية على أساس جغرافي لبلدات في الضواحي، الكثير منها مستوطنات خارج الخط الأخضر. وتصل نسبة التخفيضات في الضرائب من (3%) (للبلدات التي تعتبر ميسورة جدًا) وحتى (25%). التوصية بإلغاء الاعفاءات الضريبية معدة لتمويل توصيات وزير المالية الخارج، سلفان شالوم، بتقصير جدول المواعيد الخاص بالاصلاحات الضريبية ("لجنة رابينوفتش الثانية")، من خمس سنوات إلى ثلاث سنوات وإعادة السقف الضريبي لضريبة الصحة والتأمين الوطني، إبتداءً من حزيران القادم، إلى ما يعادل خمسة أضعاف متوسط الأجور في المرافق.

وكما نُشر سابقًا، فإن تقليص عدد العاملين في القطاع العام بـ (10%)، موجود في صلب خطة التقليصات التي يبادرون لها في المالية، ما يعني فصل (60) ألف عامل وموظف، وتخفيض في أجور باقي الموظفين والعمال بعُشر.

ويشير المراقبون إلى أن هذه الأرقام هي خطيرة، لأن العجز في بداية السنة يكون قليلا أو أن هناك فائضًا عادة في أول شهرين من السنة. في ذوء هذا يبدو العجز الحالي كمؤشر خطير على الوضع الصعب الذي يمر به الاقتصاد الاسرائيلي، الذي يمكن أن يتدهور إلى أزمة اقتصادية ومالية.

ويشير المراقبون أيضًا إلى أن السبب الثاني لهذا العجز، بالاضافة إلى الركود الاقتصادي وإنخفاض المداخيل الضريبية، هو المصاريف العسكرية الباهظة، اللازمة لتمويل الحرب ضد "الارهاب" الجارية، والسبب الثالث هو "الخدع" الحسابية التي قاموا فيها في المالية لتأجيل دفوعات من شهر كانون الأول 2002 إلى شهر كانون الثاني 2003، وذلك للوصول إلى العجز المخطط لسنة 2002.

وقد صرح الاقتصادي في شركة "بيتش"، شركة التدريج العالمية، بأنه "إذا لم نرَ علامات عودة إلى عجز أقل، فإننا سننزل تدريج الاعتماد المحلي لاسرائيل. وإذا وصل العجز إلى نسبة (6-7%)، كما يتضح من معطبات المالية، فإن ‘بيتش‘ ستجد من الصعوبة بمكان إبقاء تدريج الاعتماد الاسرائيلي كما هو الآن". كما أدت المعطيات عن العجز التي نشرت (الثلاثاء 4 شباط) إلى تسجيل إرتفاع في سعر صرف الدولار واليورو مقابل الشيكل وهبوط إضافي في البورصة.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات